العلوم السياسية ما بين تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي ومراجعة أرکان ووظائف مفهوم الدولة وبنية النظام العالمي | ||||
مجلة کلية الاقتصاد والعلوم السياسية | ||||
Article 4, Volume 23, Issue 1 - Serial Number 90, January 2022, Page 103-150 PDF (9.5 MB) | ||||
Document Type: المقالة الأصلية | ||||
DOI: 10.21608/jpsa.2022.211370 | ||||
View on SCiNiTO | ||||
Author | ||||
هبه جمال الدين العزب* | ||||
• مدرس العلوم السياسية والدراسات المستقبلية، بمعهد التخطيط القومي، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية | ||||
Abstract | ||||
أحدثت تقنيات الذکاء الاصطناعي ثورة في برامج حاسوبية تحاکي القدرات الذهنية فأصبحنا أمام متغيرات جديدة تحتاج إلى البحث وإعادة النظر في أرکان العلم ذاته، ووحدات التحليل المختلفة بداخل حقل العلوم السياسي کالدولة والنظام الدولي. فتحاول هذه الورقة استکمال النقاش العلمي الدائر حول تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على العلوم السياسية بالترکيز على وحدتي التحليل الأبرز؛ الدولة والنظام الدولي. وتسعى الورقة لمناقشة إشکالية تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على فرع العلوم السياسية، وما تطرحه من إشکاليات مصاحبة حول تجديد العلم بأفرعه المختلفة فتلک التقنيات تدفعنا لإعادة النظر لمبادئ العلم ذاته. تمهيدًا لطرح سياسات يمکن استنباطها من الخبرة العملية والمشاهدات النظرية التي تم استقرائها خلال الدراسة وذلک للاستعداد والجاهزية في إطار تقنيات حديثة متوقع أن تغير موازين القوى ومقدراتها وشکل التفاعلات بين الدول التي قد تغير أرکانها ووظائفها بالأساس. في هذا السياق، تنقسم الورقة لأربعة أقسام رئيسة؛ الأول يتناول تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على الدولة؛ والأرکان والوظائف والتهديدات، والثاني يناقش تأثير التقنيات الحديثة على النموذج الديموقراطي من حيث المفهوم وزيادة سلطة المواطن ورکائز الديموقراطية، أما القسم الثالث فيتناول تأثير الذکاء الاصطناعي على النظام الدولي. والقسم الرابع يطرح أبرز السياسات الممکن طرحها أمام صانع القرار العربي في إطار ما تم التوصل إليه بالدراسة. | ||||
Highlights | ||||
أولاً: مقدمـــة: مع التقدم الکبير الذي أحدثته تقنيات الذکاء الاصطناعي في ظهور برامج حاسوبية تحاکي القدرات الذهنية، وأنماط عملها في ظل قدرتها على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج عليها الالة[i]، مع وجود ثورة تکنولوجية ومعلوماتية هائلة ظهرت خلالها مفاهيم حديثة کالبيانات الضخمة، وأنترنت الأشياء، وتعلم الآلة، وسلاسل الکتل، ظهرت تحديات جديدة تشمل مختلف العلوم ليس فقط الکمية والطبيعية، ولکن امتدت إلى العلوم الاجتماعية بأفرعها المختلفة التي يندرج في إطارها فرع العلوم السياسية. فأصبحنا أمام متغيرات جديدة تحتاج إلى البحث وإعادة النظر في أرکان العلم ذاته، ووحدات التحليل المختلفة بداخل العلم کالدولة والنظام الدولي. وهذا الجدل الذي أسترعي اهتمام مراکز الفکر والأبحاث، والجامعات العالمية کمرکز التکنولوجيا والشئون الخارجية بجامعة أکسفورد الذي يجري مشروع بحثي کبير حول تأثير تکنولوجيات الذکاء الاصطناعي على العلوم السياسية. وتقريرChatam House بالمعهد الملکي للشئون الدولية الصادر عام 2018 حول مستقبل الذکاء الاصطناعي على الشئون الدولية، حيث أختبر التقرير تأثير الذکاء الاصطناعي على الشئون الدولية والعسکرية والأمن الإنساني والرکائز الاقتصادية.[ii] [i] Bernard Mar, The Key Definitions Of Artificial Intelligence (AI) That Explain Its Importance, ‘Forbes”, https://www.forbes.com/sites/bernardmarr/2018/02/14/the-key-definitions-of-artificial-intelligence-ai-that-explain-its-importance/#115860854f5d, Feb 14, 2018, accessed on 25/02/2020 [ii] M.L. Cummings (& others). Artificial Intelligence and International Affairs Disruption Anticipated, Chatem House: THE Royal Institute of International Affairs, Great Britian, 2018, https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/publications/research/2018-06-14-artificial-intelligence-international-affairs-cummings-roff-cukier-parakilas-bryce.pdf, accessed on 30/05/2020 | ||||
Keywords | ||||
کلمات مفتاحية: الذکاء الاصطناعي; بنيةالنظام الدولي; أرکان الدولة; وظائف الدولة | ||||
Full Text | ||||
أولاً: مقدمـــة: مع التقدم الکبير الذي أحدثته تقنيات الذکاء الاصطناعي في ظهور برامج حاسوبية تحاکي القدرات الذهنية، وأنماط عملها في ظل قدرتها على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج عليها الالة[i]، مع وجود ثورة تکنولوجية ومعلوماتية هائلة ظهرت خلالها مفاهيم حديثة کالبيانات الضخمة، وأنترنت الأشياء، وتعلم الآلة، وسلاسل الکتل، ظهرت تحديات جديدة تشمل مختلف العلوم ليس فقط الکمية والطبيعية، ولکن امتدت إلى العلوم الاجتماعية بأفرعها المختلفة التي يندرج في إطارها فرع العلوم السياسية. فأصبحنا أمام متغيرات جديدة تحتاج إلى البحث وإعادة النظر في أرکان العلم ذاته، ووحدات التحليل المختلفة بداخل العلم کالدولة والنظام الدولي. وهذا الجدل الذي أسترعي اهتمام مراکز الفکر والأبحاث، والجامعات العالمية کمرکز التکنولوجيا والشئون الخارجية بجامعة أکسفورد الذي يجري مشروع بحثي کبير حول تأثير تکنولوجيات الذکاء الاصطناعي على العلوم السياسية. وتقريرChatam House بالمعهد الملکي للشئون الدولية الصادر عام 2018 حول مستقبل الذکاء الاصطناعي على الشئون الدولية، حيث أختبر التقرير تأثير الذکاء الاصطناعي على الشئون الدولية والعسکرية والأمن الإنساني والرکائز الاقتصادية.[ii] وتعمل جامعة برنستون Princetonعلى دراسة المحاور السياسية للذکاء الاصطناعي[iii]. وتدور الاهتمامات البحثية حول دراسة تأثير التقنيات على فرعي علم العلوم السياسية الأبرز؛ حقل النظم السياسية، وحقل العلاقات الدولية. وامتدادًا لهذا الجهد البحثي وهناک دراسات کدراسة Ronny Patz توصلت إلى نجاح التقنيات الحديثة في إزالة الحدود المعرفية بين الحقلين، ووحدتي التحليل الأبرز الدولة والنظام الدولي[iv]. واستکمالاً لما سبق ذکره، تحاول هذه الورقة استکمال النقاش العلمي الدائر حول تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على العلوم السياسية بالترکيز على وحدتي التحليل الأبرز؛ الدولة والنظام الدولي. فکان للتطور التکنولوجي المتسارع الفضل في إعادة النظر لأرکان العلم وفقا لنظريات العلوم السياسية المتعارف عليها. فعلينا الوقوف والتساؤل حول مفهوم السلطة کمفهوم مطلق، يکرس لاحتکار الدولة للقوى والسلطة. وعلينا إعادة النظر لمقومات الشرعية والرضاء الذي يستند عليها الحاکم کميثاق شرعي يمکنه من تقلد السلطة وممارستها. کما تسعى للتطرق لدراسة وظائف الدولة واختبار استمرارية الوظائف التقليدية التي أقرتها النظريات المتعارف عليها، في العلوم السياسية کوظيفة الدولة الحامية، والوظيفة الاقتصادية للدولة، وممارسة الإکراه، ونشر الوعي والثقافة. وفي سياق الوظيفة الأمنية للدولة ومقدرات الأمن القومي، تتطرق الورقة لدراسة تحديات الأمن القومي في ظل التقنيات الجديدة، هل تستمر کما هي اذا زادت الحدة، أم تغيرت نوعية التحديات والتهديدات ومداها، هل يقف عند حدود الدولة أم يمتد لوحدة تحليلية أکبر کالنظام الدولي، وتأثير ذلک على السلم والأمن الدوليين في ظل ظهور الحشرات الروبوتية والطيارات بدون طيار. وبدورها تنتقل الورقة للوحدة الثانية محل الاهتمام "النظام الدولي"، وتحاول الوقوف على مدى تأثير التقنيات الحديثة على محددات التفاعل بين الفاعلين الدوليين بالنظام الدولي، وهوية الفاعلين داخله وإشکالية امتلاک الأسلحة الذکية المتطورة، ومحددات مقدرات توزيع القوى داخل النظام الدولي فهل تستمر کما هي وما مدى تأثير ذلک على السلم والأمن الدوليين. وفي إطار ما سبق ذکره يمکن القول أن هذه الورقة تتطرق لمناقشة إشکالية تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على فرع العلوم السياسية، وما تطرحه من إشکاليات مصاحبة حول تجديد العلم بأفرعه المختلفة فتلک التقنيات تدفعنا لإعادة النظر لمبادئ العلم ذاته. تمهيدًا لطرح سياسات يمکن استنباطها من الخبرة العملية والمشاهدات النظرية التي تم استقرائها خلال الدراسة وذلک للاستعداد والجاهزية في إطار تقنيات حديثة متوقعأن تغير موازين القوى ومقدراتها وشکل التفاعلات بين الدول التي قد تغير أرکانها ووظائفها بالأساس. في هذا السياق، تنقسم الورقة لأربعة أقسام رئيسة؛ الأول يتناول تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على الدولة؛ والأرکان والوظائف والتهديدات، والثاني يناقش تأثير التقنيات الحديثة على النموذج الديموقراطي من حيث المفهوم وزيادة سلطة المواطن ورکائز الديموقراطية، أما القسم الثالث فيتناول تأثير الذکاء الاصطناعي على النظام الدولي. والقسم الرابع يطرح أبرز السياسات الممکن طرحها أمام صانع القرار العربي في إطار ما تم التوصل إليه بالدراسة. ثانياً: فرضيات البحث:
ثالثاً: أهداف البحث:
رابعاً: المنهج المستخدم: يجمع البحث بين المنهج الاستقرائي ومنهج تحليل السياسات العامة: فتستخدم الدراسة المنهج الاستقرائي حيث تم توظيفه في إطار نظرية الدولة ومفهوم النظام الدولي، وتم جمع البيانات حول التطورات الحديثة التي طرأت بفعل التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي، وتتبع الظواهر المرتبطة بفعل التقنيات الحديثة على أرکان الدولة ووظائفها ومحددات القوى الدولية والاستقرار بالنظام الدولي والربط بينها في مجموعة من العلاقات الکلية العامة للوصول لمجموعة من الاستنتاجات المبينة على ملاحظات جزئية متکررة قابلة للتفسير للوصول للمشاهدات العامة حول ما طرأ على الرکائز الکلية الأساسية لنظرية الدولة ومفهوم النظام الدولي. کما تستخدم منهج تحليل السياسات العامة فبعد طرح التغيرات الطارئة على رکائز الدولة ووظائفها الأساسية ومقدرات القوى الطارئة التي ستغير موازين القوى بالنظام الدولي سيتم طرح بعض السياسات المستنبطة من النتائج التي تم استقرائها بفعل المنهج الاستقرائي وصياغتها للطرح أمام صانع القرار، وذلک لبناء سياسات مستنبطه من المشاهدات النظرية والخبرة التطبيقية لطرحها من أجل الاستعداد والجاهزية. القسم الأول: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على الدولة (المفهوم والوظائف والتهديدات) طرح الذکاء الاصطناعي إشکالية کبيرة أمام علماء السياسة، حول أرکان مفهوم الدولة الأربع الاساسية (السيادة، والسلطة، الشعب، الإقليم). فلم تعد الدولة هي المحتکر للقوة والعنف وسلطة الاکراه في المجتمع. فأصبحنا أمام کيانات من غير الدول تستخدم القوة والعنف والأسلحة التي أصبحت في متناول العديد من القوى، ولم تعد قادرة على ممارسة سلطتها بشکل مطلق فسلطتها أصبحت محل تنازع بين من يمتلک التکنولوجيا والبيانات ومقدرات القوى. کما أنها لم تعد الدولة الحامية بالمفهوم المتعارف عليه، بشأن تأمين البيانات وحماية الارواح. الأمر الذي يؤکد على تغير رکائز الشرعية ومفهومها. يضاف إلى تغير وظائف الدولة فلم تعد هي المحتکر الوحيد للقوى، ولم تعد قادرة على لعب دور الدولة الحامية بشکل مطلق؛ حتى أن ما تلعبه من وظيفة اقتصادية وتوعوية دخل الذکاء الاصطناعي في سياقهما ليغير المحددات والادوار، مما خلق تهديدات جديدة أمام الأمن القومي للدول. في هذا الصدد، سينقسم هذا المحور الأول لقسمين رئيسين؛ القسم الأول يناقش تأثير الذکاء الاصطناعي على أرکان مفهوم الدولة کمحاولة لأثبات صحة الفرضية الأولى للدراسة، والثاني يتناول التأثير على وظائف الدولة للبحث في مدى صحة الفرضية الثانية للدراسة.
