إفتتاحية العدد | ||
مجلة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات | ||
Editor-in-Chief Lecture, Volume 1, Issue 2, July 2025 PDF (1.24 M) | ||
Editor-in-Chief Lecture | ||
بسم الله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين. مما لا شك فيه أن النشاط العلمي في أي مجتمع يعد بمثابة المقوم الأساسي الذي تبنى عليه حضارة هذا المجتمع ، وتقوم على أساسه نهضته ، وتتوقف عليه خططه وبرامجه وتوجهاته الحاضرة ورؤيته المستقبلية . وبقدر ما تكون معدلات هذا النشاط مرتفعة ومعززة بتقدير المجتمع لهذا النشاط ووضعه في الموضع الذي يستحق من احترام وتقدير ، تكون فعالية هذا النشاط ، وتكون مسيرته مؤطرة بالتوجهات الايجابية المتقدة بروح التنافس والعطاء. ولعل ما حظي به النشاط العلمي في حضارتنا العربية الاسلامية من تقدير وإجلال من المجتمع والقائمين على شؤون ادارته وتدبير اموره ، كان دافعا لبروز هذا النشاط العلمي ، ومحفزا قويا لعطاءات كل من ارتبط به من العلماء وطلاب العلم من إنتاج فكري الذي ملأ ربوع عالمنا الإسلامي ، بل تجاوزت اصداؤه حدود العالم الإسلامي لتصل لمغرب الأرض ومشرقها. وقد نال كل درجات التقدير والإجلال ، بل كان منهلا وفيرا لك من حرص على البحث والتطوير في المجتمعات البعيدة جغرافيا ، حيث سخر كثيرون من علمائه كل امكانات الإفادة من هذا النتاج العلمي واستثمار ما ابدعته قرائح العلماء العرب والمسلمين ، وفي كتب التاريخ ، وتاريخ العلم ، وتاصيل حضارة العرب والغرب ، ما يضفي على هذا الجانب المزيد من الإضاءات . وعند الحديث عن منظومة النشاط العلمي ـ كما أحب أن أصفها ـ في أي مجتمع ، نراها تتكون من منظومات فرعية ، يحكمها التفاعل الأيجابي ، وتحكمها روابط التأثير والتأثر ، تبدأ منطقيا بأولى هذه المنظومات هي منظومة البحث العلمي ، ثم تتلوها منظومة نشر وبث نتاج البحث العلمي ، ثم منظومة ضبط هذا الانتاج وما يتصل بها من حصر وتجميع وتنظيم وتهيئة سبل اتاحته ، ثم تنتهي بأهم منظومة وهي منظومة الإفادة من حصيلة هذا الانتاج ، واستثمارها خدمة المجتمع بكل مكوناته ، وفئاته ، ومؤسساته . وعندما نتوقف عند أي من هذه المنظومات تتراءى لنا عدة مصطلحات ومفاهيم مترابطة في معناها ومبناها ، ولعل اكثرها تعبيرا عن أنماط التفاعل والتواصل بين كل الاطراف التي تدخل في منظومة هذا النشاط ، ما يصطلح عليه بنظام "الاتصال العلمي ، الذي يعبر عن كل الانشطة التي تتصل بحلقة تداول المعلومات منذ انتاجها حتى استثمارها والافادة منها. ومن الطبيعي أن يكون لهذا النشاط العلمي سواء في معناه العام ، أو في منظومته الفرعية التي تتصل بنشاط البحث العلمي ، منافذ تبث عبرها حصيلة ذلك النشاط ، وتعمل على ايصال نتائجها الى المستفيدين منا ، سواء الفعليين أو المحتملين ، ولا شك أن هذه المنافذ جاءت متأثرة بالبيئة التي نشأت فيها ، وبالامكانات المتوافرة لها ، حيث نجد أن نشاط التواصل الشفهي غير الموثق وغير المسجل على وسائط مادية ، وما عرف بالقنوات غير الرسمية المتمثلة في اتصال الافراد ببعضهم البعض يكاد يكون هو الغالب في المراحل الأولى من النشاط العلمي في حضارة العرب والمسلمين ، وقد كانت مخرجات تلك النشاط متمثلة في حلقات العلم، وحلقات الدرس، والمساجلات والمناظرات، وفي رحلات طلب العلم ، وخاصة عندما لم تكن الوسائط المادية قد وجدت طريقها للظهور والانتشار ، ثم ما لبثت أن اتسعت دائرة النشاط العلمي لتنشر حصيلة جهود القائمين عليه في أنماط كثيرة ومتنوعة ، من تأليف ، سواء ريادي وإبداعي تمثل في تأليف أمهات الكتب وأعمدتها في عصر النهضة العلمية الحقيقة التي عرفت بعصر التأليف ، ثم التدرج الى عصر المؤلفات التابعة، التي ظهرت في عصر الاجترار ـ كما يعرف بهذا الاسم في اصطلاح المؤرخين ، ثم ننتقل اعصر الترجمة ونقل