درجة توفر سمات المعلم القدوة في التربية الإسلامية لدى أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من وجهة نظر الطلاب

 

                       کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

 

 

 

درجة توفر سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة من وجهة نظر الطلاب

 

إعـــــــــداد

د/ محمد بن جزاء الحربی

أستاذ أصول التربیة الإسلامیة المشارک بالجامعة الإسلامیة

 

 

 

}     المجلد الخامس والثلاثون– العدد الرابع – جزء ثانى - أبریل 2019م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

مستخلص البحث

أهداف البحث:

 یهدف البحث إلى التعرف على سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة ومدى توفرها لدى أعضاء هئیة التدریس فی الجامعة الإسلامیة من وجهة نظر الطلاب ویتوقع الباحث أن تسفر نتائج البحث عن الکشف عن توفر جانباً کبیراً من مواصفات القدوة الصالحة لدى أعضاء هئیة التدریس فی الجامعة الإسلامیة نظراً لحسن تأهیل واختیار الجامعة لمنسوبیها من أعضاء هئیة التدریس عن طریق الأقسام العلمیة المختلفة.

مجتمع البحث:

تکون مجتمع الدراسة من طلاب البکالوریوس فی الجامعة الإسلامیة فی المستویات السادس والسابع والثامن وطلاب الدراسات العلیا خلال الفصل الدراسی الثانی من العام الجامعی 1438/1439ه

نتائج البحث:

1. توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب بدرجة متوسطة، بمتوسط حسابی(2.28).
2. جاءت السمات الأخلاقیة فی مقدمة السمات المتوافرة بمتوسط حسابی(2.48)، یلیها المواصفات الشخصیة بمتوسط حسابی(2.28)، وأخیراً المواصفات المهنیة بمتوسط حسابی(2.05).
3. تمثلت أکبر السمات الشخصیة توافراً لدى أعضاء هیئة التدریس فی اهتمامهم بحسن المظهر والهندام، واستخدامهم الألفاظ المهذبة مع طلبتهم، وتعاملهم مع طلبتهم بهدوء ورویة. وتمثل أقلها توافراً فی سؤالهم عن طلبتهم أثناء غیابهم.
4. تمثلت أکبر السمات المهنیة توافراً لدى أعضاء هیئة التدریس فی تشجیعهم طلبتهم على القراءة والبحث، وتمیزهم بالقدرة على ضبط القاعة، وتدرجهم فی تقدیم المعلومة للطلبة. فیما تمثلت أقل السمات المهنیة توافراً فی مشارکتهم طلبتهم فی بعض أنشطتهم
5. وجود فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة (a = 0.05) بین متوسطات إجابات الطلاب فی درجة توافر مواصفات القدوة الصالحة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة، وکانت الفروق فی صالح طلاب الدراسات العلیا.

وقد أصى الباحث بعدد من التوصیات بناء على نتائج الدراسة.

 

 

Summary of the research

The research aims to identify the characteristics of the role model in Islamic education and the extent of its availability among the members of the teaching staff at the Islamic University from the point of view of the students and the researcher expected that the results of the search will reveal the availability of a large part of the specifications of the role model in the faculty members of the university Islamic University in view of the good qualification and selection of the university for its staff members of the teaching staff through the various scientific departments

The research community: The study society shall be students of the bachelor degree in the Islamic University in the sixth, seventh and eighth levels and the postgraduate students during the second semester of the academic year 1438/1439 AH

research results:

   The availability of features of the teacher role model among the faculty members of the Islamic University in Madinah, as recognized by the students in a medium degree, with an average of 2.28.
 Ethical characteristics were found in the top of the available features with an average of 2.48, followed by personal characteristics with an average of 2.28, and finally the professional specifications with an average of 2.05.

 The most personal traits available to faculty members were their interest in good looks and accents, the use of polite language with their students, and their calm and gentle interaction with their students. The least of them were available to ask about their students during their absence.
     The most professional features available to faculty members in encouraging students to read and research, and distinguished by the ability to control the hall, and include in providing information to students. While the lowest professional characteristics were available in their students' participation in some of their activities
There were statistically significant differences at the level of significance (a = 0.05) between the average responses of students in the degree of availability of good role models among faculty members at the Islamic University in Madinah. Differences were in favor of postgraduate students.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإطار العام للدراسة

المـــقـــدمـة

إن الحمد لله نحمده ونستعینه ونستغفره ونتوب إلیه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سیئات أعمالنا ومن نزغات الشیطان وتوهیمه من یهد الله فهو المهتد ومن یضلل فلن تجد له ولیاً مرشداً وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:

 فقد جعل الله عز وجل الدین الإسلامی الحنیف نبراساً لهذه الأمة ومنقذاً لها من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام فشرّع وأباح الحلال وحرّم الحرام وأولى العلم وأهله مکانة رفیعة عالیةواهتم بتربیة النشء وتوجیههم وتعدیل سلوکهم وفق أسالیب مختلفة فی القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة وتعتبر القدوة الصالحة من أهم أسالیب التربیة الإسلامیة التی حث علیها الشرع المطهر ﭧﭐﭨ{ لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآَخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا (21) } الأحزاب: ٢١

ولقد أصبح من المسّلم به الیوم أن رأس مال الشعوب هو العنصر البشری وبقدر الاهتمام بهذا العنصر واستغلال طاقاته وإبداعاته وتطویرها یکون التقدم والتطور والعز لهذه الأمة أو تلک . وتعد الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة إحدى مؤسسات التعلیم فی المملکة العربیة السعودیة فهی مؤسسة تعلیمیة سعودیة التبعیة عالمیة الرسالة کما نص على ذلک المرسوم الملکی عند إنشائها.وتقوم هذه الجامعة العملاقة عن طریق کلیاتها بتعلیم أبناء المسلمین من شتى بقاع المعمورة العلوم النافعة لهم فی المجالات الشرعیة واللغویة وغیرها حتى یعودوا إلى بلدانهم وهم مزودین بالعقیدة الصافیة والعلوم النافعة فیکونوا دعاة خیر لنشر رسالة الإسلام الخالدة فی شتى بقاع الأرض. کما تقوم هذه المؤسسة التعلیمیة بوظائف التعلیم العالی والجامعی المتمثلة فی التدریس ، والبحث العلمی ، وخدمة المجتمع. من أجل تحقیق الجامعة للأهداف المرجوة منها.

ولاشک أن الطلاب فی أی مرحلة من مراحل التعلیم یحتاجون إلى المعلم القدوة الذی یمثل تعالیم الإسلام فی شخصیته وسمته وهیئته وأخلاقه فیتعکس ذلک على سلوکهم وأخلاقهم وتعاملهم فیما بینهم وبین أفراد المجتمع ولکون الجامعة الإسلامیة یدلف إلیها فی کل عام مئات الطلاب من شتى بقاع الأرض حیث تمنحهم اللملکة العربیة السعودیة فرصة إکمال تعلیمهم ومواصلته فی هذه الجامعة المبارکة فهم أشد حاجة إلى القدوة الصالحة فی التعلیم والبحث العلمی لتمثل ذلک فی الدعوة إلى الله ونشر الإسلام الصحیح وفق منهج الوسطیة والاعتدال. ولاشک أن أعضاء هیئة التدریس الذین یقومون بتدریس هؤلاء الطلاب ینبغی أن یتمثلوا صفات القدوة الصالحة التی أمرنا بها دیننا الإسلامی فی التعامل والخلق الحسن والشخصیة المتزنة لینعکس ذلک على طلابهم علماً وعملاً. ومن هنا فقد جاءت فکرة هذا البحث لإظهار السمات والصفات الحسنة التی یتمثلها أعضاء هئیة التدریس فی الجامعة الإسلامیة والتی أصبح لها مردودها الإیجابی على طلابهم فی دراسة علمیة بعنوان (درجة توفر سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة من وجهة نظر الطلاب)

أهداف الدراسة:

      تهدف الدراسة إلى التعرف على درجة توفر سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة من وجهة نظر الطلاب و یتوقع الباحث أن تسفر نتائج البحث عن الکشف عن توفر جانباً کبیراً من مواصفات القدوة الصالحة         لدى أعضاء هئیة التدریس فی الجامعة الإسلامیة نظراً لحسن تأهیل واختیار الجامعة لمنسوبیها        من أعضاء هئیة التدریس عن طریق الأقسام العلمیة المختلفة. وبالإضافة إلى ماسبق فإن الدراسة تهدف إلى:

1- التعرف على مفهوم القدوة فی التربیة الإسلامیة .

2- الکشف عن أهم سمات القدوة الصالحة فی التربیة الإسلامیة .

3-  إبراز درجة توافر هذه السمات لدى عضو هئیة التدریس بالجامعة الإسلامیة من وجهة  نظر طلبته

4ـ  الکشف عن الفروق ذات الدلالة الإحصائیة بین متوسطات استجابات أفراد العینة حول  

     محاور الدراسة بفعل متغیرات الدراسة.

 5ـ تقدیم توصیات ومقترحات إجرائیة للمسئولین فی وزارة التعلیم والجامعة الإسلامیة للاستفادة  منها              فی التخطیط.

موضوع الدراسة وأسئلتها

تعد الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة إحدى مؤسسات التعلیم العالی فی المملکة العربیة السعودیة فهی مؤسسة تعلیمیة سعودیة التبعیة عالمیة الرسالة کما نص على ذلک المرسوم الملکی عند إنشائها.وتقوم هذه الجامعة العملاقة عن طریق کلیاتها بتعلیم أبناء المسلمین من شتى بقاع المعمورة العلوم النافعة لهم فی المجالات الشرعیة واللغویة وغیرها حتى یعودوا إلى بلدانهم وهم مزودین بالعقیدة الصافیة والعلوم النافعة فیکونوا دعاة خیر لنشر رسالة الإسلام الخالدة فی شتى بقاع الأرض. ویلتحق الطلاب بهذه الجامعة من مجتمعات وثقافات مختلفة وبأعمار متفاوته ومدارک وشخصیات متباینة. وهم بحاجة إلى القدوة الصالحة فی من یعلمهم لیقتدوا به ویتعلموا الأخلاق والتعامل الحسن بما یکون له مردود أیجابی فی اتجاهاتهم وتکوین شخصیاتهم وبنائها بناء إسلامیاً نافعاً.

وقد لمس الباحث باعتباره أحد أبناء هذه المؤسسة ویفتخر بالانتساب لها طالباً ومعلماً وهو ممن مارس التدریس ولایزال یمارسه فی کلیاتها لمس وجود قدوات صالحة من أعضاء هئیة التدریس فی تعاملهم وتواضعهم لطلابهم وتمثلهم للأخلاق والصفات التی ینبغی ان تکون فی القدوة الصالحة مما کان له الأثر الإیجابی على الطلاب نفسیاً واجتماعیاً فطالب الجامعة الإسلامیة یمکن أن یتواصل مع عضو هئیة التدریس بدون معوقات تُذکر ویجد کل مایریده بکل تواضع وخلق ولایعنی هذا التعمیم فالخلل والقصور موجود وهو طبیعة النفس البشریة ومن هنا فقد تشکلت لدى الباحث الرغبة فی رصد درجة توفر سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة من وجهة نظر الطلاب

ویتحدد موضوع البحث الحالی فی الإجابة عن الأسئلة التالیة:

1. ما مفهوم القدوة وما أهمیتها فی التربیة الإسلامیة؟     

2. ما أبرز سمات المعلم  القدوة  فی التربیة الإسلامیة؟

3. ما درجة تمثل أعضاء هیئة التدریس بالجامعة الإسلامیة لسمات المعلم القدوة من وجهة نظر طلابهم ؟       

 4. هل توجد فروق ذات دلالة إحصائیة بین متوسطات استجابات أفراد عینة الدراسة حول محاور الدراسة بفعل متغیراتها (الکلیة ، المستوى الدراسی )

أهمیة الدراسة:

تتضح اهمیة الدراسة الحالیة من جوانب متعددة أبرزها ما یلی :

1.موقع عضو هئیة التدریس الجامعی فی العملیة التربویة وضرورة تمثله بمواصفات القدوة الصالحة  لتعینه على أداء عمله بکل اقتدار 

2. یعد البحث محاولة للجمع بین الأصالة والمعاصرة فی معالجة القضایا التربویة وتقدیم صیغة مقترحة للارتقاء بالمواصفات الإیمانیة والشخصیة والمهنیة لعضو هیئة التدریس یمکن أن تفیده فی عمله

3ـ أهمیة ومکانة الجامعة الإسلامیة سواء لأبناء العالم الإسلامی قاطبة أو لأبناء المملکة العربیة خاصة فهی الوعاء العلمی والمعرفی الذی یحتضنهم لتزویدهم بتعالیم الدین الإسلامی وإعدادهم لیصبحوا أعضاء نافعین فی مجتمعاتهم.