أولاً: تأثير الذکاء الاصطناعي على أرکان مفهوم الدولة: يثير هذا المحور جدلية تأثير الذکاء الاصطناعي على أرکان الدولة، حيث خلق تغيرا واضحا في الأرکان الأربع فإذا نظرنا إلى مفهوم السيادة، فقد تم انتقاصها لصالح فاعلين من غير الدول والشرکات التي تمتلک البيانات، ولم تعد المحتکر الوحيد للقوة وسلطة الاکراه. کما أن رکيزة السلطة حدث بها تراجعًا في سلطة الدولة القومية لصالح الحکومة العالمية؛ کمفهوم افتراضي تساعد تقنيات الذکاء الاصطناعي على ظهوره، کما أن مبررات القوى لامتلاک السلطة أصبحت اکثر ذکاءا Smart. وإذا نظرنا إلى الشرعية فامتلاک التکنولوجيا يتم طرحه کمدخل لشرعية التحکم في الموارد، ولبناء برنامج انتخابي يلبي تطلعات الشعوب بحکم تقنيات الذکاء الاصطناعي. أما بشأن الشعب فقد أضحى المعيار الحاکم لقوة المکون البشري هو متوسط ذکاء الفرد IQ ، ومدى توافر مهارات جديدة اکثر ذکاءًا وابداعًا، کما أنه لم يعد نقص عدد السکان هو المعيار الحاکم بسبب ظهور الآلة والإنسان الآلي کبديل نسبي عن القوى البشرية. ويظهر ذلک في الشکل رقم 1 الشکل رقم 1: تأثير الذکاء الاصطناعي على أرکان مفهوم الدولة
المصدر: الشکل من إعداد الباحثة
تؤثر تقنيات الذکاء الاصطناعي على مفهوم السلطة کأحد رکائز الدولة فقد اصبحت أکثر ذکاءا الأمر الذي يتطلب أعادة النظر للمفهوم التقليدي للسلطة السياسية، هذا في إطار ظهور مفهموم الحکومة العالمية واشکالية تراجع السلطة السياسية للدولة. وهذا ما سيتم مناقشته ويظهر ذلک في الشکل رقم 2
الشکل رقم 2: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على مفهوم السلطة
1.1 انتقاص مفهوم السلطة لصالح الحکومة العالمية: بمعنى افتقاد السلطة السياسية التأثير على نشاط "ما بعد الحقيقة"، فيميل مجتمع ما بعد الحقيقة لحل أية سلطة مستقرة وطويلة الأجل، فالأمر يتعدى حدود السلطة السياسية ليصل إلى السلطة الاخلاقية، ويميل لهدم مفهوم القيم المشترکة والمصلحة العامة، أو الصالح العام التي تأسست على سلطة الدين أو العقل.[v] مقابل سلطة أشمل لا تتقيد بحدود تربط العالم ببعضه؛ فترعى الحکومة الامريکية منتدى يسمى AI World Government منتدى حکومة العالم للذکاء الاصطناعي؛ تهدف من خلاله لنشر تقنيات الذکاء الاصطناعي بمختلف دول العالم، عبر بناء قدرات الهيئات الحکومية والعاملين لربط کل الانشطة بالتقنيات الحديثة؛ لتعزيز أداء الخدمات الحکومية بمختلف دول العالم.[vi] 1.2 مبررات السلطة أضحت أکثر ذکاءًا: ظهر مفهوم الدولة الذکية ليطرح اشکالية جديدة أمام الدول، لتطوير قدرتها الحکومية وخدماتها لتلبي احتياجات المواطنين، خاصة في ظل ظهور شرکات عالمية تلبي متطلبات المواطن کجوجل وفيسبوکوشرکة أبل، بکفاءة ومهارة عالية. فالحکومة الذکية هي سريعة الاستجابة وذکية ومتکاملة، لذا تتضمن الحوکمة التکنولوجيا الحديثة کمعيار للحکم على حسن إدارة مؤسسات الدولة بفروعها الثلاثة. فقد أصبحت الأتمتة من أبرز معايير الحکم على أداء السلطة، وأضحت القوى الناعمة من محدداتها استخدام التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي. فالحکومات التي لا تستطيع الاستجابة التکنولوجية لاحتياجات مواطنيها تفتقد دواعي السلطة والسيطرة والنفوذ. ففي عام 2017 قامت المملکة المتحدة بالإعلان عن استراتيجية التحول الحکومي في مجال التکنولوجية الرقمية، لإعادة بناء العلاقة بين المواطن والحکومة. [vii]
مع ظهور تقنيات الذکاء الاصطناعي ظهرت اشکالية مهمة تتعلق بمفهوم السيادة إلى أي مدى تم تدعيمها أم انتقاصها بفعل التقنيات الحديثة. وهذا ما سيتم مناقشته خلال هذا الجزء ويظهر عبر الشکل رقم 3 الشکل رقم 3: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على مفهوم السيادة
2.1 الدولة لم تعد المحتکر الوحيد لمقدرات القوة: استطاعت تقنيات الذکاء الاصطناعي والحوسبة إتاحة القدرات العسکرية، التي تمتلکها الدول بتکلفة أقل ويسرت تداولها فلم تعد حکرا على الدول فقط، بل وخلقت قدرات أخرى جديدة من اليسير الحصول عليها، ودفع تکلفتها من قبل قطاع عريض من الفاعلين من غير الدول. فعلى سبيل المثال تمکن الحوسبة الإلکترونية من توفير واتاحة "الدرونز" الطائرات بدون طيار طويلة المدى سواء للدول أو للفاعلين من غير الدول. [viii] ومع إدخال تقنيات الذکاء الاصطناعي للدرونز يزيد الأمر خطورة، عبر إدخال تقنيات التعرف على الوجه بالدرون، أو عبر استخدام حواسب بها تقنيات الذکاء الاصطناعي الذکية الأمر الذي يرفع من قدرتها ويقلل من التدخل البشري کتعاون شرکة مايکروسوفت، وشرکة دي جي اي العملاقة عام 2018 لصناعة الطائرات بدون طيار تجمع بين الحوسبة والذکاء الاصطناعي عبر تزويد الدرون بحواسب محمولة، تتمتع بتقنيات الذکاء الاصطناعي المدمجة بالمرکبات الجوية غير المأهولة. ومن ثم تقوم خوارزميات الذکاء الاصطناعي، بتحليل البيانات المستهدفة دون الحاجة لرفع البيانات لسحابة إلکترونية لإجراء التحليل، مما يعني زيادة قدرات الدورن بفعل ادماج تقنيات الذکاء الاصطناعي به.[ix] وقد استفادت الجماعات الإرهابيّة من التطبيقات المُختلفة للذکاء الاصطناعي والحوسبة ووظَّفتها لأغراضٍ إرهابيّة، في ظل سهولة النفاذ للأسواق فلم تعد مثل هذه التقنيات حکرا على الدول، وإنما أضحى من اليسير الوصول إليها من قبل الفاعلين من غير الدول، ومنها الجماعات الإرهابية والعصابات مثل إقدام "داعش" على تطوير درونز واستخدامها في تحميل موادّ متفجّرة، يشکِّل دليلاً واضحاً في هذا الإطار. فعن طريق الجمع بين الحوسبة وخوارزميات الذکاء الاصطناعي استفادت الجماعات الإرهابية منها في أعمال التجسُّس، والتعقُّب، والرقابة، ورصْد الأهداف. إضافة إلى عمليّات الاغتيال، ولاسيّما أنّ أنظمة الذکاء الاصطناعي تجعل عمليّات الاغتيال هذه أکثر دقّة، إذ تمَّ بناء درونز تعمل بأنظمة" التعرُّف على الوجه (Facial Recognition)، لتحديد وجه الشخص المُراد تصفيته، وشنّ اغتيالات بصورة يصعب اقتفاء آثارها.[x] في ظل اتمته العمالة المدربة وتوافرها في السوق السوداء، مما يمثل تهديدا للأمن القومي للدول.[xi] 2.2 انتقاص سيادة الدولة لصالح فاعلين اخرين: ظهر فاعلون جدد يشارکون الدول في تفوقها وسيادتها في مختلف المجالات، التي يأتي على رأسها المجال الاستخباراتي؛ فتم إزالة الحدود بين المنظمات الاستخباراتية، والقطاع الخاص بشأن المعلومات. فأضحى القطاع الخاص يشارک الاجهزة الاستخباراتية؛ في ملکية تقنيات جمع وتحليل وتتبع المعلومات والاهداف الاستخباراتية. فظهرت منصات تشارک المعلومات ينشئها القطاع الخاص، بجانب المنصات التي يتم تطويرها من قبل المنظمات الاستخبارية ذاتها لتخدم مصالحها. وهناک أنواعا مختلفة من التعاون بين الهيئات الاستخباراتية والشرکات الخاصة، کصندوق (IN_Q_TEL) المالي في الولايات المتحدة، حيث يهدف لتشخيص الشرکات التي تقوم بتطوير التکنولوجيا الرائدة التي تخدم الأمن الامريکي القومي والاستثمار فيها، لتسمح للمجتمع الاستخباراتي الأمريکي للوقوف على رأس جبهة التطوير التقني، وهذا الصندوق هو شرکة مستقلة لا تتبع اية وکالة حکومية، لکن هناک تنسيق متصل ولصيق يجري بين الصندوق وبين وکالة الاستخبارات الامريکية وتعد الحکومة الامريکية المستثمر الاول فيه.[xii]
کان لتقنيات الذکاء الاصطناعي دور في مراجعة مبررات اکتساب الشرعية فأصبحت ألة ومبرر، ألة لاکتساب الدعم ومبرر للحصول عليها وفقا للتوجهات الدولية الجديدة. ويظهر ذلک في الشکل رقم 4.
الشکل رقم 4: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على مفهوم الشرعية
3.1 امتلاک التقنيات الحديثة مبرر للحصول على الشرعية: أثارت الأمم المتحدة إشکالية ندرة الموارد الطبيعية وأثارها السلبية على استدامة العالم ککل، في ظل ما اسمته بـ "التوزيع غير العادل للموارد" لدول اکثر فسادا، وأقل تطورا لا تمتلک التکنولوجيا الحديثة التي تساعدها على تصنيع المورد النادر؛ الذي سينضب في يوم ما خاصة بفعل غياب الرؤية التخطيطية لاستخراج، وترشيد وتصنيع هذا المورد النادر. وطرحت صيغة تشارک الموارد کمطلب لاستدامة العالم.[xiii] هنا جاءت التکنولوجيا وتقنيات الذکاء الاصطناعي کمبرر لإدارة الموارد بل والتحکم بها، کالمياه والنفط والحاصلات الزراعية. وفي هذا السياق، هناک العديد من الدراسات التي تؤکد رؤية تقنيات الذکاء الاصطناعي في ترشيد إدارة المورد. فعلى سبيل المثال أجرى مرکز دراسة المخاطر الوجودية (CSER) في جامعة کامبريدج في المملکة المتحدة، دراسة حول مزايا وعيوب استخدام خوارزمية الذکاء الاصطناعي للمساعدة علي الاستفادة المثلى من الموارد، مثل المياه والأراضي الزراعية. ووجد فرصة کبيرة تقدمها الخوارزميات في مجال تحسين إدارة الموارد؛ ففي مجال الزرعة على سبيل المثال يمکن لخوارزمية الذکاء الاصطناعي تقديم توصيات زراعية، حول المحاصيل التي ستزرع وأفضل طريقة لزراعتها. ويتأتى ذلک عبر استخدام المدخلات التي تتضمن الأحوال الجوية والتنبؤات، وأسعار السوق، والموقع الجغرافي، مما سيؤدي لدعم المنظومة الزراعية، خاصة في المجتمعات المهمشة. وسيسفر عن زيادة الحصيلة الزراعية وتقليل الموارد المائية، المستخدمة، وبالمقابل دعم منظومة الأمن الغذائي والاقتصادي. فيمکن أن تساعد الخوارزميات في تحديد المحاصيل التي تحتاج إلى الماء أو المغذيات، ومتى وإلى من ينبغي توزيع هذه الموارد. وکذا تحديد أنماط إنتاج واستهلاک الموارد الزراعية المعقدة للغاية، بحيث لا يمکن للبشر إدراکها. کما يمکن أن تقدم الأنظمة توصيات دقيقة لإدارة وتوزيع الموارد مع مراعاة السياق الإقليمي والثقافي، بما في ذلک التقاليد والأعراف الاجتماعية، والمناخ والظروف المناخية المحددة ، وتوقعات الناس ، لتقديم حلول أکثر کفاءة.[xiv] کما تستطيع أيضا تقنيات الذکاء الاصطناعي عبر استخدام آلية البيانات الضخمة تحسين إدارة الموارد المائية، فعلى سبيل المثال تدعم خوارزميات ANN بناء محطات المياه التي تقدم إحصاءات محدثة حول الموارد الحالية، وتساعد على بناء نماذج للمواقف القادمة. کما أنها تساهم في تنمية الموارد المائية الحالية، وتحسين الموارد المتاحة وأتمتتها تلقائيًا. فمن خلالها يمکن أن تقف الهيئات الحاکمة والإدارات المعنية بالمياه على أسباب فقدان المياه، وإساءة استخدامها ومن ثم تلافيها، من خلال التخطيط القائم على الذکاء الاصطناعي.[xv] کما يساعد الذکاء الاصطناعي على تحسين أنماط الانتاج بآبار البترول عبر تقدير الخصائص الجيولوجية، وتحديد واستخراج التفاعلات المعقدة والعلاقات من العديد من المعلمات، والتي يمکن للصناعة استخدامها لتصميم آبار أفضل ووضع خطط لنشر الآبار وتحسين کفاءة انتاجها لأقصي قدر من التعافي وتحقيق الإيرادات. [xvi] ففي هذا الإطار، تطرح تقنيات الذکاء الاصطناعي لتحسين إدارة الموارد النادرة کشرعية للإدارة. ولکن الخطورة تکمن في الخطط المطروحة من قبل بعض مراکز الفکر؛ فهناک من قدم فکرة التحکم المرکزي في المورد لمن يمتلک تکنولوجيا تصنيع المورد کما طرحته جامعة فلوريدا عام 2015[xvii]، بل وذهب البعض لأبعد من ذلک عبر الحديث عن فشل الدول القومية وأهمية إقامة اتحاد فيدرالي بين الدول الفاشلة والدول المتقدمة تکنولوجيا يقوم على إزالة الحدود للحفاظ على المستقبل، لجعله مستداما للأجيال القادمة باعتباره واجبا اخلاقيا کما تطرحه جامعة فيرجينيا عام 2018 [xviii]. ومن ثم فأضحى امتلاک التکنولوجيا مبررا للشرعية وامتلاک السلطة. 3.2 اکتساب النخبة التأييد والشرعية بنزاهة عبر تقنيات الذکاء الاصطناعي: يمکن للنخبة السياسية تطويع تقنيات الذکاء الاصطناعي لاکتساب الدعم والتأييد من قبل الناخبين، بل والشرعية من جانب المواطنين؛ کما فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماکرون خلال بناء برنامجه الانتخابي عام 2017. فقد تمکن من وضع برنامج انتخابي يلبي مطالب الجموع عبر ما يسمى استقراء مطالب "الشبکة العصبية الاجتماعية"؛ فنظم ماکرون لحملة انتخابية اسماها "من الباب إلى الباب" بجميع أرجاء فرنسا، حيث رصد القضايا الأکثر اهتماما من قبل الناخبين الفرنسيين "قضايا الرأي العام" والشأن العام". وتم عقب جمع الاجابات معالجة هذه الکمية العملاقة من البيانات الضخمة (الإجابات) من خلال خوارزمية "التعلم" المتقدمة عبر موجز ويب، وکانت نتائج المعالجة هي القضايا الرئيسية للبرنامج السياسي للحملة التي اتسمت بالحياد والتعبير عن مختلف الطوائف، دون اتخاذ موقف عقائدي مهيمن، واختار شعارها لا يمين ولا يسار": لا توجد رؤية مثالية للمجتمع". بمعنى آخر جاء برنامجه يعکس مطالب ويلبي احتياجات الجميع، حيث تضمن برنامجه الانتخابي اقتراح حلول قابلة للتحقيق لحل المشکلات الفعلية والحالية التي جمعها ورصدها بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي، ومن ثم ظهر وکأنه لسان حال الشعب الفرنسي . لذا جذبت هذه المقاربة أعدادًا غفيرة من نشطاء المجتمع المدني، والکوادر التي کانت عازفة من قبل عن المشارکة في الحياة السياسية. وکانت النتيجة انتخاب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماکرون، رغم عدم امتلاکه الخبرة السياسية السابقة کرصيد يستند عليه في السباق الانتخابي. فقد نجح عبر مغازلة احلام المواطنين بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي. [xix]
ظهرت مقومات جديدة للحکم على قوة الشعب أو للنظر إليه کرأس مال بشري يصب في صالح معايير قوة الدول من أهمها؛ توافر مهارات جديدة وتخصصات جديدة أکثر ذکاءا Smart تعمل في إطار تکاملي عابر للتخصصات. کما أن عدد السکان لم يعد المحک للنظر لقوة الدولة، فنقص السکان لم يعد المشکلة الکبيرة التي تؤرق الدول. في ظل ظهور تقنيات متقدمة کالروبوتات (الإنسان الألي) القادرة على لعب الأدوار والوظائف الشاغرة؛ بسبب نقص عدد السکان، ولکن الامر ليس على إطلاقه، فقد يکون أکثر نجاعة بالنسبة للمجتمعات التي تمتلک التکنولوجيا في إطار إشکالية تحيز الخوارزميات، وإمکانية اختراقه ولکن الأمر يظل تحدي مطروحا أمام العلماء. ويظهر ذلک في الشکل رقم 5 الشکل رقم 5 تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على رکيزة الشعب
4.1 الروبوت وتغير النظرة تجاه السکان: نتج عن الذکاء الاصطناعي ثورة صناعية جديدة أخذة في التبلور ستقلل من الطلب على العمالة، مثل امريکا فمتوسط الأعمار التي ستتاح لهم فرص العمل، ستمثل الثلث فقط من إجمالي السکان وبقية السکان(ما بين 25 إلي 54)، لن تتاح لهم الفرصة للمشارکة في عجلة الانتاج. فلن يجدوا فرص عمل مع نهاية النصف الثاني من هذا القرن، بسبب أتمتة أغلب الوظائف التي کانوا يشغلونها، وظهور الروبوتات هذا في ظل عدم امتلاکهم للقدرات المطلوبة في العصر الجديد. ومن ثم فلن يصبح عدد السکان أحد مقدرات القوى للدول؛ فالدول قليلة العدد السکاني التي تمتلک القدرات الحديثة للذکاء الاصطناعي، ستتجاوز الدول ذات الکثافة السکانية[xx]. فنقص السکان سيشغله الروبوتات، ومن ثم ستتغير المعادلة لاحتساب قدرات الدول ليکون الذکاء الاصطناعي هو المحک الاساسي، ولن يصبح نقص عدد السکان على مطلقه تحدي کبير. 4.2 اشکالية المهارات الجديدة المفروض توفرها في راس المال البشري: أضحى "علماء المعطيات Data Scientists" من أهم التخصصات الواجب توافرها داخل المؤسسات المختلفة کأجهزة جمع المعلومات والبحث، مثل الاجهزة الاستخباراتية لما لهم من القدرة على دمج القدرات الحسابية والإحصائية، والإدراک العميق للمنظومات المحوسبة. أيضا على الراس المال البشري أن يتحلى بالتفکير النقدي وتشخيص الأنماط الکامنة، فالمسئول سيکون مطالب بالتعامل مع طقم من المشاکل المعقدة، وکل واحدة منها تتطلب تمييزًا واضحًا بين الوظائف المختلفة. مما يفرض تحدي أمام القوى البشرية، خاصة في مواقع دعم وصنع واتخاذ القرار لأن يکونوا منذ الآن عابرين للتخصصات، ومتنوعي المعرفة بشکل أکبر من ناحية قدرتهم العقلية، وسبل تأهيلهم، مما يفرض تحدى أمام الأجهزة والمؤسسات في استقطاب، وتأهيل القوى البشرية الأفضل. فعلى سبيل المثال أصبحت المنظمات الاستخباراتية مطالبة بالتنافس مع القطاع الخاص، حول ظروف التوظيف وخصوصا مع شرکات الهاي تک. کما أن عليها العثور على نماذج جديدة للتعاون مع القطاع المدني.[xxi] ومن المتوقع مشارکة الذکاء الاصطناعي في مختلف الاعمال البشرية حتى السياسية منها ، فتسعى الصين لإدخال الروبوت إلى عملية اتخاذ القرار في شئون السياسة الخارجية للبلاد والعملية الدبلوماسية، وهو ما بدأ تطبيقه بالفعل بجهاز ذکاء اصطناعي في وزارة الخارجية الصينية طورته أکاديمية العلوم الصينية، ليتم استخدامها في وزارة الخارجية. فهناک عددا من نماذج أنظمة الذکاء الاصطناعي الدبلوماسية جاري تطويرها حاليا في الصين. وقد أکدت الخارجية الصينية لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" وجود خطة حقيقية لاستخدام الذکاء الاصطناعي في الدبلوماسية، خاصة أن الدبلوماسية تتشابه مع الألعاب الاستراتيجية اللوحية کالشطرنج، فعندما تقوم دولة بخطوة أو تحرک تستجيب لها الدولة الأخرى، فيما يسعى الجميع للفوز. وقد أثبت الذکاء الاصطناعي کفاءته في الألعاب اللوحية، حيث هزمت روبوتات أبطال العالم في الشطرنج ولعبة "جو"، کما فاز روبوت بلعبة بوکر، التي تتشابه کثيرا مع الدبلوماسية، لأن اللاعب لا يمتلک أبدا کل المعلومات التي يحتاجها. من هذا المنطلق تسعى وزارة الخارجية الصينية الأن إلى تطوير سياساتها الخارجية، خاصة في ظل ضرورة أن تلعب دورا في ظل مبادرتها العملاقة الحزام والطريق، وکذا رغبتها في الصعود کقطب من اقطاب النظام العالمي الجديد، الأمر الذي يفرض عليها التخلي عن سياسات عدم التدخل خلال الفترة القادمة الأمر الذي يحتم عليها تطوير أداء وزارة الخارجية الصينية، وقد وجدت ضالتها في التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي، مما سيجعل الوزارة تسعى لأن تتکيف مع أي اتجاه تکنولوجي شائع، وتحرص على استخدام التکنولوجيا الجديدة لتحسين العمل وتعزيزه. [xxii] من هنا يتضح أن تقنيات الذکاء الاصطناعي نجحت بالفعل في إحداث تغير جوهري في مفهوم أرکان الدولة بمعناها التقليدي فاستطاعت تطوير تلک الأرکان التي تضمنتها عليها نظريات العلوم السياسية. مما يثبت صحة الفرضية الأولى للدراسة. ثانياً: تغير وظائف الدولة بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي أدخلت تقنيات الذکاء الاصطناعي تغيرات في وظائف الدولة المتعارف عليها، في نظريات العلم المختلفة فأضحى من مکونات نشر الوعي وبناء القيم. وجلب معه تحديات أمام وظيفة الاکراه التي تمارسها الدولة في ظل ظهور فاعلين جدد يتقاسمون سلطة الاکراه مع الدولة. وکذا ظهور أدوات إکراه جديدة الأمر الذي خلق بدوره اشکالية بشأن وظيفة الدولة الحامية، کإشکالية تأمين البيانات وسرية المعلومات وتفوق لأجهزة الاستخباراتية وتأمين الارواح. مما خلق إشکالية بشأن وظيفة استتباب الأمن والاستقرار فتظهر إشکالية خداع نظم الذکاء الاصطناعي وتحيز الخوارزميات، ونشر الأخبار الکاذبة والمظاهرات الافتراضية والهجمات السيبرانية، واختراق المجتمعات بفعل التقنيات الحديثة. الأمر الذي امتد إلى الوظيفة الاقتصادية للدولة في ظل اختلاف مقدرات الثروة، فالنفط الجديد هو البيانات الضخمة والتکنولوجيات الحديثة، وامتلاک الشرکات لهما دون الدول، ومن ثم اصبحت وظيفتها الاقتصادية محل تهديد. ويظهر ذلک في الشکل رقم 6
الشکل رقم 6: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على وظائف الدولة
أصبحت تقنيات الذکاء الاصطناعي أحد القيم الحديثة التي تقاس عليها، مدى تقدم الأمم الأمر الذي لم يقف عند محاولات الأتمته أو جهود الحکومة على شراء، وامتلاک تلک التقنيات، ولکنه أمتد إلى نشر الوعي بين المواطنين، بل وحثهم على الإقبال واستخدام تلک التقنيات کبديل عن غيرها لتصبح بمرور الوقت قيمه من ضمن قيم المجتمع ومشکل لثقافته. 1.1 نشر ثقافة استخدام تقنيات الذکاء الاصطناعي بين المواطنين: أضحى الذکاء الاصطناعي أحد القيم الذي يقاس عليها مدى تقدم المجتمعات، الأمر الذي دفع بعض الحکومات حث مواطنيها على ورفع وعيهم، والإقبال على استخدام التقنيات الحديثة، فعلى سبيل المثال عملت حکومة دبي على نشر ثقافة استخدام تطبيقات الذکاء الاصطناعي، وحث المواطنين على استخدام التقنيات في المعاملات الحکومية. ففي 26 أکتوبر 2019، أطلقت حکومة دبي مبادرة "يوم بلا مراکز خدمة" بهدف الحصول على خدمات دائرة المالية، وإجراء المعاملات الحکومية عبر التطبيقات الذکية أو مواقع الأنترنت، والاستغناء عن مراکز الخدمة التقليدية [xxiii].
