الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للجاليات المهاجرة: دراسة ميدانية على عينة من السوريين بمدينة السادس من أکتوبر

مقدمة

من المعروف أن القرن التاسع عشر هو عصر الهجرة؛ حيث اتجه الأشحاص إلى بلدان جديدة للعيش بها واستكشافها. لم يسلم القرن الحادي والعشرون من حركات الهجرة الإجبارية والشتات والنزوح، فقد أخذ موضوع هجرة السوريين أهمية كبيرة منذ بدء أحداث 2011م، حيث هاجر العديد من السوريين إلى الدول المجاورة؛ مثل: العراق ولبنان وتركيا ومصر، بحثًا عن الأمن والاستقرار وتوفير سُبُلِ العيش، وكانت مصر من الدول التي استوعبت عددًا كبيرًا من المهاجرين السوريين.

فقد شهدت مصر تدفقات هجرة عبر التاريخ لأسباب تتعلق بالأمن والأمان، وعدم وجود عنصرية، كما أنها بيئة مهيأة لاستقبال مختلف الجنسيات والأديان واستيعابهم وإدماجهم فيها. كما أسهمت العلاقة التاريخية بين مصر وسوريا إلى اختيارها كمحطة هجرة للاستقرار فيها.

أسهمت هذه الأحداث في تزايد تدفقات الهجرة التي كان لها أثر كبير في إحداث تغيرات في البنية الاجتماعية والاقتصادية في كل من البلد الأصلي (سوريا) والبلد المُضيف (مصر). ولهذا ينقسم البحث الراهن إلى ثلاثة محاور رئيسية، هي:

المحور الأول: مقدمة في إشكالية البحث ومنهجيته.

المحور الثاني: أسباب اختيار مصر كمحطة آمنة للهجرة.

المحور الثالث: الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمهاجرين السوريين.

المحور الأول- مقدمة في إشكالية البحث ومنهجيته:

أولًا- الإشكالية:

        إذا كان من الثابت تاريخيًّا أن للحروب آثارًا خطيرة ونتائج بالغة السوء، فإن ما يَنجُمُ عنها من خسائر بشرية هو أخطرها على الإطلاق. والخسائر البشرية لا تقتصر فقط على القَتْلَى والجرحى فحسب، وإنما تمتد أيضًا لتشمل اللاجئين والمُهَجَّرين والنازحين والمطرودين من ديارهم والمحرومين من العودة إلى وطنهم، الذين يتحولون فجأة من مواطنين في بلادهم إلى لاجئين في أركان العالم. (فوازالحوامدة، 2018: 3)

        ومثَّلَت الأزمة السورية واحدة من أكبر الأزمات العالمية، ويُمثِّل الوضع المعيشي لكثير من السوريين في جميع أنحاء المنطقة تحدِّيًا كبيرًا؛ حيث يفتقر العديد منهم إلى الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ويحتاجون إلى المساعدة، واتسعت الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية -في بعض الحالات- مع الظروف التي تواجه المهاجرين السوريين والمجتمعات المُضيفة. (التقريرالسنوي للعام2017)

        إن الأوضاع الاجتماعية للمهاجرين السوريين تختلف من بلد مُضيف لآخر، حيث يتمتع السوريون في بعض الدول بمجموعة من الحقوق تميل إلى تحسين أوضاعهم وسرعة إدماجهم كما هو الحال في مصر على عكس ما يلاقونه في البلدان المُضيفة الأخرى من ترحيل واعتقالات ومعاملات غير آدمية ومخيمات غير مؤهلة للعيش بها بالإضافة إلى العنصرية. (ندى يسري كمال، 2020: 81)

        يعيش المهاجرون السوريون في المناطق الحضرية،ويتركزون-بشكلأساسي- في القاهرة الكبرى ومحافظتىْالإسكندريةودمياط، وبموجب القرار الرئاسي الصادر في عام 2012 أصبح للاجئين السوريين الحق فيالالتحاقبالمدارسالحكوميةوالحصولعلىالخدماتالصحيةعلىقدمالمساواةمعالمواطنينالمصريين.وعلاوةعلىذلك؛ يستفيدالسوريونأيضًامنكافة أشكالالدعم التي توفرهاالدولة لمواطنيها في قطاعيْالمواصلاتوالغذاء. (https://www.unhcr.org)

