کلمة العدد

   الحمد لله رب العالمین, والصلاة والسلام على سیدنا محمد, وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى یوم الدین.

أما بعد:

    فهذا هو الإصدار الثامن عشر, من مجلة دار الإفتاء المصریة, تلک المجلة التی تمثل إضافة نوعیة, للمهام العلمیة الجلیلة, التی تضطلع بها دار الإفتاء المصریة، حیث تحولت تلک المجلة إلى منبر علمی، ومیدان معرفی، لنشر البحوث العلمیة المؤصلة المحکمة، التی تتناول عشرات البحوث الفقهیة والأصولیة بالتأمل والتتبع والبحث، على ید الباحثین والأستاذة الأجلاء، ذوی القدر العلمی الموقر، مما فتح بابا مهما من خدمة صناعة الفتوى، وإحیاء العلوم والبحوث التی منها استمدادها، وهذا أمر فی غایة الأهمیة، لأنه لبنة فی مسار تشیید الصرح المتکامل، الذی تحتشد فیه عناصر استواء الفتوى علی ساقها، لیتم فتح قنوات تصدیر المسائل والبحوث التی تمس الحاجة إلیها، عند القائمین بالإفتاء إلی الخبراء والباحثین والفقهاء، فتخضع المسائل والبحوث إلی عمل علمی بحثی دقیق، مستوف لمستلزماته، ثم ینتقل إلی بقیة إجراءات صناعة الفتوى ومهاراتها، فإذا بالأمر قد استحکم وجرى علی سنن الإتقان فی سائر مراحلة.

   کل ذلک فی سیاق محکم ودقیق تجری علیه دار الإفتاء المصریة، بتاریخها العریق والمتراکم والمشرف، والذی نفتخر به على المشرق والمغرب، بما تمثله هذه المؤسسة العلمیة الأزهریة المصریة من رؤیة ودقة وأمانة فی خدمة علوم الشرع، واستیفاء عناصر صناعة الفتوى فی أرقی صورها.

   هذا وقد اشتمل هذا الإصدار على عدد من البحوث المهمة، وهی بحث : (الإمام الشافعی أصولیا)، وبحث :(من مسالک المحدثین والأصولیین فی التعامل مع مختلف الحدیث ومشکله رد الضعیف _ الجمع والتوفیق)، وبحث  :(قواعد تقیید المباح)، وبحث :(تخصیص المقطوع بالمظنون وأثره فی الفقه الإسلامی).

   وهکذا یأتی هذا العدد من المجلة مشتملا على درر معرفیة، تثری الحرکة الفقهیة والأصولیة، وتحرر مسائل علمیة دقیقة، مما یبشر إن شاء الله باستمرار العطاء المعرفی لدار الإفتاء المصریة.

   ولا یفوتنا الإشارة إلی أن هذه المجلة هی غرس طیب، غرسة العلامة الجلیل، فضیلة الأستاذ الدکتور علی جمعة، مفتی الدیار المصریة السابق، وأشرقت شمسها على ید فضیلته، ثم أکمل المسیرة وتابع التشیید فضیلة العلامة الأستاذ الدکتور شوقی علام مفتی الدیار المصریة، فهی عمل میمون، یأتی یوم القیامة فی میزان حسناتهما إن شاء الله.

   ونسأل الله تعالی أن یدم هذا العطاء الجلیل، وأن یمن سبحانه بانتشار هذه البصائر العلمیة المهمة، والله ولی التوفیق