4. أن هذا البحث سیرصد بمشیة الله توفر الصفات اللازمه فی عضو هئیة التدریس الجامعی من عدمها فی النواحی الإیمانیة والشخصیة والمهنیة.

5ـ یستمد هذا البحث أهمیته - کذلک - من أهمیة طلاب المنح فی الجامعة الإسلامیة إذ تستقطب الجامعة فی کل عام آلاف الطلاب من شتى أنحاء العالم و تقوم بتعلیمهم العلوم الشرعیة و علوم اللغة العربیة وتعمل جاهدة على تذلیل الصعاب للطلاب من أجل حصول التکامل التربوی بین عناصر العملیة التعلیمیة.

6ـ الحاجة إلى البعد عن الطرح النظری البحت ، و محاولة ربط ذلک بالواقع الذی یعایشه الطلاب بالجامعة.

مصطلحات الدراسة:

 القدوة الصالحة  :هی التی تتمثل أخلاق الرسول الکریم قولاً وعملاً وتعاملاً وتلتزم بذلک دینیاً وخلقیاً وتکون متزنة انفعالیاً.

التربیة الإسلامیة: بناء الإنسان فی جمیع جوانبه وفق المنهج الإسلامی ابتغاء لسعادة الدارین

عضو هیئة التدریس: کل شخص یزاول مهنة التدریس فی کلیات الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة ویشغل إحدى الرتب العلمیة التالیة:أستاذ، أستاذ مشارک،أستاذ مساعد،محاضر،معید

حدود الدراسة:

الحد الموضوعی

 درجة توفر سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة  فقط من وجهة نظر الطلاب

الحد المکانی

تقتصر هذه الدراسة على عینة من طلاب الجامعة الإسلامیة دون غیرها من مؤسسات التعلیم

الحد الزمانی

 العام الجامعی 1438/1439ه.

الإطار النظری والدراسات السابقة

أولاً / الإطار النظری

المبحث الأول: مفهوم القدوة وأهمیتها

القدوة لغة:

الأسوة . یقال فلان قدوة یقتدى به. ( ابن منظور.15/171)

ویذکر الفیروز آبادی فی القاموس المحیط "أن القدوة هی ما تسننت به واقتدیت به ، وتقدت به دابته : لزمت سنن الطریق وتقدى هو علیها ... وما أقداه: ما أطیبه ".                      آبادی ، 4/376

وفی المعجم الوسیط: فالقدوة هی المثال الذی یتشبه به غیره ، فیعمل مثل ما یعمل.                أو الأصل الذی تتشعب منه الفروع .

القدوة اصطلاحًا:

 لقد تعددت مفاهیم القدوة وتنوعت ومنها:

      أنها : " طاعة الله فی کل حرکة وکلمة من خلال تأدیة التکالیف الشرعیة عن شوق وحب کما کان یؤدیها رسول الله وصحابته الکرام. ( عویس ،1979 ،15)

      ویعرفها ( البادی ، 43:1999 ) " بأنها نموذج بشری یترجم قیمة معینة فی أحد مجالات الحیاة المشترکة فی المجتمع ترجمة واقعیة من خلال تکامل القول والفعل معًا ، بحیث یصبح هذا النموذج بارزًا ولامعًا بین قومه ، یقبلون علیه ویهتدون به ویقلدونه فکرًا وسلوکًا " .

فلا بد لأی تعریف للقدوة أن ینطلق من منظور إسلامی ، لکی یصلح أن یکون تعریفًا للقدوة فی المجتمع الإسلامی ، بحیث یکون الرسول هو المقتدى به ،  

ولا شک فی أن القدوة الکاملة تتمثل فی النبی صلى الله علیه وسلم ﭧﭐﭨ       {لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآَخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا (21)}

 وتکون القدوة الحسنة بعد ذلک نسبیة بحسب حال الشخص ومدى تمسکه بالإسلام عقیدة وفکرًا وسلوکًا.

أهمیة القدوة

یعانی بعض الأشخاص من وجود الفراغ العاطفیّ أو الروحیّ أو الافتقار إلى الاهتمام، مما یجعله ینطلق للبحث عن شخصیات لیقتدی بها، فإما یکون ذا حظ وفیر فیختار القدوة الحسنة، أو ذا حظ عاثر فیقتدی بالقدوة السّیئة واختیار القدوة الحسنة تقتضی الاقتداء بمن هم یمتازون بالأخلاق الفاضلة وأصحاب العلم والفکر والدین، حیث إنّ المقتدی غالباً ما یکون لدیه حب وإعجاب بالشخص الذی یقتدی به فیصبح کالتابع له.

لذا حثّ الإسلام على الاقتداء بالرسول صلى الله علیه وسلّم، ﭧﭐﭨ{ لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآَخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا (21)}الأحزاب: ٢١

       فهو القدوة الحسنة للمسلمین فی جمیع وجهات حیاتهم، فالتأسی بالنبی یؤدّی بالمسلم إلى دخول الجّنة وکسب رضى الله تعالى، بینما الاقتداء والتأسی بمن هم غیر النبی صلى الله علیه وسلّم ویخالفونه فلا یحصد من یقتدی بهم إلّا الخسران فی الدنیا والآخرة والخلود فی نار جهنم.

وتتضح أهمیة القدوة من خلال عدة أمور أهمها:

• ·      . فطرة الناس أنها تتشبه ببعضها وخاصة بأهل الفضل فیهم والزکاء والعلم. قال ابن تیمیة (کم من الناس من لم یرد خیراً ولا شراً حتى رأى غیره - لا سیما نظیره - یفعله ففعله؛ فإن الناس کأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض؛ ولهذا کان المبتدئ بالخیر وبالشر له من الأجر والوزر مثل من تبعه، کما فی الحدیث الصحیح: "من سن فی الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى یوم القیامة.. " ( ابن تیمیة ، 1994م ،68)
• الارتقاء بأخلاق المسلم واتّباعه للسلوکیّات الجیّدة التی تتوافق مع الفطرة الربانیّة ومع مبادئ الدین الإسلامی.
• النهوض بالمجتمع وبالأمة بشکل إیجابیّ؛ لأن جمیع أفرادها یتصفون بالأخلاق العالیة والسلوکیات الإیجابیّة.
• حمایة المجتمع من انتشار الأخلاق غیر الجیّدة والسلوکیّات السلبیّة، ممّا یقلل من انتشار الفساد، وهذا یؤدی بدوره إلى شعور الفرد بالأمن والاستقرار الذی یقود بدوره إلى زیادة قدرة الفرد الإنتاجیّة.
• توفِّر القدوة الکثیر من الوقت والجهد على الوالدین فی تربیة أبنائهم ومحاولة غرس السلوکیات الجیدة فیهم. فعندما یختار الطفل القدوة الجیدة فإنه یقلِّدها فی سلوکیاتها.
• إنتاج أفراد یتسمون بالسلوکیات والصفات الجیّدة مثل المثابرة على العمل والنجاح بعیداً عن الصفات السلبیة وغیر الجیدة.
• بناء مجتمع متماسک وقوی یستطیع مواجهة التهدیدات الخارجیة.
•  بث العزة فی النفوس، وحثها على العمل
• الإعجاب المؤدی للاتباع، فتبدأ بمشاعر حب ثم ملاحظة القدوة ثم الامتثال والاقتداء

 ثمرات التربیة بالقدوة

1. حصول الأجر والثواب حیث إنه قدوة فی العمل ودالٌ علیه بهدیه، وعند مسلم من حدیث جابر جاء ناسٌ من الأعرابِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ علیهم الصوفُ فرأى سوءَ حالِهم قد أصابتهم حاجةٌ. فحثَّ الناسَ على الصدقةِ فأبطؤوا عنه. حتى رُؤِیَ ذلک فی وجهِه. قال: ثم إنَّ رجلًا من الأنصارِ جاء بصُرَّةٍ من وَرِقٍ. ثم جاء آخرُ. ثم تتابعوا حتى عُرِفَ السُّرورُ فی وجهه. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ: "من سنَّ فی الإسلامِ سُنَّةً حسنةً، فعُمِل بها بعده، کُتِبَ له مثلُ أجرِ مَن عمل بها. ولا ینقصُ من أجورِهم شیءٌ. ومن سنَّ فی الإسلامِ سُنَّةً سیئةً، فعُمِل بها بعدَه، کُتب علیه مثلُ وِزرِ من عمل بها، ولا ینقصُ من أوزارِهم شیءٌ ". وفی روایة: "لا یَسُنُّ عبدٌ سنةً صالحةً یُعمَلُ بها بعده" ثم ذکر تمامَ الحدیثِ.

2. تهذیب أخلاق المتربی وتعدیل ما یطرأ من سلوکیات مخالفة، وفی الأدب المفرد عن عبدالله بن عمر رضی الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علیه وسلم: "المؤمِنُ الَّذی یخالطُ النَّاسَ ویصبِرُ على أذاهُم، خیرٌ مِن الَّذی لایخالِطُ النَّاسَ ولا یصبِرُ على أذاهُمْ" صححه الألبانی. وفی قوله (یصبر على آذاهم) دلالة مباشرة التهذیب وتحمل التبعات فی سبیل تقویم الخلق وتعدیله، وهذا لا یکون جزماً إلا بمن یعایش ویکون قدوة صالحة فی مجتمعه.

3. المربی القدوة یحفز ذوی الطاقات بعلمه وإیمانه وتربیته، ومن ثم له غنم ذلک حین یتعدى خیرهم، وهذا لن یکون من مربٍ لا یتمثل منهجه بکمال ورقی، ولذا وجدنا الصحابة یتقاسمون أخلاق الرسول علیه الصلاة والسلام ویغنمون منها کما روى الترمذی من أحدیث أنس بن مالک رضی الله عنه عن رسول الله صلى الله علیه وسلم: "أرحمُ أُمَّتی بِأُمَّتی:: أبو بکرٍ، وأَشَدُّهُمْ فی أَمْرِ اللهِ: عمرُ، وأَصْدَقُهُمْ حَیاءً: عثمانُ، وأَقْرَؤُهُمْ لِکتابِ اللهِ: أُبَیُّ بْنُ کعبٍ، وأَفْرَضُهُمْ: زَیْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وأعلمُهُمْ بِالحَلالِ والحَرَامِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، ألا وإِنَّ لِکلِّ أُمَّةٍ أَمِینًا، وإِنَّ أَمِینَ هذه الأُمَّةِ: أبو عُبَیْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ" قال الترمذی: حسن صحیح. وذُکِرَ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ عِندَ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو فقال: ذاک رجلٌ لا أزالُ أُحِبُّه، سَمِعتُ النبیَّ صلى اللهُ علیه وسلم یقولُ:"خُذواالقرآنَمن أربعةٍ: من عبدِاللهِ بنِ مسعودٍ -فبدَأ به- وسالمٍ مولَى أبی حُذَیفَةَ، ومُعاذِ بنِ جبلٍ، وأُبَیِّ بنِ کعبٍ" رواه البخاری. وهذه المیزات المحوزة لدى الصحب الکرام لا شک أنها استقاء من معینه المؤثر علیه الصلاة والسلام.

4. غرس المفاهیم، وتعزیز القیم، وارتوِ من هذا الخبر غرفة تجد ذلک: فی البدایة والنهایة ورجاله رجال الصحیح عن أنسٍ أنَّ رجلًا من أهلِ البادیةِ کان اسمُه زاهرًا یُهدی النبیَّ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ الهدیةَ من البادیة فیُجهِّزه النبیُّ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ إذا أراد أن یخرجَ فقال رسولُ اللهِ إنَّ زاهرًا بادیتُنا ونحن حاضروه وکان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ یُحبُّه وکان رجلًا دمیمًا فأتاه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ وهو یبیعُ متاعَه فاحتضَنه من خلفِه ولا یُبصرُه الرجلُ فقال أَرْسِلْنی من هذا؟ فالتفت فعرف النبیَّ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ فجعل لا یألو ما ألصق ظهرَه بصدرِ النبیِّ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ حین عرفه وجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ یقول من یشتری العبدَ فقال یا رسولَ اللهِ إذَنْ واللهِ تجدُنی کاسدًا فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ: "لکن عند اللهِ لستَ بکاسدٍ" أو قال: "لکن عند اللهِ أنت غالٍ". ویؤخذ من هذا الخبر تواضع الرسول علیه الصلاة والسلام وانبساطه للناس عامة وصدقه فی المزاح والجد، وکل ذلک لم یکن عبر محاضرة بل أسوة حاضرة.