أثارت التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي اشکاليات متطورة، بشأن اشکاليات تامين البيانات وسرية المعلومات، والحماية وتأمين الأرواح، الأمر الذي صاحبه تهديدات وتحديات جديدة سيتم طرحها في هذا الجزء. الشکل رقم 7: التغيرات التي احدثها الذکاء الاصطناعي في وظيفة الدولة الحامية
2.1 تحدى له علاقة بطبيعة المعلومات ذاتها: تثار مشکلة المعلومات کأحد تحديات الدولة الحامية بسبب تقنيات الذکاء الاصطناعي، ففي الغالب تعتبر المعلومات منفصلة ولا يمکن قولبتها، لذلک تواجه أجهزة الاستخبارات تحدي صب جميع المعلومات في منتج أمني استخباراتي واحد؛ فعليها السعي إلي بناء رؤي وهياکل تنظيمية تعمل على خلق الأفکار التشارکية، في ظل توافر تشکيلة من الأدوات بالأسوق الخاصة التي تعمل على صهر ودمج المعلومات في بوتقة واحدة بدءا من الادوات البسيطة، وصولا إلي وسائل ذکية تتيح اجراء عمليات تنظيمية معقدة.[xxiv] 2.2 اشکالية سرية المعلومات وامتلاکها وتفوق الاجهزة الاستخباراتية: افتقاد المنظمات الاستخباراتية طلائعيتها وفرادة موقعها من ناحية جمع المعلومات أحد أبرز التحديات أمام الدولة الحامية، وتخلق تحديات مصاحبة تتعلق بتحليلها ونشرها. فالسبب الأساسي لوجود اجهزة الاستخبارات هو الحصول على معلومات عن الخصم قبل أن يتمکن من إخفاء هذه المعلومات، ولکن يتوجب اليوم على المنظمات الاستخباراتية إعادة التفکير في تفوقها النسبي مقارنة بغيرها في ظل انتشار التقنية، وکذا مقارنة بالجهات المدنية القادرة على جمع المعلومات وتحليلها، خاصة في ظل کمية المعلومات الکبيرة اليوم. فعلى سبيل المثال وجدت الولايات المتحدة تهديدا لما تملکه من أقمار تجسسيه متطورة بسبب انتشار نفس التقنية لدي بعض الدول، الأمر الذي جعلها تتخلى عن سرية تلک التقنية. ففي يونيه 2011 رفعت أمريکا الحصانة عن قمر kh-9Hexagon التجسسي الذي کان يستخدم في الفترة بين 1971: 1986، ولکن اختلف الأمر في ظل امتلاک دول کالصين والهند وجنوب کوريا الجنوبية واليابان وفرنسا وألمانيا وإسرائيل لتقنيات متقدمة في هذا الشأن، حيث تمتلک أقمار صناعية ذات قدرات تجسسيه متطورة. وتمتلک کندا وألمانيا وإيطاليا أقمار صناعية تجارية متطورة، تحتوي رادارًا قادرًا علي التقاط الصور في ظروف شديدة الصعوبة، کالليل الحالک أو الغيوم الکثيفة. ومع انتشار الشرکات القادرة على إنتاج التقنية لم تعد هناک قيود على بيعها مثل شرکتي Digiglobe الامريکية، وشرکة SPOT الفرنسية؛ فهما شرکتان توفران نسخا عن الأقمار الصناعية الملونة بدقة صورية عالية لکل من يطلبها. وتمتلک السوق المدنية أقمار صناعية تجارية على غرار الأقمار التي تنتجها. أيضا شرکة NSO أحدى الشرکات التي تمتلک تکنولوجيات حديثة تستطيع تطوير تکنولوجيا التعقب بمستويات عسکرية، وتوفر أدوات اقتحام للأجهزة الخلوية والخدمات الموجودة على الأنترنت وتبيع الشرکة خدماتها لوکالات استخبارات وأجهزة أمنية حکومية، ولکن يمکنها في ذات الوقت أن تبيع خدماتها لجهات غير حکومية أخرى. وفي عام 2011 اشترت شرکة جوجل شرکة Skybox التي تنتج أقمار صناعية رخيصة بجودة عالية جدا، وقد بلغ سعر الصفقة نص مليار دولار، مما يعکس انخفاض أسعار تلک التقنيات بشکل أتاح لشرکات دون الدول امتلاکها بسهولة وبساطة.[xxv] 3 وظيفة الأمن ودفع الاستقرار: عند الحديث عن التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي، تطرأ تغيرات حول وظيفة الامن ودفع الاستقرار، تتمثل في تحيز الخوارزميات، وخداع نظم الذکاء الاصطناعي، والهجمات السيبرانية، واختراق المجتمعات، ونشر الاخبار الکاذبة، واندلاع المظاهرات الافتراضية. الأمر الذي يظهر خلال ا لشکل رقم8 الشکل رقم 8: التغيرات الطارئة في وظيفة الامن ودفع الاستقرار
3.1 احتماليّة اختراق نظم الذکاء الاصطناعي: بالرغم من التقدم الکبير للتقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي لکن من الممکن اختراقه؛ سواء من قبل الدول التي طورت تلک التقنيات، أو من قبل فاعلين آخرين. إذ يُمکن للهجمات السيبرانيّة أن تخترِق نُظم الذکاء الاصطناعي العسکريّة. أيضا يُمکن للجهة المُهاجِمة في بعض الأحيان أن تُسيطِر على أحد الروبوتات العسکريّة، وإعادة توجيهها، ما يُلحق الأضرار بالأفراد أو بالمُنشآت التي ليست في دائرة الاستهداف أساساً، مثل الهجوم الإلکتروني بفيروس شمعون الذي استهدف بعض المؤسسات بالمملکة العربية السعودية في يناير 2017، ونتج عنه تعطيل سير العمل في وزارات العمل والاتصالات، وتقنية المعلومات وشرکة صدارة للکيماويات.[xxvi] 3.2 إمکانيّة خداع نُظم الذکاء الاصطناعي: مع التطور الحديث الذي لجأت إليه بعض الدول في رصْد التهديدات التي تُواجِه الأمن القومي للدولة، وتحديده من اضطرابات، وعصيان، أو ثورات، أو احتمالية نشوء حرب، والتنبّؤ کذلک بالتطوّرات التي يُمکن أن تحدث حول العالَم. وقد ينقلب الوضع، حال نجاح الدولة المُعادية في تحديد کيفيّة عمل هذه الأجهزة، فإنّه يسهل عليها بالتالي خدعها من خلال نشْر أخبار کاذبة، لتضليلها وقيادتها إلى استنتاجات خاطئة. وقد يصل الامر لتصبح بمثابة عميل مزدوج يقدم معلومات مضللة؛ عبر ما يسمى بإشکالية "ضعف البيانات المغذية Data Diet Vulnerability، حيث يتعلم الخصوم کيفية تغذية نظم المراقبة العاملة بالذکاء الاصطناعي بمعلومات مضللة بشکل مفاجئ، لتکون بمثابة "عميل مزدوج سري آلي عن غير قصد" يقدم معلومات مضللة.[xxvii] 3.3 اختراق المجتمعات مما يهدد الامن القومي: فيُمکن لدولة أجنبيّة أن تَستخدم نُظم الذکاء الاصطناعي؛ للتعرُّف على الأفکار والتوجّهات السياسيّة والاجتماعيّة لأفراد الدولة المُناوِئة لها، على مَواقِع التواصل الاجتماعي، ومُحاولة الربط بين الجماعات المُنعزلة جغرافيّاً، والتي تتبنّى أفکاراً وتوجّهاتٍ مُشابهة، وتبنّي مَواقف سياسيّة مُعارِضة قد تهدِّد الأمن الوطني والقومي لهذه الدولة.[xxviii] 3.4 کثرة مصادر المعلومات وتزييف الحقائق ونشر الاشاعات: عمل الذکاء الاصطناعي على خلق أکثر من مصدر للمعلومة، الأمر الذي صاحبه ظهور أزمة الثقة في المعلومات المستقاه في ظل تعدد مصادرها، خاصة إنها تأتي في منظومة مقنعة في ظل إتقان الإشاعات، وتداول الأخبار الکاذبة. کما أن الذکاء الاصطناعي يساعد علي تزوير الفيديوهات والتسجيلات بشکل أکثر إتقانا، وجودة عالية، وتکلفة أقل. وفي المستقبل سيمثل الذکاء الاصطناعي تحدي لمرتکزات الثقة عبر العديد من المؤسسات. [xxix] 3.5 زيادة فاعلية أداء وظيفة الدولة في تأمين الأرواح والممتلکات: ورغم ما تحمله من تحدي للهيمنة العسکرية للدول، ولکنه في الوقت ذاته يحمل مميزات متعددة للقوات العسکرية من حيث: تحقيق الکفاءة والفاعليّة في ساحة المعرکة، الحِفاظ على الأرواح البشريّة وحِمايتها، مُکافَحة الإرهاب والتنبّؤ بالتهديدات المستقبليّة، العثور على الاهداف العسکرية بشکل اتوماتيکي في مناطق شاسعة الاتساع، تشخيص الازمات والکوارث.[xxx] 3.6 الحکم الرشيد اشکالية الحياد وتحيز الخوارزميات: تتجه الدول والحکومات لاستخدام تقنيات الذکاء الاصطناعي، خلال إدارة مؤسسات الدولة لتقليل فرص الخطأ البشري، ومکافحة الفساد نظرا لفرضية حياد الآلة. ولکن الأمر لا يمکن النظر إليه کمسلمة حيث يظهر ما يسمى بإشکالية حياد الخوارزميات. إن غموض الخوارزميات يجعل من الصعب الحکم على صحة الاداء، وتقييم المخاطر وتوخي العدالة في التطبيقات الاجتماعية، کما يمکن للغموض أن يحجب الفهم السببي وراء القرارات. إلا أن معظم الخوارزميات لا تضمن الدقة سوى في ضمانات احتمالية وحسب؛ فيمکن تطبيق النماذج والخوارزمية الصحيحة بشکل مناسب مع توافر أفضل النوايا تجاه اتمام البيانات. هنا على مصمموا الخوارزميات أن يعتمدوا على الافتراضات، ولکنها يمکن أن تفشل وتؤدي لنتائج غير متوقعة. الأمر الذي يمس الحياد والواقعية والکفاءة والعدالة في الخدمات المقدمة؛ خاصة لأنها تتعلق بالمبرمج وما يدخله من بيانات ومعادلات واختياره للعينة عند إعداد الخوارزميات. هذا إضافة إلي مشکلة صلاحية الخوارزمية التعليمية، حيث تتعلق بصحة تنفيذها للمهام وبصحة تفاعلها مع المتعلم المکتسب مثل روبوت الدردشة بتقنية الذکاء الاصطناعي Tay الذي اطلقته شرکة مايکروسوفت، فتم تمکينه ليتحدث بطريقة بشرية مقنعه مع مستخدمي تويترـ ولم تظهر الاختبارات المکثفة في البيئات الخاضعة لمراقبة أية علامات تحذيرية. ومن أبرز المزايا السلوکية له قدرته على التعلم، والاستجابة لميول وتفضيلات المستخدمين، من خلال استيعاب بياناتهم وقد مکنت هذه الميزة مستخدمي تويتر من التلاعب بسلوک تاي مما أدي لإصدار الروبوت لعدد من العبارات البذيئة فهذه التجربة لم تأخذ الحداثة في سياقها الجديد. علاوة على أن القدرة على التکيف لاستجابة البيانات المدخلة، قد يفتح الباب لهجوم المستخدمين من أصحاب الأغراض الخبيثة، وتعتبر تغذية البيانات في خوارزمية التعلم موضوع شائع. فوکلاء الذکاء الاصطناعي غير منزهين عن التحيزات مثلهم مثل البشر[xxxi]. کما إن الخوارزميات الخاطئة في مجالات البنية التحتية (شبکة الکهرباء) أو أنظمة الدفاع، أو الاسواق المالية، يمکن أن يشکل مخاطر شديدة على الأمن العالمي. قد تکون الخوارزمية مثالية من الناحية الرياضية، ولکن تثير اشکاليات من الناحية الاخلاقية، وعلى الرغم من أن صنع القرار البشري حافلا بالتحيزات المماثلة التي قد تبديها وکلاء الذکاء الاصطناعي، ومن ثم تصبح المساءلة أکثر غموضا عند الاعتماد على العوامل الاصطناعية.[xxxii] الأمر الذي يمس بجودة الخدمات المقدمة، وحسن إدارة الخدمات المقدمة مما يمس بنزاهة العملية ککل. ويمس بالمقابل بمنظومة الأمن القومي. 3.7 زيادة قدرة اجهزة جمع المعلومات والاستخبارات بالدولة: تساعد التقنيات الحديثة في تيسير جمع المعلومات بشکل حديث يصعب کشفه، من خلال تقنيات متناهية الصغر، عبر ما تتيحه الطابعات ثلاثية الأبعاد من المروحيات المسيرة متناهية الصغر بأعداد کبيرة جدا بالألاف أو مئات الألاف. فهذه الأجهزة ستنتشر في أسراب مروحيات بحجم حشرات، ومن المتوقع أن تستطيع هذه الحشرات الروبوتية الجمع بين الدماغ والعيون والاذان والأجنحة، فقد تدمج المجسات في المستقبل الربط بين القدرات الاستخبارية خصوصا في مجال جمع المعلومات والقدرات العسکرية. Virtual reality. ومن أبرز الجهات العاملة في هذا المجال مؤسسة البحث الوطنية لکوريا ومرکز ابحاث الروبوت المحاکي للأحياء في إدارة برنامج الاکتساب الدفاعي ومعهد ويس. [xxxiii] کما تساعد تقنيات الذکاء الاصطناعي في جمع المعلومات عبر الربط بين قواعد البيانات المختلفة بمختلف الجهات والساحات؛ مثل ما تقوم به شرکة Palantir في مجال الـ Analytics التحليلات، فتوفر الشرکة برمجيات قادرة على مسح مصادر متنوعة للمعلومات على غرار الوثائق المالية وطلبيات تذاکر الطيران، وتسجيلات محادثات الهاتف الخلوي والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي .. الخ. [xxxiv] 4 الإکراه ما بين الأدوات الجديدة وظهور الفاعلين الجدد: تساعد تقنيات الذکاء الاصطناعي على تطوير وظيفة الإکراه؛ عبر تراجع السلکة التي تمتلکها الدولة، وظهور قوى تشارک الحکومات سلطتها الاکراهية، بل وظهور أدوات اکراه جديدة. کما يظهر في الشکل رقم9
الشکل رقم 9: التغير الذي احدثته تقنيات الذکاء الاصطناعي في وظيفة الاکراه