استقبل مجتمعنا المصري نحو(134,952) في سبتمبر 2021، وبلغ عدد الذين تم تسجيلهم بالمفوضية لعام 2021 (5,653)؛ بينما بلغ عددهم في يناير 2022 (137.599)، وتم تسجيل (1.316) سوريًّا بالمفوضية. غير أن العدد الفعلي للسوريين في مصر أعلى بكثير، لأن هذا الرقم لا يمثل سوى أولئك الذين سجلوا أنفسهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر).وهذا يعني استمرار تدفق المهاجرين السوريين. ويجدر بنا الإشارة إلى أن العدد في عام 2019 و 2020 متقارب، وذلك بسبب انخفاض معدل الهجرة والتسجيل في المفوضية نظرًا لظروف انتشار فيروس كورونا المستجد Covid-19. لتعود مرة أخرى إلى الارتفاع في معدلات الهجرة والتسجيل في المفوضية خلال العامين 2021 و 2022.  إن معظم السوريين الذين التقت بهم الباحثة في أثناء العمل الميداني ليسوا مسجلين كلاجئين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد سجلوا إقامتهم لدى الدولة المصرية إما على أساس مدارس أو جامعات أبنائهم، أو على أساس تأشيرات سياحية مؤقتة.

          لقد استحوذت أزمات اللاجئين السوريين الحالية على اهتمام العالم، وقد ركزت أغلب البحوث الحالية على التأثيرات الإنسانية والأمنية المترتبة على تشريد السوريين في البلدان المضيفة (Mahmoud, Miranda,2017:5)، ولكن سوف تركز الدراسة الحالية على الأوضاع المعيشية لهم في مصر بوصفها بلدًا مُضيفًا. لذا؛ تتحدد إشكالية البحث في تساؤل رئيسي مؤداه: ما الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمهاجرين السوريين في مصر؟

ثانيًا- الأهمية النظرية والتطبيقية:

أ- الأهمية النظرية.

        تكمن أهمية الدراسة الراهنة في أنها من الدراسات الاجتماعية القليلة التي تتناول وترصد الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للسوريين المهاجرين إلى مصر بوصفها المحطة الآمنة للاستقرار فيها؛ حيث إنها استوعبت عددًا كبيرًا منهم، وكان من الأهمية بمكان البحث في أحوالهم المعيشية منذ بداية التحرك تجاه الهجرة حتى نهاية المطاف بهم إلى الحلول الدائمة، مما أسهم فى حدوث خلل فى أوضاع المجتمع المصرى –كبلدٍ  مُضيف  ومحاولة السوريين فى إعادة التوازن مرة أخرى وتحقيق الاندماج مع الأوضاع الاجتماعية ، وفى هذا الإطار سوف يتطرق البحث إلى قضية الهجرة السورية  وأوضاعهم فى ضوء الأفكار النظرية التى تؤكد على أهمية قدرة الفاعلين –السوريين- فى توظيف قدراتهم واستعدادهم للاندماج الاجتماعى والاقتصادي فى المجتمع المصرى.

ب- الأهمية التطبيقية.تتمثَّل الأهمية التطبيقية للبحث الراهن فى النقاط التالية:

• توضيح المعوقات التى تواجه المهاجرون السوريون فى (المسكن، التعليم، والصحة، والعمل) التى تحول دون اندماجهم اجتماعيًا واقتصاديًا، ومحاولة التغلب عليها تيسيرًا لاندماجهم واستقرارهم فى مصر.
• توجيه المجتمع لأهمية تواجد السوريين باعتبارهم رأس مال بشرى لديه مهارات وقدرات يمكن للمجتمع الاستفادة بها فى مجالات وقطاعات مختلفة.

        ثالثًا- أهداف الدراسة:

تسعى الدراسة الراهنة إلى تحقيق هدف رئيسي يتمثَّل في محاولة التعرف على طبيعة الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمهاجرين السوريين في مصر. وتندرج تحت هذا الهدفِ الرئيسي مجموعة من الأهداف الفرعية، تتمثَّل في التالي:

1. التعرف على أسباب اختيار مصر كمحطة آمنة للهجرة.
2. التعرف على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين السوريين من حيث (السكن/ فرص العمل/ التعليم/ الصحة).
3. محاولة توضيح الصعوبات التي واجهت المهاجرين السوريين في مصر.