المبحث الثانی: سمات المعلم القدوة فی التربیة الإسلامیة

       یجب أن تتوفر مجموعة من السمات فی عضو هیئة التدریس حتى یکون قدوة صالحة لطلابه کما کان سیدنا إبراهیم وسیدنا محمد علیهما الصلاة والسلام قدوة للمسلمین على مر التاریخ ، ویمکن تقسیم هذه السمات إلى المجالات التالیة:

أ ) السمات الأخلاقیة ومنها:

1ـ الثقة بالله تعالى وبما شرع لعباده

إذا کان المعلم على ثقة عالیة بالله عز وجل وبما شرع لعباده وأن هذا الکتاب وهذا المنهج الربانی لا یعتریه ما یعتری الأنظمة البشریة من نقص وقصور ﭧﭐﭨ { لَا یَأْتِیهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَکِیمٍ حَمِیدٍ (42) } فصلت: ٤٢

فإن هذه الثقة سوف تنغرس فی نفوس طلابه ، وسوف یعتزون بدینهم وإسلامهم ،وتزداد تلک الثقة کلما کان المعلم على درجة عالیة من الإیمان و الفکر والثقافة والعلم ،وکان قدوة لطلابه بالتزامه الدینی وسلوکه العملی المستن فیه برسول الله

 2ـ الصدق

یلتزم المؤمن بالصدق ظاهرًا وباطنًا فی أقواله وأفعاله ، إذ إن الصدق یهدی إلى البر والبر یهدی إلى الجنة والجنة أسمى غایات المسلم ، والکذب خلاف الصدق یهدی إلى الفجور ، وقد أمر الله بالصدق عندما ﭧﭐﭨ { یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ (119) } : التوبه ١١٩

وقال r إن الصدق یهدی إلى البر وإن البر یهدی إلى الجنة ، وإن الرجل لیصدق و یتحرى الصدق حتى یُکتب عند الله صدیقا))                                                                                    

3ـ العدل

فالعدل هو إعطاء کل ذی حق حقه . ومن الأهمیة بمکان أن یرى المتعلم تطبیق العدالة أثناء حیاته الدراسیة . وأن تُطبق علیه حتى تکون له تلک التجربة مثلاً أعلى ونبراسًا یحتذى به ، إذا وضع فی موضع یطلب الیه تطبیق العدل، متمثلا قوله ﭐﭨ { إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِیتَاءِ ذِی الْقُرْبَى وَیَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ یَعِظُکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ (90) } النحل:  ٩٠

وقوله ﭨ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّى تَفِیءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ (9)ﱠ } الحجرات: ٩

4-  الصبر

والصبر معناه أن یوطن الإنسان نفسه على تحمل کل ما یصیبه من أذى . ولیوقن بالثواب ، فإنه من یوقن بالثواب من الله تعالى لا یجد مس الأذى فیعیش المسلم صابرًا محتسبًا متحملاً لا یشکو ولا یسخط ولا یدفع المکروه بالمکروه ولکن یدفع السیئة بالحسنة ویعفو ویصبر ویغفر وقد ﭧﭐﭨ { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِکَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) } الشورى: ٤٣

  ولا شک أن العملیة التعلیمیة والتربویة صعبة وشاقة وتحتاج إلى قوة تحمل عالیة ، ومن یمارس العملیة التعلیمیة ینبغی أن یکون قدوته رسول الله  صلى الله علیه وسلم الذی تحمل عبء تبلیغ الدعوة وأوذی رغم انه خیر خلق الله وأحبهم ومع ذلک لم یتراجع وکان صابراً محتسباً. ولیتذکر المعلم دائما أن رسالته مثل رسالة الأنبیاء سامیة تبنى العقول وتوجهها نحو الحق، ولیعلم أنه سیواجه بعض الطلاب الذین ربما ینغصون علیه ، فلیحتسب ذلک عند الله.

5ـ الأمانة

 الأمانة خلق عظیم حث علیه الإسلام وأمر المؤمنون للتحلی به ، ولا بد للمعلم أن یکون أمینًا ، ومن مظاهر أمانته أن یکون أمینا على عمله الذی یقوم به ،فیعد دروسه إعدادًا سلیمًا ، ویحرص على وقت طلابه ، وأن یکون أمینًا فی توصیل المعلومات لطلابه وعلیه أن یتصف بالأمانة العلمیة فینسب الأمور والوقائع والأحداث لأصحابها

6- التنزه عن الشبهات وما یخل بالمروءة 

یجب على المعلم  أن یترفع عن دنیء المکاسب ویتجنب مواضع  التهم                والشبهات لقوله صلى الله علیه وسلم" فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدینه وعرضه                ( البخاری،1998م ، 5/340)

 فلا یفعل فعلا ً یناقض المروءة أو العرف السائد فی المجتمع . وتبدو هذه الصیانة للمعلم من خلال علاقته بالمتعلمین حین یصون نفسه عن الطمع فی مال أو جاه أو شیء من حطام الدنیا ، فعلى المعلم أن یکون محبًا لمهنته راغبًا فیها ، سعیدًا فی عمله بعیدًا عن التضجر والتذمر یسعى " أن ینزه علمه عن جعله سلمًا یتوصل به إلى الأغراض الدنیویة من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه ، وکذلک ینزهه عن الطمع فی رفق طلبته بمال أو خدمة أو غیرهما بسبب اشتغالهم علیه وتردده إلیه  ( ابن جماعة ، 1994، 48)

7ـ الحیاء

 الحیاء من الإیمان یدل على ذلک قوله صلى الله علیه وسلم" الإیمان بضع وستون شعبة والحیاء شعبة من الإیمان ". (البخاری،1998م ، 9/25 )

"وسر کون الحیاء من الإیمان أن کلا منهما داع إلى الخیر صارف عن الشر مبعد عنه  فالإیمان یبعث المؤمن على فعل الطاعات وترک المعاصی ، والحیاء یمنع صاحبه من التقصیر فی الشکر للمنعم ، ومن التفریط فی حق ذی الحق کما یمنع من فعل القبیح أو قوله اتقاء للذم والملامة، ومن هنا کان الحیاء خیرًا مصداقًا لقول المصطفى :" الحیاء لا یأتی إلا بخیر" (الجلال، 1982، 37 )

وکان النبی r (أشد حیاء من العذراء فی خدرها ، فإذا رأى شیئًا یکرهه عرف فی وجهه)  (البخاری،1998م ، 6102   فالحیاء یمنع صاحبه من ارتکاب النقائض والقبائح والمنکرات ، ویدفع المرء إلى التحلی بکل جمیل محبوب ، وإذا کان الحیاء خلقًا إسلامیًا عامًا یطلبه الإسلام فی أتباعه ، فإن تحلى المعلم القدوة به مطلوب ، ولذا وردت الأحادیث النبویة الکثیرة تصف حیاء الرسول القدوة وتدفع المسلمین إلى التزام هذا الخلق .

      " وخلق الحیاء غیر مانع للمسلم أن یقول حقًا أو یطلب علمًا أو یأمر بمعروف أو ینهى عن منکر فقد شفع مرة عند رسول الله أسامة بن زید حب رسول الله فلم یمنع الحیاء رسول الله أن یقول لأسامة فی غضب : " أتشفع فی حد من حدود الله یا أسامة ، وأیم الله لو أن   فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت یدها فعلى المعلم أن یکون حییًا فهو خلق کریم تهفو إلى صاحبه النفوس وتهواه". (جلال، 1982، 100)

 8- المحافظة على أداء الصلوات فی أوقاتها

أمرنا الله عز وجل بالصلاة ﭧﭐﭨ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِینَ (238) } البقرة: ٢٣٨ ووصف عبادة المؤمنین بأنهم یحافظون على الصلاة ﭧﭐﭨ { وَالَّذِینَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ یُحَافِظُونَ (9) }ﱠ المؤمنون: ٩

       وقد حث رسول الله على الصلاة، وکانت آخر کلماته قبل وفاته فقال علیه الصلاة والسلام " الصلاة ، الصلاة ، وما ملکت أیمانکم "

      یقول ابن جماعه ذاکراً بعض الصفات التی ینبغی للمعلم التحلی بها " أن یحافظ على القیام بشعائر الإسلام ، وظواهر الأحکام کإقامة الصلوات فی المساجد للجماعات" ابن جماعة ، 1994، 88)

ب) السمات الشخصیة

 1- حسن المظهر

فالمعلم مطالب أن یکون قدوة للطلاب والمعلمین فی هیئته ومظهره ولباسه ، فیکون دائما نظیف الثیاب ، مرتب الهندام ، جمیل الشکل ،یبتعد عن الثیاب التی لا تلیق به ، ومن          السنة أن یتطیب، فقد کان رسول الله یعرف من رائحة مسکه إذا سلک طریقًا وقد حث رسول الله r علیه فقال (من عرض علیه طیب فلا یرده ، فإنه خفیف المحمل طیب الرائحة)             ( العسقلانی، 1986، 5/248)

 2ـ الحلم والعفو عند المقدرة

کان رسول الله صلى الله علیه وسلم مثالاً للحلم والاحتمال والعفو عند المقدرة ، فقد أمره ربه بقوله:  { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِینَ (199) } الأعراف: ١٩٩  

فکان خیر المطبقین لما أمره الله به ،فینبغی على المعلم أن یقتدی بسید البشر فی أقواله وأفعاله فیکون حلیمًا یعفو عن زلات طلابه ویلین لهم الجانب ویرفق بهم.

3- الجود والإیثار

ومعناهما : أن یجود بکل ما یملک من وقت ومن علم ومن مال ، حتى یحوز ثقة الناس من ناحیة ، وحتى یؤثر فیهم من ناحیة أخرى ، وحسبنا تضحیة النبی بکل شیء حتى کتب الله لدعوته النجاح والخلود ، ولقد أثنى الله عز وجل على الأنصار رضی الله عنهم لاتصافهم بهذه الصفة فقال ﭐﭨ { وَالَّذِینَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِیمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ یُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَیْهِمْ وَلَا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَیُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) } الحشر: ٩ 

فلیتخیل المربی کم سیکون التأثیر على طلابه لو ساعد أحدهم بماله ، أو أعان محتاجًا أمامهم وکم سیرتقی فی عیونهم وکم سیکون لهذا الموقف من أثر علیهم

 4ـ الرفق واللین

ومعناه : رقة الطبع ودماثة الخلق ولین الجانب ، قال تعالى فی وصیته لموسى وهارون لما أرسلهما إلى فرعون ﭧﭐﭨ { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَیِّنًا لَعَلَّهُ یَتَذَکَّرُ أَوْ یَخْشَى (44) } طه: ٤٣ -٤٤

وقال تعالى واصفاً نبیه الکریم صلى الله علیه وسلم { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ (159) } آل عمران: ١٥٩

ومن مکارم أخلاق النبی ورفقه بالمسلمین ما حدث مع أعرابی حینما بال فی المسجد  فقام الناس إلیه لیقعوا به ، فقال النبی r (دعوه ، وأریقوا على بوله ذنوبًا من ماء فإنما بعثتم میسرین ، ولم تبعثوا معسرین "( البخاری ، 1998 ، 8/14)

" وکذلک ینبغی أن یترحب بالطلبة إذا لقیهم ، عند إقبالهم علیه ، ویکرمهم إذا           جلسوا إلیه ، ویؤنسهم بسؤاله عن أحوالهم وأحوال من یتعلق بهم بعد رد سلامهم "                   ( ابن جماعة ،1994 :107)

 5ـ الشفقة و الرأفة والرحمة

 الرحمة خلق من أخلاق المسلم إذ منشأ الرحمة صفاء النفس وطهارة الروح ، والمسلم بإتیانه الخیر وعمله الصالح وابتعاده عن الشر واجتنابه المفاسد هو دائمًا فی طهارة نفس وطیب روح ومن کان هذا حاله فان الرحمة لا تفارق قلبه ، ولهذا کان المسلم یحب الرحمة ویدعو لها مصداقاً لقوله ﭐﭨ { ثُمَّ کَانَ مِنَ الَّذِینَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِکَ أَصْحَابُ الْمَیْمَنَةِ (18) } البلد: ١٧ - ١٨

ورسول الله صلى الله علیه وسلم هو الرحیم بأمته المشفق علیهم ﭧﭐﭨ{ لَقَدْ جَاءَکُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَحِیمٌ(128)} التوبة:128

ومن مظاهر رحمته وشفقته على أمته ترکه مواصلة صلاة التراویح فی المسجد خوفًا من أن تفرض علیهم. (لولا أن أشق على أمتی لأمرتهم بالسواک عند کل صلاة ) (البخاری،کتاب التمنی ،حدیث رقم 7240)

6ـ التواضع

التواضع خلق عظیم حث علیه الإسلام وندب إلیه ورسولنا صلى الله علیه وسلم هو سید المتواضعین وإمامهم. فقد خرج ذات یوم متکئًا على عصا فقام له الناس فقال :(لا تقوموا کما یقوم الأعاجم یعظم بعضهم بعضاً) وقال r  (لا تطرونی کما أطرت النصارى ابن مریم ، فإنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله ).   (البخاری، 2000م، حدیث رقم 3445

ولا شک أن المعلم لن یجد قدوة له خیرًا من رسول الله r یلتزم بأخلاقه ویستن بسنته ،  وقد حث المربون المسلمون على التمسک بهذه الصفة لما لها من أثر على الطالب ، فقال ابن جماعة موصیًا المعلم " إذا غاب بعض الطلبة أو ملازمو الحلقة زائدًا عن العادة سأل عنه وعن أحواله  : " ( ابن جماعة ،1994م ، 102-103) 

والسؤال عن الطالب فی غیابه یشعره بحرص المعلم علیه وحبه إیاه ، وهذا یولد لدى الطالب حبًا شدیدًا لمعلمه وحرصًا على طاعته والاقتداء به.