4.1 ظهور فاعلين جدد يقتسمون أدوات الإکراه: لم تعد الدولة الفاعل الوحيد الذي يمتلک أدوات الإکراه، خاصة أن تقنيات الذکاء الاصطناعي توصلت لأدوات إکراه جديدة، کالأسلحة والمعدات الحديثة التي أضحت جميعها تستخدم تقنيات الذکاء الاصطناعي. أو هي ککل أحد أشکال الردع في حد ذاتها کالطائرات بدون طيار، والروبوت المقاتلة والحشرات الروبوتية وغيرها من التقنيات. فظهرت تنظيمات إرهابية على سبيل المثال تنتج التقنيات الحديثة وتستطيع شرائها وبيعها کتنظيم داعش والقاعدة، وأضحت الشرکات العملاقة تقاسم الدول في قدرتها التکنولوجية. 4.2 أدوات جديدة للإکراه: ظهرت تکتيکات هجومية جديدة کالتلاعب المتعمد لوسائل التواصل الاجتماعي "المتصيدون" أو "المتسللين" أو غيرها من الأسلحة الإلکترونية، تم نشرها من أجل إحداث إرباک وعزل أي انشقاق فردي أو جماعي متصور - باستخدام "مزيف" کالشائعات، التي تؤدي للاغتيال المعنوي لبعض الشخصيات عبر تشويهها، الأکاذيب البسيطة. [xxxv] ومن أبرز التقنيات برنامج يستخدمه الجيش الامريکي اسمه ICEWS:Integrated Crisis Early Warning System تم إطلاقه من قبل شرکة الأمن والطيران والتکنولوجيا العملاقة "لوکهيد مارتن"، يعد هذا المشروع مثال جيد على محاولة صهر عدة طرائق بحثية بالدمج مع معطيات هائلة الحجم. بهدف خلق نموذج بشکل کمي بخصوص انعدام الاستقرار السياسي في أرجاء العالم، ويحاول تشفير المعلومات الکمية، وإجراء تحليلات ترتکز على المحللين تستخدم الاستقراء الإحصائي عبر تحليل ملايين الأجزاء من المعلومات المنتشرة على تشکيلة واسعة من التصنيفات في عدة مناطق جغرافية. لتقليص التحيز والتوصل إلي ما يسمى بـ "نموذج النماذج کلها"، علاوة على قدرته على التعلم الذاتي، وقد تم تجريب المنظومة على نحو 30 دولة في آسيا والمحيط الباسفيکي، لاختبار إمکانيات وقوع أعمال تمرد أو مؤامرات، أو عنف عرقي أو أزمات داخلية أو دولية. وقد درست المنظومة عددًا کبيرًا من الأحداث الماضية في هذه الدول، وبناء على المعطيات قامت بترسيم محددات لوقوع التمرد بمناسيب مختلفة في کل دولة من الدول. وقدرة هذه الآلة على الاستقرار قد زادت ما بين عدة شهور إلي سنة . وفي اختبارات تم اجراؤها خلال السنوات الماضية نجح النموذج في إحداث وقوع قلاقل بمنسوب نجاح بلغ 60%. وتقنية ستار آب الاسرائيلي الذي يطلق عليه Reasoning فهو منظومة لتشخيص السلوکيات بناء على تحليل البصمة النصية للأفراد، تعمل على تطوير العثور على الموظفين اللائقين بالمؤسسات، وتشخيص مبکر للتهديدات مثل اطلاق النار في المدارس. وکذا مشروع Joint Information Environment الذي يديره البنتاجون يهدف لخلق بيئة تنظيمية موحدة من أجل القيادة والسيطرة بحيث تکون مؤمنة وموثوقة ومرنة للعدد الکبير من شبکات الاتصالات المختلفة، التي تستخدمها وزارة الدفاع والقوات المؤتمرة بأمرها، کما يمکنها ايضا تقصي نشاطات رجال وزارة الدفاع نفسها بهدف إحباط التهديدات الداخلية سواء بوعي أو من دون وعي. أما تقنية تحليل النظم المستهدفة أو تحليل الجمهور المستهدف Target Systems Analysis/ Target Audience Analysis هي تقنية قادرة على التزويد باستقراءات مرتکزة إلى فرص التحقق متعلقة بتصرف عدو ما، وتشخيص نقاط ضعفه "عنق الزجاجة" المحتملة في خطوط تزويده بالمؤن والسلاح واقتراح طرق مواجهة محتملة بواسطة محاکات وخلق نماذج لأنماط العمل المحتملة. کل ذلک بناء على متغيرات کثيرة ملتقطة من مجسات عدة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي. في 2016 أعلنت وکالة الاستخبارات الأمريکية إنها نجحت في استقراءات مستقبلية استخبارية قادرة على تشخيص حالة نهوض الاحتجاجات الاجتماعية، وانعدام الاستقرار الاجتماعي بشکل استباقي قبل خمسة أيام من اندلاع هذه الأحداث؛ بفعل تقنية التوقعات الاحتمالية Probabilities Forecasts. [xxxvi] من هنا يتضح أن تقنيات الذکاء الاصطناعي ساعدت على إدخال تغيرات أساسية في وظائف الدولة، بالمعني المتعارف عليه في النظريات التقليدية للعلوم السياسية مما يؤکد على صحة الفرضية الثانية للدراسة. القسم الثاني : رکائز الديموقراطية وتقنيات الذکاء الاصطناعي: أحدثت تقنيات الذکاء الاصطناعي طفرة في رکائز الديموقراطية، والحديث عن نظريات الدولة الديموقراطية کشکل من أشکال الحکم، فهناک تقنيات ساعدت على زيادة مشارکة المواطنين في وضع القوانين والسياسات وتخصيص الموارد والفرص الاقتصادية. وهناک تقنيات أخرى زادت من سيطرة السلطة على حقوق الفرد، بل بعضها هدد ما يتمتع به من منظومة الحقوق الأساسية التي يأتي في مقدمتها الحق في الحياة وحماية الأرواح. کما أن سلطة المواطن وزيادة نفاذه للأسواق والتقنيات التکنولوجية خلقت قوى تهدد الأمن والسلم، کظهور الهاکرز والمتسللين، ولکن نجد تقنيات أخرى تجمع بين مطالب واحتياجات المواطن والسلطة؛ کاستخدام سلاسل الکتل في نزاهة العملية الانتخابية التي قد ينتج عنها زيادة مشارکة الناخبين، وتقلل من الدعاية على العملية الانتخابية. وکذا تقلل من أعباء الطوابير والزحام المصاحب للانتخابات، مقابل ذلک فهي تضمن للناخب تلبية مطالبه بشأن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية. ويظهر تأثير تلک التقنيات على رکائز الديموقراطية في الشکل رقم 10 الشکل رقم 10: تأثير التقنيات على رکائز الديموقراطية
فيقدم هذا الجزء طرحا لمفارقة کبيرة يحملها الذکاء الاصطناعي بشأن حقوق الانسان، والمشارکة الديموقراطية، حيث يسمح بمزيد من الحرية والتمکين للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني وتحقق الشمول الاجتماعي والنفوذ للطبقات الدنيا ومختلف فئات المجتمع. ولکنه في ذات الوقت يزيد من قدرة الحکومات على الحد من الحريات الشخصية في ظل ظهور تقنيات حديثة أکثر تقدما عن ذي قبل. ومن ثم فالمحک هنا هو طبيعة النظام السياسي، وتوجهه تجاه المجتمع، وکذا التهديدات التي يشهدها النظام السياسي من فترة لأخرى.
ساعدت تقنيات الذکاء الاصطناعي على زيادة مشارکة المواطن ودعم العملية الديموقراطية عبر؛ ظهور أدوات للعصيان المدني مستجدة، تدعيم الديموقراطية السائلة والمحاسبة، وتطرح اشکالية حول قدرة الهاکرز والمتسللين لاختراق أنظمة الدولة، وتثير تساؤل مهم حول مستقبل الإنسان مقابل الألة هل العلاقة ستکون الإحلال، أم التنافس، أم التکامل. ويتضح ذلک خلال الشکل رقم 11 الشکل رقم 11: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على مشارکة المواطن
1.1 الديموقراطية السائلة والمحاسبة: تقدم بعض تطبيقات سلاسل الکتل تطبيق يسمى بالديموقراطية السائلة تهدف لدعم مشارکة المواطنين في العملية التشريعية، وجعل المواطنين أقرب لممثليهم من أعضاء البرلمان ومحاسبة أعضاء الکونجرس أمام ناخبيهم بطريقة قابلة للتحقق منها، والتفاعل وتقوم فکرة التطبيق على أن کل شخص يجب أن يکون له الحق في تقديم ملاحظات حول مسألة سياسة أو تشريع جديد، ولکن في کثير من الأحيان لا يتوفر للناس الوقت للقيام بذلک. ومع هذا باستخدام منصة الديمقراطية السائلة، يمکن للناخب اختيار ممثل شخصي لديه السلطة ليکون وکيلًا لتصويتهم من ضمن أعضاء البرلمان. يمکن تغيير هذا الوکيل وفقًا لتغير مصالح الناخب وتيسر التفاعل معهم والوقوف على أدائهم وإبداء الرأي في القضايا، ومشروعات القوانين المطروحة .الأمر الذي يدعم مشارکة المواطن بحرية مع توفر معايير النزاهة والمحاسبة والشفافية. ومن أبرز المنصات منصة تسمى الصوت الموحد United.vote لاختيار الممثلين الشخصين. تقنيات الذکاء الاصطناعي وزيادة سلطة المواطن.[xxxvii] 1.2 الانسان مقابل الالة "احلال- تنافس- تکامل" واستحداث ادوار جديدة: قدرة الهاکرز والمتسللين للوصول لأنظمة الدولة: يهدد المتسللون والهاکرز مؤسسات الدول وأنظمتها الأمنية مما يثير اشکالية حول قدرة الدول في الحفاظ على ما تمتلکه من معلومات وبيانات، وکذا في حماية مواطنيها من هجمات المتسللين، ومن أبرز الهجمات هجوم وسطاء الظل في أغسطس 2016 على وکالة الأمن القومي الامريکي، واستولت على أسلحة الکترونية بقيمة 500 مليون دولار، ثم عرضت تلک البرمجيات الخبيثة للبيع في مزاد تحت اسم "مزاد الأسلحة السيبرانية لمجموعة التسوية". وامتد الاختراق للمؤسسات النووية مما يمثل خطرا يهدد بقاء البشرية ککل، فذکر تقرير لوزارة الآمن الداخلي ومکتب التحقيقات الاتحادي الأمريکي "أف بي أي" في يونيو 2017 کما سبق الاشارة.[xxxviii] تشير مجلة الأمن Security Magazine أنه يمکن رصد هجومًا کل 39 ثانية في المتوسط على الويب، وأن أسماء المستخدمين وکلمات المرور غير الآمنة التي يتم استخدامها تمنح المهاجمين فرصة أکبر للنجاح. وستکلف جرائم الانترنت العالم 6 تريليون دولار بحلول عام 2021. [xxxix] 1.3 اشکالية العلاقة بين الانسان والالة: ففي ظل ثورة البيانات الضخمة ليس هناک مجالا لإقصاء الإنسان من العمل الاستخباراتي وإنما لتغير ديناميکية الإنسان- الألة وإخراج الإنسان من حلقات معينة يعجز فيها عن مجاراة الآلة. فتثور مثلا جدلية مدى امکانية الاستغناء عن رجل المخابرات مقابل الروبوت، الأمر الذي يعد أمرًا مستبعدا ، فالألة لن تتمکن من الحلول محل ملکة طرح الاسئلة والنظريات وبلورة المستخلصات وربطها بالعمل من خلال توصيات موجهة لأصحاب القرار. فالذکاء الاصطناعي سيتيح لرجال الاستخبارات معرفة معلومات أکثر في وقت وبمجهود أقل، الأمر الذي سيتيح التحرک بسرعة، وجمع المعلومات، وتخزينها بکميات غير محدودة، مما يؤدي لإنتاج استدراکات أکثر جودة وأکثر کما بمرور الوقت.[xl] هنا في المستقبل سيفرض هذا التطور على رجل الاستخبارات أن يتمتع بالآتي:
ورغم ذلک يتضمن الاعتماد کليا على الذکاء الاصطناعي اشکالية ما يسمى بـ :
1.4 ظهور أدوات للعصيان المدني الجديدة للمواطنين مثل المظاهرات السياسية الوهمية: المظاهرات السياسية الوهمية هي مظاهرات مفبرکة غير حقيقية تستند على الاخبار الکاذبة، مثل مظاهرات الإخوان المسلمين الوهمية في مصر في 30 يونيه 2019 بدأ الاعلان عنها وبث صور ودعاية کاذبة قادها بعض العملاء والمرتزقة الکترونيا. [xlvii]
تثير تقنيات الذکاء الاصطناعي إشکالية بشأن تقليص حقوق المواطنين بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي مثل حرية التجمع وحرية التنظيم، وحرية التعبير، حق الحياة، الخصوصية:[xlviii] ويتضح ذلک في الشکل رقم 11
الشکل رقم 11: اشکالية تقييد الحريات بقعل تقنيات الذکاء الاصطناعي
2.1 حرية التجمع: تسمح الأعمال الشرطية التنبؤية لأجهزة الشرطة باعتراض المظاهرات السلمية من قبل أن تبدأ. وعندما تحدث المظاهرات، تُمکّن تقنيات التعرف على الوجوه الاجهزة الشرطية من التعرف على المتظاهرين؛ ما يؤدي إلى احتجازهم واستجوابهم. کاستخدام السلطات بهونج کونج لتقنية التعرف على الوجه بالمظاهرات - التي تمت خلال عام 2019- للقبض على المتظاهرين والتحقيق معهم.[xlix] 2.2 حرية التنظيم: ويمکن أيضًا استخدام الذکاء الاصطناعي في تقويض أعمال منظمات المجتمع المدني عن طريق حجب مواقع المجموعات المعارضة والمنظمات الحقوقية. کما تفعل ترکيا والصين وکوريا الشمالية وايران لمنع بعض المواقع أمام مواطنيها.[l] 2.3 حرية التعبير: يمکن أن تستخدم تقنيات الذکاء الاصطناعي في حجب أو تقليص حرية التعبير عبر تطبيقات الذکاء الاصطناعي، فالصين على سبيل المثال تقيد حرية التعبير باستخدام الذکاء الاصطناعي في البحث عن کتابات مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع التي تدعم حرکة #أنا_أيضا وتحجبها. وبالمثل، ففي عدة دول منها قطر يُستخدم تطبيق "Netsweeper" الذي يستخدم الذکاء الاصطناعي في البحث عن وحجب المحتوى "المتصل بمجتمع الميم".[li] 2.4 تآکل الخصوصية: تثير تقنيات الذکاء الاصطناعي إشکالية تآکل الخصوصية؛ مثل استخدام کاميرات المرور، فقد ثار داخل الولايات المتحدة الأمريکية على سبيل المثال نقاش حول استخدام الأدلة، التي تنتجها أدوات غير مؤتمته بشرية، ولکن کاليفورنيا حسمت الأمر في قضية people v. Goldsmith عام 2014، حيث أقرت أن الأدلة المستخدمة من کاميرات المرور ليست مجرد أقاويل عندما تکون مدعومة بشهادة مسؤول ما. [lii] 2.5 حق الحياة: يثر استخدام الروبوتات في القبض على المخالفين للقانون إشکالية بشأن حماية الارواح، اذ انتهى حادث إطلاق نار جماعي بأمريکا مؤخرا بمقتل مطلق النار بقنبلة أطلقها عليه روبوت عام 2016، رغم أن قرينة البراءة بشأنه قد تکون قائمة. ومن ثم قد يساهم استخدام الروبوت في المجال الشرطي، في تراجع القبول المجتمعي لدورها رغم الجهود التي تبذل في مختلف دول العالم لکسب ثقة مجتمعاتهم وابنائهم؛ فالإشکالية ستنشأ بسبب هذا الفعل مثلا فقد تسهم الاخطاء غير المتوقعة للأتمته في تقويض هذه الجهود لنحو بلاداعي[liii]
من أبرز التحديات المثارة بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي، تأتي اشکالية عملية اتخاذ القرار ومعضلة تحسينها وتطويرها، ففي ظل ضخامة المعلومات وکثرتها ينشئ تحدي للعثور على معلومات محددة تخص القضية محل الاهتمام، ومعالجتها بسرعة وتشخيص الأنماط المتکررة واستخلاص الاستنتاجات، وتحويل المعرفة الناتجة لمعرفة يمکن للمستهلک الوصول إليها، الأمر الذي تحقق بفعل ثورة البيانات العملاقة BIG DATA وتقنيات الذکاء الاصطناعي. [liv]
تعد اشکالية مشارکة المؤسسات الوسيطة في الحياة الديموقراطية، من أبرز الاشکاليات المثارة بفعل استخدام تقنيات الذکاء الاصطناعي. وهنا يأتي مشکلة تراجع دور الأحزاب مقابل اکتساب مؤيدين جدد، وتثور أيضا اشکالية زيادة فاعلية وتيسير أداء منظمات المجتمع المدني. کما يظهر في الشکل رقم 12. الشکل رقم : 12 تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على مشارکة المؤسسات الوسيطة
