تطور نظام إدارة البيئة في المملکة الأردنية الهاشمية: دراسة تحليلية لخطب العرش 1953- 1997 THE DEVELOPMENT OF ENVIRONMENTAL MANAGEMENT SYSTEM IN THE HASHEMITE KINGDOM OF JORDAN: AN ANALYTICAL CASE STUDY OF THE SPEECH FROM THE THRONE 1953-1997 (Case Study) | ||||||||
Assiut University Bulletin for Environmental Researches | ||||||||
Article 12, Volume 8.1, Issue 8.1, March 2005, Page 25-34 PDF (747.6 K) | ||||||||
Document Type: Original Article | ||||||||
DOI: 10.21608/auber.2005.150312 | ||||||||
View on SCiNiTO | ||||||||
Abstract | ||||||||
الملخص : تهدف هذه الدراسة إلى تحليل خطب العرش التي ألقيت في الفترة ما بين 1953- 1997، والتي تعبر عن توجه وتصور الحکومة الأردنية، وسترکز الدراسة على بعض الخطب في المحافل البيئية الرئيسية، وأثر مثل تلک الخطب في توجيه الرأي المحلي نحو الوعي البيئي من ناحية والآليات التي ترجمت بناء على هذه الخطب. إن أهم مرتکزات الإدارة البيئية الحديثة هو فکر الهرم القيادي لما له دور أساسي رئيسي في تطوير البيئة الحديثة وجذبها نحو التنفيذ والتطبيق، مما يؤدى إلى تطوير نظام إدارة البيئة سواء على المستوى المحلي أو العالمي. ABSTRACT : This study aims to analyze the speeches from the throne which reflected the strategy of the government, and delivered at the National Assembly during the period from 1953 to 1997. This study will focus only, on those speeches and some selected ones that delivered in special occasions related to environmental issues for both local and international levels, to explore its roles toward improving the Environmental Management Systems (EMS) at the Kingdom as a case study. According to the modern Environmental Management Systems the role and actions of the top manager is an effective way to develop the environment state of art in any country. The development of the environmental law in 1995 and establishment of Environmental Protection Agency in 1996 were examples of these actions (in 2004 Ministry of Environment has been established). All these actions and other related environmental fields are sdemonstrated in this study. | ||||||||
Highlights | ||||||||
تطور نظام إدارة البيئة في المملکة الأردنية الهاشمية: دراسة تحليلية لخطب العرش 1953- 1997 محمد حمد " أبودية معتوق" قسم الهندسة الکيميائية – کلية الهندسة التکنولوجيا - جامعة البلقاء التطبيقية - عمان -الأردن
مقدمة: لا شک أن المرحلة التي کانت تمر بها المملکة الأردنية الهاشمية في الفترة ما بين 1953-1997، والتي ساد بها حکم الملک حسين شهدت کثير من الأزمات السياسية على الصعيد المحلي والدولي والاضطرابات الداخلية التي استحوذت الکثير من جهد الحکومة وترکيزها بزخم کبير نحو الوضع السياسي والأمني أکثر منها اقتصاديا لتطوير المملکة. فمنذ بداية حکم الملک عام 1952 عاصر الأردن حرباً أدت إلى تغيير ديموغرافي مفاجئ، فحرب عام 1948 أدت إلى تدفق ما لا يزيد عن 122.000 لاجئ موزعين ما بين الضفة الغربية وعمان، أما حرب 1967 فقد أدت إلى تدفق 33.843 لاجئ إلى مدينة عمان العاصمة[1]. وقد أدى هذا التغير الديموغرافي المفاجئ إلى إعادة التفکير والحساب في الخطط التنموية والمعطيات الاقتصادية. أما حرب 1973 فقد جعلت من الأردن قطبا في هذه الحرب التي اندلعت على الجبهتين المصرية والسورية. وأما حرب الخليج عام 1990، فقد أدت إلى إرهاق الأردن ماليا ومعنويا واقتصاديا مما أجبر ما لا يزيد عن 300 ألف أردني إلى العودة[2]، وتأثرت المملکة بهذا الکم الهائل من قدوم البشر الذي أدى إلى أحداث تغيير جذري في الخطط التنموية وإعادة النظر في أسعار بعض المواد الأساسية للمواطن مثل الماء والکهرباء وترکيز الجهد نحو ترشيد الاستهلاک[3]. على الرغم من کل هذه التحديات اهتمت حکومة المملکة الأردنية بالموارد البيئية الأساسية للمملکة رغم محدودية الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي الذي أعطى المملکة الطابع الصحراوي ومحدودية الرقعة الزراعية والمياه. وبهذا يمکن القول إن القيادة العليا لعبت دوراً بارزاً في بناء نظام بيئي حديث في المملکة وإصدار قانون يهتم بالبيئة، وإنشاء مؤسسة ترعى الشئون البيئية، إلى أن تم الإعلان عن إنشاء وزارة متخصصة للبيئة.
