سمات الفن الهزلي فى الحضارات القديمة وآثره على التصوير الحديث | ||||
مجلة بحوث التربية النوعية | ||||
Article 17, Volume 2017, Issue 48, October 2017, Page 537-558 PDF (1.68 MB) | ||||
Document Type: مقالات علمیة محکمة | ||||
DOI: 10.21608/mbse.2017.137972 | ||||
View on SCiNiTO | ||||
Authors | ||||
أحمد ممدوح على يوسف* 1; محمد ثابت بداري2; سحر بطرس نجيب3 | ||||
1موظف بمعمل المالتي ميديا ( Multimedia Lab ) بکلية الحاسبات والمعلومات – جامعة اسيوط | ||||
2أستاذ مساعد التصوير ووکيل کلية الفنون الجميلة لشئون التعليم والطلاب جامعة أسيوط | ||||
3أستاذ مساعد التصوير بکلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط | ||||
Abstract | ||||
الملخص ربط علماء النفس والشعراء بين سبل الإدراک ومحاور الحس الهزلية بدء من الفکاهة والکوميديا والهزل وتأثر فنانون من مختلف الحضارات القديمة کالفن الهزلي وفن الکاريکاتير وغيرها من الفنون المعتمدة على مضامين السخرية من مواقف اليومية (اجتماعية اوسياسية) يدور بالمحيط الخارجي للفنان ، تأثر بها فنانون من الغرب وتستعرض هذه الورقة البحثية الفن الهزلي في الحضارات القديمة : أطواره ومفرداته وطرق تشکيله والمفاهيم المستوحاة منه . حيث ان يتناول هذا البحث بالدراسة والتحليل النقاط التالية : 1- مقدمة ( مشکلة البحث – أهداف البحث – أهميتها – حدودها – المنهج المتبع ) . 2- المفاهيم والمصطلحات والتعاريف . 3- السمات الفنية للفن الهزلي . 4- تطور التصوير الهزلي فى الفنون القديمة . الفن الهزلي عند قدماء المصريين . الفن الهزلي في فنون مابين النهريين . الفن الهزلي فن الفن الإغريقي. 5- نماذج فنانين من الغرب تأثروا من فنون الحضارات القديمة فى أعمالهم التصويرية . 6- نتائج وتوصيات. | ||||
Full Text | ||||
أولاً : مقدمة البحث : الضحک والهزل هو شکل من أشکال التعبير الصريح عن التسلية والمرح، ومشاعر أخري أحياناً، فطبيعة الانسان السليم في المواقف المضحکة يمکن أن تکون وسيلة دفاع ضد موقف مخيف عفوي وهذا ما يتميز به الفنان التعبيري فى حله لقضايا المجتمع. " هذا الفن الساخر بما يحملة من رؤي وما يشعة من خفة ظل أصبح فى العصر الحالى شيئاً مهماً وضرورياً لأنه مرتبط بالمجريات السياسية والشئون الاجتماعية ، فهو فن يقف إلى جانب المواطن ليعبر عنه فى مواجهة مشاکل المجتمع من خلال المبالغة والسخرية، حيث انه يساعد على توجيه النظر إلى الخلل وسرعة إصلاحه، فهو يعتبر سلاحاً ماضياً للتنوير والتثقيف".([1]) ومن هنا لابد من دراسة ما هي تطور الفنون الهزلية فى الحضارات القديمة ودراسة نماذج من الاعمال التصويرية من فنانين الغرب ، فالفنان المبدع المفکر هو القادر على التعبير وتصوير ما يجري داخل مجتمعه ثم يبتکر وينتج أعمالاً تصويرية تحکي مشاکل المجتمع وتحاکي کل الصعوبات الذي يواجها الفنان سياسياً واجتماعياً واخلاقياً وهذ ما ظهرت فى الحضارات القديمة . مشکلة البحث : تمثلت مشکلة البحث فى التساؤل الآتي : ما هي امکانية الاستفادة من سمات الفن الهزلي فى الحضارات القديمة وتاريخها واثر ذلک على التصوير الحديث ؟ فروض البحث : هناک علاقة إيجابية بين أستفادة فنانين المدارس الحديثة من الفن الهزلي فى العصور القديمة في إنتاج أعمال تصويرية معتمده بشکل اساسي على السخرية والهزل من المواقف الاجتماعية والسياسية المحيط بالفنان . أهداف البحث : - التعرف على مفهوم التعبيريه الهزلية والفرق بينه وبين الکاريکاتير (الفن الصحفي) - التعرف على السمات التي تتصف بها التصوير الهزلي. - التعرف على مراحل تطور التعبيرية الهزلي عبر العصور القديمة - التعرف على بعض نماذج من فنانين المدرسة الحديثة والذي يتصف اعمالهم بالهزل. أهمية البحث : 1- يسهم هذا البحث فى معرفة الفرق بين التصوير الهزلي ورسم الکاريکاتير . 2- يسهم هذا البحث فى معرفة مدي تطور مفهوم الفن الهزلي عبر العصور القديمة وآثره على لوحات تصويرية حديثة .