ج)  السمات المهنیة

1ـ سعة الاطلاع

     هذه الصفة تتطلب من المعلم أن یواظب على المطالعة والبحث وأن "یشارک فی الندوات والمؤتمرات العلمیة والتربویة ، بما ینمی معارفه وقدراته ویوسع مدارکه ویعمق نظرته للأمور ، وهذا لا یمکن أن یتحقق إلا إذا کان المعلم واسع المعرفة ، على درایة بتخصصه العلمی،    مطلعًا على العلوم الأخرى ، وعلى درایة بالقضایا المعاصرة ، والمشکلات المستجدة".              ( عبد الله ، 1997 ، 334)

ومن الأمور التی تجعل الطالب یتقبل ما یلقى إلیه من حدیث حینما یرى سعة أفق المعلم وشدة اطلاعه وغزارة علمه وهذا ما یدعوه أن یستشیر معلمه ویتقبل ما یقول حتى وإن خالف رأیه.

2ـ العلم بطبیعة المتعلم

لما بعث معاذًا إلى الیمن قال  عن عبد الله ابن عباس رضی الله عنهما أن رسول الله " إنک تقدم على قومٍ  أهل کتاب ، فلیکن أول ما تدعوهم إلیه عبادة الله ، فإذا عرفوا الله ، فأخبرهم: أن الله قد فرض علیهم خمس صلوات فی یومهم ولیلتهم ، فإذا فعلوا ، فأخبرهم أن الله فرض علیهم زکاة من أموالهم ، ترد على فقرائهم ، فإذا أطاعوا بها ، فخذ منهم ، وتوقَّ کرائم أموال الناس "  (البخاری، 2000م،  1458/ 284)

"عرف الرسول نفسیات وقابلیات أصحابه ؛ لأنه کان یعیش بینهم کفرد منهم یشارکهم فی السراء والضراء ، عرف مزایا الجمیع وکلف کل واحد منهم بواجب یتفق مع قابلیته البدنیة والعقلیة ، لذلک استطاع أکثر أصحابه إنجاز مهمتهم بکفاءة وإتقان " (خطاب ،1960 ، 306 )

ومما یدل على معرفة الرسول بطبیعة أصحابه وتقدیره لحالهم ما حدث من نقاش بینه وبین عائشة  رضی الله عنها حینما قال لها :" ألم تری أن قومک لما بنوا الکعبة اقتصروا عن قواعد إبراهیم . فقلت : یا رسول الله ، ألا تردها على قواعد إبراهیم ، قال لولا حدثان قومک بالکفر لفعلت"  (البخاری،1998، 1583)

وقد تحدث ابن جماعة عن ضرورة معرفة المعلم بطبیعة طلابه بقوله : " ینبغی أن یستعلم أسماءهم وأنسابهم وموطنهم وأحواله  : " .( ابن جماعه ، 1994 ،100) 

ومن یتعامل مع طلبته دون علم بحاجاتهم ، فسیکون مصیره الفشل " و بالتالی فإن تقدیم قدر من الخبرات التعلیمیة له دون درایة بخصائصه وحاجاته ومیوله ومشکلاته وقدراته ونواحیه الجسمیة والانفعالیة ، إنما یؤدی بصورة أو بأخرى إلى الفشل فی بلوغ الأهداف التعلیمیة التی یسعى إلیها المدرس ، ومن ثم فإن دراسة ووضع تقدیر مبدئی للتلمیذ یعد أساسًا هامًا وضروریًا یفید فی تخطیط و تنفیذ إستراتیجیة الدرس " ( المصراتی ،  1993، 150 )

3ـإعمال العقل

شرف الله تعالى العقل بالخطاب ، وجعله مناط التکلیف وندبه إلى البحث والنظر         ﭧﭐﭨ { قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِی السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِی الْآَیَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا یُؤْمِنُونَ (101) } یونس:  ١٠١

ﭧﭐﭨ أَفَلَمْ یَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ کَیْفَ بَنَیْنَاهَا وَزَیَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)  ق: ٦

ویستند إصدار القرار الصحیح السریع إلى عاملین : القابلیة العقلیة للقائد ، والحصول على المعلومات،ولیس هناک من ینکر القابلیة العقلیة التی کان یمتاز بها الرسول ، تلک القابلیة التی لا یختلف فیها المسلمون ، فهو الذی بشر وأنذر وکافح وناقش عقلیات کبیرة  فهل  یمکن أن یتم ذلک إلا لعقلیة جبارة نافذة ؟ "  (خطاب، 1960، 30)

وهذا رسول الله یضرب المثل الأعلى لنا فی استخدام العلم والعقل"فقد هیأ أتباعه لخوض معرکة بدر قبل حدوثها باثنتی عشرة سنة ، حیث أوجد لهم " مثلاً أعلى " یضحون               من أجله ، ثم أقام لهم مجتمعًا على روابط الإیمان والهجرة ، والإیواء والنصرة ،والولاء"               ( الکیلانی ، 1994،292)

ویحتاج المعلم إلى سرعة البدیهة وحسن التصرف وتنویع فی الأسالیب ولا یتأتى ذلک إلا لذی عقل ولب ، فالذکاء من أهم الصفات التی یحتاج إلیها المعلم للتواصل مع الطلاب ، کما یحتاج إلى تفهم نفسیاتهم وعقولهم وواقعهم والتعامل مع ذلک بحنکة وحسن تصرف

4ـ النمو المهنی

فالعلم وحده لا یکفی لیکون سلاحًا بید المعلم ، ولکن لا بد من أن یضاف إلى ذلک فن التربیة لیتمکن المعلم من دراسة نفسیة الطالب والنزول إلى مستواه ، حتى یصل المعلم من خلال ذلک العلم إلى عقل الطالب.وکلما کان المعلم مبدعًا ومبتکرًا فی طریقة تدریسه وفی تعامله مع طلابه کلما کان متمیزًا و محبوبًا لدیهم ،

5ـ مراعاة الفروق الفردیة

ولا شک أن مراعاة الفروق الفردیة من الکفایات الهامة للمعلم ، والمعلم الفطن هو الذی یتعامل مع طلبته کل حسب قدراته. ولنا فی رسول الله فی ذلک الأسوة الحسنة . وقد سار على هذا النهج الربانی العلماء المسلمون فهذا ابن جماعة ینصح المعلم بمراعاة الفروق الفردیة بین طلابه بقوله : " ولا یشیر على الطالب بتعلیم ما لا یحتمله فهمه أو سنه ، ولا بکتاب یقتصر ذهنه عن فهمه "(ابن جماعة، 1994، 95)

ومن حسن تصرف المعلم ودلالة على مهارته فی التعلیم مراعاته للفروق الفردیة بین طلابه وتدرجه فی إعطاء المعلومات بقدر ما تحتمله عقولهم.

6ـ التدرج فی تقدیم المعلومة

یحتاج الإنسان بطبعه إلى التدرج لتغییر سلوک ما أو استیعاب أمر جدید ولیس أدل على ذلک من تدرج القرآن الکریم فی تحریم الخمر . وقد کان رسول الله یتدرج فی تقدیم المعلومة لأصحاب لذلک یدعو ابن خلدون إلى تلقین العلوم للمتعلمین شیئًا فشیئًا ، بحیث یبدأ المعلم بمسائل الفن العامة وأصوله المجملة ، ثم یرفع به إلى الفن ثانیة ، فیستوفی الشرح والبیان فیه ویخرج عن الإجمال ثم یرفع به ثالثة فلا یترک عویصًا ولا مبهمًا ولا منغلقا إلا أوضحه وفتح له قفل (النباهین ، 1995 ،322)

ومن حسن عقل المعلم ألا یثقل على الطلبة ، ویتدرج فی تقدیم المعلومة ویقدم المرغوب من العلم عندهم " فلا بأس أن یعلمهم الخطب إن أرادوا "(ابن سحنون، 1972 ، 104)

ویؤکد ابن جماعةعلى مبدأ التدرج فی التعلیم حینما یوصی المعلم بتوجیه الطالب بقوله " یشیر علیه بکتاب سهل من الفن المطلوب ، فان رأى ذهنه قابلا وفهمه جیدا نقله إلى کتاب یلیق بذهنه ، وإلا ترکه وذلک "  (ابن جماعة، 1994، 97)

7ـ الاعتدال فی استخدام الثواب والعقاب

یقول الله عز وجل : ﭧ { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ (159) } آل عمران: ١٥٩

ولم یمنع الإسلام العقاب بأنواعه وأنما قننه وحدده ووضع له ضوابط فأباح الهجر والحرمان واضرب لکن فی حدود ضیقه ومعلومة. ﭧﭐﭨ { وَاللَّاتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَکُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبِیلًا إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلِیًّا کَبِیرًا (34) } النساء: 34

ویرى ابن جماعة أن على المعلم إذا اخطأ الطالب أن " یوقفه مع ذلک على ما صدر منه بنصح وتلطف ، لا بتعنیف وتعسف ، قاصدًا بذلک حسن تربیته ، وتحسین خلقه وإصلاح شأنه ، فان عرف ذلک لذکائه بالإشارة فلا حاجة إلى صریح العبارة ، وان لم یفهم ذلک إلا بتصریحها ، أتى بها ، وراعى التدریج فی التلطف "  ( ابن جماعة ، 1994، 89)   

کما یرشد المعلم فی کیفیة تعزیز العناصر الإیجابیة عند الطلاب بقوله "فان کان بعضهم أکثر تحصیلاً وأشد وأبلغ اجتهادًا أو أحسن أدبًا ، فاظهر إکرامه وتفضیله ، وبین أن             زیادة إکرامه لتلک الأسباب فلا باس بذلک ،لأنه ینشط ویبعث على الاتصاف بتلک الصفات"     (ابن جماعة ، 1994 ، 100)

8ـ التمکن من مادته العلمیة

ولکی یکون المعلم متمکنًا من مادته یلزمه أن یلم بطبیعتها من حیث محتواها وما تشتم علیه من تفاصیل وفروع حتى یکون مستوعبًا لها متفهمًا لأصولها. ویحذر ابن جماعة المعلم من التعرض للعلوم التی لا یتقنها بقوله " وإلا فلا یتعرض لها ، بل یقتصر على ما یتقنه منها"       (ابن جماعة، 1994 ، 99)

9ـ استثارة دافعیة طلابه لیحقق الأهداف التعلیمیة

یجب على المعلم استثارة دافعیة المتعلم " بأن یرغبه فی العلم وطلبه فی أکثر الأوقات بذکر ما أعد الله تعالى للعلماء من منازل الکرامات ، وأنهم ورثة الأنبیاء ، وأنهم على منابر من نور یغبطهم الأنبیاء والشهداء ، ونحو ذلک مما ورد فی فضل العلم    والعلماء من الآیات والأخبار والأشعار مما یعین على التحصیل " ( ابن جماعة،2002 :55)  