4.1 الاحزاب السياسية بين تراجع الدور واستهداف ناخبين جدد: تستخدم الأحزاب السياسية استراتيجيات إعادة الاستهداف لإقناع الناخب بالتصويت لها، فإعادة الاستهداف هي تقنية تتبع نشاط يمکن من خلالها، رصد تفاعلات شخص ما عبر الإنترنت؛ رصد التعليقات، والمواقع التي يزورونها، والمنتجات التي يبحثون عنها ، والمقالات التي "يعجبون بها". فباستخدام هذه المعلومات، يمکن للسياسي إرسال رسالة خاصة تجعل الناخب يجد ضالته فيما يبحث عنه. [lv] کما فعل ماکرون في حملته الانتخابية من الباب للباب کما سلف الذکر. ولکن في المقابل تظهر إشکاليات جديدة يثيرها الذکاء الاصطناعي وتجعل الساسة والاحزاب السياسية عاجزة عن تلبيتها وعلاجها، علاوة على مواقع التواصل الاجتماعي وما أحدثته من مساحة للمشارکة والتعبير عن الرأي کبديل عن العضوية في المنظمات الوسيطة کالأحزاب والنقابات العمالية. [lvi] 4.2 زيادة فاعلية وتيسير أداء منظمات المجتمع المدني: استفادت مؤسسات المجتمع المدني من تقنيات الذکاء الاصطناعي: تثور مناقشات عملية حول کيفية استفادة منظمات المجتمع المدني من تقنيات الذکاء الاصطناعي، ويتم العمل على وضع تطبيقات للانتفاع منها في مجال الاعمال الخيرية کجمع التبرعات Crowd Funding. فيتوافر بالهند 15 منصة تستخدم تکنولوجيات الذکاء الاصطناعي لجمع التبرعات وأجرت 12 الف حملة ناجحة لجمع الاموال عبر الانترنت خلال عام 2018[lvii]،مثل برمجيات Siri وAlexa تستخدم تقنية "المُساعد الشخصي"، في تيسير التبرعات للمؤسسات الخيرية المفضلة للأفراد، وتقنية (robo-advisors) تساعد المانحين في تحديد المشروعات التي سيقدمون المنح إليها .[lviii] کما تعتمد عليها في تنظيم عملها وتسييره مثل استخدام الدرون خلال العمليات الإغاثية أبان الکوارث الطبيعية. کما يمکن لتقنيات الذکاء الاصطناعي تنسيق الأعمال الداخلية لمؤسسات المجتمع المدني کتنسيق عمل الإدارات وطرق التواصل، واستقطاب الموارد البشرية وادارتها. فيمکن لتکنولوجيا الذکاء الاصطناعي تحليل سلوک الموظفين بالجمعيات الأهلية لمنعهم من أية ممارسات خاطئة خاصة المالية، کما يساعد في ربط ومتابعة الاعمال التنفيذية کالإنشاءات وحملات التوزيع والمسح الشامل للاحتياجات، حيث يقلل التکلفة ويزيد من الکفاءة ويسمح بتوافر معايير الاستدامة [lix]، ويمکن استخدامه أيضًا في تحسين وتسريع عجلة الخدمات المقدمة للجمهور. مثل أحد منظمات المجتمع المدني الروسية التي طورت برمجية (بوت) لتقدم المساعدة القانونية الآنية للمتظاهرين. ولم يقف الأمر عند الاستخدام، ولکن أضحى الذکاء الاصطناعي يقدم کمساعدات ضمن برامج المسئولية المجتمعية من قبل الشرکات لمؤسسات المجتمع المدني؛ مثل شرکة ميکروسوفت وغوغل وآي بي إم وشرکات أخرى. [lx]
يثار الجدل حول دور تقنيات الذکاء الاصطناعي في نزاهة العملية الانتخابية، الأمر الذي لا يمکن الجزم به واطلاقه کحکم مسلم، خاصة أننا يمکننا هنا التفرقة بشکل تحکمي بين الذکاء الاصطناعي وسلاسل الکتل، أو ما يسمى بالبلوک اتشين Block Chain. فيمکن للأخيرة تأکيد نزاهة الانتخابات وحمايتها من التزوير أو التلاعب، ولکن هذا لا يتعلق بتزوير الإرادة أو توجيهها الذي يمکن لتقنيات الذکاء الاصطناعي الاخرى القيام به: کما في الشکل رقم 14. الشکل رقم13: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على العملية الانتخابية
5.1 التأثير السلبي على نزاهة الانتخابات عبر تقنيات الذکاء الاصطناعي: - التأثير على إرادة الناخبين: قد تؤثر تقنيات الذکاء الاصطناعي سلبا على نزاهة العملية الانتخابية سواء، عبر توجيه الناخبين قد تتمکن أداة اصطناعية تتمتع برؤية شاملة على الشبکات الاجتماعية، والسياسية أن تحدد فرص التأثير في الشبکات لکي تحقق نتيجة سياسية ما. فقد تتمکن الأداة من التدخل في الشبکات من أجل ربط مجموعة منعزلة ولکن متشابهة التفکير معا، لتصبح قادرة على العمل في ظل زيادة حجمها وتنوعها الجغرافي کي تحقق نتائج سياسية معينة، ويمکن لمثل هذا النشاط ان يشکل نسخة اوسع نطاقًا وأکثر استراتيجية للاستهداف المتقدم الحالي لإيصال الرسائل السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل استخدام منصة الاستهداف بالإعلانات في فيسبوک وقد بدأت المحادثات مؤخرا في مجال عمليات المعلومات الناشئة لتسلط الضوء على أنشطة أخرى قابلة للأتمته لتمکين إطلاق حالات تأثير مستهدفة. [lxi] وتسمى هذه الظاهرة بــ "فقاعات الترشيح filter bubbles " أحد انعکاسات التصميم المشخص لاستخدامات شبکة الانترنت،[lxii] ويمکن أن تؤدي إلي فصل حاد في الخطاب السياسي من مجموعات من البشر. مما يمثل فرصا لإيصال رسائل سياسية مستهدفة للغاية، مما يؤدي إلي خفض الترکيز على الحقيقة في الرسائل المرسلة والصحافة. مستغلة قابلية البشر للتأثر بالإنحياز التأکيدي، مما يجعلهم أکثر قدرة على تصديق الرسائل التي تؤکد المعتقدات القائمة، مهما کانت خاطئة مما يساعد في انشاء غرف صدى للمعلومات المضللة، نظرا لانحيازاتنا التفکيرية في ظل الطبيعة المغلقة لمنصات تواصلنا الاجتماعي عبر شبکة الانترنت وفقا لTufekci. ومن أبرز التطبيقات على ذلک استخدام الحزب الجمهوري والديموقراطي بأمريکا في انتخابات 2016 حيث استفاد کل منهم وانتهز القدرة على تحديد الجمهور المستهدف بالأخبار والرسائل المزيفة في بعض الاحيان. [lxiii] وقامت "وکالة أبحاث الإنترنت" بروسيا، بتوظيف الآلاف من النشطاء لإنشاء ونشر دعاية للناخبين الأمريکيين، تصل لأکثر من 126 مليون مستخدم على Facebook وحدهم، وأصدر التحقيق بقيادة مولر في التواطؤ بين حملة ترامب وروسيا 36 لائحة اتهام ضد الرئيس الأمريکي[lxiv]. وقد أکدت ذلک وکالة الاستخبارات الأمريکية أن الانتخابات الأمريکية تعرضت لتدخل أجنبي تجاوز حده من خلال هجمات إلکترونية خارجية. وأخذت الهجمات بشکل إصدارات عامة انتقائية لبيانات خاصة مسربة في محاولة للتأثير في أراء الناخبين.[lxv] وفي البرازيل ، قام المحافظ المناهض للأقليات والمعارض للتعذيب Jair Bolsonaro بالتنسيق مع الشرکات الدولية لنشر الأکاذيب والدعاية، ضد خصومه من خلال واتس آب ، وعلى فيسبوک.[lxvi] مما يتضح إمکانية توجيه إرادة الناخبين والمفارقة أمکانية کشف التلاعب، ولکن تجدر الاشارة أن في أحوال أخرى قد يصعب اکتشاف التلاعب، فيمکن للأدوات الاصطناعية الأکثر تقدما أن تزيد من کفاءة أي جهات ذات نوايا، وأن تجعلها أقل قابلية ليتم اکتشافها خلال هذه العملية. [lxvii] - اختراق التصويت الإلکتروني بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي: في إطار استخدام تقنية التصويت الإلکتروني" آلة التصويت الإلکتروني" (EVM) خلال الاقتراع تثور إشکالية تأمينها، لأنها غير مأمونة ومأمنه بشکل تام. فهذه التقنية عرضة للتسلل وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الآلات معرضة بشدة لخطر التلاعب والقرصنة، واشارت بعضها إلى استخدام الولايات المتحدة لتلک الالية في الاقتراع وما يشوبها من خلل، حيث تستخدم أنظمة التصويت المباشر للتسجيل الإلکتروني وتقوم بتخزين الأصوات على قرص صلب، ولکن ليس لديها أي شکل من أشکال النسخ الاحتياطي للأصوات الامر الذي يسمح بالتلاعب فيها أو اختراقها. بل واعترف أحد البائعين بالولايات المتحدة بتثبيت برامج مستترة في أجهزة التصويت بقصد التلاعب بالنتيجة. [lxviii] 5.2 تقنية سلاسل الکتل ونزاهة الانتخابات وشفافيتها: تثور إشکالية نزاهة الانتخابات وإمکانية توجيه الناخبين أو تزوير الانتخابات بفعل التلاعب بتقنيات الذکاء الاصطناعي. في هذا الصدد، تأتي سلاسل الکتل لتقدم حلا أکثر تأمينا للانتخابات، حيث تساعد في زيادة نزاهة العملية الانتخابية، وتأمين إرادة المواطنين. فهي تساعد على منع أي شخص من التلاعب بعملية التصويت، ودعم مناخ الثقة ناهيک عن تيسير عملية التصويت واتاحتها لتتم بأية مکان. ففي نوفمبر 2018 قامت ولاية غرب فرجينيا خلال انتخابات الکونجرس الامريکية باستخدام سلاسل الکتل خلال الانتخابات، حيث سمحت لعدد 144 ناخب بالاقتراع نظرا لتواجدهم بدول مختلفة خارج الولايات المتحدة، بأماکن بعيدة يصعب وصولهم لسفاراتهم بالخارج لإجراء التصويت. فتم استخدام برنامج VOATZ [lxix] وتمت عملية الاقتراع بنجاح. الأمر الذي يساعد على النفاذ بل وزيادة اعداد الناخبين. وخلال شهر مارس 2018 ، أجرت دولة سيراليون بغرب إفريقيا ، أول انتخابات قائمة على أساس سلسلة الکتل وتمت بنجاح. تم خلالها منح الناخب "محفظة" (أوراق الاعتماد) و "عملة معدنية" (فرصة للإدلاء بصوته). ثم تم التحقق من هوية الناخب باستخدام أدوات القياس الحيوي، مثل فحص بصمة الإبهام ، قبل التصويت عبر التليفون المحمول. ثم يقوم الناخبون بالإدلاء بأصواتهم إلکترونياً في دفتر الأستاذ القائم على الکتلة، حيث تظل أصواتهم آمنة تتمتع بالشفافية مع الحفاظ على سرية هوية الناخبين والنتائج، والتي سيتم تخزينها في نقاط مختلفة بأجهزة کمبيوتر کثيرة غير معلومة. بعد ذلک، يمثل کل تصويت مسجل جزءًا من سلسلة من الأصوات تماثل صندوق الاقتراع. وتتوافر شبکة خارجية للتحقق مکونة من مجموعة من الجهات الفاعلة المستقلة للتحقق من نزاهة التصويت ، بحيث لا يمکن لأي شخص تغيير أي بيانات في blockchain بنفسه. بمعنى أخر، ستکون الأصوات المسجلة آمنة بشکل کبير. [lxx] ومن أبرز مزايا إجراء الانتخابات بفعل تکنولوجيا سلاسل الکتل تخفيض تکلفة الحملات الانتخابية، حيث تنفق الحملات السياسية مبلغًا هائلاً من المال في حملات التسويق، في محاولة لاستخدام قوة المال للتأثير على الناخبين، والتي يجب أن تتوقف. فلن يتطلب تصويت Blockchain مثل هذه النفقات الضخمة والجهد لالتماس التبرعات، حيث أن التصويت سوف يکون استنادًا لمعرفة کل ناخب ومعتقده. [lxxi] هذا علاوة على، تيسير عملية التصويت وعدم وجود طوابير من الناخبين إضافة إلى عدم رمزية السلطة الانتخابية، وتوافر حرية لدى کل ولاية أو مدينة أو دولة لاختيار طرق التحقق من الناخب فبعض التطبيقات مثل Voatz أختار تقنية التعرف على الوجه في حين اختارت سيراليون البصمة کأحد سبل التحقق، مما يعرف باسم "قانون دوفيرجر" الذي ينطلق من حرية دمج التکنولوجيا الآمنة والمأمونة في أنظمة التصويت المختلفة وفق إرادة السلطة المنظمة للعملية الانتخابية من أجل الدفع باتجاه المزيد من أساليب الانتخابات الأکثر عدالة وديمقراطية. بمعنى آخر تصميم تطبيق يجمع تکنولوجيات عديدة من أجل التحقق من الناخبين، وحفظ الأصوات دون إلزام باستخدام تقنينه بعينها مما يزيد من نزاهة العملية الانتخابية.[lxxii]
القسم الثالث: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على النظام العالمي يطرح هذا القسم إشکالية مهمة لإعادة النظر ببنية النظام الدولي من منظور الذکاء الاصطناعي، بمعني أن التقنيات الحديثة قد خلقت واقعا جديدا في إطار إعادة تشکل النظام العالمي. فيفند هذا القسم الفرضية الثالثة والرابعة للبحث، حيث يتناول تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على تغير مقدرات القوي، وزيادة احتمالية عدم الاستقرار ببنية النظام الدولي بالتبعية. فمع تغير هيکل وبنية النظام وتحوله من نظام أحادي القطب إلى نظام تعددية قطبية آخذة في التشکل والتبلور، هنا يأتي الذکاء الاصطناعي ليفتح فصلا جديدا من التفاعلات لتکون امتلاک التقنيات أک8حد محددات الصراع والتعاون، بل أن محددات القوى العظمي أضحي الذکاء الاصطناعي من ضمنها، خاصة أنه ساعد في ظهور فاعلين جدد على الساحة يمارسون أدوارا تتقاسم مع أدوار الدول، بل قد تتعاداها في بعض الاحيان. کما أنه أصبح مدخلا مهما لتهديد السلم والأمن الدوليين. بل أنه أصبح محددا لزيادة الفجوة بين القوى التي تمتلک التکنولوجيا والقوى المستوردة لها هذا في ظل ظهور سباق على التسلح، الأمر الذي قد يتخطى لحد اشعال الحرب، وهنا تکمن الخطورة في ظل احتمالية زيادة اعداد الضحايا والأثار الناجمة عن استخدام تقنيات الذکاء الاصطناعي على الساحة الدولية. وهذا ما يظهر في الشکل رقم 15 حيث يوضح تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على بنية النظام العالمي والتفاعلات بداخله. الشکل رقم14: تأثير تقنيات الذکاء الاصطناعي على بنية النظام العالمي والتفاعلات
تتزايد المنافسة على الساحة الدولية بين الشرکات العملاقة والدول القومية، بسبب البيانات الضخمة التي تمتلکها تلک الشرکات، وتعتبرها الدول مصدر تهديد لأمنها، کشرکة جوجل تمتلک بالفعل کميات هائلة من البيانات الشخصية لمليارات من المستخدمين لديها، وتثير بعض الشرکات إشکالية في ثقة الجمهور في الحفاظ على خصوصية بياناتهم، الأمر الذي يمثل تحدي لسلطة وسيادة الدول في حماية بيانات مواطنيها ربما يکون Facebook أکثر جامعي البيانات إثارة للجدل فقد تلقى Mark Zuckerberg ورفاقه استدعاء من الکونغرس لمناقشة مدى سوء استخدام الشرکة لثقة الجمهور.[lxxiii]
سيشهد العالم خللا في القدرات الاقتصادية العالمية لصالح من يملک التقنية (الشرکات المتقدمة)؛ حيث تمتلک قلة صغيرة من الشرکات الضخمة التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي. وتتمتع بالنفاذ إلي قواعد البيانات الکبيرة، وکذا العمال الفنين عالي المهارة، مما يعني أن العوائد والمکاسب الانتاجية الناجمة عن الرقمنة بالذکاء الاصطناعي تنصب في صالح مجموعة ضيقة من الشرکات العملاقة.[lxxiv]
ظهور تقنيات الذکاء الاصطناعي يضعنا أمام فاعلين جدد؛ تثار بشأنهم اشکالية إطفاء الشخصية القانونية عليها. فتناقش أدبيات الذکاء الاصطناعي اشکالية کيفية اکتساب الأدوات الاصطناعية الشخصية القانونية، وما يترتب عليها من تباعات في الحقوق والواجبات خاصة أن دورها يتخطى حدود الدول. فيرى Bayern أن هذه الأدوات قد سهلت المنافسة بين النظم الاساسية للشرکات عبر الدول، الأمر الذي يؤکد اکتساب الکيانات الاصطناعية لشخصية قانونية والحفاظ عليها بکل سهولة من خلال النظام الاساسي للشرکات، حيث تتمتع هذه الکيانات القانونية الخوارزميات بميزة نسبية مقارنة بالکيانات التي يتحکم بها البشر في الأنشطة الجنائية أو الإرهابية أو غيرها من الانشطة المعادية للبشر، ويرجع ذلک جزئيا إلي الولايات القضائية وسهولة نقل البرمجيات عبر الحدود. فقد يکون مجال وفرع قانوني يجب استحداثه ومناقشته. کيف نکيف القانون مع قدراتنا الجديدة؟".[lxxv] الامر الذي يمتد ليس فقط علي مستوى القانون الوطني، ولکن يمتد التحدي إلى القانون الدولي نظرا لدورها على الساحة الدولية العابرة للحدود، مما يضع عبئا على المشرع.