حدود البحث : أولاً :حدود مکانية :
ثانياً : حدود زمانية :
منهج البحث : المنهج التاريخى : التعرف على تاريخ التصوير الهزلى عبر العصور المختلفة والتعرف على امثله مختلفة تتعلق بالمصورين الهزليين فى المدارس الفنية الحديثة . ثانياً : المفاهيم والمصطلحات والتعاريف .
" قال تعالى فى سورة الطارق (وما هو بالهزل(14)) معني الاية هنا انه ليس بباطل ولکنه هو جد وحق، والمقصود بالهزل کل کلام لا تحصيل له، ولا ريع تشبيها بالهزال."([2]) والهزل عند العرب هو " نقيض الجد، هزل يهزل هزلاً، قال (الکميت(* : أرانا على حب الحياة وطولها تجد بنا في کل يوم ونهزل ويقول (إبن الاعرابى) * والهزل يکون لازما ومتعديا، يقال: هزل الفرس وهزله صاحبه، وأهزله وهزله. وهزل الرجل يهزل هزلا: موتت ماشيته، وأهزل يهزل إذا هزلت ماشيته ; زاد ابن سيده ولم تمت ; قال : يا أم عبد الله لا تستعجلي ورفعي ذلاذل المرجل ثالثاً : مفهوم الکاريکاتير (الرسم الصحفى): " الکاريکاتير حسب اللغويون هو: فن الإضحاک بالتضخيم، أو المسخ لصورة شخص ما، أو قضية ما، أو شيء ما، بهدف الانتقاد والسخرية، ويعرفه آخرون کونه فن مضحک في ظاهره، ناقد فني في مدلوله أما التعاريف التي حددها رسامو الکاريکاتير:فإنها لا توجد على شاکلة واحدة وإن کان معظمها يلتقي في بؤرة المعنى بسبب تعدد الرؤى والاتجاهات التعبيرية المتبعة "([4]) " کلمة کاريکاتير هي من اصل إيطالى (Caricature) وتعنى المبالغة والمغالاة تعتمد على دقة الملاحظة وسرعة البديهيه([5])، " يري البعض أن فن الکاريکاتير ما هو إلا رسم تخطيطي بسيط وتعليق ساخر، قصير، أسفرا عن أبتسامة واسعة، وأطلقا معاني بارعة، لتسکن ذهن الإنسان وتجبره على التفکير فيها داخل دائرة الواقع، وتدعوه إلى تشکيل الدائرة من جديد، بفکر وعقل جديدين، من اجل واقع أفضل.. هذا هو هدف الکاريکاتير." ([6])، " وقد تنوعت تعريفات الکاريکاتير ومنها انه فن التنکيت أي أنه تجسيد للحکمة القائلة: شر البليـة مايضحک ، فن التبسيط، فإذا کان من حق الفنان أن يغير الخطوط الطبيعية من اجل أن يعبر عن رايه فإن هذا الخروج هو محور الکاريکاتير."([7]) " يقول الفنان (مصطفى حسين) :أن فن الکاريکاتير فن اعلامي فى الأساس فهو فرع من فروع الفن التشکيلي، وليس فن نکت، فلابد للرسام أن يکون واعياً، فاهماً، لقواعد الرسم الکلاسيکي، فهو ليس مجرد خطوط ولا مبالغات. فالکاريکاتير لابد أن يؤدي دورة فى زيادة الوعي وإدراک الواقع الإجتماعى والسياسي.. لهذا يمتزج الانتاج الکاريکاتيري بين متعة الابتهاج، وبين النقد الصادق لأوضاع الحياة ."([8])
" السخرية هي أرقي أنواع الفکاهه لما تحتاج من ذکاء وخفة، وهي لذلک آداة دقيقة فى أيدي الفلاسفة والکتاب والفنانين الذين يهزوان بالخرافات، والعقائد المنحرفة والسلوکيات الخاطئة، وقد دخلت السخرية إلى معظم الفنون من زمن طويل"([9])، " يقول الفنان الأسباني (بابلو بيکاسو Picasso)* : إن الطبيعة والفن لهما ظاهرتان مختلفتان تمام الأختلاف. ولعل هذه المقولة تنبع فى المقام الأول من إتباع الفنان – أياً کان عمله لظاهرة التحوير أو التحريف، وعدم الألتزام بالأصل الطبيعى أو الواقعى للأشياء، فالفنان قد يبالغ أو يضيف أو يحزف أو حتى يبسط، دون إلتزام کامل بما يمکن رؤيته فى الطبيعة. فقد اصبح تعريف التعبيرية فى ابسط معانيها التحوير الحر للشکل واللون، حيث من خلاله يعطي المصور شکلاً مرئياً للشعور الداخلى والعواطف " ([10]) ويقول (عباس محمود العقاد) فى کتاب (حجا الضاحک المضحک) " أن هناک أنواعاً للضحک تتباين ما بين السخرية والمزاح والعجب والاعجاب الى ضحک الشماته والعداوة، وضحک المفاجأة