ویمکن استثارة الدافعیة عن طریق الحوافز" وتتمثل الحوافز الداخلیة فی الشعور بالرغبة فی التحصیل أو التفوق أو أداء العمل المطلوب بشیء من الإتقان ، ویمکن استغلال مثل هذه الحوافز عن طریق توفیر فرص النجاح التی تشجع على الاستمرار فی العمل المدرسی وفی إشعار المتعلم بمدى أهمیة المادة ، وبأنها ذات معنى فی حیاته ،کذلک یمکن تقویةالدوافع عن طریق تحدید أهداف ممکنة التحقیق . لأن الأهداف صعبة المنال قد تؤدی إلى الشعور بالإحباط وإضعاف الحافز کما أن هناک حوافز خارجیة قد تتمثل فی رغبة الفرد فی الحصول على التقدیر الاجتماعی أو احترام الآخرین ، أو التغلب على المنافسین أو فی الحصول على الجائزة مادیة کانت أو معنویة ، وأحیانًا ما یکون الحافز هو العمل على تحاشی النتائج السلبیة کالتوبیخ أو العقاب "  ( القذافی ، 1990، 113 )

المبحث الثالث: الدراسات السابقة

بعد الاطلاع على کثیر من الأدبیات التربویة المتعلقة بهذا الموضوع وجد الباحث عددا قلیلا من الدراسات التی تناولت موضوع البحث وبالذات فی المملکة العربیة السعودیة  إلا أن هناک دراسات مشابهة فی العالم العربی ویمکن عرض أبرز الدراسات التی لها صلة مباشرة بموضوع الدراسة على النحو التالی:

 دراسة (عویس : 1987 م ) بعنوان " القدوة فی محیط النشء والشباب " .هدفت إلى الکشف عن اتجاهات عینة الدراسة نحو القدوة من حیث مکانتها ومواصفاتها والحاجة إلیها وأسباب اتخاذها ، والى بیان اتجاهاتها نحو القدوة فی المجالات الحیویة التالیة : المجال الأسری ، والثقافی والوطنی والدینی والسیاسی و الفنی والدراسی والریاضی والی بیان القادة الذین اتخذتهم العینة قدوة لهم فی المجالات الحیویة الثمانیة السابقة ، والى بیان القدوة فی المجال الریاضی فی محیط أعضاء العینة فی المجال الریاضی و خصائص وأسباب اتخاذ القدوة فی هذا المجال .وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفی ، وطبقت عشوائیًا على نوعین من العینة : الأول عینة عامة بلغت (560 ) عضوًا جمعت الذکور والإناث من معسکرات النشء والشباب فی حلوان والجزیرة و جامعة القاهرة وجامعة عین شمس وجامعة أسیوط ، والنوع الثانی عینة خاصة بلغت ( 68 ) عضوًا من الذکور والإناث جمعت من طلاب وطالبات بکالوریوس التربیة الریاضیة فی کلیتی التربیة الریاضی وللمعلمین والمعلمات بالجزیرة والهرم .

بینت الدراسة أن العینة فی حاجة ماسة إلى وجود القدوة وأنهم قادرون على تحدید مواصفاتها وأن هناک أکثریة یرغبون بان یکونوا أفضل من قدوتهم ، وبینت الدراسة أیضًا أن القدوة تتواجد فی بعض المجالات الحیویة ، لکن یختلف ترتیب القدوة فی کل مجال طبقًا لاختلاف الجنس والتخصص الدراسی والمهنی . کما بینت الدراسة أن الأب جاء فی المرتبة الأولى للقدوة داخل الأسرة فی حین تجئ الأم بالمرتبة التاسعة ، وأن أغلب القدوة فی المجال الدینی کانت فی محیط الأنبیاء والرسل والخلفاء الراشدین فی حین أن القیادات الدینیة المعاصرة جاءت فی مراتب متأخرة ، وتقهقرت القدوة فی محیط القیادات الوطنیة وتقدم العاملون فی الصحافة فی المجال الثقافی ، وترکزت القدوة فی المجال الفنی بالعاملین فی السینما والمسرح والغناء ، وغیاب القدوة فی المجال الدراسی ، وبینت الدراسة أن القدوة فی المجال الریاضی تجئ فی المرتبة الأخیرة من بین المجالات الحیویة غیر الریاضیة ، فی حین تحتل المرتبة الرابعة فی محیط طلاب وطالبات بکالوریوس التربیة الریاضیة ، والمرتبة الخامسة فی محیط طالبات التربیة الریاضیة ، والمرتبة الأولى – مع المجال الأسری – فی محیط طلاب التربیة الریاضیة وأن النشء والشباب یضفون على القدوة فی المجال الریاضی – خاصة فی محیط لاعبی کرة القدم والفرق الوطنیة – صفات متکاملة ، وان طلاب وطالبات بکالوریوس التربیة الریاضیة یتفقون مع العینة العامة فی تشابه القدوة وتشابه أسباب اتخاذها ، لکنهم یختلفون من حیث تنوع مصادر القدوة وعدم تحدیدها فی نطاق ضیق فأضافوا أعضاء من هیئات التدریس فی کلیات التربیة الریاضیة وإناثًا ممارسات للنشاط الریاضی.

دراسة ( الخطیب : 1997 م) بعنوان " القدوة وأثرها فی التنشئة الاجتماعیة لتلامیذ المرحلة الابتدائیة فی دول الخلیج العربیة  "

هدفت إلى تحدید أبرز العوامل المتعلقة بتشکیل نمط القدوة عند التلامیذ بالمرحلة الابتدائیة فی البیت والمدرسة والمجتمع ، والى تبیان ابرز نماذج القدوة التی یقتدی بها التلامیذ بالمرحلة الابتدائیة من بین نماذج الماضی ، والى تحدید ابرز نماذج القدوة المعاصرة التی یقتدی بها التلامیذ بالمرحلة الابتدائیة ، والى ما إذا کانت هناک فروق ذات دلالة إحصائیة بین التلامیذ والتلمیذات إزاء نماذج القدوة ، والعوامل المتعلقة بتشکیلها لدیهم ، أو أنها تعود إلى متغیرات        ) الدولة التی ینتمی إلیها التلمیذ ، ومکان إقامته ، ونوع عمل ولی أمره ، ونوع عمل الأم ، والمستوى التعلیمی للأب أو الأم ، والمستوى الاقتصادی للأسرة ومستوى تحصیل التلمیذ أو التلمیذة ) . کما هدفت الدراسة إلى تحدید أهم الصفات التی بسببها اختار التلامیذ نماذج القدوة التی یقتدون بها ، وتبیان الأنماط السلوکیة الحسنة التی ینبغی تنمیتها لدیهم ، والأنماط السلوکیة السیئة التی ینبغی معالجتها لدیهم ، لضمان تنشئتهم تنشئة اجتماعیة صالحة .ولهذه الأهداف المتسعة صمم الباحث استبانتین لقیاس مرئیات التلامیذ والتلمیذات حیال نماذج القدوة ، وأسباب التأثر بهذه النماذج والعوامل المؤثرة على مرئیات التلامیذ حیالها ،واعتمدت الدراسة المنهج الوصفی وطبقت الاستبانتین على عینة عشوائیة من تلامیذ المرحلة الابتدائیة فی الدول الأعضاء بمکتب التربیة العربی لدول الخلیج ، واستخدم الباحث أسالیب التکرارات والنسب المئویة وأسلوب کا. أما أبرز النتائج التی توصلت إلیها الدراسة فتتمثل فی:

أن رؤیة 46 % من التلامیذ إزاء أعظم الشخصیات المعاصرة جاءت فی صالح الآباء والأمهات مقابل 70 % فی صالح الأب و 83 % فی صالح الأم من التلمیذات وان 36 % من التلامیذ والتلمیذات یتطلعون أن یکونوا مثل الآباء والأمهات . کما بینت الدراسة أن اختیارات التلامیذ والتلمیذات لنماذج القدوة بحسب دیانة هذه النماذج ونوعها جاءت لصالح الدین الإسلامی وقد بلغت نسبتهم 98 % ، وان أهم الخصائص الشخصیة التی بسببها تم اختیار النموذج القدوة هی:

الرحمة والرفق والشجاعة والحب ، وقد بلغت نسبة التلامیذ الذین یرون ذلک حوالی          68 % ، وقد کشفت الدراسة أیضًا أن ابرز المتغیرات التی کان لها دلالة إحصائیة باستخدام أسلوب کا الإحصائی فی اختیار التلامیذ والتلمیذات لنماذج القدوة المختلفة هی الدولة التی ینتمی إلیها التلمیذ أو التلمیذة وجاءت دالة إحصائیا عند مستوى الدلالة 0.01 وکذلک جاء عامل المکان الذی یعیش فیه التلمیذ والتلمیذة دا ً لا إحصائیا عند مستوى الدلالة 0.01 بالنسبة للتلمیذات فقط إزاء اختیارهن لأعظم شخصیة تعیش فی الوقت الحاضر وأعظم امرأة تعیش فی الوقت الحاضر أیضًا ، أما نوع عمل الأب فجاءت قیمة کا دالاً إحصائیًا له عند مستوى الدلالة 0.05 بالنسبة للتلامیذ الذکور إزاء محور الصفات التی بسببها تم اختیار نموذج القدوة ، کما جاء عامل تعلیم الأم دالاً إحصائیا فی قیمة کا الخاصة به عند مستوى 0.01 بالنسبة للتلامیذ الذکور إزاء اختیارهم لأعظم شخص عاش فی الماضی واختیارهم للشخصیة القدوة الحالیة. أما عامل مستوى تحصیل التلمیذ أو التلمیذة فقد جاءت قیمة کا الخاصة به دلاً إحصائیا

عند مستوى 0.01 بالنسبة للتلامیذ الذکور إزاء الصفات التی بسببها تم اختیار الشخص القدوة الحالی . وعند مستوى 0.05 بالنسبة للتلمیذات إزاء اختیار الشخصیة القدوة الحالیة . وجاء عامل تعلیم الأب دا ً لا إحصائیا عند مستوى 0.05 بالنسبة للتلمیذات فقط إزاء اختیارهن لأعظم رجل یعیش فی الوقت الحالی واختیارهن للشخصیة القدوة الحالیة والصفات التی بسببها اخترن الشخصیة القدوة الحالیة

دراسة (القرنی :2004) بعنوان " أثر انحراف القدوة على السلوک الانحرافی لدى المراهقات دراسة وصفیة على طالبات المرحلة المتوسطة بمدینة مکة المکرمة "

هدفت الدراسة إلى دراسة تأثیر انحراف القدوة ( آباء وأمهات ومربین ) على السلوک الانحرافی لدى عینة من طالبات المرحلة المتوسطة بمدینة مکة المکرمة وقد بلغت عینة الدراسة (310) طالبة وتم قیاس انحراف القدوة من خلال أربعة عوامل هی: ( عدم الالتزام الدینی ، عدم تحمل المسؤولیة ، الانحراف السلوکی للقدوة ،مظاهر السلوک العدوانی للقدوة )

وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج ابرزها:

وجود علاقة ارتباطیة إیجابیة بین انحراف القدوة وبین الانحراف السلوکی لعینة الدراسة

انه یمکن التنبؤ باحتمالیة ظهور الانحراف السلوکی لدى المراهقة من خلال انحراف القدوة المتمثل فی عدم الالتزام الدینی وعدم تحمل المسؤولیة .