1- نظام الإدارة البيئية في خطاب العرش : خطاب العرش هو الخطاب الذي يقرأه جلالة الملک أمام مجلس الأمة، وفيه يتم تحديد الأطر العامة لسياسة الدولة والآليات المتبعة للتنفيذ والقوانين والتشريعات التي تطرح أمام مجلس الأمة للمناقشة والتنفيذ. ومما لاشک فيه أن ما يطرحه الملک أمام مجلس الشعب لا بد أن يلقى الأثر الإيجابي لتحقيق هدف معين تقوم الحکومة بتنفيذه؛ لأن خطب العرش کانت شاملة لجميع النواحي السياسية للمملکة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، وما يهمنا في هذا الصدد فقط هو الترکيز على نظام إدارة البيئة وما يتصل بها.
أ- مفهوم إدارة البيئة: لقد تم تعريف البيئةفي مؤتمر الأرض الذي عقد لأول مرة وعلى مستوى دولي في استکهولم 1972، وتحت رعاية الأمم المتحدة کما يلي: إن کل الموارد الطبيعية الموجودة على الأرض من ماء، هواء، تربة، نبات، وحيوان هي النظام البيئي الذي يجب حمايته للأجيال الحالية والقادمة من خلال تخطيط دقيق وإدارة منظمة وحسب المطلوب[4]. وبعد عقدين من الزمن تم وضع ما يعرف بإعلان ريو دي جانيرو/البرازيل في مؤتمر الأرض 1992 الذي حدد المبادئ الأساسية لحقوق الدول والتزاماتها مکملة لمؤتمر استکهولم على النحو التالي[5]: - الإنسان هو النواة الأساسية للتطوير المستديم وله الحق في العيش في بيئة سليمة وبتناسق هرموني مع الطبيعة. - لکل دولة الحق في استغلال مواردها الطبيعية ولکن بدون إحداث أي ضرر في البيئة لأي دولة مجاورة أو غير مجاورة - الدول الصناعية تتحمل على عاتقها متابعة التطور المستديم وتقديم العون ضمن هذا الإطار للدول النامية. يلاحظ هنا أن الأساس في بناء نظام الإدارة البيئية يعتمد کثيراً على إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ عليها للوصول إلى نمو اقتصادي متوازن بيئياً واجتماعياً سواء في المجال الزراعي، أو مصادر المياه، أو الصناعة او حتى القوى البشرية.
ب- مفهوم البيئة من خلال خطاب العرش: لم يرد نصاً صريحاً يخص نظام البيئة لأول مرة إلا في خطاب العرش في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الحادي عشر في 27/11/1989، وکما يلي: " في مجال البيئة، بدأت حکومتي في معالجة القضايا التي تتصل شئونها بحرص وعناية نظرا لارتباط سلامة البيئة بسلامة الإنسان ومستقبله...." أما ما قبل ذلک فقد کانت محاور الخطاب تخص تحديداً الزراعة، المياه، ومشکلة التصحر. ومما لاشک فيه تعتبر هذه المحاور العماد الأساسي لسلامة الإنسان والمحافظة على التنوع البيئي. وبناءً على ما تقدم سوف يتم تقسيم ورقة البحث هذه إلى تحليل لما قبل خطاب الحادي عشر (1989) الحقبة الأولى (1953-1989)، وما بعد هذا الخطاب الحقبة الثانية (1990-1997). إن فکرة الحکومة الأردنية تتلخص خلال العقود الأولى من تسلم الملک للحکم کان ينصب حسب ما يعرف في نظام الإدارة البيئية الحديثة " دور القيادة Leadership" في التأکيد على أهمية الموارد الطبيعية (الزراعة) کرافد اقتصادي وأمن غذائي ومصدر للتطوير الإقليمي المحلي (المناطق الصحراوية، البادية، الأغوار)، إذ کانت الزراعة في بعض الأحيان عنصر أساسي للتوطين لبعض أبناء البادية في المناطق الجنوبية للمملکة (خطاب العرش في 1/12/1973). وهنا إشارة إلى ما يعرف "بث المعرفة بين المواطنين والمشارکة في الوعي البيئي"؛ لأن مثل هذه الخطب تبث من أعلى منابر الخطابة وتصل إلى شريحة کبيرة من المواطنين على اختلاف رتبهم، وتنقل عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. مما أثر تأثيراً کبيراً على مفهوم البيئة وحاجة المواطن إلى حمايتها.