والدهشة، وضحک المغرور، بالتوازي مع هذا التنوع فى الظاهره تتعدد المنطلقات والرؤي التي تسعي لتفسيرها والألمام بها، فإتجه بعض هذه الرؤي فى إتجاهاً فسيولوجياً، ورأت فى ظاهرة الضحک تعبيراً عن إختلاجات عضلية متقطعة، تستهلک الکمية الفائضة من التوتر، وحاولت إتجاهات أخري ان تفسر الضحک بالعرض للعملية النفسية التي تحدث للمستجيب حتى تنتهي بإستجابة الضحک، وبينما تنازلت التوجهات السابقة الظاهره من حيث وظائفها الداخليه لدي الانسان." ([11]) " فقد تنوع تفسيرات الفلاسفة لظاهرة الضحک بدأ من (أرسطو) الذي عرف الضحک من حيث انه إعلان عن المرح مختلط بالدهشة او بالکراهية او بکليهما معاً " ([12]) " ومع تعدد وتنوع هذه الظاهره وإرتباط الفکاهه بالعوامل السياسية والاجتماعية فقد فسر (إيزنک)* فى کتاب أبعاد الشخصية الذي ظهر فى عام 1947م التقسيم الکلاسيکي للحالات الشعورية إلى حالات إدراکية، وجدانية ونزوعية محاولا أظهار ما فى الفکاهه والضحک. وقد سعى إيزنک للتوفيق بين هذه الجوانب الثلاثة فى ظاهره الضحک، موضحاً هذه النظرية برسم يمثل مثلثاً متساوي الاضلاع على النحو التالى:
يستخدم إيزنک کلمة الهزل، بمعنى عام، ويقول إن العناصر الإدراکية والوجدانية والنذوعية تدخل فى ترکيب الهزل، ولکن أثر أحد هذا العوامل الثلاثة قد يزيد عن إثر العنصرين الآخرين فى کل حاله من الحالات الخاصة. وهنا يحدد إيزنک المعنى العام للهزل بوصفه التعبير العام عن کافة أشکال الضحک والفکاهه والنکتة والکوميديا هو اسهمه الرئيسية." ([13])
" التعبير هو أحد السمات السلوکية الهامة التي مّيز الله بها الکائن الحي عما سواه من الجماد وهو أحد العمليات النفسية التي يقوم بها الأنسان فى شکل تلقائي کإستجابات انفعاليه وردود أفعال لکافة المؤثرات الخارجية الناتجة عن تفاعله مع مختلف المواقف الحياتيه، وذلک عن طريق إحدي الوسائل الآتية: (الحرکة – الصوت – لفظ – بکاء - ضحک). " ([14])
" لقد ظهرت بدايات التصوير الهزلى فى الفن التشکيلي منذ بداية ظهور الفن البدائي ومروراً بالفنون والحضارات المختلفة فلا تکاد أن تخلو حضارة من الحضارات القديمة إلا وظهر فيها إرهاصات لفنون تشکيلية هزلية حيث إتسمت هذا النوع من اللوحات التصويرية لسمات لابد من توافرها ومن أهم هذا السمات هي: 1- من حيث الموضوع: " للموضوع مکانه خاصة فى الفن التشکيلي لا من حيث کونه غاية فى حد ذاته ولکن بأعتباره وسيله لإثارة الفنان لکشف المضامين التشکيلية التي يحويها." ([15]) والمقصود بالموضوع فى الهزل هنا، يقصد بها أن " الموقف الهزلى هو موقف إنساني، فالموضوع الرئيسي فى الموقف الهزلى هو الأنسان: إنفعالاته وقد تحررت – لبعض الوقت - من سلطة (الأنا الاعلى)، ذلک أن لحظات الهزل هي أيضاً لحظات التمرد والخروج (الفردي او الجماعى) على القيود والقيم الإجتماعية المرعية. الموقف الهزلى هو الواقعية، ويقصد بها تزامن الموقف الهزلى مع الأحداث والخبرات التي يعايشها الفرد وايضاً الطابع الاجتماعي، وإن کان فى إطار نقدي."([16]) " إن الفنان حين يتعرض لمشکلة تتعلق بالمجتمع فإنما يقدم وجهة نظره المرتبطة بظروف ذلک المجتمع وتختلف وجهة النظر هذه وکذلک طرق التعبير عنها سواء کانت طريقة واقعية أو طريقة هجائية ساخرة، فالرسام الساخر هو أشد المتأثرين بالواقع الاجتماعى ومشکلاته وقضاياه وأعماله الفنية ما هى الا إنعکاس لهذا الواقع"([17]) 2- من حيث التعبير: " التعبير هو الإفصاح عن المعانى بلغة الشکل، وکل جسم له معنى، والأجسام حين تتجاوب بعضها مع بعض او تحتک او تولد معاني: هذه المعاني مرتبطة بطبيعة تلک الأجسام من حيث إنها کيانات ملموسه، يمکن ان تحس بالملمس. "([18]) " تعمد التعبيرية الهزلية شأنها شأن التعبيرية إلى التحريف وتغيير النسب فى الأشکال الطبيعية... ويکتسب الخط الخارجي المحدد للأشکال، والفاصل بينهما أهمية فى التعبيرية الهزلية، ذلک أنه يلعب دوراً أساسياً فى إبراز ما يحتوي الموقف الهزلى."