أضحى الذکاء الاصطناعي أحد مقدرات القوة والنفوذ التي تتنافس عليها القوة العالمية. فکشفت دراسة نشرتها منظمة الملکية الفکرية العالمية، أن الصين والولايات المتحدة تقودان المنافسة العالمية في الذکاء الاصطناعي. فقد استحوذتا “کل من الولايات المتحدة والصين" بوضوح على الصدارة. فهما في المقدمة فيما يتعلق بالتطبيقات والمنشورات العلمية. حيث تمثل المنظمات الصينية ثلاثة من أربعة لاعبين أکاديميين مدرجين بين أکبر 30 من طالبي براءات الاختراع، وحلت الأکاديمية الصينية للعلوم في المرتبة الـ17 بأکثر من 2500 من براءات الاختراع. ومن بين اللاعبين الأکاديميين، تمثل المنظمات الصينية 17 من بين أبرز 20 لاعبا دراسيا في براءات اختراع الذکاء الاصطناعي، وتمثل کذلک 10 من بين أبرز 20 في المنشورات العلمية بالمجال.[lxxvi]
کشف مرکز راند عام 2018 عن ثغرة مستقبلية تهدد مستقبل الولايات المتحدة في مجال التفوق في الذکاء الاصطناعي. فيعتبر أن تزايد مبتکري الذکاء الاصطناعي وخبراتهم في دول أخرى کالصين مثل شرکات بايدو Baidu وعلى بابا Alibaba وديدي Didi ، ربما يعطي ذلک اشارة أکثر دلاله إلي فقدان الولايات المتحدة عن الهيمنة في الحوسبة عالية الأداء من تعقيد الساحة، حيث انتشرت تلک الاصول واصبحت متوفرة عالميا، ولم يعد من الجائز افتراض غياب جهات أجنبية لها خبرات وموارد ذکاء اصطناعي مماثلة. في هذا السياق، ينبغي التخلص من افتراض التفوق الامريکي الدائم في تکنولوجيا الذکاء الاصطناعي، وخبراته لنأخذ في الحسبان وجود منافسة عالمية شديدة، وربما تزداد شدتها مع مرور الوقت خاصة في ظل إحراز الطلبة الامريکان نتائج في استبيانات التعليم العابر للحدود PISA الذي أجرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية درجة متوسطة أو أقل من المتوسطة. مما يخلق مشکلة أمام الولايات المتحدة في مجال التفوق في الذکاء الاصطناعي في ظل القدرات والمواهب المحدودة لدي الطلبة الأمريکان. لذا اقترح مرکز راند اهمية وضع استراتيجية کبيرة لجذب ذوي المواهب وتأمينها الأمر الذي تحتاج لسياسة نحو الهجرة تعطي الأولوية لهذه المجموعات من المهارات، ويرى أن أهمية تعزيز هذه الموجات من الهجرة لثلاثة أسباب رئيسة: [lxxvii]
فيرى کلا من جولدن وکاتز أن مواطن ضعف نظام التعليم الامريکي، تجعل استمرار الاستثنائية الاقتصادية الأمريکية أمرا غير مرجح. الأمر الذي يؤکد تغير شکل النظام العالمي، استنادا على تغير مفهوم مقدرات القوى لتصبح أکثر ذکاءا، ومن ثم اضحى الذکاء الاصطناعي أحد محددات معايير صعود القوى العظمي ببنية النظام الدولي.
نظرا للتطور الحديث للأسلحة الذي أحدثه تقنيات الذکاء الاصطناعي شرعت الدول الکبرى، وبخاصّة الولايات المتّحدة الأميرکيّة، وروسيا الاتّحاديّة والصين في تطوير تطبيقات متعدِّدة للأنظمة العسکريّة التي تعتمد على الذکاء الاصطناعي، لأنه اضحى ضمن المقدرات الجديدة للقوى والتأثير واکتساب مناطق النفوذ والتأثير. الأمر الذي يهدد باحتمالية دخول الدول في سباق تسلّح، کما هو الحال بالنسبة لسباق التسلُّح الأميرکي – الصيني في تطوير أسراب الدرونز الطائرة. الأمر الذي يزيد الوضع خطورة على السلم والأمن الدوليين، حيث يُمکن للذکاء الاصطناعي أن يلعب دَوراً تصعيديّاً في التفاعُلات الصراعيّة بين الدول، في حال أخذنا في الاعتبار صعوبة تحديد هويّة الطَّرف القائِم بشنّ الهجوم، سواء في العمليّات العسکريّة الواقعيّة (من خلال طائرات الدرونز) أم في مجال السيبراني. الأمر الذي قد يدفع دولة ما إلي استخدامها لاختلاق ازمة بين دولتين آخرتين.[lxxviii] کحال ارامکو 2019.
وذلک وفقا لتقرير مرکز الامن القومي الامريکي CNAS عبر التصعيد غير المتعمد باستخدام الدرونات (الطائرات بدون طيار)، بسبب صغر حجمها وانخفاض تکلفتها وعدم وجود تهديد لحياة الجنود المقاتلين، ورغم ذلک لم تحدد الدول قواعد الصراع المسلح بالنسبة للأنظمة المستقلة. ويمکن أن يکون عدم اليقين في حد ذاته "تهديدا حقيقيا وشرعيا يکون ذريعة، أو سببا لاندلاع الحرب حيث تکمن مشکلة الدرون بشکل عام في التحکم عن بعد، لذا تميل الجيوش لان تکون اکثر فظاظة حول استخدامها في المجال الجوي المتنازع عليه. مما قد يؤدي لغموض التفسيرات حول نوايا هذه الطائرات فعلى سبيل المثال استطاعت الصين تطوير درون يسمى Blowfish A2 تتمتع باستقلالية کاملة وصولا للأهداف المستهدفة، مما يعني أن استخدامها سيکون أکثر دقة وحرفية وتهديدا لمرمي العدو. الأمر الذي يمثل تهديد للسلم والأمن الدوليين"[lxxix]
کانت للحرب العالمية الأولي والثانية أثرها الشديدة نتيجة عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم، بسبب شدة وضراوة هذه الحرب، الأمر الذي أسفر في النهاية عن تغير شکل النظام العالمي وتوازن القوى بين اعضاءه. هنا تظهر إشکالية مماثلة مصاحبة لاستخدام تقنيات الذکاء الاصطناعي سواء عند قصد أو غير قصد. فيمکن لعملية صنع القرار المؤتمته بالکامل في مجال الامن القومي أن تؤدي إلي إخطار مکلفة ووفيات کثيرة. فبلغ الحال أبان الحرب الباردة أن وصلت بلدان کثيرة لحافة الحرب النووية؛ بسبب خلل في انظمه دفاعها النووية المؤتمتة، ويبحث تقرير موقع ديفنس وان defense one إشکالية أسلحة الذکاء الاصطناعي، التي تعمل دون تدخل بشري. [lxxx] بل أن الأمر تعدى ذلک لتهديد الاختراق للمؤسسات النووية، ففي تقرير وزارة الامن الداخلي ومکتب التحقيقات الامريکي (FBI) عام 2017 رصدت محاولات اختراق لبيانات الاعتماد بنظم تشغيل المحطات النووية، وذلک عبر رسائل تصيد الکترونية مشبوهة. [lxxxi] مما يزيد من احتمالية التهديد باستخدام السلاح النووي من قبل جماعات غير مسئولة، الأمر الذي سيخلف عنه الدمار والقتل والخراب بمساحات واسعة. واتساقاً مع ما ذکر يمکن استنتاج صحة الفرضية الثالثة والرابعة للدراسة، فاستطاعت تقنيات الذکاء الاصطناعي من زيادة احتمالية عدم الاستقرار ببنية النظام الدولي، وظهور مقدرات جديدة للقوى کان امتلاک خوارزميات الذکاء الاصطناعي أحد تلک المقدرات. القسم الرابع: السياسات الممکن طرحها امام صانع القرار توصلت الدراسة إلى وجود تأثيرا کبير لتقنيات الذکاء الاصطناعي على العلوم السياسية، بحقليها الأبرز النظم السياسية والعلاقات الدولية وقد اختبرت الورقة تأثيرها على وحدتي التحليل الأکبر الدولة والنظام الدولي. وتوصلت لوجود تأثير للتقنيات الحديثة على أرکان الدولة ووظائفها ورکائز الديموقراطية ومحددات الأمن القومي. ونجاح تقنيات الذکاء الاصطناعي في إعادة تشکيل بنية النظام الدولي، من حيث مقدرات القوى وإعادة توزيعها والتفاعلات بينها. ومع ما يقدم من طرح بشأن وحدتي التحليل، هناک طرحا نظريا يثير مسألة إزالة الحدود المعرفية بينهما بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي، ويؤکد أن التطورات التکنولوجية الحديثة قد ساعدت على إزالة الفوارق النظرية، وجعلت وجود تأثيرا متبادلا بين الوحدتين بشکل يصعب تحديده أو فصله معرفيا. ومن أبرز ملامح التأثير المتبادل: - مهددات السلم والأمن الدوليين بفعل خطأ الخوارزميات في أنظمة أحد الدول في مجالات الدفاع والطاقة الکهربائية والنووية وغيرها، قد ينتج عنه تهديد يتجاوز حدود الدول ويمتد للنظام العالمي ککل. [lxxxii] - استقراء تفضيلات المواطنين يتجاوز حدود المؤسسات السياسية التقليدية للدول فقد اثبتت تقنيات الذکاء الاصطناعي قدرة تلک التقنيات الحديثة على التعرف على اختيارات وتفضيلات الأنظمة السياسية أکثر من الحکومات ذاتها الأمر الذي يمتد للنظام العالمي بأکمله ومؤسساته الأممية. - خلق إنسانية جديدة مترابطة تکنولوجيا تؤثر في مصير الحکومات والتنظيم الدولي يدعمها علماء البيانات الضخمة والاثنوجرافيا. - إزالة الحدود بين المحلي والعالمي عبر جمع الشرکات العالمية جنبا إلى جنب مع المنظمات العامة بالمؤسسات الأممية، الأمر الذي يتطلب حتمية خلق أنظمة سياسية حديثة تواکب التکنولوجيات الحديثة.[lxxxiii] فتحاول تلک الدراسات اثبات قدرة تقنيات الذکاء الاصطناعي على إزالة الحدود المعرفية بين النظم السياسية والعلاقات الدولية عبر الربط بين أصغر الديناميکيات الاجتماعية والسياسية على نطاق عالمي. ويوضح الشکل رقم 16 التأثير السياسي الأبرز لتقنيات الذکاء الاصطناعي الذي توصلت إليه الدراسة على أرکان ووظائف الدولة وبنية النظام الدولي.
الشکل رقم 15: التأثير السياسي الأبرز لتقنيات الذکاء الاصطناعي على أرکان ووظائف الدولة وبنية النظام الدولي
وفي هذا السياق، واستقراءا لما تقدم بالورقة البحثية التي أثبتت صحة فروض الدراسة الأربعة، يمکن الوقوف على عدد من السياسات المهم طرحها أمام صانع القرار العربي لتعظيم الاستفادة، في إطار الطرح المقدم بشأن تغير أرکان مفهوم الدولة ووظائفها، ومقدرات بنية النظام الدولي وإزالة الحدود الفاصلة بينهما. الأمر الذي يطرح على صانع القرار إشکالية حول ماهية أبرز السياسات المهم الانتباه إليها، والعمل على تطبيق الملائم والمناسب منها کل في ضوء قدراته وإمکاناته ورؤيته المستقبلية؛ للاستعداد وبناء القدرات والامکانات وتطوير وظائف الدولة تمهيدا لبناء مقدرات قوتها داخل بنية النظام الدولي. في ظل اهتمام دول العالم المختلفة بوضع رؤي قومية لتکنولوجيا الذکاء الاصطناعي کاستراتيجية الإمارات الوطنية للذکاء الاصطناعي 2031[lxxxiv]، واستراتيجية الهند الصادرة عام 2018[lxxxv]، والمانيا واسرائيل والولايات المتحدة، وغيرها من دول العالم التي تربو إلى المستقبل وتطلع إليه. وهذا ما سيطرحه هذا الجزء فيما يلي. ويمکن تقسيم محاور السياسات المقترحة سبعة محاور فرعية تظهر في الشکل رقم 16 الشکل رقم6 1محاور السياسات المقترحة
المحور الأول: المستوى الوطني أ. تضمين استخدامات الذکاء الاصطناعي في خطط التنمية الوطنية للتنمية المستدامة 2030، وتحديد استخداماتها في کل قطاع من قطاعات کل دولة وخطط العمل اللازمة لاستکمال الأتمته والرقمنة والربط الإلکتروني. مع أهمية التأکيد على بناء منظومة صناعية متطورة تستخدم الطابعات ثلاثية ورباعية الأبعاد. ب. تطبيق تقنية "الشبکة العصبية الاجتماعية" عند: - إعداد برنامج عمل الحکومة کل عام لتعکس احتياجات ومتطلبات المواطنين. - إعداد البرنامج الانتخابي بالحملات الانتخابية وببرامج الأحزاب السياسية للوقوف على مطالب الشعب، اقتداء بحملة طرق الأبواب التي أجراها الرئيس الفرنسي ماکرون عام 2017، وکان لها الفضل في نجاحه کمعبرا عن إرادة الناخبين رغم افتقاده للخبرة السياسية مقارنة بسابقيه. المحور الثاني: البحث العلمي وإعداد وبناء الکوادر: أ. دعم منظومة البحث العلمي في مجال الذکاء الاصطناعي، وزيادة المخصصات المالية لمنظومة البحث العلمي من الموازنة العامة للدولة (فالمعايير الأوروبية تتراوح المخصصات المالية على البحث العلمي من الناتج القومي الإجمالي للدول الأعضاء بالاتحاد الاوروبي ما بين 3.5%: 7.5%). ب. الاهتمام بأبحاث Dataset لتقليل تحير الخوارزميات والعمل على وضع ضوابط للتقليل من أخطاء الخوارزميات عن قصد أو عن غير قصد، ووضع ضوابط للمراقبة والمتابعة الدورية. ت. اجتذاب متخصصين من علماء البيانات DATASCIENTISTS وإنشاء تخصصات بالجامعات العربية في هذا الإطار لبناء کوادر عربية ماهرة، خاصة أن المستقبل يفرض على أجهزة الاستخبارات العربية اجتذاب أفضل الکوادر في هذا التخصص للعمل بها. ومن ثم ستثور اشکالية الکفاءة مقابل الولاء والسرية. ث. إنشاء کليات متخصصة في الذکاء الاصطناعي الأمر الذي بدأت فيه بعض الدول العربية مثل مصر والأمارات ولکن لابد من تطبيقه بشکل أکبر وبمختلف الدول العربية. ج. رفع مرتبات وبدلات العاملين والمتخصصين في مجال تقنيات الذکاء الاصطناعي بمؤسسات الدولة الحکومية في ظل المنافسة على استقطابهم من قبل القطاع الخاص والأسواق السوداء المشبوهة التي تهدد أمن الدول واستقراراها. المحور الثالث: التشريعات المنظمة أ. أهمية العمل مع الجماعة الدولية بالمنظمة الأممية على وضع تشريعا دوليا لتقنين إنتاج وتبادل اسلحة الذکاء الاصطناعي خارج الأسواق الرسمية. ب. العمل دوليا لوضع اخلاقيات منظمة للعمل في تطوير تقنيات الذکاء الاصطناعي. ت. سن تشريعات وطنية تسمح بتطوير وانتاج تقنيات الذکاء الاصطناعي ولکن مع مراعاة اعتبارات الأمن القومي. ث. سن تشريعات تقنن استخدام العملات المشفرة في حدود منظمة لاعتبارات الأمان المالي واعتبارات الأمن القومي.
المحور الرابع: تطبيقات في مجالات هامة أ. استبدال آلية التصويت الإلکتروني بسلاسل الکتل Blockchain باعتبارها أکثر أمنا وتأمينا، خلال الحملات الانتخابية مع المغتربين والمواطنين الصعب مشارکتهم في العملية الانتخابية.ويمکن تطبيقها من قبل السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات بالقدس الشرقية رغما عن رفض اسرائيل لإجراء الانتخابات بها والادعاء بأنها کاملة عاصمة لإسرائيل عقب قانون القومية الصادر عام 2018. کذلک يمکن استخدامها لتطبيق إعلان القاهرة بليبيا؛ عبر اجراء الانتخابات التي نصت عليها المبادرة، خاصة بالمناطق التي تسيطر عليها قوات السراج. ب. استخدام وزارة الخارجية روبوتات تساعد على عملية اتخاذ القرار في شئون السياسة الخارجية في ظل تشابه الدبلوماسية مع الشطرنج کلعبة لوحية، وقد اثبت الذکاء الاصطناعي تفوق في الألعاب اللوحية مثلما تفعل الصين مؤخرا، ولکن مع وجود البشر بجانب الألة لتحسين عملية اتخاذ القرار لأن المنظومة البحثية الجديدة، أثبتت أن العلاقة تبادلية بين الإنسان والألة للخروج بأفضل النتائج المرغوبة والمرجوة، خاصة في مثل هذه المجالات الحساسة کوزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات ج. تطوير تقنيات ترشيد استخدام الموارد وتصنيعها على الأرض کي لا يکون ذلک ذريعة للحديث عن تقاسم الموارد، فلم يعد هناک مجالا لتصديرها کمادة خام، وإنما تصنيعها وتوطين صناعتها محليا، ولابد من الإشارة بالمحافل الدولية أن امتلاک التکنولوجيا ليس مبررا لتقاسم الموارد خاصة أن الموارد المطروحة في هذا الصدد؛ النفط، والغاز، والموارد المائية على وجه الخصوص. ح. استخدام الجمعيات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني لتقنيات الذکاء الاصطناعي في اعمالها الإنسانية والخدمية، کأعمال الإغاثة "الدرونز"، وکذا في استقطاب الموارد وتوزيع المساعدات، ومنع الفساد وتقديم المساعدات القانونية بالمنظمات الحقوقية. المحور الخامس: التنظيمات الدولية والإقليمية أ. انضمام الدول العربية إلى منتدى حکومة العالم للذکاء الاصطناعي AI World Government لبناء قدرات الهيئات الحکومية والعاملين بالتقنيات الحديثة، ولکن مع مراعاة الحفاظ على السيادة الوطنية، ومقدرات الأمن القومي. ب. تشکيل منتدى عربي لتقنيات الذکاء الاصطناعي يتبع جامعة الدول العربية، يتولى مهام دعم منظومة البحث العلمي ودعم التحول التقني والأتمتة بالدول العربية، وينسق فيما بينها لتبادل المعارف والخبرات.
