الإسهام النسبي لمهارات التنظيم الذاتي في الأساليب الدافعية وفق نموذج (أريكس) لدى التلاميذ ذوي صعوبات التعلم

يعد افتقار التلاميذ ذوي صعوبات التعلم إلى مهارات تنظيم الذات من الخصائص المميزة لهم، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن التلاميذ غير المنظمين يتسمون بعض المظاهر التي يمكن ملاحظتها في غرفة الصف، وهي عدم احضار أدواتهم المدرسية، وعدم الانتباه، وكذلك يتصرفون باندفاع وتهور في حل مشكلاتهم المدرسية مما يؤدي إلى الإخفاق في الأداء المدرسي، وأن هؤلاء التلاميذ يتكلمون دون تنظيم لأفكارهم ويتصرفون دون مراقبة لإجاباتهم الصحيحة، كما يتوصلون إلى قرارات نهائية سريعة دون إعطاء وقت كافي بين ما يتلقون واستجاباتهم (رانيا رشوان، 2015).  وعلى الرغم من المجالات النفسية العديدة التي درست الدافعية، فإن القليل من الدراسات قد نظرت في العلاقة بين مهارات التنظيم الذاتي وأنماط الدافعية للطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم. يتعامل الطلاب ذوو صعوبات التعلم مع تحديات النمو بنفس الطريقة التي يتعامل بها زملائهم في الفصل. إن الطريقة التي يتعلم بها الأطفال أشياء جديدة، ويعالجون المعلومات، ويتواصلون مع الآخرين، ويحلون القضايا كلها أمثلة على هذه العقبات. تؤثر صعوبات التعلم على كيفية تعلم الجوانب الأكاديمية الأساسية مثل القراءة والكتابة والرياضيات، وكذلك كيفية المهارات عالية المستوى مثل التنظيم وتخطيط الوقت والتفكير المجرد وتطوير الذاكرة الطويلة أو الذاكرة قصيرة المدى، وهذه تؤثر العوامل العصبية على احترام الفرد لذاته، والتعليم، والمهنة، والتكيف الاجتماعي، وفي سنوات المراهقة والبالغين (Tannock, 2014).

     ويفتقر الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم إلى مهارات التنظيم الذاتي، والتي يمكن رؤيتها في الفصل الدراسي عندما لا يحضرون اللوازم المدرسية، ولا ينتبهون، ويتصرفون باندفاع وغير مسؤول في إدارة مشاكلهم المدرسية، وكل ذلك يساهم في الفشل في المدرسة (Robert, 2005).

    وقد أظهرت العديد من الأبحاث أن التنظيم الذاتي يمكن أن ينظم إجراءاته بنجاح في مجموعة متنوعة من الفئات العمرية والعينات، بما في ذلك الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم. ومنها: دراسة Pintrich, 2004، Zimmerman, 2007، 2008 Bail & Zhang,  Tachiyama، chunk &  . ومن ناحية أخرى، وجد التنظيم الذاتي ناجحًا في معالجة بعض المشكلات السلوكية التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم، وكذلك في تحسين وتنمية مهاراتهم السلوكية والإنجازات الأكاديمية ومهارات القراءة والكتابة (Reid et al., 2005).

     في عملية التعليم والتعلم، يعتبر الدافع أمرًا بالغ الأهمية. لن يتقدم الطلاب في العديد من الدورات التدريبية إذا لم يكن لديهم. نجد المعلم يبحث عن طرق ووسائل مختلفة لشحذ حماسهم ورفع معنوياتهم ولفت انتباههم إلى عناصر المادة والحفاظ عليها لأنه لا يستطيع تقديم المادة التعليمية إذا كان يعتقد أن طلابه ليس لديهم الدافع لاستلامها. للحفاظ على مستويات الإنجاز الأكاديمي للطلاب، وأي فشل أكاديمي يتم تبريره من خلال عدم اهتمام الطلاب بالمواد التعليمية وميلهم للدراسة (Nand, 2003).

      تنبع أهمية تعلم مهارات التنظيم الذاتي للطالب من حقيقة أنه ينقل مسؤولية التعلم إلى الفرد، وهو ما يُعرف بالتعلم الفردي، ويجعل الفرد مسؤولاً بشكل مباشر عن تعلمه ونتائج ذلك التعلم، مما يوفر دافع قوي للفرد لبذل أقصى جهد لتحقيق أفضل النتائج. ويشمل ذلك عمل الطالب على تنظيم جهده ووقته، وكذلك استخدام التقنيات والأدوات لتعزيز الحافز وأساليب اكتساب المعرفة الذاتي، مثل التلخيص والتكرار والقراءة والاختبار الذاتي، وكذلك التخطيط والمراقبة، والتقييم (Hurk, 2006).

       على الرغم من أهمية دراسة تأثير قدرات التنظيم الذاتي على التحفيز، إلا أن هناك ندرة في الأبحاث السابقة، حيث لم يتمكن الباحث من تحديد أي دراسات حول الارتباط أو التنبؤ بهذه العوامل على حد علمه. في ضوء نموذج Arks للتحفيز، تبحث الدراسة الحالية في العلاقة بين مهارات التنظيم الذاتي والأساليب الدافعية للطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم. والسؤال الرئيسي الذي انطلق منه الباحث إلى تبنى هذه الدراسة ومشكلتها: الإسهام النسبي لمهارات التنظيم الذاتي في الأساليب الدافعية وفق نموذج (أريكس) لدى التلاميذ ذوي صعوبات التعلم؟