([19]) 3- من حيث التحريف " إتسمت الاعمال التعبيرية الهزلية بشکل عام بتحريف وتغيير النسب لخلق علاقات جديده وإدراک معبر عن إحساس الفنان ووجدانه تجاه المجتمع وتجاه ذاته ومعاناته الداخلية وهواجسه وإنفعالاته"([20]) " ويعني التحريف بعدم الإلتزام بالأصل الطبيعي، لا عن عجز فى التسجيل، ولکن بهدف إبراز بعض المعانى،والتأکيد عليها، فالفنان قد يبالغ،أو يحزف،أو يضيف، يطيل أو يقصر، يجمل أو يفصل، فلا يلتزم فى کل ذلک بالعالم المرئي الذي يظن الکثيرون أنه مرجعه الوحيد فى ضبط رؤيته الفنيه،أي يظنون ان الحقيقة الفنية کامنه فى الشئ، وما على الفنان إلا أن يستسلم ويسجلها کما هي،وعند ذلک يکون فى اعتقادهم فناناً موهوباً وهم يقيسون قدراته بمهاراته فى النقل ودقة المحاکاة. وفى الحقيقة أن العالم الخارجي لا يوجد فيه من القيم والمعاني الفنية،إلا بقد ما ينفعل به الفنان"([21]) "وها هي صورة للفنان (کارل آبل)* وتسمي (إستغاثة الحرية) رقم (2)، رسم فيها وجه شخص أقرب لوجه الطفل فى إجماله وصور جسمه نحيلاً لکن بأيدن مبالغ فيها وأرجل رمزية.والدعوة للحرية تظهر فى التحريف الذي ينفجر به الوجه صارخاً داعيا للخلاص من القيود التي ملتکبل النفس البشرية وتقف حجر عثرة فى طريق إنطلاقها. فالصورة ملتزمة بنسبة من العالم المرئي، لکنها نسبة تتکافأ مع الهدف المعنوي الرمزي الذي أراد الفنان ان يعبر عنه ولذلک فالعالم المرئي فى وجه الطفل هو أقرب إلى الرمز منه إلى الحقيقة الواقعه"
شکل ( 2 ): (استغاثة الحرية) لکارل ابل 1948 - صورة تحريفية رمزية لوجه أشبه بوجه الطفل المولود الذي يصرخ لأول مره احتجاجاً عند صدامه بالعالم الجديد – بمتحف أمستردام([22]) ثانياً: تاريخ التصوير الهزلى فى الفنون القديمة أ - التصوير الهزلى عند القدماء المصريين: يعتبر قدماء المصريين هم أول من تنبه إلى هذا الفن، الذي يحقق مآربهم في السخرية والتعريض بالحاکم، وکل ذي سلطة مستبده ، أستخدم الفرعوني الحيوانات والرموز البسيطة للتعبير عن رأيه الحقيقى فى أصحاب العروش والملوک. وعلى إحدي (الشفقات)* القديمة نري تصويراً کاريکاتورياً لصراع بين القطط والفئران، ويدور ملک الفئران على عجلة حربية، تقودها کلبتان، ويهجم على حصن، تحرسه القطط - کما فى شکل (5) - هکذا عبر الفنان برؤيته عندما يتجرأ صغار الشأن ويفکرون فى حرب من هم أقوي، ومن هم أکثر منهم نفوذاً وقوه ، اظهر المصورون قدرتهم على التخيل فى أوراق البردي الهزلية التي تصور مناظر ضاحکة تشترک فيها حيوانات تلبس ثياب الآدميين، وهي تقلد المناظر الجنائزية والدينية المألوفة، وتکشف هذه الاوراق، عن روح الدعابة والقدرة على النقد الساخر، غير المتوقع ايامها، مما خلع على هذه القطع الدقيقة سحراً طريفاً."([23]) "ويوضح المثالين قصتين معروفتين تم کتابتها مع صورتها، وفيها يتشبه الحيوانات بالانسان وهي تمارس حالات المرح والمزاج وفى هذه المجموعة تجمع أفراس النهر الفاکهه من شجره بينما يقفذ طائر على السلم."([24])
شکل (5): صورة تهکمية وجدت فى قبر الملک رمسيس الخامس عام 1100 ق.م فى المتحف المصري " کان الرسام المصري القديم يظهر عيوب مجتمعه أملاً فى إصلاحه فعلى إحدي الشقفات القديمة نري رسماً لفرس النهر وقد جلس فوق شجرة عاليه بينما يحاول النسر الصعود اليه بسلم"([25]) کما فى الشکل (6) التفصيلي (أ).