2- تطوير الموارد الطبيعية (الزراعة في الحقبة 1953-1989) : کان دور الحکومة منصباً على تطوير الزراعة لسببين رئيسيين: الأول: إن الزراعة رافد اقتصادي مهم للمملکة، إذ أن الأردن ونظراً لجغرافية منطقة الغور جعلت من هذه المنطقة مستنبتا زراعيا لمحاصيل زراعية تنضج قبل مثيلاتها في مناطق أخرى من المملکة أو حتى في الدول المجاورة، فتسويق مثل هذه المحاصيل سوف يکون له أکبر الأثر في زيادة الدخل القومي (خطاب 27/11/1989). ثانيا- مکافحة التصحر: لقد وضعت المملکة سياسة لتحريج المناطق الصحراوية وذلک للحفاظ على البيئة والتنوع البيئي (Biodiversity). فمن المعروف في علم إدارة البيئة إن زيادة الرقعة الصحراوية ستقضي بلا شک على التنوع البيئي الحيوي، وإنشاء برنامج لمکافحة مثل هذه الظاهرة وبرعاية ملکية ستؤدي إلى تسخير کافة فئات المجتمع في إنجاح مثل هذا البرنامج (Top level Management). إن أهم ما يميز هذه الحقبة (1953-1989) في مجال الزراعة والمساهمة في بناء إدارة بيئية ما يلي : - تطبيق قانون التشجير الإجباري في أنحاء المملکة من خلال إنشاء دائرة متخصصة -دائرة الحراج- (خطاب 11/11/1954)، وقد تم الإشارة إلى أن الحکومة قامت بتحريج 16 ألف دونما (الدونم حوالى رُبع فدان) في المملکة وغرس وتوزيع 4 ملايين غرسة (خطاب 1/10/1964). - تم تعويض المزارعين خلال مواسم الجفاف وإمدادهم بالمال للحيلولة دون القضاء على هذا العنصر الفعال عن طريق الإعفاء من الضرائب أو القروض الزراعية طويلة الأجل وهو ما يعرف في علم البيئة التدخل في آلية السوق للحفاظ على مستوى معين من التوازن البيئي والاقتصادي (Market Mechanism Interfere) عن طريق المنح أو التسهيلات (خطاب 1/10/1958). - إنشاء دائرة علمية لتتبع التطور العلمي الحديث في المجال الزراعي وتقديم العون وإجراء الأبحاث الزراعية على أسس علمية حديثة ونقل للتکنولوجيا الحديثة (خطاب 1/10/1959)، والترکيز على توسعة الإرشاد الزراعي (خطاب 1/11/1960)، - ضمان عدم فساد الأراضي ( Prevent Land Degradation)، وذلک بوضع سياسة لتوزيع أراضي يثبت أنها تصلح زراعياً وتحتوي آباراً إرتوازية وخاصة في مناطق البادية (خطب 1/8/1963، 1/12/1971، 1/12/1973، 1/11/1986). - اعتبار الزراعة نوع من الأمن الغذائي للدولة والترکيز على التنوع الاستراتيجي في الزراعة والحفاظ على المياه (خطب 2/12/1985، 1/11/1986، 27/11/1989). لعل مثل هذا التوجه يوضح أن هنالک سياسة تحقق متطلبات السوق، کما تعمل على المحافظة على البيئة. أ- المياه والبيئة في الحقبة 1953-1989:إن المياه ترتبط بشدة بالبيئة وبشکل مباشر. فتطوير مصادر المياه وترشيد الاستهلاک، وتسعير المياه وإعادة استخدامها أيضاً مظهر بيئي، ولنأخذ ما ميز هذه الحقبة من الزمن وأثرها في تطوير استغلال المياه ودورها في الحفاظ على البيئة.إن الأردن وخلال الحروب التي خاضها في الأعوام 1948، 1967، 1973 يکون قد فقد 90% من حقه في مياه نهر الأردن[6]، وباتت توزيع مصادر وروافد نهر الأردن لا يخضع إلى آية اتفاقية دولية وساد عنصر القوة في الوصول إلى مثل هذه المصادر، ومن هنا أصبحت المياه سلاحاً استراتيجياً في المنطقة ومحور نزاع إقليمي[7].