رابعًا- تساؤلات الدراسة:

1-  ما أسباب اختيار مصر للهجرة والاستقرار فيها؟

2-  ما الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين السوريين من حيث (السكن/ فرص العمل/ التعليم/ الصحة)؟

3-  ما الصعوبات التي واجهت المهاجرين السوريين في مصر جراء هجرتهم؟

خامسًا- مفاهيم الدراسة:

1- مفهوم الهجرة Immigration:

مفهوم الهِجْرَة لغويًّا: من مادة هَجَرَ؛ أي تباعد، وهاجَرَ أي تَرَكَ وطنَه أو تركه وخرج منه إلى غيره. والهِجْرَةُ: انتقال الناس من موطن إلى آخر (المعجم الوجيز، 2009: 644).

وتُعرَّف الهِجْرَة اصطلاحًا بأنها: "زَحْفُ أفرادٍ أو جماعاتٍ، تاركةً مَوْطِنَها الأصليَّ نحو موطن آخر، تجعل منه مكانًا جديدًا للإقامةِ الدائمة. وتُعتبر الهِجْرَةُ الخارجيةُ هجرةً دوليةً؛ لأنها تَقُومُ على هجرة من دولة إلى دولة أخرى". والمُهاجِر شخصٌ غَيَّرَ مكانَ إقَامَتِهِ، وتَخَطَّى الحدودَ السياسيةَ، واسْتَقَرَّ في منطقةٍ سياسيةٍ جديدة، سواء أكانت دولةً أم أُمَّةً. (محمد عاطف غيث، 2009: 237)

وينطوى مفهوم الهِجْرَة على فكرةِ الانتقالِ للأفرادِ أو الجماعاتِ عَبْرَ حدودٍ رَمْزِيَّةٍ أو سياسيةٍ للإقامة في مناطقَ سكنيةٍ أو مجتمعات محليةٍ جديدةٍ، كما أنه من الشَّائِعِ الاعتقادُ بأن الهجرةَ تَنْطَوِي على الافتراقِ عن الأقارب، الأمر الذي يَنْتُجُ عنهُ تَشَتُّتُ الأُسْرَةِ وتَفَكُّكُهَا. (جون سكوت وجوردون مارشال، 2011: 74)كمايمكن تعريفهابأنها حدث يغير فيه الشخص مكان إقامته المعتادة، ويعرف هذا الأخير بأنه المكان الذي يقضي فيه الشخص معظم فترات راحته اليومية.وفي حالة الهجرة الدولية، فإن تغيير مكان الإقامة يعني تغيير بلد الإقامة المعتادة. ويمكن الإشارة إلى مفهوم المهاجر الطويل الأجل: "الشخص الذي ينتقل إلى بلد آخر غير بلد إقامته المعتادة لفترة لا تقل عن عام (12 شهرًا)، حتى يصبح بلد المقصد فعليًّا بلد الإقامة المعتاد الجديد، ومن منظور بلد المغادرة سيكون الشخص مهاجرًا لفترة طويلة ومن بلد الوصول مهاجرًا لفترة طويلة(Poulain, M, 2008:44).  قد يتم تعريف المهاجرين بالمولد الأجنبي، أو بالمواطنة الأجنبية، أو بانتقالهم  إلى دولة جديدة للبقاء مؤقتًا (وفي بعض الأحيان لمدة لا تصل إلى عام واحد) أو الاستقرار لمدة طويلة الأجل. (Anderson. Bridge, 2015:3)

ويمكن تعريف الهجرة إجرائيًّا بأنها:فرار السُّورِيِّينَ أو اضطرارهم للانتقال في الفترة الزمنية التي تتراوح من 2011 حتى 2022 من مجتمعهم الأصْلِيِّ في سوريا إلى مصر -خوفًا من الاضطهاد- ؛ لتَكُونَ المحطةَ الآمِنَةَ للاسْتِقْرَارِ.