مفصل (أ) من الشکل (6) : صقر يحاول صعود شجرة بواسطة سلم يعرف موضوع الصراع بين القطط والفار من بعض رسومات ولکن فقدت الحکاية وتحفظ هذا البردية الآن فى تورينو (إيطاليا). کما في الشکل رقم (7).
شکل (7): بردية بلندن من الدولة الحديثة بها رسوم هزلية "هو جزء من بردية محفوظة فى لندن وقد صور هذا الرسم من إعادة بناء (ليبسيوس)"([26]) بها رسوم تعبر عن روح الفکاهه والدعابة والسخرية وهي عالماً مقلوباً رأساً على عقب يوضح فيها الاسد يلعب مع غزال وذئب يرعى الغزال وقطط ترعي وفد من الطيور، من بردية بلندن من الدولة الحديثة، لقد اوضح هذه الرسوم، أن الفنان القديم کانت لديه القدرة على رسم الکاريکاتير وأکد على قدرة الرساميين المصريين القدماء على التعبير الساخر"([27]) " ومن کثرة إهتمام القدماء المصريين بالضحک والسخرية إتخذوا لهم رباً وأطلقوا عليه إسم الآله (بس)* وهذا لاشک يعکس ولعهم الشديد بالفکاهه والضحک کما فى الشکل (8) يوضح ان رب المرح والسعاده يحمل ملامح غريبه تشبه القناع حيث له أذن ولبدة أسد فى حين أن ساقيه مقوستان کما ان له لحية طويله ويضع سبع ريشات فوق رأسه، ويضع بس يديه فوق رکبتيه وقد لونت عيناه وقلادته والسبع ريشات باللون الأحمر ومن الملاحظ ان شکل الآله فقط يبعث على الضحک والفکاهه لذا فقد قام المصريون القدماء بتصويره فى عديد من الأدوات والأوانى التى يستعملونها وکذلک فى العديد من اللوحات الحجرية وجدران المنازل والمعابد ليکون سبب فى البهجة والسرور والمرح. "([28])
شکل (8): الآله بس اله الفکاهه والمرح ب - التصوير الهزلى فى فنون مابين النهريين: " فى الحضارة البابلية کان يتم تصوير الارواح الشريره بوجوه قبيحة وعلى شکل انصاف الحيوانات وکان من المفترض بهذه الأشکال أن تبعث الرعب فى الانسان، وکان الانسان يقوم بنسخ أشکالها بينما أنطقاماً منها، فعفريتة الحمة (لاماشتو) على سبيل المثال، کانت تصور على أنها کأمراه عجوز بنهدين متهدلين، وقوائم طير جارح، ورأس اسد قبيح، وکانت تصور احياناً واقفة على قدميها، مقوسه الظهر يرضع من ثديها کلب أو خنزير، أو تصور وهي راکبة حمار للحط من مستواها، واحياناً کانت تحمل مخزلاً او مشطاً، الکلب والخنزير هما الحيوانان النجسان عند البابليين، کما هو معروف، وکان لعفريت الزوابع (بازوزو) کما فى الشکل (9) وجه مفزع کان بالإضافة إلى باقي صور العفاريت يستعمل لأغراض السحر ويوضع على قلائد النساء، وکانت صور العفاريت تصنع على شکل تماثيل صغيرة تستخدم لطرد الأمراض والارواح الشريرة من البيوت. وعدد من التماثيل التي تمثل العفاريت يمکن العثور على عناصر المبالغة فى الرسوم التي کانت ترفق بالتعاويز کما فى الشکل (10) التي کتبت باللغة العربية على قرص من الفخار يمکن العثور فى الوسط على رسم لإنسان يشبه فى طريقة تنفيذه الکاريکاتير ورسم الأطفال، ومن القطع الفنية السومارية الفريدية فى تصميمها الات وترية خشبية وينتهي جسم الصندوق الخشبى بقمة مشکله على هيئة رأس ثور من الذهب له لحية سوداء، ويغطي سطح الجزء الامامي من هذه الأله زخارف من الخزف الصدف المطعم من وحدات أدمية وحيوانية مرتبطة فى سطور أفقية. فنري فى السطر الأعلى البطل (جلجامش) يحتضن ثورين برؤوس آدمية، وتظهر فى السطور الآخري وحدات حيوانية تقوم بالأعمال التي يقوم بها الآدمييون"([29])