أمهات مؤلفات الحضارات الأخرى الغربية ، والذي عرف بعصر الترجمة. وبالرغم من أننا لسنا في سياق حديث طويل يقف عند منافذ نشر النتاج الفكري وخاصة في مراحل متقدمة بعد أن بدأت معالم ظهور الوسائط المادية تتجسد في متناول المرتبطين بمنظومة البحث العلمي ، إلا أن نود الإشارة العابرة الى أن منافذ تسجيل ونشر وبث المعلومات ونواتج النشاط العلمي ، وخاصة النشاط المنظم في سياق الأكاديميات والتجمعات العلمية ، بدأت تجد طريقها في أوائل عصر المطبوعات فيما عرف بالمراسلا ت المكتوبة ، ثم في النشرات العلمية ، والمجلات العلمية الاولية ، ثم فيما عرف بعد ذلك ـ وفي إثر بزروغ ظواهر سلبية ، وحتمية الحاجة الى الاطلاع على الجديد قبل ظهوره للعيان ونشره نشرا رسميا في المجلات العلمية ، بالطبعات المسبقة pre print ، ثم بعد ذلك في الكتب التجميعية ،والكتب المحررة ، والكتب منفردة التأليف ، وانتهاء بالببلوجرافيات التي تحصر هذا الرصيد وتعرف به . وبلا شك كان لكل منفذ من هذه المنافذ خصائصه وسماته ، وملابسات ظهوره ، كما كان لكل منها مزاياه وعيوبه ، ولسنا كذلك في سياق الوقوف عند كل نوع من هذه المنافذ ، ورصد تاريخ نشاته ومراحل تطوره ، فتلك مهمة أخرى تخرج عن سياق الافتتاحيات البسيطة الهادة الى التعريف بمحتوى الأعمال التي هي موضوع تعريف وإحاطة ، ولعل الفرصة تكون سانحة في افتتاحية او افتتاحيات أخرى، أو في سياق آخر أن نقف عند كل منفذ من هذه المنافذ وخاصة الأساسية منها ـ لنسلط الضوء على نشأته وتاريخه وتطوره، لكن حسبنا القول ـ في هذا السياق ـ وفي هذه الصفحات القلائل التي تفرضها طبيعة افتتاحية الدوريات العلمية أن نقف عند المنفذ الأساس الذي يمثل ركيزة نظام الاتصال العلمي والبحثي ، وركنه القويم ـ ألا وهو المجلات أو الدوريات العلمية ذلك أن الدوريات العلمية جاءت في صدارة الوسائل التي يقوم عليها التواصل العلمي بين الباحثين، واعتبرت هي الاداة الأساسية لتبادل المعرفة، وتعزيز جسور التعاون الأكاديمي بين الباحثين ، بل بين المؤسسات البحثية بكافة أنواعها . ولا ينكر أي طرف متصل بمنظومة الاتصال العلمي في أي مجتمع أن المجلات أو الدوريات العلمية تلعب منذ نشأتها دورا جوهريا في نظام الاتصال العملي، ولذلك حظيت ـ ولا تزال ـ باهتمام خاص يفوق ما عداها من منافذ النشر الأخرى ، والمتتبع لتارخ الدوريات العلمية يلحظ ارتباط نشأتها بنشأة الاكاديميات الوطنية ؛ لذلك تحرص الأكاديميات عامة والجامعات خاصة على رعاية هذا المنفذ الذي يمثل بالنسبة لها المنارة التي تظهر أنشطتها الأكاديمية والعلمية والبحثية. ، ولقد قدر لهذا المنفذ ـ أعني الدوريات العلمية ـ أن يكون أهم قنوات هذا النظا م لما تضطلع به من مهام جليلة متعددة ؛ إذ تنشر من خلالها الاكتشافات العلمية الحديثة ، وترصد عبر صفحاتها ومواقعها التطورات الجارية في المجالات العلمية التخصصية، كما تلعب دورها في اتاحة الفرص لتتبع تطور الأفكار والموضوعات العلمية عبر مراحلها المختلفة ، كما أنها تفتح صفحاتها لتبادل الآراء العلمية من خلال من ما ينشر فيها من متابعات مثل التحقيقات العلمية والتعقيبات والتعليقات والإحاطات بالمستجدات العلمية ، وغير ذلك من الأنشطة التي تكفل التفاعل العلمي ومن ثم تعزيز النشاط البحثي والأداء العلمي ، ولا ننسى كذلك دور الدوريات العلمية في التعريف بالإنتاج العلمي الحديث من خلال فتح أبوابها لنشر عروض الكتب الحديثة في مجالات اهتمامها ، والمراجعات العلمية بأنواعها كافة، يضاف الى ذلك دورها في نشر أخبار الأنشطة واللقاءت العلمية الجارية منها والمرتقبة ، ثم لا نغفل ذلك الدور الحيوي الذي تقوم به كمنصة تحقيق علمي ؛ حيث يحسم على أرضها ـ ان صح التعبير ـ ما يمكن أن ينشأ من صراع حول ادعاءات السبق العلمي ، من منطلق ما اتفق عليه في مجال النشر والبحث