المحور السادس: دعم الشرعية السياسية ومقدرات الدولة في ظل التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي أ. النظر إلى العمالة التي تم تصفية عملها بفعل الأتمته والرقمنة والعمالة المزمع إنهاء أعمالها والبدء في برامج تدريب تحويلي وفقا لقدراتهم وسماتهم الشخصية کي لا يتحولوا لمعول هدم، وإنما سيمثل هذا التدريب دعم لسياسات الاحتواء الاجتماعي وزيادة رضاء المواطنين مما يصب في دعم شرعية السلطة الحاکمة. ب. الاهتمام بالنشء وتصميم الدولة دوريا اختبارات لقياس مستويات الذکاء IQ للطلبة وتصميم برامج لرفع معدلات الذکاء وبناء المکونات المعرفية المطلوبة في المستقبل لأن الذکاء البشري هو أحد مقدرات القوى للدول وفقا لبنية النظام الدولي الجديد، جنبا إلى جنب مع الذکاء الاصطناعي؛ لأنه هو الذي سيقود إليه وسيعمل على تطويره. المحور السابع: استراتيجيات جديدة للعمل أ. فرضت التقنيات الحديثة على الکثير من أجهزة الدولة إعادة النظر في استراتيجيات عملها فعلى سبيل المثال: ب. لابد للأجهزة الاستخباراتية بناء نماذج جديدة للتعاون مع القطاع المدني والتنافس مع القطاع الخاص. - على وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات تبني استراتيجيات جديدة في استقطاب وبناء الکوادر الاستخباراتية العاملة، لتتمتع بالعقلية النقدية والرؤية المستقبلية العابرة للتخصصات القادرة على التعامل مع العلوم الحديثة والتقنيات المتطورة. خاتمة: أخيرا وليس أخراً، قدمت الورقة طرحا لأهمية إعادة النظر في وحدتي التحليل الأساسيتان في العلوم السياسية الدولة وبنية النظام العالمي، فکلاهما تأثرا سلبا وايجابا بفعل تقنيات الذکاء الاصطناعي التي تحمل في طياتها إشکاليات جديدة مصاحبة تقتضي مراجعة ثوابت، ورکائز العلم فيما يتعلق بأرکان مفهوم الدولة، ووظائفها، ورکائز الديموقراطية وکذا بنية النظام الدولي ومقدرات القوى ومعايير صعود القوى الجديدة وشکل التفاعلات السياسية. فقد أحدث الذکاء الاصطناعي طفرة في زيادة قدرات الدول تقنينا بسبب ما تقدمه من ثورة في اطار تعلم الالة والأتمته والرقمنة والروبوتات وأنترنت الاشياء وغيره. وفي ذات الوقت تفتح المجال أمام الفاعلين من غير الدول للنفاذ للأسواق والتأثير الأمر الذي خلق بدوره تهديدات للأمن القومي للدول، وخلق تحدي بشأن وظيفة الدولة الحامية، ووظيفة تحقيق الأمن ودفع الاستقرار، مما يطرح بدوره اشکالية کبيرة حول اخلاقيات وسياسات الذکاء الاصطناعي . کما أن على الدول قاطبة أن تفکر في التشريعات الخاصة المنظمة للذکاء الاصطناعي تحسبا لاندلاع الصراعات والنزاعات وتهديد السلم والأمن الدوليين. کما فرضت تقتيات الذکاء الصناعي مقدرات جديدة للحکم على مراکز التأثير بل غيرت مفهوم مقدرات القوى الذي يتوقف عليه معايير احتساب قوة الدولة بالمعني الجامد Hard وکذا المعني المرن Soft فأضحى أحد المقاييس الجديدة في احتساب قدرات ومقدرات الدول، وصعودها کأحد اقطاب القوى الجديدة والناشئة والصاعدة، في ظل نظام دولي جديد أخذ في التغير والتبلور. الأمر الذي يخلق ساحات جديدة للتنافس ليس فقط في مجال التسلح، ولکن في مجالات جديدة کامتلاک العقول القادرة على الإبداع هنا تعتبر الولايات المتحدة الأمريکية نفسها في موطن ضعف، نتيجة متوسط ذکاء الطلبة الأمريکان، لذا تعتبر مستقبلها في هذا المجال مرهونا باستقطاب العقول المبدعة عبر موجات الهجرة الجديدة. فالعقول النابهة ستکون محل تنافس واستقطابها سيکون من أکبر التحديات حتى أمام الاجهزة الاستخباراتية، التي عليها أن تدخل في ساحات المنافسة مع شرکات القطاع الخاص لاستقطاب الافضل. واستطاع الذکاء الاصطناعي أيضا استحداث ابعاد جديدة للحروب أکثر ضراوة بسبب هيمنة الآلة وبعد العنصر البشري عن الصدام المباشر والتواجد في ساحات القتال کالقتال عبر الدرونز الأمر الذي قد يخلق بدوره: - زيادة معدلات التواجد على حافة الحرب Edge of War عبر استخدام المروحيات بدون طيار مع غموض النوايا - الوصول لحروب عبر دخول فاعلين من غير الدول في ساحات القتال - سباق التسلح في ظل مجهولية الفاعل والمستفيد کما أدي الذکاء الاصطناعي لزيادة المساحة القائمة أمام الافراد في إعلاء أصواتهم والتعبير عنها، وممارسة حرياتهم عبر تقنيات حديثة، ولکن مع مزيد من القدرات الحکومية للمراقبة والمتابعة. کما أن المساحة المتاحة أمام الأفراد تطرح في ذات الوقت تحدي أمام الدول، خاصة في ظل ظهور المتسللين والهاکرز، مما يطرح اشکالية حول قدرات الحکومات في التأمين والأمن وحماية البيانات والمعلومات. وتثير تلک التقنيات اشکالية حقوقية أکبر تتجسد في اختراق الحقوق الاساسية للمواطن بفعل توظيف تلک التقنيات کالحفاظ على الأرواح من ابرزها تدخل الروبوت في الاعمال الشرطية والقبض على المشتبهين، الأمر الذي قد يهدد حياة البشر کما حدث من قبل في الولايات المتحدة الأمريکية عام 2016. هنا نجد أن الوضع ملتبس ما بين مزيد من القوى والتأثير، وخلق تهديدات وتحديات جديدة نظرا لطبيعة الأدوات الحديثة المستخدمة. وفي ذات الوقت سيزيد من فرص الفاعلين من غير الدول والأسواق المشبوهة وسيزيد من اشکاليات حقوق الأنسان ايجابا وسلبا. وتوصلت الورقة إلى منظومة من السياسات يمکن طرحها أمام صانع القرار العربي، للاستعداد وبناء مقدرات القوى في ظل تغير وظائف الدولة وأرکانها وتغير مقدرات القوي. وشملت المنظومة سبعة محاور رئيسية جمعت بين سياسات مهمة على المستوى الوطني، وأخرى على مستوى التشريعات، والتنظيمات الدولية والاقليمية، البحث العلمي وبناء الکوادر الفنية المتخصصة، ودعم الشرعية السياسية ومقدرات الدولة في ظل التقنيات الحديثة للذکاء الاصطناعي، وتطوير استراتيجيات العمل، وقدمت استخدامات هامة تطبيقات للذکاء الاصطناعي في مجالات جديدة نسبيا کعمل وزارة الخارجية، والعمل الأهلي، وتخطيط استخدام واستهلاک الموارد، اضافة للعملية الانتخابية التي يمکن تأمينها عبر سلاسل الکتل کبديل أفضل عن التصويت الإلکتروني. ورغم ما قدم سلفا، لکن يمکن القول أن المجال خصب يحتاج لمزيد من الجهد البحثي، لاستکشاف مجالات تأثر رکائز العلم ورصد الظواهر السياسية الجديدة، ووضعها في نصابها المعرفي المطلوب [i] Bernard Mar, The Key Definitions Of Artificial Intelligence (AI) That Explain Its Importance, ‘Forbes”, https://www.forbes.com/sites/bernardmarr/2018/02/14/the-key-definitions-of-artificial-intelligence-ai-that-explain-its-importance/#115860854f5d, Feb 14, 2018, accessed on 25/02/2020 [ii] M.L. Cummings (& others). Artificial Intelligence and International Affairs Disruption Anticipated, Chatem House: THE Royal Institute of International Affairs, Great Britian, 2018, https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/publications/research/2018-06-14-artificial-intelligence-international-affairs-cummings-roff-cukier-parakilas-bryce.pdf, accessed on 30/05/2020 [iii] Kaveh Waddell, AI Makers Get Political Axios, December 2018, https://www.axios.com/artificial-intelligence-political-awakening-societal-impact-2d69e973-de31-4ebd-85ff-f1955fb1defc.html, accessed on 30/05/2020 [iv] Ronny Patz, Political Science in the Age of Artificial Intelligence, Polscieu, London : The academic association for contemporary European Studies, 22/02/2017, https://polscieu.ideasoneurope.eu/2017/02/22/political-science-age-artificial-intelligence-global-institutions/, accessed on 04/06/2020 [v] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Artificial Intelligence and Political Science, OCP Policy Center, “Policy Paper”, Sept 2018, https://www.policycenter.ma/sites/default/files/OCPPC-PP1807_0.pdf, accessed on 09/02/2020 [vi] لمزيد من التفاصيل انظر: AI World Government, https://www.aiworldgov.com, accessed on 11/02/2020 Jonathan Dupont , The Smart State: Redesigning government in the era of intelligent services, Policy Exchange, https://policyexchange.org.uk/wp-content/uploads/2018/05/The-Smart-State-1.pdf, 2018, accessed on 25/02/2020 [viii] Greg Allen & Taniel Chan, Artificial Intelleigence and National Security, Belfer Center Study, A study on behalf of Dr Jason Matheny (Direcctor of the US Intellegence Advanced Research Projects Activity “IARPA”), Harvard Kennedy School: Belfer Center for Science and International Affairs, 2017 [ix] روب فيرجر، طائرات بدون طيار، ذکاء اصطناعي، واجتماعات ذکية في بداية مؤتمر "بيلد" من مايکروسوفت، العلوم للعموم ومؤسسة دبي للمستقبل، 13 مايو 2018، https://www.popsci.ae/%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%8C-%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C-%D9%88%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85/، متوافر بتاريخ 22 يوليو 2020 [x] نسيب شمس، الذکاء الاصطناعيّ وتداعياته المستقبليّة على الإنسان، https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectronic-article-details?id=1006، متوفر بتاريخ 15/12/2019 [xi] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit [xii] شاي هيرشکوفيتش، مستقبل الاستخبارات في عصر التقنيات الرقمية المتقدمة، (دراسة مترجمة)، مهند ابو غوش (مترجم)،مرکز الارث المخابراتي بإسرائيل، معهد ابحاث الطرق العلمية الاستخبارية، https://babelwad.com/pdf/مستقبل-الاستخبارات-في-عصر-التقنيات-الرقمية-المتقدمة.pdf?fbclid=IwAR17vP-UTRIYqJ7irX0SBbh_hzrx2KHUlBpk1Irmb0i3kffeNMs-tiIntFQ، متوفر بتاريخ 11/05/2019 [xiii] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit [xiv] Andrew Ware, "Can Artificial Intelligence Alleviate Resource Scarcity?," Inquiry Journal , The University of New Hampshire, Spring 2018, https://www.unh.edu/inquiryjournal/spring-2018/can-artificial-intelligence-alleviate-resource-scarcity, accessed on 22/07/2020 [xv]BHARAT ADIBHATLA,” Solving Global Water Crisis With Artificial Intelligence”, Analytical Indian Magazine, 25/11/2018, https://analyticsindiamag.com/solving-global-water-crisis-with-artificial-intelligence, accessed on22/07/2020/ [xvi] Leidos Editorial Team, How does AI optimize oil and gas production?, Leidos, November 12 , 2019, https://www.leidos.com/insights/how-does-ai-optimize-oil-and-gas-production, accessed on 22/07/2020 [xvii] Daniel E Campbell & Elliott Campbell, The United States of Abraham: A Path toward Peace in the Middle East?, Emergy Synthesis 8, Conference Paper • January 2015, Proceedings of the 8th Biennial Emergy Conference (2015) , https://www.researchgate.net/publication/291818421 [xviii] Shahidur Talukdar, Pursuing Sustainability: A Case for Regional Approach, https://www.communitychange.ipg.vt.edu/articles/10.21061/cc.v2i1.a.14/, “Community Change”. 2(1): 4. DOI: https://doi.org/10.21061/cc.v2i1.a.14 [xix] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit. [xx] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit [xxi] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [xxii] احمد ابو المجد، الصين.. الذکاء الاصطناعي يخطو إلى عالم الدبلوماسية، العين الاخبارية، https://al-ain.com/article/china-ai-enters-diplomacy، 30/07/2018، متوفر بتاريخ 25/02/2020 [xxiii] خالد بريقا، الذکاء الاصطناعي لايجاد کبار السن الضائعين، 4 اغسطس 2019، https://www.asiatimes.com/2019/08/article/chinese-police-using-ai-to-identify-lost-elderly-people، متوافر بتاريخ 1/02/2020 [xxiv] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [xxv] المرجع نفسه [xxvi] محمد عبد الله يونس، " الصراعات المفتوحة: الملامح الصاعدة للازمات الاقليمية في الشرق الاوسط" 2017، تقرير المستقبل، اغسطس 2017، العدد 22، ص 11 [xxvii]المرجع نفسه [xxviii] نسيب شمس، مرجع سابق [xxix] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit [xxx] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [xxxi] أوشونديه أوشوبا وووليام ويلسر الرابع، ذکاء اصطناعي بملامح بشرية: مخاطر التحيز والاخطاء في الذکاء الاصطناعي، https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RR1700/RR1744/RAND_RR1744z1.arabic.pdf، 2017 [xxxii] المرجع نفسه [xxxiii] Ho-Young Kim & Kyu-Jin Cho,” Robotic insect mimics nature’s extreme moves”, the Harvard Gazette, 31st July 2015, http://news.harvard.edu/gazette/story/2015/07/robotic-insect-mimics-natures-extreme-moves/?utm_source=facebook , accessed on 03/06/2020 [xxxiv] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [xxxv] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit. [xxxvi] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [xxxvii] David Ernst, Liquid Democracy Candidates: How to Upgrade Our Legislature, One Seat at a Time, THE LIQUID BLOG, 04 Jul 2017, https://blog.democracy.space/2017/07/04/running-liquid-democracy-candidates/, accessed on 04/03/2020 [xxxviii] محمد عبد الله يونس، مرجع سابق، ص11 [xxxix] Agnes Talalaev, Website Hacking Statistics in 2020, https://www.webarxsecurity.com/website-hacking-statistics-2018-february/, 31/01/2020, accessed on 24/02/2020 [xl] Central Intelligence Agency, Big Data is a Big Deal at the CIA, 29/11/2012, https://www.cia.gov/news-information/featured-story-archive/2012-featured-story-archive/big-data-at-the-cia.html, accessed on 22/04/2019 [xli] John Weathington, How data scientists use critical thinking to generate valuable processes, TechRepublic, February 14, 2017, https://www.techrepublic.com/article/how-data-scientists-use-critical-thinking-to-generate-valuable-processes/, Accessed on 22/02/2020 [xlii] Martin Zwilling, What Can Big Data Ever Tell Us About Human Behavior?, Forbes, Mar 24, 2015, https://www.forbes.com/sites/martinzwilling/2015/03/24/what-can-big-data-ever-tell-us-about-human-behavior/#742def4961f9, accessed on 22/03/2020 [xliii] Central Intelligence Agency, Big Data is a Big Deal at the CIA, NOV, 12, 2012, https://www.cia.gov/news-information/featured-story-archive/2012-featured-story-archive/big-data-at-the-cia.html, Accessed on 22/02/2020
[xliv] H. James Wilson, Human Plus Machine: Reimagining Work in the Age of AI, Harvard Business Review, August 16, 2018, https://hbr.org/webinar/2018/08/human-plus-machine-reimagining-work-in-the-age-of-ai, accessed on 22/03/2020 [xlv] Frank Lee , Intelligent IoT and Fog Computing Trends, September 14, 2017, https://www.iotforall.com/intelligent-iot-fog-computing-trends/, accessed on 22/03/2020 [xlvi] H. James Wilson, Op.cit [xlvii] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit. [xlviii] Zach Lampell &Lily Liu, How can AI amplify civic freedoms? ,the global freedom of expression program at the International Center for Not-for-Profit Law (ICNL), https://www.openglobalrights.org/how-can-AI-amplify-civic-freedoms/?lang=English, December 18, 2018, accessed on 11/12/2019 [xlix] Sbskr, " Hong Kong police have AI facial recognition system for demonstrators" , Tellerreport, 24/10/2019, https://www.tellerreport.com/news/2019-10-24---%22hong-kong-police-have-ai-facial-recognition-system-for-demonstrators%22-.HkZHGd0CYS.html, accessed on 22/07/2020 [l] Miguel Leiva-Gomez, Internet Censorship: How Countries Block Their Citizens from Entering Websites, maketecheasier Network, March, 21, 2014, https://www.maketecheasier.com/internet-censorship-block-citizens-from-websites, accessed on 22/07/2020/ [li] زاک لامبل وليلي ليو، کيف يمکن للذکاء الاصطناعي أن يدعم الحريات المدنية؟