شکل (9)، (10) : يوضح عفريت الحمي (لاماشتو) تعود للحضارة البابلية جـ – التعبير الهزلي فى الفن اليوناني (الإغريقي): لو تحدثنا عن الهزل عند اليونانيون فلابد من ذکر (أريستوفان)* " الذي لم يبق من أعماله سوى إِحدى عشرة مسرحية، وفيها يسخر من کل أنواع البشر بما فيهم الشخصيات المعروفة أمثال (سقراط(* الذي کان يعدّه صديقاً، کانت مسرحياته تغص بالنکات والمبالغات والنقد السياسي اللاذع على الرغم من إلباسها بمهارة فائقة ثوب العبارات الهزلية."([30]) الشکل رقم (11) وهي إحدي أقنعة مسرح من الرقيق الأولي فى الکوميديا اليونانية.
شکل (11): قناع مسرح من الرقيق الأولى في الکوميديا اليونانية، القرن الثاني قبل الميلاد، موجوده بالمتحف الأثري الوطني في أثينا " کان التصوير الهزلى شائعاً فى زمن (أرسطو) وأرستوفانيس، وقد ذکر کلاهما أن مصوراً يونانياً يدعى (بوزون) کان يصور بعض المشهورين من أهل جيله على هيئة تدعو للضحک وأنه عوقب على ذلک مراراً فلم يرتدع. وذکر المؤرخ اليوناني (بليانوس) أن واحداً من أشهر صناع التماثيل فى اليونان ويدعي (بوبالوس) صنع مره تمثالاً للشاعر (إيبوناکس) وکان زميم الخلقة وکان التمثال أکثر قبحاً وکان يثير الضحک فأغتاظ الشاعر منه وهاجمه بقصيده لازعه لم يحتملها فأقدم على الأنتحار."([31]) رابعاً : نماذج فنانين من الغرب تأثروا من فنون الحضارات القديمة فى أعمالهم التصويرية . " تعددت المذاهب الفنية فى أوربا بعد انقضاء فترة الفن المسيحي الذي انتشر فى القرون الوسطي. فظهر فن النهضة العظيم فى أوائل القرن الخامس عشر، وصاحب ذلک إعتزاز الفنان بفرديته بدلاً من أن يکون ذائباً فى مجتمع کبير. إلا أن التغيرات الدينية والسياسية والفکريه التي ظهرت فى المجتمعات الاوربيه بعد عام 1600 کان لها دور فعال فى ظهور فن الباروک الذي کان فى خدمة الطبقة البورجوازية، وطراز الروکوکو الذي ارتبط بالعائلات الحاکمة. على ان طراز الروکوکو اختفى من فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسيه عام 1789 وظهر بها طراز فني استمد مقوماته من الفنون الإغريقية الرومانية عرف بأسم الکلاسيه العائده"([32]) نلاحظ ان رسوم الفنان الاسباني ( فرانسيسکو جويا Francisco De Goya ) الخرافيه الذي سيطر عليها الخيال فى لوحة (سارتون يأکل أحد أولاده) شکل (12) " يعتبر من أقوي اللوحات وأکثرها رعباً، " فهي تصور أسطورة الإله زحل وهو يلتهم احد أبنائة وهو والد الکثير من آله الأغريق، بلغته النبؤة افزعته بأن أحد أبنائه سيعلوه، فأکل أبناءه واحداً بعد الآخر إلا جوبيتر الذي اخفته أمه، وفى هذا اللوحة نجد أن جويا قد عاد إلى تصور الأساطير القديمة، فأختار أسطورة زحل التي قد يکون لها أرتباط بالأحداث التي تحدث فى بلاده، وهذا يدل على مهتماً بالأساطير ودراستها فهي هنا أسطورة أغريقية والتکوين قوي والتعبير مأسوي ولا نجد خطوطاً بل إضاءات وضربات فرشاة مليئة بالأثارة والخوف، يلعب موضوع زحل، دوراً کبيراً وهاماً فى مجمل اللوحات السوداء کرمز للکآبة والخراب، وهو يعبر عن هول سکرات الموت. " ([33])
شکل (12): (سارتون يأکل أحد اولاده) فرانسيسکو جويا " وفى الشکل رقم (13) نري ان ( فرانسيسکو جويا Francisco De Goya ) قد صور الحلم الموحش(الکابوس) فى إحدي نسخ النزوات تعرف باسم (نوم العقل ينتج وحوشاً) ويؤکد فيها انه عندما يترک العقل الخيال فإنه ينتج وحوشاً وعندما يتحدان فأن الخيال يکون أباً للفنون ومنبعاً لعجائبها وفى العمل يجلس جويا إلى جوار منضده يستند عليها ويستغرق فى النوم ويضع وجهه بين ذراعيه. بينما يجلس خلفة قط متحفز، ومن أعلى عليه تتساقط عليه کثير من الخفافيش والبوم وهي طيور لا تطير إلا ليلاُ فى الظلام.