العلمي بأن السبق يكون من نصيب من ينسر اولا ، لا من نصيب من يتوصل الى الحقيقة قبل غيره . على كل حال ـ وكما سبقت الاشارة الى ذلك في الفقرة الأولى أن المجال لا يتسع لعرض دقيق لكل مهام الدوريات العلمية وأدوارها الحيوية في نظام الاتصال العلمي ، وحسبنا الإشارة ـ بل الإشادة بالدعم الذي أولته إدارة جامعة الوادي الجديد ، ممثلة في مركز تكنولوجيا المعلومات والاتصال ليتبني إصدار هذه الدورية التي نعتبرها بمثابة المرآ ة التي تنعكس على صفحتها أنشطة الجامعة الأكاديمية والبحثية. وإيمانا منه بهذا الدور المنوط بالدوريات العلمية حرص مركز تكنولجياالمعلومات والاتصال بالجامعة على الاستمرار في إصدار هذه الدورية الوليدة لتفتح صفحاتها لجميع للباحثين من داخل الجامعة وخارجها لنشر بحوثهم العلمية ، وبثها بأيسر وسيلة ، وفي أسرع وقت ، من خلال هذا النهج المتفرد الذي تبناه هذه الدورية ، والمتمثل في نشر بحوثها إلكترونيا ، ومن ثم إتاحة محتواها دون تأخير، متجاوزا بذلك كل عقبات النشر التقليدي وما يتبعه من تباطؤ نشر الأعمال العلمية ، وتأخر ظهورها إلى الحد الذي قد يفقد قيمتها العلمية ، وبخاصة في بعض المجالات التي تتسارع فيها نشر نتائج البحوث العلمية بشكل لافت للنظر والذي يدفعنا للقول بأنه نهج يجعلها تتجاوز بذلك الحدود الزمنية ليصل محتواها إلى الباحثين المستهدفين في آنه دون تأخير او تأجيل ، كما تتخطى الحدود الجغرافية لتصل البحوث الى مستهدفيها أينما وجدوا ، وحيثما حلوا .... ومصداقا للعزيمة الصادقة في دعم هذا التوجه ، ها هو العدد الثاني من هذه الدورية يمثل للظهور عبر موقعها الإلكتروني ، ويفتح صفحاته لعدة بحوث ودراسات جادة تغطي مجالات وموضوعات متنوعة في الاستخدام الأخلاقي لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، دور المكتبات العامة في دعم الابتكار وريادة الأعمال، ومؤسسات المعلومات كمراكز خبرة ، دور الذكاء الاصطناعي في تحسين إنتاج وتوزيع المحتوى التعليمي في المؤسسات الأكاديمية. وختاما نسأل الله تعالى أن تتسع الأعداد القادمة من هذه الدورية العلمية لا لنشر البحوث العلمية المحكمة وحسب ، بل لتقدم نوافذ أخرى للمجتمع العلمي من داخل الجامعة ومن خارجها ، مثل الإحاطة بتقارير الندوات والمؤتمرات العلمية التي عقدت في رحاب الجامعة ، والمرتقب انعقادها ، وكذلك تقاريرالمشروعات التي تجري في رحاب الجامعة كذلك ، وأن تفتح صفحاتها للباحثين لنشر الدراسات الاستكشافية والتجريبية الهادفة التي لما تزال في قيد الإعداد ، بل نطمح أن تفتح الدورية موقعها لتخصيص باب من أبوابها لتعقيبات الباحثين على ما ينشر فيها من دراسات وبحوث ريادية وتفعل نشر الرسائل العلمية بين مؤلفي ما ينشر فيها ، والمتابعين والقراء والباحثين المتخصصين من أقران ونظراء هؤلاء المؤلفين ، كل ذلك حتى ترتقي هذه الدورية العلمية الوليدة ـ بفضل الله ـ إلى مصاف الدوريات العالمية ولتكون بحق بمثابة منتدى علمي حقيقي للجامعة ، وليس مجرد نافذة مغلقة البحوث الماثلة للنشر ، ولعل نهج الدورية لنشر محتواها الكترونيا عبر موقعها سيكون داعما لهذا الطموح والأمل المنشود تحقيقه قريبا بفضل الله . نسأل الله تعالت قدرته أن تكلل مسيرة هذه الدورية بالنجاح ، وأن تحفظ خطاها بالتوفيق؛ لطالما كان هدفها الأسمى هو خدمة المجتمع العلمي والبحثي ومواكبة الاتجاهات العالمية الحديثة، وبذلك يمكن القول باطمئنان ـ أنها داعمة ـ بلحمتها وسدداها ـ وبشكل مباشر وغير مباشر ـ ذلك التوجه الاستراتيجي المقدر الذي تتبناه هذه الجامعة الفتية نحو التنمية الاستدامة ، ومن ثم تحقيق رؤية مصرنا الحبيبة 2030. ا.د. هاشم فرحات استاذ دراسات المعلومات في جامعتي القاهرة والملك سعود وعضو هيئة التحرير | ||
References | ||
| ||
Statistics Article View: 92 PDF Download: 6 |