وجود علاقة ارتباطیة إیجابیة بین الانحراف الأخلاقی لدى القدوة وبین الانحراف السلوکی لعینة الدراسة

دراسة (  أبو نمر: 2007 ) بعنوان "مواصفات المعلم القدوة فی ضوء التربیة الإسلامیة ومدى تمثلها لدى أعضاء هیئة التدریس فی  کلیات التربیة من وجهة نظر طلبتهم"

هدفت الدراسة إلى معرفة درجة تمثل المعلمین بمواصفات المعلم القدوة فی ضوء التربیة الإسلامیة ومدى تمثلها لدى محاضری الجامعات (الإسلامیة  ، الأقصى ، الأزهر) فی غزة بفلسطین من وجهة نظر طلبتهم  تم استخدام المنهج الوصفی التحلیلی و المنهج الاستنباطی فی الدراسة ، و تکونت عینة الدراسة من( 342 ) طالبًا وطالبة من المستوى الأول والرابع فی الجامعات الثلاث بعد استخراج النسب المئویة لمجال المواصفات الإیمانیة تبین أن الاتجاه الایجابی للمعلم نحو القیم الخلقیة والتحلی بالخلق الحسن مع طلبته بلغت 85 % فما فوق . وبهذا فقد احتلت المراتب الأولى ، أما الصفة التی تتعلق بمشارکة الطلبة أفراحهم وأتراحهم فقد احتلت أدنى المراتب حیث بلغت نسبتها 58% أما مجال المواصفات الشخصیة فقد تبین أن استخدام الألفاظ المهذبة واهتمام المعلم بحسن المظهر والهندام قد بلغت 83 % فما فوق وبهذا فقد احتلت المراتب الأولى ، أما الصفة التی تتعلق بالسؤال عن طلبته أثناء غیابهم فقد احتلت أدنى المراتب حیث بلغت نسبتها 58%  أما مجال المواصفات مهنیة فقد تبین أن التمکن من المادة العلمیة والإلمام بالثقافة السائدة فی المجتمع فقد بلغت 82 % فما فوق وبهذا فقد احتلت المراتب الأولى ، أما الصفة التی تتعلق بمشارکة الطلبة فی بعض أنشطتهم فقد احتلت أدنى المراتب حیث بلغت نسبتها 61%  لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة فی درجة تمثل أعضاء هیئة التدریس بمواصفات المعلم القدوة من وجه نظر الطلبة تعزى إلى متغیر الجنس  لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة فی درجة تمثل أعضاء هیئة التدریس بمواصفات المعلم القدوة من وجه نظر الطلبة تعزى إلى متغیر المستوى الدراسی توجد فروق ذات دلالة إحصائیة فی درجة تمثل أعضاء هیئة التدریس بمواصفات المعلم القدوة من وجه نظر الطلبة تعزى لمتغیر الجامعة وذلک لصالح الجامعة الإسلامیة .

دراسة (محمد ، 2013) بعنوان " دور المعلم القدوة فی تحسین النواحی التحصیلیة والسلوکیة لدى طلاب المرحلة الثانویة بمحلیة القضارف کما یدرکه الخبراء التربویون والطلاب "

وهدفت الدراسة إلى تناول سمات معلم المرحلة الثانویة من حیث القدوة الشخصیة والعلمیة والمهنیة ودورها فی تحسین النواحی التحصیلیة والسلوکیة لدى الطلاب من وجهة نظر الخبراء التربویون والطلاب بمحلة القضارف.

وقد اختار الباحث المنهج الوصفی لإجراء هذه الدراسة مستخدماً الاستبانة والمقابلة کأدوات لجمع المعلومات وکان مجتمع الدراسة طلاب وطالبات الصف الثالث بالمدارس الثانویة الحکومیة الجغرافیة، والمدارس الثانویة النموذجیة للبنین والبنات بمحلیة القضارف بولایة القضارف شرق السودان

وبلغ عدد عینة الدراسة (204) طالب وطالبة ، وبلغ عینةالمقابلة مع الخبراء التربویین والموجهین بمحلیة القضارف(40) خبیر تربوی وقد توصلت الدراسة لعدد من النتائح کان أهمها:

اجماع أفراد العینة على مجالات الصفات ( الشخصیة والعلمیة والمهنیة) التی ینبغی أن تتوفر لدى المعلم القدوة ، ویؤثر على النواحی التحصیلیة والسلوکیة لطلاب المرحلة الثانویة بمحلیة القضارف.

معظم أفراد العینة وافقوا بنسبة عالیة جداً على ان من أهم الصفات الشخصیة للمعلم القدوة التی لها تأثیر واضح على النواحی التحصیلیة والسلوکیة لطلاب المرحلة الثانویة بمحلیة القضارف ( التواضع ،قوة الشخصیة ، العدل ، عفة اللسان ، الذکاء ، الروح المرحة ، ضبط النفس ، التدین ، حسن المظهر )

معظم أفراد العینة وافقوا بنسبة عالیة جداً على أن من أهم الصفات العلمیة للمعلم القدوة التی لها تأثیر واضح على النواحی التحصیلیة والسلوکیة لطلاب المرحلة الثانویة بمحلیة القضارف ( التمکن من مادة التخصص ، النظام والتنظیم ، الاقتناع بمهنة التعلیم کمهنة لها أصولها ، الإدارة الجیدة للصف ، إحترام لوائح المدرسة )

معظم أفراد العینة وافقوا بنسبة عالیة جداً على أن من أهم الصفات المهنیة للمعلم القدوة التی لها تأثیر واضح على النواحی التحصیلیة والسلوکیة لطلاب المرحلة الثانویة بمحلیة القضارف (تقدیم المعلومات للدارسین بطریقة سهله ، استخدام لغة واضحة أثناء الدرس ، المعرفة الواسعة بأصول التربیة وعلم النفس ، تنویع الوسائل التعلیمیة ، المحافظة على سریة الامتحانات ، الاعتزاز بمهنة التعلیم )

من المشکلات التی تعیق وجود المعلم القدوة ( التدریب والتأهیل والظروف الاقتصادیة والاجتماعیة )

التعلیق على الدراسات السابقة

مع أنّ الدراسات السابقة تتفق مع الدراسة الحالیة فی موضوع الدراسة إلا أنّها تفترق عنها فی مجتمع الدراسة وعینتها. کما تنفرد بتطبیقها على طلاب الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة خاصة دون غیرهم من الطلاب. وتنفرد بتطبیقها على مؤسسة من مؤسسات التعلیم العالی فی المملکة العربیة السعودیة ولم یقف الباحث على دراسة بهذا الشأن فی المملکة العربیة السعودیة. بخلاف معظم الدراسات السابقة التی طبقت فی بیئات مختلفة عن بیئة الجامعة الإسلامیة التی تنفرد من بین الجامعات باستقبال أعداد کبیرة من طلاب المنح من مختلف أقطار العالم والأقلیات المسلمة. وسیستفید الباحث من الدراسات السابقة عند بناء أداة الدراسة وتفسیر نتائجها.

الإطار المیدانی

المبحث الثالث: إجراءات الدراسة المیدانیة

    تناول الباحث فی هذا الفصل إجراءات الدراسة المیدانیة، حیث یعرض منهج الدراسة وأهدافها، وتحدید مجتمع الدراسة وطریقة اختیار العیّنة، وبناء الأداة، وخطوات هذا البناء، والتحقق من صدق الأداة وثباتها، وخطوات جمع البیانات، بالإضافة إلى أسالیب المعالجة الإحصائیة التی تمّ استخدامها فی تحلیل النتائج.

أولا- منهج الدراسة: 

           استخدمت الدراسة المنهج الوصفی، لأنه یتناسب مع أهدافها، حیث تهدف إلى التعرّف على درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب، واستقصاء دلالة الفروق الإحصائیة بین متوسطات إجابات أفراد العینة التی تعزى لمتغیر المرحلة الدراسیة، الأمر الذی یتطلب استطلاع آراء أفراد العینة، ثم جمع البیانات وتحلیلها بهدف الوصول إلى النتائج والتعمیمات .

ثانیاً- مجتمع الدراسة:

         تکوّن مجتمع الدراسة من جمیع الطلاب المنتظمین فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة فی العام الجامعی 1438/1439ه.فی المستویات السادس والسابع والثامن  والدراسات العلیا وقد بلغ مجتمع الدراسة (  1874 ) طالباً

ثالثاً- عینة الدراسة:

      تمّ تطبیق أداة الدراسة على عینة عشوائیة من الطلاب المنتظمین فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة، وقد بلغت العینة فی صورتها النهائیة (272) طالباً،  بنسبة 14.51% من مجتمع الدراسة  وبیاناتها کما هو موضح  بالجدول(1).

جدول(1)

توزیع أفراد العینة وفق المرحلة الدراسیة

      تمثلت أعلى نسبة من مجموع أفراد عینة الدراسة بحسب المرحلة الدراسیة فی مرحلة البکالوریوس، حیث بلغ عددهم(144) طالباً، بنسبة (50.4%) من مجموع أفراد العینة، وکانت أقل نسبة لدى طلاب الدراسات العلیا، حیث بلغ عددهم (128) طالباً،  بنسبة (49.6%).

رابعاً- أداة الدراسة:

    صمّم الباحث استبانة لتحقیق أهداف الدراسة،  وقد تمّ إعداد الاستبانة من خلال اتّباع الخطوات التالیة :

1-      تحدید الهدف من الاستبانة: یتمثل الهدف من الاستبانة فی الکشف عن درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب

2-      مصادر بناء الاستبانة:تم بناء الاستبانة بالرجوع إلى الأدب النظری المتعلق بموضوع البحث، والاطلاع على الدراسات السابقة.وقد اعتمد الباحث المقیاس الذی وضعه الباحث عاطف سالم أبو نمر لاشتماله على عدد من الصفات الشخصیة والأخلاقیة والمهنیة للمعلم القدوة مع حذف بعض العبارات وإضافة عبارات أخرى بما یناسب طلاب الجامعة الإسلامیة وبئیة التعلیم فیها ومن ثم تم تحکیم الأداة .

3-     بناء الاستبانة فی صورتها الأولیة: تم بناء الاستبانة فی صورتها الأولیة، وقد تضمنت ثلاث محاور فرعیة، وهی المواصفات الأخلاقیة، والمواصفات الشخصیة، والمواصفات المهنیة.

 4-صدق الأداة: تمّ التأکد من صدق الاستبانة من خلال اتّباع الطرق التالیة:

أ- الصدق الظاهری: تم عرض عبارات الاستبانة بمحاورها الفرعیة على المحکمین، وتبین أنها حظیت جمیعها بنسب اتفاق تجاوزت 80% بما یؤید بقائها کعبارات صادقة للوفاء بالهدف من الاستبانة المستخدمة.

ب- الاتساق الداخلی للاستبانة: تم التأکد من الاتساق الداخلی للاستبانة بتطبیقها على عینة استطلاعیة قوامها (30) طالباً، وحساب معامل ارتباط بیرسون Pearson Correlation بین کل عبارة والدرجة الکلیة للمحور الذی وردت فیه،  کما هو مبین بالجدول(2).

جدول(2):

معاملات ارتباط بیرسون بین عبارات الاستبانة والمحور الفرعی الذی وردت فیه

**دالة عند مستوى0.01

یتضح من الجدول(2) أنّ قیم معامل ارتباط عبارات محور المواصفات الأخلاقیة بدرجته الکلیة تراوحت بین (0.414، 0.792)، وتراوحت معامل ارتباط عبارات محور المواصفات الشخصیة بدرجته الکلیة بین (0.425، 0.829)، وتراوحت معامل ارتباط عبارات محور المواصفات المهنیة بدرجته الکلیة بین (0.436، 0.683)، وهی جمیعها دالة إحصائیاً عند مستوى الدلالة(0.01)، وتشیر النتائج السابقة إلى تمتع الاستبانة بدرجة مناسبة من الاتساق الداخلی وأنها تقیس ما أعدّت من أجله.

5-  ثبات الاستبانة:

     تم التأکد من ثبات الاستبانة بواسطة معامل الثبات ألفا کرونباخ فی ضوء استجابات مقیاس لیکرت، کما هو موضح بالجدول(3).

جدول(3)

الثبات للاستبانة ککل ومحاورها الفرعیة

    یتضح من الجدول(3) أنّ الاستبانة تتمتع بقدر مرتفع جداً من الثبات، حیث بلغت          قیمة الثبات للاستبانة ککل (0.973)، وتراوحت فی کل محور من محاورها الفرعیة بین (0.928 – 0.940). وباستعراض قیم ثبات الاستبانة فی حال حذف المفردة، یتضح انخفاض قیمة الثبات لکل عبارة مقارنة بقیمة ألفا کرونباخ للمحور الذی وردت فیه، مما یستوجب الإبقاء على کل العبارات؛ وبالتالی أصبحت الاستبانة فی صورتها النهائیة مکوّنة من (51) عبارة تتمتع بدرجة جیدة من الثبات.

6- الاستبانة فی صورتها النهائیة:

     تکوّنت الاستبانة فی صورتها النهائیة من (51) عبارة، حیث تضمن محور السمات الأخلاقیة (18) عبارة، وتضمن محور السمات الشخصیة (17) عبارة، وتضمن محور السمات المهنیة (16) عبارة، وتکون الإجابة عن العبارات عن طریق اختیار المستجیب بین إحدى ثلاثة بدائل موجودة أمام کل عبارة، والتی تقیس درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة، وتتمثل هذه البدائل فی ما یلی: (متوفرة بدرجة کبیرة) تأخذ ثلاث درجات، (متوفرة بدرجة متوسطة) تأخذ درجتین، (متوفرة بدرجة ضعیفة) تأخذ         درجة واحدة.