شکل (13): نوم العقل ينتج وحوشاً، جويا " يعتبر القرنان الثامن عشر والتاسع عشر من أزهي عصور التصوير الهزلى عامة حتى أنه يمکن أن تطلق عليه العصر الذهبي للتصوير الهزلى، وقد يرجع السبب فى ذلک لظهور الطباعة والمجلات ونشر رسوم الکاريکاتير بها، وأختلاط الفنانين بالمجتمع فى تلک الظروف السياسية والاقتصادية العصيبه " ، لوحة (محادثة منتصف الليل للفنان الانجليزي) (ويليام هوجارث (William Hoguarth کما فى الشکل ( 14 ) فى إبراز التفاصيل التي تصور حالة الهرج والمرج فى هذا السهرة الليلية للطبقة الأرستقراطية ساخراً من هذا الطبقة مع الأهتمام بالبناء الفني والتکوين فى اللوحة." ([34])
شکل (14): محادثة منتصف الليل للفنان الانجليزي ( ويليام هوجارث William Hoguarth ) " کما رمز الفنان النمساوي (جوزيف کببلر) للحکام على هيئة الخنزير الذي يبدي الجميع الاهتمام به وهو لا يستحق هذا الاهتمام وقد استخدم الخنزير هنا لدنائته وحقراته بالنسبه لباقى الحيوانات کما انه يعرف بالکسل، کما انه مغمي العينين لا يري شيئاً عما يدور حوله مهتما بالتفاصيل کما فى شکل(15)" ([35])
شکل (15): فتح الخنزير الصغير للفنان النمساوي ( جوزيف کببلر ) " کان دومييه متعدد المواهب، رساماً، کاريکاتورياً، ونحاتاً، ومصوراً ويعتبر – بعد جويا – من أعظم رسامي الکاريکاتير الذين أستخدموا فنهم لإنتقاض المجتمع" ([36]) " ولقد ادت لوحة
شکل: (16): (جارجانتوا) هنري دومييه عام 1831 معروضة فى المکتبة الوطنية، باريس([38])
النتائج والتوصيات : أولاً : النتائج: ينبغي ان نشير قبل أن نتعرض إلى ما انتهت اليه هذه الدراسة من نتائج إلى الحدود بشکل موجز لنقف على مجمل الظروف التي ساهمت بشکل عام فى تحقيق هذه النتائج. انتهت هذه الدراسة إلى نتائج أهمها:
ثانياً: التوصيات:
([1]) عادل مصطفى کامل: الکاريکاتير فى مصر، سلسلة الفنون، الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الاسره 2009، صـ9. * الکميت: ابن زيد الأسدي الکوفي، مقدم شعراء وقته قيل: بلغ شعره خمسة آلاف بيت. روى عن الفرزدق، وأبي جعفر الباقر وعنه: والبة بن الحباب، وأبان بن تغلب ، وحفص القارئ. وفد على يزيد بن عبد الملک، وعلى أخيه هشام. * إبن الاعرابى: إمام اللغة أبو عبد الله، محمد بن زياد بن الأعرابي الهاشمي مولاهم الأحول النسابة، ولد بالکوفة سنة خمسين ومائة. ([3]) http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=8653&idto=8653&bk_no=122&ID=8665 ([5]) نسرين محمود بهاء الدين: توظيف التعبير الساخر فى وجه الإنسان کمدخل لتدريس الرسم بکلية التربية الفنية، مرحلة الماجستير، قسم الرسم والتصوير، کلية التربية الفنية، جامعة حلوان 2012، صـ 23. ([9]) نسرين محمود بهاء الدين: توظيف التعبيرات الساخره فى الوجه الانساني کمدخل لتدريس الرسم بکلية التربية الفنية، جامعة حلوان، کلية التربية الفنية، قسم الرسم والتصوير، صـ 23. * بابلو بيکاسو رسام ونحات وفنان تشکيلي إسباني وأحد أشهر الفنانين في القرن العشرين وينسب إليه الفضل في تأسيس الحرکة التکعيبية في الفن. ([12]) محمد حمدي حامد: الدلالات التعبيرية لرسوم الکاريکاتير والإفادة منها فى إعداد معلم التربية الفنية، رسالة دکتوراه. کلية التربية الفنية، قسم الرسم والتصوير، جامعة حلوان. 