لقد لعبت الأزمات السياسية والصراع في المنطقة دوراً فعالاً في ظهور مشکلة المياه وشح مصادرها في عام 1990 بشکل فعلي، وهذا ما سيتم توضيحه لاحقا. ونظراً لغياب المؤشرات الحقيقية وقلة الدراسات في الفترة من عام 1953 حتى عام 1989 أدى ذلک إلى وجود إشارة واضحة تدل على قلة المياه في المملکة. وقد تميزت هذه الفترة بما يلي :- الاهتمام بالآبار الإرتوازية وتوجيه الأنظار إلى أنها المصدر الأول للمياه في المملکة، أي ما يعرف بسياسة الدولة (Government Policy) مما عکس التوجه نحو استراتيجية محددة، وهي أن مصدر المملکة الأساسي هو المياه الجوفية أکثر من المياه السطحية حتى يتم المحافظة على أمن الدولة (خطب 1/12/1953، 1/10/1958، 1/10/1959، 1/8/1963)- استغلال أهم رافد لنهر الأردن، وهو نهر اليرموک في إنشاء قناة الغور الشرقية التي تم الإعلان عن إنشائها في خطاب 1/10/1958 لوضع مساحة کبيرة من وادي الأردن لزيادة الري الکثيف، وتم الإعلان رسمياً عن قدرة هذه القناة لري 30 ألف دونما في وادي الأردن في خطاب 1/11/1961. لعل هذه الخطوة کانت الأولى في إدارة مصادر مياه نهر الأردن (Jordan River Water Resources Management).- إنشاء سلطة لتنظيم قطاع المياه من تسعير وتوزيع وتنمية وإدارة مصادر المياه في المملکةوأطلق عليها سلطة المياه. وتعتبر هذه الخطوة في إنشاء مؤسسة حکومية في علم إدارة البيئية من أهم المرتکزات
| ||||||||
Full Text | ||||||||
تطور نظام إدارة البيئة في المملکة الأردنية الهاشمية: دراسة تحليلية لخطب العرش 1953- 1997 محمد حمد " أبودية معتوق" قسم الهندسة الکيميائية – کلية الهندسة التکنولوجيا - جامعة البلقاء التطبيقية - عمان -الأردن
مقدمة: لا شک أن المرحلة التي کانت تمر بها المملکة الأردنية الهاشمية في الفترة ما بين 1953-1997، والتي ساد بها حکم الملک حسين شهدت کثير من الأزمات السياسية على الصعيد المحلي والدولي والاضطرابات الداخلية التي استحوذت الکثير من جهد الحکومة وترکيزها بزخم کبير نحو الوضع السياسي والأمني أکثر منها اقتصاديا لتطوير المملکة. فمنذ بداية حکم الملک عام 1952 عاصر الأردن حرباً أدت إلى تغيير ديموغرافي مفاجئ، فحرب عام 1948 أدت إلى تدفق ما لا يزيد عن 122.000 لاجئ موزعين ما بين الضفة الغربية وعمان، أما حرب 1967 فقد أدت إلى تدفق 33.843 لاجئ إلى مدينة عمان العاصمة[1]. وقد أدى هذا التغير الديموغرافي المفاجئ إلى إعادة التفکير والحساب في الخطط التنموية والمعطيات الاقتصادية. أما حرب 1973 فقد جعلت من الأردن قطبا في هذه الحرب التي اندلعت على الجبهتين المصرية والسورية. وأما حرب الخليج عام 1990، فقد أدت إلى إرهاق الأردن ماليا ومعنويا واقتصاديا مما أجبر ما لا يزيد عن 300 ألف أردني إلى العودة[2]، وتأثرت المملکة بهذا الکم الهائل من قدوم البشر الذي أدى إلى أحداث تغيير جذري في الخطط التنموية وإعادة النظر في أسعار بعض المواد الأساسية للمواطن مثل الماء والکهرباء وترکيز الجهد نحو ترشيد الاستهلاک[3]. على الرغم من کل هذه التحديات اهتمت حکومة المملکة الأردنية بالموارد البيئية الأساسية للمملکة رغم محدودية الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي الذي أعطى المملکة الطابع الصحراوي ومحدودية الرقعة الزراعية والمياه. وبهذا يمکن القول إن القيادة العليا لعبت دوراً بارزاً في بناء نظام بيئي حديث في المملکة وإصدار قانون يهتم بالبيئة، وإنشاء مؤسسة ترعى الشئون البيئية، إلى أن تم الإعلان عن إنشاء وزارة متخصصة للبيئة.