، برنامج حرية التعبير العالم، 18 ديسمبر 2018، https://www.openglobalrights.org/how-can-AI-amplify-civic-freedoms/?lang=Arabic، متوافر بتاريخ 4 يونيه 2020 [lii] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مخاطر الذکاء الاصطناعي على الأمن ومستقبل العمل، منظور تحليلي: رؤي الخبراء بشأن السياسات الآنية، مرکز Rand، 2018، https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf، متوفرة بتاريخ 11/12/2019 [liii] المرجع نفسه. [liv] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [lv] Jonathan Roberts (& Others), Would you let an AI vote for you?, https://www.weforum.org/agenda/2019/05/avoid-the-politics-and-let-artificial-intelligence-decide-your-vote-in-the-next-election/, accessed on 16/05/2019 [lvi] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit. [lvii] لمزيد من التفاصيل انظر: Shruti Kedia, How Crowd-funding platforms in India are Using AI, Blockchain to Help People Raise Money for Medical Procedures, Social Story, https://yourstory.com/socialstory/2019/02/crowdfunding-platforms-ai-ml, accessed on 24/02/2020 [lviii] Zach Lampell &Lily Liu, Op.Cit [lix] لمزيد من التفاصيل انظر: Jade Nguyen, AI: The Applicationss in NGOs World, ENVZONE, https://www.envzone.com/how-ai-saves-ngos, 12/04/2019, Accessed on 21/02/2020/ [lx] Zach Lampell &Lily Liu, Op.Cit [lxi] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [lxii] Eli Pariser, How Filter Bubbles Distort Reality: Everything You Need to Know, Farnam Street Media , https://fs.blog/2017/07/filter-bubbles/, accessed on 04/05/2020. [lxiii] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [lxiv] Will Mekemson, Political Revolution and the Blockchain: A Tale of Two Paradigm Shifts, https://hackernoon.com/political-revolution-and-the-blockchain-18751b780f12, December 31st 2018 [lxv] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [lxvi] Will Mekemson, Op.Cit [lxvii] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [lxviii] Will Mekemson, Op.Cit [lxix] عدم التلاعب امر غير مطلق ايضا بسبب امکانية اختراق الاجهزة المسجل عليها الاصوات رغم انها غير معلومة ولکن قد تتم ايضا مراقبة شبکات الانترنت لمنع عملية التصويت او لتزييف الارادة. لمزيد من التفاصيل انظر: Markus Spiske, I study Blockchain. It Shouldn’t be Used to Secure Our Election, https://www.fastcompany.com/90419485/i-study-blockchain-it-shouldnt-be-used-to-secure-our-elections , 19/10/2019, accessed on 24/02/2020 [lxx] Danny Crichton, liquid democracy uses blockchain to fix politics, and now you can vote for it, https://techcrunch.com/2018/02/24/liquid-democracy-uses-blockchain/, 24/02/2018 [lxxi] Ibid [lxxii] Will Mekemson, Op.Cit [lxxiii] Tomer Afek, Blockchain, Power and Politics: How Decentralization Engenders Freedom, https://cointelegraph.com/news/blockchain-power-and-politics-how-decentralization-engenders-freedom, 30/11/2019 [lxxiv] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [lxxv] المرجع نفسه [lxxvi] الصين بعيون عربية، الصين والولايات المتحدة تتصدران السباق العالمي في الذکاء الاصطناعي، https://www.chinainarabic.org/?p=41671، متوفر بتاريخ 15/12/2019[lxxvii] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [lxxviii] نسيب شمس، مرجع سابق. [lxxix] المرجع نفسه [lxxx] نور الدين، الصين تخشى أن تطوير الذکاء الاصطناعي يمکن أن يؤدي إلى حرب بين الأمم، المنتدى العسکري العربي، http://www.defense-arabic.com/2019/02/07/الصين-تخشى-أن-تطوير-الذکاء-الاصطناعي-ي/، 07/02/2019 [lxxxi] محمد عبد الله يونس، مرجع سابق، ص 11 [lxxxii] نور الدين، مرجع سابق [lxxxiii]Ronny Patz, Op.cit [lxxxiv]الموقع الرسمي لاستراتيجية الامارات الوطنية للذکاء الاصطناعي 2031، http://www.uaeai.ae/، متوفر بتاريخ 31 مايو 2020 [lxxxv] National Stategy for Artificial Intelligence “Airforall”. https://niti.gov.in/national-strategy-artificial-intelligence, accessed on 11/0502020 | ||||
References | ||||
[1] Bernard Mar, The Key Definitions Of Artificial Intelligence (AI) That Explain Its Importance, ‘Forbes”,
https://www.forbes.com/sites/bernardmarr/2018/02/14/the-key-definitions-of-artificial-intelligence-ai-that-explain-its-importance/#115860854f5d, Feb 14, 2018, accessed on 25/02/2020
[1] M.L. Cummings (& others). Artificial Intelligence and International Affairs Disruption Anticipated, Chatem House: THE Royal Institute of International Affairs, Great Britian, 2018, https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/publications/research/2018-06-14-artificial-intelligence-international-affairs-cummings-roff-cukier-parakilas-bryce.pdf, accessed on 30/05/2020
[1] Kaveh Waddell, AI Makers Get Political Axios, December 2018, https://www.axios.com/artificial-intelligence-political-awakening-societal-impact-2d69e973-de31-4ebd-85ff-f1955fb1defc.html, accessed on 30/05/2020
[1] Ronny Patz, Political Science in the Age of Artificial Intelligence, Polscieu, London : The academic association for contemporary European Studies, 22/02/2017, https://polscieu.ideasoneurope.eu/2017/02/22/political-science-age-artificial-intelligence-global-institutions/, accessed on 04/06/2020
[1] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Artificial Intelligence and Political Science, OCP Policy Center, “Policy Paper”, Sept 2018, https://www.policycenter.ma/sites/default/files/OCPPC-PP1807_0.pdf, accessed on 09/02/2020
[1] لمزيد من التفاصيل انظر: AI World Government, https://www.aiworldgov.com, accessed on 11/02/2020 [1] Jonathan Dupont , The Smart State: Redesigning government in the era of intelligent services, Policy Exchange, https://policyexchange.org.uk/wp-content/uploads/2018/05/The-Smart-State-1.pdf, 2018, accessed on 25/02/2020
[1] Greg Allen & Taniel Chan, Artificial Intelleigence and National Security, Belfer Center Study, A study on behalf of Dr Jason Matheny (Direcctor of the US Intellegence Advanced Research Projects Activity “IARPA”), Harvard Kennedy School: Belfer Center for Science and International Affairs, 2017
[1] روب فيرجر، طائرات بدون طيار، ذکاء اصطناعي، واجتماعات ذکية في بداية مؤتمر "بيلد" من مايکروسوفت، العلوم للعموم ومؤسسة دبي للمستقبل، 13 مايو 2018، https://www.popsci.ae/%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%8C-%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C-%D9%88%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85/، متوافر بتاريخ 22 يوليو 2020 [1] نسيب شمس، الذکاء الاصطناعيّ وتداعياته المستقبليّة على الإنسان، https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectronic-article-details?id=1006، متوفر بتاريخ 15/12/2019 [1] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit
[1] شاي هيرشکوفيتش، مستقبل الاستخبارات في عصر التقنيات الرقمية المتقدمة، (دراسة مترجمة)، مهند ابو غوش (مترجم)،مرکز الارث المخابراتي بإسرائيل، معهد ابحاث الطرق العلمية الاستخبارية، https://babelwad.com/pdf/مستقبل-الاستخبارات-في-عصر-التقنيات-الرقمية-المتقدمة.pdf?fbclid=IwAR17vP-UTRIYqJ7irX0SBbh_hzrx2KHUlBpk1Irmb0i3kffeNMs-tiIntFQ، متوفر بتاريخ 11/05/2019 [1] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit [1] Andrew Ware, "Can Artificial Intelligence Alleviate Resource Scarcity?," Inquiry Journal , The University of New Hampshire, Spring 2018, https://www.unh.edu/inquiryjournal/spring-2018/can-artificial-intelligence-alleviate-resource-scarcity, accessed on 22/07/2020
[1]BHARAT ADIBHATLA,” Solving Global Water Crisis With Artificial Intelligence”, Analytical Indian Magazine, 25/11/2018, https://analyticsindiamag.com/solving-global-water-crisis-with-artificial-intelligence, accessed on22/07/2020/
[1] Leidos Editorial Team, How does AI optimize oil and gas production?, Leidos, November 12 , 2019, https://www.leidos.com/insights/how-does-ai-optimize-oil-and-gas-production, accessed on 22/07/2020
[1] Daniel E Campbell & Elliott Campbell, The United States of Abraham: A Path toward Peace in the Middle East?, Emergy Synthesis 8, Conference Paper • January 2015, Proceedings of the 8th Biennial Emergy Conference (2015) , https://www.researchgate.net/publication/291818421 [1] Shahidur Talukdar, Pursuing Sustainability: A Case for Regional Approach, https://www.communitychange.ipg.vt.edu/articles/10.21061/cc.v2i1.a.14/, “Community Change”. 2(1): 4. DOI: https://doi.org/10.21061/cc.v2i1.a.14 [1] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit.
[1] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit [1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] احمد ابو المجد، الصين.. الذکاء الاصطناعي يخطو إلى عالم الدبلوماسية، العين الاخبارية، https://al-ain.com/article/china-ai-enters-diplomacy، 30/07/2018، متوفر بتاريخ 25/02/2020 [1] خالد بريقا، الذکاء الاصطناعي لايجاد کبار السن الضائعين، 4 اغسطس 2019، https://www.asiatimes.com/2019/08/article/chinese-police-using-ai-to-identify-lost-elderly-people، متوافر بتاريخ 1/02/2020 [1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] المرجع نفسه [1] محمد عبد الله يونس، " الصراعات المفتوحة: الملامح الصاعدة للازمات الاقليمية في الشرق الاوسط" 2017، تقرير المستقبل، اغسطس 2017، العدد 22، ص 11 [1]المرجع نفسه [1] نسيب شمس، مرجع سابق [1] Greg Allen & Taniel Chan, Op.Cit
[1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] أوشونديه أوشوبا وووليام ويلسر الرابع، ذکاء اصطناعي بملامح بشرية: مخاطر التحيز والاخطاء في الذکاء الاصطناعي، https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RR1700/RR1744/RAND_RR1744z1.arabic.pdf، 2017 [1] المرجع نفسه [1] Ho-Young Kim & Kyu-Jin Cho,” Robotic insect mimics nature’s extreme moves”, the Harvard Gazette, 31st July 2015, http://news.harvard.edu/gazette/story/2015/07/robotic-insect-mimics-natures-extreme-moves/?utm_source=facebook , accessed on 03/06/2020 [1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit.
[1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] David Ernst, Liquid Democracy Candidates: How to Upgrade Our Legislature, One Seat at a Time, THE LIQUID BLOG, 04 Jul 2017, https://blog.democracy.space/2017/07/04/running-liquid-democracy-candidates/, accessed on 04/03/2020
[1] محمد عبد الله يونس، مرجع سابق، ص11 [1] Agnes Talalaev, Website Hacking Statistics in 2020, https://www.webarxsecurity.com/website-hacking-statistics-2018-february/, 31/01/2020, accessed on 24/02/2020 [1] Central Intelligence Agency, Big Data is a Big Deal at the CIA, 29/11/2012, https://www.cia.gov/news-information/featured-story-archive/2012-featured-story-archive/big-data-at-the-cia.html, accessed on 22/04/2019
[1] John Weathington, How data scientists use critical thinking to generate valuable processes, TechRepublic, February 14, 2017, https://www.techrepublic.com/article/how-data-scientists-use-critical-thinking-to-generate-valuable-processes/, Accessed on 22/02/2020
[1] Martin Zwilling, What Can Big Data Ever Tell Us About Human Behavior?, Forbes, Mar 24, 2015, https://www.forbes.com/sites/martinzwilling/2015/03/24/what-can-big-data-ever-tell-us-about-human-behavior/#742def4961f9, accessed on 22/03/2020
[1] Central Intelligence Agency, Big Data is a Big Deal at the CIA, NOV, 12, 2012, https://www.cia.gov/news-information/featured-story-archive/2012-featured-story-archive/big-data-at-the-cia.html, Accessed on 22/02/2020
[1] H. James Wilson, Human Plus Machine: Reimagining Work in the Age of AI, Harvard Business Review, August 16, 2018, https://hbr.org/webinar/2018/08/human-plus-machine-reimagining-work-in-the-age-of-ai, accessed on 22/03/2020 [1] Frank Lee , Intelligent IoT and Fog Computing Trends, September 14, 2017, https://www.iotforall.com/intelligent-iot-fog-computing-trends/, accessed on 22/03/2020 [1] H. James Wilson, Op.cit
[1] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit. [1] Zach Lampell &Lily Liu, How can AI amplify civic freedoms? ,the global freedom of expression program at the International Center for Not-for-Profit Law (ICNL), https://www.openglobalrights.org/how-can-AI-amplify-civic-freedoms/?lang=English, December 18, 2018, accessed on 11/12/2019
[1] Sbskr, " Hong Kong police have AI facial recognition system for demonstrators" , Tellerreport, 24/10/2019, https://www.tellerreport.com/news/2019-10-24---%22hong-kong-police-have-ai-facial-recognition-system-for-demonstrators%22-.HkZHGd0CYS.html, accessed on 22/07/2020
[1] Miguel Leiva-Gomez, Internet Censorship: How Countries Block Their Citizens from Entering Websites, maketecheasier Network, March, 21, 2014, https://www.maketecheasier.com/internet-censorship-block-citizens-from-websites, accessed on 22/07/2020/
[1] زاک لامبل وليلي ليو، کيف يمکن للذکاء الاصطناعي أن يدعم الحريات المدنية؟، برنامج حرية التعبير العالم، 18 ديسمبر 2018، https://www.openglobalrights.org/how-can-AI-amplify-civic-freedoms/?lang=Arabic، متوافر بتاريخ 4 يونيه 2020 [1] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مخاطر الذکاء الاصطناعي على الأمن ومستقبل العمل، منظور تحليلي: رؤي الخبراء بشأن السياسات الآنية، مرکز Rand، 2018، https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf، متوفرة بتاريخ 11/12/2019 [1] المرجع نفسه. [1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] Jonathan Roberts (& Others), Would you let an AI vote for you?, https://www.weforum.org/agenda/2019/05/avoid-the-politics-and-let-artificial-intelligence-decide-your-vote-in-the-next-election/, accessed on 16/05/2019
[1] ALFREDO G. A. VALLADÃO, Op.Cit. [1] لمزيد من التفاصيل انظر: Shruti Kedia, How Crowd-funding platforms in India are Using AI, Blockchain to Help People Raise Money for Medical Procedures, Social Story, https://yourstory.com/socialstory/2019/02/crowdfunding-platforms-ai-ml, accessed on 24/02/2020 [1] Zach Lampell &Lily Liu, Op.Cit
[1] لمزيد من التفاصيل انظر: Jade Nguyen, AI: The Applicationss in NGOs World, ENVZONE, https://www.envzone.com/how-ai-saves-ngos, 12/04/2019, Accessed on 21/02/2020/ [1] Zach Lampell &Lily Liu, Op.Cit
[1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] Eli Pariser, How Filter Bubbles Distort Reality: Everything You Need to Know, Farnam Street Media , https://fs.blog/2017/07/filter-bubbles/, accessed on 04/05/2020. [1] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [1] Will Mekemson, Political Revolution and the Blockchain: A Tale of Two Paradigm Shifts, https://hackernoon.com/political-revolution-and-the-blockchain-18751b780f12, December 31st 2018
[1] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [1] Will Mekemson, Op.Cit
[1] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [1] Will Mekemson, Op.Cit
[1] عدم التلاعب امر غير مطلق ايضا بسبب امکانية اختراق الاجهزة المسجل عليها الاصوات رغم انها غير معلومة ولکن قد تتم ايضا مراقبة شبکات الانترنت لمنع عملية التصويت او لتزييف الارادة. لمزيد من التفاصيل انظر: Markus Spiske, I study Blockchain. It Shouldn’t be Used to Secure Our Election, https://www.fastcompany.com/90419485/i-study-blockchain-it-shouldnt-be-used-to-secure-our-elections , 19/10/2019, accessed on 24/02/2020 [1] Danny Crichton, liquid democracy uses blockchain to fix politics, and now you can vote for it, https://techcrunch.com/2018/02/24/liquid-democracy-uses-blockchain/, 24/02/2018
[1] Ibid
[1] Will Mekemson, Op.Cit
[1] Tomer Afek, Blockchain, Power and Politics: How Decentralization Engenders Freedom, https://cointelegraph.com/news/blockchain-power-and-politics-how-decentralization-engenders-freedom, 30/11/2019
[1] شاي هيرشکوفيتش، مرجع سابق [1] المرجع نفسه [1] الصين بعيون عربية، الصين والولايات المتحدة تتصدران السباق العالمي في الذکاء الاصطناعي، https://www.chinainarabic.org/?p=41671، متوفر بتاريخ 15/12/2019[1] أوسوندي أ. أوسوبا، ويليان ويلسر الرابع، مرجع سابق [1] نسيب شمس، مرجع سابق. [1] المرجع نفسه [1] نور الدين، الصين تخشى أن تطوير الذکاء الاصطناعي يمکن أن يؤدي إلى حرب بين الأمم، المنتدى العسکري العربي، http://www.defense-arabic.com/2019/02/07/الصين-تخشى-أن-تطوير-الذکاء-الاصطناعي-ي/، 07/02/2019 [1] محمد عبد الله يونس، مرجع سابق، ص 11 [1] نور الدين، مرجع سابق [1]Ronny Patz, Op.cit [1]الموقع الرسمي لاستراتيجية الامارات الوطنية للذکاء الاصطناعي 2031، http://www.uaeai.ae/، متوفر بتاريخ 31 مايو 2020 [1] National Stategy for Artificial Intelligence “Airforall”. https://niti.gov.in/national-strategy-artificial-intelligence, accessed on 11/0502020 | ||||
Statistics Article View: 7,070 PDF Download: 2,717 |
||||