2005م، صـ 17. * إيزنک: (هانز يورغن آيزنک) کان عالم نفسي ألماني - بريطاني قضى معظم حياته المهنية في بريطانيا. على الرغم من عمله في کثير ممن المجالات، إلا أن أکثر ما اشتهر به هو عمله في مجال الذکاء والشخصية. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%B2_%D8%A2%D9%8A%D8%B2%D9%86%D9%83 ([14]) نهير رمضان عبد الحميد الشوشاني: التصوير الهزلى فى الفنون القديمة والمعاصرة کأسلوب لتناول بعض القضايا المجتمعية، رساله دکتوراه، کلية التربية، قسم التربية الفنية، جامعة عين شمس، صـ 19. * کارل آبل: فنان هولندي، ولد فى امستردام عام ١٩٢١. * الشفقات: مفرد شفقة وتعني فى معجم المعاني الجامح: عطف ورِقّة والمقصود به هنا الجدار او الورق البريدي. ([24]) Maarten J.Raven: Prisse D.Avennes (Atlas of Egyptian Art). University in Cairo press , page: 71 ([26]) Maarten J.Raven: Prisse D.Avennes (Atlas of Egyptian Art). University in Cairo press , page: 71 * الاله بس: أول ظهور للمعبود بس کان فى الأسره السادسة عشر حيث عثر على بعض البطاقات التى تحمل صورته فى عصر الدولة الوسطى ولکنه ظهر فى صورته المعهوده لنا کإله منذ الدولة الحديثة والأسره الثامنه عشر. * أريستوفان أو أرسطوفانيس: مؤلف مسرحي کوميدي يعتبر من رواد المسرح الساخر في اليونان القديمة، کان ينتمي إلى أسرة مثقفة غنية من طبقة ملاک الأراضي في أثينا. * سقراط: فيلسوف يوناني کلاسيکي.يعتبر أحد مؤسسي الفلسفة الغربية. ([33]) السيد صالح السيد القماش: مظاهر التجديد فى التصوير الجداري عند جويا (دراسه تحليلية مقارنه لجداريات کنيسة سان انطونيود يللافلوريدا)، کلية الفنون الجميلة قسم التصوير شعبة جداريات،جامعة القاهره، 1992م، صـ275. | ||||
References | ||||
المراجع: أولاً: المراجع العربية: 1. السيد صالح السيد القماش: مظاهر التجديد فى التصوير الجداري عند جويا (دراسة تحليلية مقارنه لجداريات کنيسة سان انطونيود يللافلوريدا)، کلية الفنون الجميلة قسم التصوير شعبة جداريات، جامعة القاهره، 1992م. 2. صلاح الدين عنانى محمود 3. عادل مصطفى کامل: الکاريکاتير فى مصر، سلسلة الفنون، الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الاسره 2009م. 4. فوزية الأشعل: ملوک الکاريکاتير، دار أخبار اليوم، الطبعة الأولى، القاهرة. 5. محمد حمدي حامد: الدلالات التعبيرية لرسوم الکاريکاتير والإفادة منها فى إعداد معلم التربية الفنية، رسالة دکتوراه. کلية التربية الفنية، قسم الرسم والتصوير، جامعة حلوان. 2005م. 6. محمود البسيونى: أسرار الفن التشکيلي 7. نسرين محمود بهاء الدين: توظيف التعبير الساخر فى وجه الإنسان کمدخل لتدريس الرسم بکلية التربية الفنية، مرحلة الماجستير، قسم الرسم والتصوير، کلية التربية الفنية، جامعة حلوان 2012م. 8. نعمت إسماعيل علام: فنون الغرب فى العصور الحديثة: دار المعارف، جمهورية مصر العربية 9. نهير رمضان عبد الحميد الشوشاني: التصوير الهزلى فى الفنون القديمة والمعاصرة کأسلوب لتناول بعض القضايا المجتمعية، رساله دکتوراه، کلية التربية، قسم التربية الفنية، جامعة عين شمس ثانياً: المراجع الأجنبية:
ثالثاً: مراجع شبکة المعلومات الدولية (الأنترنت):
| ||||
Statistics Article View: 4,037 PDF Download: 744 |
||||