1- نظام الإدارة البيئية في خطاب العرش : خطاب العرش هو الخطاب الذي يقرأه جلالة الملک أمام مجلس الأمة، وفيه يتم تحديد الأطر العامة لسياسة الدولة والآليات المتبعة للتنفيذ والقوانين والتشريعات التي تطرح أمام مجلس الأمة للمناقشة والتنفيذ. ومما لاشک فيه أن ما يطرحه الملک أمام مجلس الشعب لا بد أن يلقى الأثر الإيجابي لتحقيق هدف معين تقوم الحکومة بتنفيذه؛ لأن خطب العرش کانت شاملة لجميع النواحي السياسية للمملکة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، وما يهمنا في هذا الصدد فقط هو الترکيز على نظام إدارة البيئة وما يتصل بها.
أ- مفهوم إدارة البيئة: لقد تم تعريف البيئةفي مؤتمر الأرض الذي عقد لأول مرة وعلى مستوى دولي في استکهولم 1972، وتحت رعاية الأمم المتحدة کما يلي: إن کل الموارد الطبيعية الموجودة على الأرض من ماء، هواء، تربة، نبات، وحيوان هي النظام البيئي الذي يجب حمايته للأجيال الحالية والقادمة من خلال تخطيط دقيق وإدارة منظمة وحسب المطلوب[4]. وبعد عقدين من الزمن تم وضع ما يعرف بإعلان ريو دي جانيرو/البرازيل في مؤتمر الأرض 1992 الذي حدد المبادئ الأساسية لحقوق الدول والتزاماتها مکملة لمؤتمر استکهولم على النحو التالي[5]: - الإنسان هو النواة الأساسية للتطوير المستديم وله الحق في العيش في بيئة سليمة وبتناسق هرموني مع الطبيعة. - لکل دولة الحق في استغلال مواردها الطبيعية ولکن بدون إحداث أي ضرر في البيئة لأي دولة مجاورة أو غير مجاورة - الدول الصناعية تتحمل على عاتقها متابعة التطور المستديم وتقديم العون ضمن هذا الإطار للدول النامية. يلاحظ هنا أن الأساس في بناء نظام الإدارة البيئية يعتمد کثيراً على إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ عليها للوصول إلى نمو اقتصادي متوازن بيئياً واجتماعياً سواء في المجال الزراعي، أو مصادر المياه، أو الصناعة او حتى القوى البشرية.
ب- مفهوم البيئة من خلال خطاب العرش: لم يرد نصاً صريحاً يخص نظام البيئة لأول مرة إلا في خطاب العرش في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الحادي عشر في 27/11/1989، وکما يلي: " في مجال البيئة، بدأت حکومتي في معالجة القضايا التي تتصل شئونها بحرص وعناية نظرا لارتباط سلامة البيئة بسلامة الإنسان ومستقبله...." أما ما قبل ذلک فقد کانت محاور الخطاب تخص تحديداً الزراعة، المياه، ومشکلة التصحر. ومما لاشک فيه تعتبر هذه المحاور العماد الأساسي لسلامة الإنسان والمحافظة على التنوع البيئي. وبناءً على ما تقدم سوف يتم تقسيم ورقة البحث هذه إلى تحليل لما قبل خطاب الحادي عشر (1989) الحقبة الأولى (1953-1989)، وما بعد هذا الخطاب الحقبة الثانية (1990-1997). إن فکرة الحکومة الأردنية تتلخص خلال العقود الأولى من تسلم الملک للحکم کان ينصب حسب ما يعرف في نظام الإدارة البيئية الحديثة " دور القيادة Leadership" في التأکيد على أهمية الموارد الطبيعية (الزراعة) کرافد اقتصادي وأمن غذائي ومصدر للتطوير الإقليمي المحلي (المناطق الصحراوية، البادية، الأغوار)، إذ کانت الزراعة في بعض الأحيان عنصر أساسي للتوطين لبعض أبناء البادية في المناطق الجنوبية للمملکة (خطاب العرش في 1/12/1973). وهنا إشارة إلى ما يعرف "بث المعرفة بين المواطنين والمشارکة في الوعي البيئي"؛ لأن مثل هذه الخطب تبث من أعلى منابر الخطابة وتصل إلى شريحة کبيرة من المواطنين على اختلاف رتبهم، وتنقل عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. مما أثر تأثيراً کبيراً على مفهوم البيئة وحاجة المواطن إلى حمايتها.