خامسا- خطوات جمع البیانات:

      تمّ تطبیق الأداة على عینة عشوائیة بسیطة من طلاب الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة، فی الفصل الأول من العام الجامعی 1439/1440ه، وقد اتسم المستجیبون بالجدیة فی الإجابات والتعاون مع الباحث.

سادساً- أسالیب المعالجة الإحصائیة:

        تمّ تحلیل البیانات وفقاً لمشکلة الدراسة وتساؤلاتها، وذلک باستخدام برنامج الحزم الإحصائیة للعلوم الاجتماعیة(spss)، وتمّ استخدام الأسالیب الإحصائیة التالیة:

-    معامل ارتباط بیرسون Pearson Correlation للتأکد من صدق الأداة.

-    معامل ألفا کرونباخ Cronbach's Alpha لحساب ثبات الأداة.

-    المتوسط الحسابی والانحراف المعیاری.

-    اختبار (ت) (Independent Samples Test)

المبحث الرابع: نتائج الدراسة المیدانیة ومناقشتها

       هدفت الدراسة إلى الکشف عن درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة کما یدرکها الطلاب، والکشف عن الفروق فی استجابات أفراد العینة التی تعزى لاختلاف المرحلة الدراسیة.

معیار الحکم:

     تمّ استخدام المعیار التالی للحکم على درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء          هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة، وذلک بتحدید طول خلایا مقیاس متدرج ثلاثی، وحساب المدى (3 - 1=2)، ومن ثمّ تقسیمه على أکبر قیمة فی المقیاس للحصول على          طول الخلیة أی (2÷3=0,66)، وبعد ذلک تمّ إضافة هذه القیمة إلى أقل قیمة فی المقیاس (بدایة المقیاس وهی واحد صحیح، وذلک لتحدید الحدّ الأعلى لهذه الخلیة. ویمکن تحدید المتوسطات الموزونة المرجحة لغایات الدراسة على النحو التالی:

-         من 2.34 إلى 3 متوافرة بدرجة کبیرة.

-         من 1.67 إلى 2.33 متوافرة بدرجة متوسطة.

-         من 1 إلى 1.66 متوافرة بدرجة ضعیفة.

    وفیما یلی نتائج الدراسة المیدانیة التی أسفر عنها تحلیل البیانات،ومناقشتها وتفسیرها، والوصول للاستنتاجات المتعلقة بموضوع الدراسة ، وذلک على النحو التالی:

السؤال الرئیس: ما درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب؟

    وللإجابة عن هذا السؤال، تمّ حساب المتوسطات الحسابیة الموزونة، والانحرافات المعیاریة، ودرجة الموافقة، والترتیب، لکل محور من محاور الاستبانة ، وللاستبانة ککل، کما هو موضح بالجدول(4).

جدول (4):

المتوسطات الحسابیة الموزونة، والانحرافات المعیاریة، ودرجة الموافقة، والترتیب، لاستجابات الطلاب حول درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة

یتضح من الجدول (4) توفر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب بدرجة متوسطة، حیث بلغ متوسط استجاباتهم على الاستبانة ککل(2.28)، وهو یقع فی مجال استجابة (متوسطة)، وقد تراوحت المتوسطات الحسابیة الموزونة لاستجابات أفراد العینة على محاور الاستبانة بین (2.05) و(2.48).

       وجاءت المواصفات الأخلاقیة فی مقدمة المواصفات المتوافرة، بمتوسط حسابی (2.48)، یلیها المواصفات الشخصیة بمتوسط حسابی (2.28)، وأخیراً المواصفات المهنیة بمتوسط حسابی (2.05).

 

شکل (1): درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس

فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة

      ویرجع الباحث مجیء المواصفات الأخلاقیة فی مقدمة المواصفات المتوافرة لدى أعضاء هیئة التدریس بالجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة إلى حرصهم على الالتزام بأخلاقیات مهنة التعلیم، والتی تستوجب أن یکونوا قدوة فی عقیدتهم وسلوکیاتهم، وتعاملهم مع الطلاب، وإدراکهم أن لذلک أثر بالغ فی اتجاهات الطلاب نحو المادة الدراسیة والجامعة. کما قد یعود مجیء المواصفات المهنیة فی المرتبة الأخیرة إلى محدودیة الدورات التدریبیة المقدمة لتنمیة المهارات التدریسیة والمهنیة لدى أعضاء هیئة التدریس بالجامعة، ومحدودیة مواکبتها للتوجهات الحدیثة فی هذا المجال.

نتائج السؤال الأول ومناقشتها:

    نص السؤال الأول من أسئلة البحث على ما یلی: ما درجة توافر السمات الأخلاقیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب؟

    وللإجابة عن هذا السؤال، تمّ حساب المتوسطات الحسابیة الموزونة، والانحرافات المعیاریة، ودرجة الموافقة، والترتیب، لکل عبارة من عبارات محور المواصفات الأخلاقیة، وللمحور ککل، کما هو موضح بالجدول(5).

جدول (5):

درجة توافر السمات الأخلاقیة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب

 یتضح من الجدول (5) توافر السمات الأخلاقیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب بدرجة کبیرة، حیث بلغ متوسط استجاباتهم على هذا المحور ککل(2.48)، وهو یقع فی مجال استجابة (کبیرة)، وقد تراوحت المتوسطات الحسابیة الموزونة لاستجابات أفراد العینة على عبارات هذا المحور بین (1.96) و(2.86). وجاءت خمسة عشر عبارة متوافرة بدرجة کبیرة، حیث تراوحت متوسطاتها الحسابیة بین (2.38) و(2.86)، وتمثل أکبرها توافراً فی ما یلی (یتصف بسلامة العقیدة، یحرص على الصدق فی حدیثه، یحفظ لسانه من الوقوع فی الإثم، یلتزم بالمظهر الإسلامی، یلتزم الأمانة فی معاملاته مع طلبته، یتحلى بالخلق الحسن مع طلبته، یؤدی عمله بإخلاص، یعدل بین طلبته، یجیب المتعلم فی حدود علمه ومعرفته). وجاءت بقیة العبارات متوافرة بدرجة متوسطة، حیث تراوحت متوسطاتها الحسابیة بین (1.95) و(2.29)، وتمثل أقلها توافراً فی ما یلی (یشارک الطلبة أفراحهم وأتراحهم)، بمتوسط حسابی(1.95). وهذا ماتوصلت إلیه دراسة أبو نمر (2007 )

ویعزو الباحث هذه النتائج إلى حُسن اختیار الأقسام العلمیة لأعضاء هئیة التدریس المتصفین بسلامة العقیدة والمنهج وحسن الخلق، کما أن العدید من أعضاء هیئة التدریس هم من خریجی الجامعات السعودیة وقد تشبعوا بالقیم الإسلامیة السمحة، وهم یدرکون کونهم یؤدون رسالة تربویة وأخلاقیة ینقلونها إلى الأجیال اللاحقة من خلال القدوة الصالحة والتربیة والتعلیم، إلى جانب وعی أعضاء هیئة التدریس بمسؤولیاتهم التربویة والأخلاقیة، وأنهم محط أنظار الطلاب، وأن أخلاقیات مهنة التدریس تستوجب منهم التحلی بالفضائل الأخلاقیة، وأن ذلک أمر ضروری لتمتین العلاقة بین عضو هیئة التدریس والطالب، وتحقیق التفاعل والتواصل الایجابی، بما ینعکس بصورة حسنة على العملیة التعلیمیة والتربویة.

     وربما یعود ذلک وجود أوجه قصور فی المواصفات الأخلاقیة لدى أعضاء هیئة التدریس  فی بعض الجوانب، ومن ذلک محدودیة مشارکتهم الطلبة أفراحهم وأتراحهم، إلى ما یواجهه عضو هیئة التدریس من ضغوط مهنیة وحیاتیة قد تحد من مشارکتهم المستمرة للطلاب فی مناسباتهم الشخصیة والاجتماعیة الخاصة.

نتائج السؤال الثانی ومناقشتها:

    نص السؤال الثانی من أسئلة البحث على ما یلی: ما درجة توافر السمات الشخصیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب؟

    وللإجابة عن هذا السؤال، تمّ حساب المتوسطات الحسابیة الموزونة، والانحرافات المعیاریة، ودرجة الموافقة، والترتیب، لکل عبارة من عبارات محور المواصفات الشخصیة، وللمحور ککل، کما هو موضح بالجدول(6).

جدول (6):

درجة توافر السمات الشخصیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب

یتضح من الجدول (6) توافر السمات الشخصیة للمعلم القدوة  لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب بدرجة متوسطة،) حیث بلغ متوسط استجاباتهم على هذا المحور ککل(2.28)، وهو یقع فی مجال استجابة (متوسطة)، وقد تراوحت المتوسطات الحسابیة الموزونة لاستجابات أفراد العینة على عبارات هذا المحور بین (1.85) و(2.58). وجاءت ست عبارات متوافرة بدرجة کبیرة، حیث تراوحت متوسطاتها الحسابیة بین (2.36) و(2.58)، وتمثل أکبرها توفراً فی ما یلی (یهتم بحسن المظهر والهندام، یستخدم الألفاظ المهذبة مع طلبته، یتعامل مع طلبته بهدوء ورویة، یتواضع لطلبته، یرفق بالمتعلمین ویعطف علیهم، یحرص على التوافق بین طلبته). وجاءت بقیة العبارات متوفرة بدرجة متوسطة، حیث تراوحت متوسطاتها الحسابیة بین (1.85) و(2.32)، وتمثل أقلها توفراً فی ما یلی (یستخدم المرح والدعابة لدفع الملل والسآمة، یسأل عن طلبته أثناء غیابهم)، بمتوسط حسابی(2.03 ، 1.85). 

وهذا بخلاف ماتوصلت إلیه دراسة ( محمد 2013)  ویرجع الباحث هذه النتائج إلى إدراک أعضاء هیئة التدریس أن مهنة التدریس تتطلب امتلاکهم للمواصفات الشخصیة اللازمة، من حسن المظهر والملبس، وکون ذلک أمر ضروری لمکانة عضو هیئة التدریس، کما أنهم یدرکون أنه لا یمکن لهم التأثیر فی طلابهم إذا لم یتحلوا بعدد من المواصفات الشخصیة، کالتواضع أثناء إلقاء المحاضرات وفی تعامله مع الطلاب، ومعاملتهم برفق وعطف. وعلى الرغم من ذلک فإن هناک حاجة ماسة إلى تحسین أعضاء هیئة التدریس لمواصفاتهم الشخصیة فی ظل وجود بعض جوانب القصور فی هذا الأمر مما لاحظه الطلاب، کمحدودیة سؤالهم عن طلبتهم أثناء غیابهم، واستخدامهم روح المرح والدعابة، وهذا الأمر قد یعود إلى کون بعض أعضاء هیئة التدریس ربما لا یدرکون بشکل کاف الحاجات النفسیة والاجتماعیة لدى الطلاب وکونهم یتطلعون من أعضاء هیئة التدریس الاهتمام بهم والسؤال عنهم، ومساعدتهم على حل مشکلاتهم، من أجل رفع الروح المعنویة لدیهم وتعزیز ثقتهم بهم وتحسین العلاقات فیما بینهم، وهی أمور تنعکس بصورة إیجابیة على الطالب وتسهم فی تحسین اتجاهاته ودافعیته نحو المادة العلمیة والمدرس، والذی یؤدی إلى تحسین تحصیله الدراسی.

نتائج السؤال الثالث ومناقشتها:

نص السؤال الثالث من أسئلة البحث على ما یلی: ما درجة توافر السمات المهنیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب؟

وللإجابة عن هذا السؤال، تمّ حساب المتوسطات الحسابیة الموزونة، والانحرافات المعیاریة، ودرجة الموافقة، والترتیب، لکل عبارة من عبارات محور المواصفات المهنیة، وللمحور ککل، کما هو موضح بالجدول(7).