2- تطوير الموارد الطبيعية (الزراعة في الحقبة 1953-1989) : کان دور الحکومة منصباً على تطوير الزراعة لسببين رئيسيين: الأول: إن الزراعة رافد اقتصادي مهم للمملکة، إذ أن الأردن ونظراً لجغرافية منطقة الغور جعلت من هذه المنطقة مستنبتا زراعيا لمحاصيل زراعية تنضج قبل مثيلاتها في مناطق أخرى من المملکة أو حتى في الدول المجاورة، فتسويق مثل هذه المحاصيل سوف يکون له أکبر الأثر في زيادة الدخل القومي (خطاب 27/11/1989). ثانيا- مکافحة التصحر: لقد وضعت المملکة سياسة لتحريج المناطق الصحراوية وذلک للحفاظ على البيئة والتنوع البيئي (Biodiversity). فمن المعروف في علم إدارة البيئة إن زيادة الرقعة الصحراوية ستقضي بلا شک على التنوع البيئي الحيوي، وإنشاء برنامج لمکافحة مثل هذه الظاهرة وبرعاية ملکية ستؤدي إلى تسخير کافة فئات المجتمع في إنجاح مثل هذا البرنامج (Top level Management). إن أهم ما يميز هذه الحقبة (1953-1989) في مجال الزراعة والمساهمة في بناء إدارة بيئية ما يلي : - تطبيق قانون التشجير الإجباري في أنحاء المملکة من خلال إنشاء دائرة متخصصة -دائرة الحراج- (خطاب 11/11/1954)، وقد تم الإشارة إلى أن الحکومة قامت بتحريج 16 ألف دونما (الدونم حوالى رُبع فدان) في المملکة وغرس وتوزيع 4 ملايين غرسة (خطاب 1/10/1964). - تم تعويض المزارعين خلال مواسم الجفاف وإمدادهم بالمال للحيلولة دون القضاء على هذا العنصر الفعال عن طريق الإعفاء من الضرائب أو القروض الزراعية طويلة الأجل وهو ما يعرف في علم البيئة التدخل في آلية السوق للحفاظ على مستوى معين من التوازن البيئي والاقتصادي (Market Mechanism Interfere) عن طريق المنح أو التسهيلات (خطاب 1/10/1958). - إنشاء دائرة علمية لتتبع التطور العلمي الحديث في المجال الزراعي وتقديم العون وإجراء الأبحاث الزراعية على أسس علمية حديثة ونقل للتکنولوجيا الحديثة (خطاب 1/10/1959)، والترکيز على توسعة الإرشاد الزراعي (خطاب 1/11/1960)، - ضمان عدم فساد الأراضي ( Prevent Land Degradation)، وذلک بوضع سياسة لتوزيع أراضي يثبت أنها تصلح زراعياً وتحتوي آباراً إرتوازية وخاصة في مناطق البادية (خطب 1/8/1963، 1/12/1971، 1/12/1973، 1/11/1986). - اعتبار الزراعة نوع من الأمن الغذائي للدولة والترکيز على التنوع الاستراتيجي في الزراعة والحفاظ على المياه (خطب 2/12/1985، 1/11/1986، 27/11/1989). لعل مثل هذا التوجه يوضح أن هنالک سياسة تحقق متطلبات السوق، کما تعمل على المحافظة على البيئة. أ- المياه والبيئة في الحقبة 1953-1989:إن المياه ترتبط بشدة بالبيئة وبشکل مباشر. فتطوير مصادر المياه وترشيد الاستهلاک، وتسعير المياه وإعادة استخدامها أيضاً مظهر بيئي، ولنأخذ ما ميز هذه الحقبة من الزمن وأثرها في تطوير استغلال المياه ودورها في الحفاظ على البيئة.إن الأردن وخلال الحروب التي خاضها في الأعوام 1948، 1967، 1973 يکون قد فقد 90% من حقه في مياه نهر الأردن[6]، وباتت توزيع مصادر وروافد نهر الأردن لا يخضع إلى آية اتفاقية دولية وساد عنصر القوة في الوصول إلى مثل هذه المصادر، ومن هنا أصبحت المياه سلاحاً استراتيجياً في المنطقة ومحور نزاع إقليمي[7].لقد لعبت الأزمات السياسية والصراع في المنطقة دوراً فعالاً في ظهور مشکلة المياه وشح مصادرها في عام 1990 بشکل فعلي، وهذا ما سيتم توضيحه لاحقا. ونظراً لغياب المؤشرات الحقيقية وقلة الدراسات في الفترة من عام 1953 حتى عام 1989 أدى ذلک إلى وجود إشارة واضحة تدل على قلة المياه في المملکة. وقد تميزت هذه الفترة بما يلي :- الاهتمام بالآبار الإرتوازية وتوجيه الأنظار إلى أنها المصدر الأول للمياه في المملکة، أي ما يعرف بسياسة الدولة (Government Policy) مما عکس التوجه نحو استراتيجية محددة، وهي أن مصدر المملکة الأساسي هو المياه الجوفية أکثر من المياه السطحية حتى يتم المحافظة على أمن الدولة (خطب 1/12/1953، 1/10/1958، 1/10/1959، 1/8/1963)- استغلال أهم رافد لنهر الأردن، وهو نهر اليرموک في إنشاء قناة الغور الشرقية التي تم الإعلان عن إنشائها في خطاب 1/10/1958 لوضع مساحة کبيرة من وادي الأردن لزيادة الري الکثيف، وتم الإعلان رسمياً عن قدرة هذه القناة لري 30 ألف دونما في وادي الأردن في خطاب 1/11/1961. لعل هذه الخطوة کانت الأولى في إدارة مصادر مياه نهر الأردن (Jordan River Water Resources Management).- إنشاء سلطة لتنظيم قطاع المياه من تسعير وتوزيع وتنمية وإدارة مصادر المياه في المملکةوأطلق عليها سلطة المياه. وتعتبر هذه الخطوة في إنشاء مؤسسة حکومية في علم إدارة البيئية من أهم المرتکزات
| ||||||||
References | ||||||||
المراجــــــــع: 1-Studies on Social Development in the Middle East (United Nations Economics and Social Office in Beirut, New York: United Nations 1970).
2-The Middle East and North Africa (London: Europa Publications Limited), (1996), p. 600.
3- خطاب العرش في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الحادي عشر 17/11/1990. 4- http://www.unep.org/Documents/Default.asp? DocumentID=97&ArticleID=1503
5-UN web site at UPL: http://www.un.org/documents/ga/conf151/aconf15126-1annex1.htm
6-“An Analysis of Water Management Resources (1999) : Projects in Jordan and Its Role in Regional Development Following the Middle East Peace Process”, Matouq. M., Regional Developments Studies (RDS), United Nations Centre for Regional Development (UNCRD) vol. 5.
7- المياه في الشرق الأوسط الواقع والتحديات (2000): إصدار مرکز زايد للتنسيق والمتابعة. 8-Masahiro Murakami, Managing Water for Peace in the Middle East (1995): Alternative Strategies and Aaron Wolf, Hydropolitics A Long the Jordan River (Tokyo: United Nations University Press, p. 285.
9-Bo Appelgre, “Management of Transbo-undary Water Resources for Water Security; Principle, Approaches and State Practice,” (1997): Natural Resources Forum 21 (No. 2):91-100.
10-Green Markets, The Sustainable Develo-pment, T. Panayotou, (1993): A co-publication of the International Center for Economic Growth and the Harvard Institute for International Development, California, p.82.
11-http://www.kinghussein.gov.jo/speechespage. html
12-Strategic Environmental Management (1996), pp. 15-32Grace Wever, John Wiley. | ||||||||
Statistics Article View: 137 PDF Download: 145 |
||||||||