جدول (7):

درجة توافر السمات المهنیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب

یتضح من الجدول (7) توافر السمات المهنیة للمعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب بدرجة متوسطة، حیث بلغ متوسط استجاباتهم على هذا المحور ککل(2.05)، وهو یقع فی مجال استجابة (متوسطة)، وقد تراوحت المتوسطات الحسابیة الموزونة لاستجابات أفراد العینة على عبارات هذا المحور بین (1.79) و(2.36).وجاءت عبارة واحدة متوافرة بدرجة کبیرة کما یدرکها الطلاب، وهی (یشجع طلبته على القراءة والبحث)، بمتوسط حسابی(2.36). وقد یعود ذلک إلى إدراک أعضاء هیئة التدریس لأهمیة القراءة والبحث فی تحسین المستوى العلمی للطالب وتطویر قدراتهم العقلیة کالقدرة على التفکیر العلمی، والقدرة على التحلیل والنقد، ونحو ذلک من المهارات التی تتطلبها المرحلة الجامعیة ومرحلة الدراسات العلیا، کما أن ذلک یرجع إلى کون الطلاب عموماً، والملحقین ببرامج الدراسات العلیا خصوصاً، مطالبین بإنجاز واجبات ومشروعات بحثیة تتطلب منهم امتلاک المهارات البحثیة اللازمة لذلک، والتی یکتسبونها من خلال عملیة التعلیم والتوجیه والإشراف العلمی التی یقوم بها عضو هیئة التدریس.

وجاءت بقیة العبارات متوافرة بدرجة متوسطة، حیث تراوحت متوسطاتها الحسابیة بین (1.79) و(2.25)، وتمثل أبرزها توفراً فی ما یلی (یتمیز بالقدرة على ضبط القاعة، یتدرج فی تقدیم المعلومة للطلبة، یوظف مهارات الصوت والحدیث بشکل سلیم، یتحلى بالإلمام بالثقافة السائدة فی المجتمع، یحرص على تزوید الطلبة بمعلومات جدیدة، یستخدم التکرار لترسیخ المعلومة)، فیما تمثلت أقل المواصفات المهنیة توافراً فی (یواکب ما یستجد فی تکنولوجیا التعلیم وطرق التدریس، یشارک طلبته فی بعض أنشطتهم). وقد تعود هذه النتائج إلى محدودیة التحاق عدد من أعضاء هیئة التدریس بالدورات التدریبیة المقدمة لهم فی مجال أسالیب التدریس الحدیثة فی التعلیم الجامعی، وکیفیة استخدام التقنیات الحدیثة فی العملیة التعلیمیة، کما قد یعزى ذلک إلى محدودیة جودة البرامج التدریبیة المقدمة فی هذا المجال.وهذا بخلاف ماتوصلت إلیه دراسة ( محمد 2013)

نتائج السؤال الرابع من أسئلة الدراسة:

 نص السؤال الرابع من أسئلة الدراسة على ما یلی: هل توجد فروق دالة إحصائیا عند مستوى دلالة (0.05) بین متوسطات استجابات أفراد العینة نحو درجة توافر سمات المعلم   القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة تعزى لاختلاف        المرحلة الدراسیة ؟

وللإجابة عن هذا السؤال، تم استخدام اختبار (ت) Independent Samples Test لمعرفة دلالة الفروق الإحصائیة بین متوسطات إجابات الطلاب نحو درجة توافر مواصفات القدوة الصالحة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة، والتی تعزى لاختلاف المرحلة الدراسیة بمستوییها(جامعی، دراسات علیا). والجدول (8) یوضّح ذلک:

جدول(8):

نتائج اختبار (ت) (Independent Samples Test) للکشف عن الفروق فی تقدیرات العینة حول درجة توافر مواصفات القدوة الصالحة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة وفق المرحلة الدراسیة

     یتضح من الجدول (8) وجود فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة (a = 0.05) بین متوسطات إجابات أفراد عینة البحث فی کل محور من محاور الاستبانة، وفی الاستبانة ککل، تعزى لاختلاف المرحلة الدراسیة، حیث جاءت قیم احتمال المعنویة المصاحبة لقیمة (ت) أقل من قیمة مستوى المعنویة (0.05)، وکانت الفروق فی صالح طلاب الدراسات العلیا، فهم یرون توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة، بصورة أکبر مما یراها طلاب المرحلة الجامعیة. وهو مالم تتوصل إلیه دراسة أبو نمر(2007) وربما یعود ذلک إلى أختلاف البئیة الدراسیة التی طبقت فیها الدراسیتین.

وقد یعود ذلک إلى أن أعضاء هیئة التدریس فی مرحلة الدراسات العلیا یدرکون أن الطلاب فی هذه المرحلة هم نخبة الجامعة وصفوتها، وأنهم قد بلغوا من الوعی والنضج الفکری، والثقافی، والاجتماعی، ما یجعلهم یعاملون من قبل أعضاء هیئة التدریس معاملة تتناسب مع خصائصهم ومستویاتهم، من حیث التعامل الأخلاقی، والشخصی، والمهنی.

وقد یعود ذلک إلى کون أعداد طلاب الدراسات العلیا فی القاعات الدراسیة أقل مما هو علیه الحال بالمرحلة الجامعیة، مما یساعد أعضاء هیئة التدریس على تنویع طرق التدریس أو أسالیب التقویم، ولا یقتصرون على الأسالیب التقلیدیة مثل المحاضرة الإلقائیة، التی تستخدم غالباً إذا کان عدد الطلاب فی القاعة الدراسیة مرتفعاً.

 کما أن مرحلة الدراسات العلیا غالباً ما یقوم بالتدریس فیها نخبة من الأساتذة على درجة أستاذ مشارک أو أستاذ، وهم یمتلکون من الخبرة العلمیة والعملیة ما یجعلهم یتمتعون بمواصفات عالیة للتعامل مع فئة طلاب الدراسات العلیا بما یتناسب مع طبیعة هذه المرحلة.

ملخص النتائج والتوصیات

     یعرض الباحث فیما یلی أبرز النتائج التی توصلت إلیها الدراسة، ثم یضع التوصیات المناسبة فی ضوء تلک النتائج.

أولاً- ملخص النتائج:

کشفت الدراسة فی جانبها المیدانی النتائج التالیة:

1. توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب بدرجة متوسطة، بمتوسط حسابی(2.28).
2. جاءت السمات الأخلاقیة فی مقدمة السمات المتوافرة بمتوسط حسابی(2.48)، یلیها المواصفات الشخصیة بمتوسط حسابی(2.28)، وأخیراً المواصفات المهنیة بمتوسط حسابی(2.05).
3. تمثلت أکبر السمات الأخلاقیة توافراً لدى أعضاء هیئة التدریس فی اتصافهم بسلامة العقیدة، وحرصهم على الصدق فی حدیثهم، وحفظ لسانهم من الوقوع فی الإثم. وتمثل أقلها توافراً فی مشارکتهم الطلبة أفراحهم وأتراحهم.
4. تمثلت أکبر السمات الشخصیة توافراً لدى أعضاء هیئة التدریس فی اهتمامهم بحسن المظهر والهندام، واستخدامهم الألفاظ المهذبة مع طلبتهم، وتعاملهم مع طلبتهم بهدوء ورویة. وتمثل أقلها توافراً فی سؤالهم عن طلبتهم أثناء غیابهم.
5. تمثلت أکبر السمات المهنیة توافراً لدى أعضاء هیئة التدریس فی تشجیعهم طلبتهم على القراءة والبحث، وتمیزهم بالقدرة على ضبط القاعة، وتدرجهم فی تقدیم المعلومة للطلبة. فیما تمثلت أقل السمات المهنیة توافراً فی مشارکتهم طلبتهم فی بعض أنشطتهم
6. وجود فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة (a = 0.05) بین متوسطات إجابات الطلاب فی درجة توافر مواصفات القدوة الصالحة لدى أعضاء هیئة التدریس فی الجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة، وکانت الفروق فی صالح طلاب الدراسات العلیا.

ثانیاً- التوصیات:

      کشفت نتائج الدراسة عن وجود بعض مواطن القصور فی درجة توافر سمات المعلم القدوة لدى أعضاء هیئة التدریس بالجامعة الإسلامیة بالمدینة المنورة کما یدرکها الطلاب، وفی ضوء ما توصلت إلیه الدراسة من نتائج، فإنّ الباحث یوصی بما یلی:

-    تقدیم دورات تدریبیة لأعضاء هیئة التدریس لرفع کفایاتهم ومواصفاتهم الشخصیة والمهنیة.

-    تکثیف الندوات والمحاضرات التی تبین أهمیة اتصاف أعضاء هیئة التدریس بمواصفات المعلم القدوة، الأخلاقیة، والشخصیة، والمهنیة، وبیان أثرها فی تعدیل سلوکیات الطلاب، ورفع مستوى تحصیلهم الدراسی.

-    مشارکة أعضاء هیئة التدریس الطلبة فی أفراحهم وأتراحهم.

-    معاملة أعضاء هیئة التدریس الطلاب على مبادئ الأخوة والصداقة.

-    سؤال أعضاء هیئة التدریس الطلاب عن أحوالهم وأثناء تغییبهم لتعزیز العلاقات فیما بینهم.

-    استخدام أعضاء هیئة التدریس المرح والدعابة داخل أثناء المحاضرات لدفع الملل والسآمة عن الطلاب.

-    مشارکة أعضاء هیئة التدریس الطلاب فی الأنشطة الطلابیة المختلفة.

-    مواکبة أعضاء هیئة التدریس للمستجدات فی تکنولوجیا التعلیم وطرق التدریس.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المصادر والمراجع

1ـ  آبادی: الفیروز ، أبادی ( 1983 ) القاموس المحیط ، دار الفکر ، بیروت.

2ـ  ابن جماعة ، بدر الدین ( 1994 ): تذکرة السامع والمتکلم فی أدب العالم والمتعلم ، تحقیق السید محمد هاشم الندوی           رمادی للنشر ، السعودیة ،الریاض

3ـ  ابن سحنون ، محمد ( 1972 ) :آداب المعلمین ، تحقیق حسن حسنی عبد الوهاب ، دار الکتب الشرقیة ، تونس

4ـ  أبو نمر: عاطف سالم (2007) مواصفات المعلم القدوة فی ضوء التربیة الإسلامیة ومدى تمثلها لدى أعضاء هیئة

     التدریس فی کلیات التربیة من وجهة نظر طلبتهم، رسالة ماجستیر الجامعة الإسلامیة ، غزه 2007م

5ـ  البادی ، محمد محمد ( 1999 ) الدعوة والداعیة وأهمیة القدوة الحسنة فی المجتمعات الإسلامیة ، مجلة الأزهر، القاهرة

6ـ  البخاری، محمد بن إسماعیل ( 1998 ) :صحیح البخاری ،بیت الأفکار الدولیة ، الریاض

7ـ  جلال ، محمد محمود ( 1982 ) :"القدوة الطیبة "، مجلة منبر الإسلام ، جدة

8ـ  خطاب ، محمود شیت ( 1960 ) : الرسول القائد ، دار مکتبة الحیاة ومکتبة النهضة ، بغداد

9ـ  الخطیب ، محمد بن شحات ( 1997 ) القدوة وأثرها فی التنشئة الاجتماعیة لتلامیذ المرحلة الابتدائیة ، مکتب

      التربیة العربی لدول الخلیج ، الریاض 

10ـ  العسقلانی ، أحمدابن حجر ( 1986 ) : فتح الباری بشرح صحیح البخاری ، دار الریان للتراث

11ـ  عویس ، مسعود ( 1979 ) " القدوة فی محیط النشء والشباب "، دراسة علمیة ، دار الفکر العربی ، مصر

12ـ  القذافی ، رمضان محمد ( 1990 ) : نظریات التعلم والتعلیم ، الجامعة المفتوحة ، لیبیا ، طرابلس

13ـ القرنی ، محمد بن مسفر ، أثر انحراف القدوة على السلوک الانحرافی لدى المراهقات دراسة وصفیة على طالبات المرحلة المتوسطة بمدینة مکة ، مجلة البحوث الأمنیة العدد (26) ذو الحجة 1424ه

14ـ محمد ، بدر الدین محمد آدم ، دور المعلم القدوة فی تحسین النواحی التحصیلیة والسلوکیة لدى طلاب المرحلة الثانویة بمحلیة القضارف کما یدرکه الخبراء التربویون والطلاب رسالة دکتوراه جامعة النیلین ، السودان ،2013م

15ـ المصراتی ، عبد القادر ،( 1993 ) :المعلم والوسائل التعلیمیة ، الجامعة المفتوحة ، لیبیا ، طرابلس

16ـ  النباهین ، علی سالم ( 1995 ): أصول التربیة الإسلامیة ، مطبعة المقداد ، غزة

 

 

 

 

Article View: 463

PDF Download: 205