2- مفهوم الاندماج الاجتماعى :Social Incorporation

        قد يتخذ مفهوم الاندماج الاجتماعي معنى السيرورةProcess التي تُمكِّن الأفراد من الانصهار في مجتمعاتهم أفقيًّا من خلال تمثُّل: قيمها، وعاداتها، وأنماط عيشها؛ ورأسيًّا من خلال: اكتساب هوية سياسية تعزز انتسابهم لمؤسسة الدولة، وتوطد ولاءهم لها. (محمد مالكي، 2013: 5)؛يُستخدم مفهوم الاندماجفي العلوم الاجتماعية عند التعامل مع ظاهرة الهجرة والاستيطان للمهاجرين وإدماجهم، والعملية التي يصبح فيها الناس وأنشطتهم متشابكين في الحياة الاجتماعية، ويشكلون علاقات متبادلة مترابطة بشكل ما (Fonseca L. Maria et al, 2005:13). ويمكن تعريفه بأنه تكامل أعضاء المجموعة الواحدة من حيث الوظائف التي يؤدونها لبعضهم بعضًا، مثلهم في ذلك مثل تكامل أعضاء الجسم السليم في أداء وظائفه، وهو تكامل واتساق الفكر والعمل بين الأفراد داخل المجتمع الواحد (أنتوني غدنز، 2005:364). ويمكن تعريف الاندماج الاجتماعي إجرائيًّا بأنه:عملية إدراج المهاجرين السوريين أنفسهم في مجتمع جديد لهم فيه مجموعة من الحقوق وعليهم واجبات والتزامات تجاهه، وإزالة الحواجز القائمة بينهم وبين أعضائه الأصليين، وبينهم وبين بعضهم بعضًا، وذلك لتحقيق الانتماء على المستوى الاجتماعي (كالتعليم، والمسكن الآمن، وتلقي الخدمات)؛ وعلى المستوى الاقتصادي (كالانخراط في سوق العمل).

3-  مفهوم الاستبعاد الاجتماعي :Social Exclusion

يمكن تعريفه بأنه عملية أكثر شمولية ودينامية تُشير إلى استبعاد -كُلّي أو جزئي- من الوصول إلى أية بناءات اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية تؤدي بدورها إلى إدماج الفرد واستيعابه داخل المجتمع الذي يعيش فيه. فالاستبعاد هنا بمثابة إنكار حق الفرد في الحصول على حقوق المواطنة: سياسيًّا ومدنيًّا واجتماعيًّا. (حسين أحمد العارض، 2007: 133)؛ وضعت المفوضية الأوربية تعريفًا لمفهوم الاستبعاد الاجتماعي أشارت فيه إلى أنه: "العوامل المتغيرة الناجمة عن استبعاد الأفراد من الممارسات الطبيعية لحقوق المجتمع الحديث، والتي تشمل الفقر وعدم كفاية الحقوق في السكن والتعليم والصحة والحصول على الخدمات". ووصف Robin Peace الاستبعاد الاجتماعي بأنه:كل ما يمكن أن يحدث عندما يُعاني الأفراد أو المناطق أو المجموعات من المشاكل المرتبطة بالبطالة، وضعف المهارات، وانخفاض الدخل، ومستوى السكن، وارتفاع معدلات الجريمة، والبيئات غير الصحية السيئة، والتفكك الأسري. (سعودي محمد حسين، 2015: 489)؛ يتمثل مفهوم الاستبعاد الاجتماعي في حرمان الجماعات والأفراد من القدرة على الاتصال بالآخرين والمشاركة في حياة المجتمع المحلي، الأمر الذي ينتج عنه إفقار لحياة الفرد، بالإضافة لمنعه من الوصول إلى السوق والتعامل سواء بالإقراض أو الاقتراض، الأمر الذي ينتج عنه انعدام القدرة على اغتنام الفرص أو النقص في الدخل. (Sen, Amartya, 2000:12)

4- مفهوم الجالية Community:

يمكن تعريفها بأنها مجموعة من الأسر والأفراد من بلد معين يقيمون في بلد آخر، ويشكلون جماعة اجتماعية ذات تراث ثقافي مشترك يعبر عن هويتهم الوطنية وبينهم تنظيم اجتماعي داخلي يعبر عن العلاقة بينهم، بحيث إنهم يتواصلون في مناسباتهم المختلفة، كما أنهم غالبًا ما يعانون من مشكلات مشتركة بدرجة أو بأخرى. (علياء الحسين كامل، 2018: 13)

ويمكن تعريف الجالية إجرائيًّا بأنها:السوريون الذين فرّوا بسبب اندلاع الثورة السورية في فبراير 2011 وحتى الآن أي عام 2022، واستقروا في مصر بوصفها محطة آمنة للاستقرار. ليشكِّلوا رابطة واحدة مشتركة بينهم في المعاناة والصعوبات نتيجة الهجرة مُحاولين التغلب عليها من أجل التكيف والاندماج في مصر (البلد المضيف).

سادسًا- الإطار النظري:

1- نظرية البنائية الوظيفية Functional Structure Theory:

يُعدُّ القرن العشرين هو القرن الذي ذاع فيه شأن النظريات الاجتماعية الكبرى، وتمثل  البنائية الوظيفية إحدى هذه النظريات،ويُعدُّ كلٌّ من: "فلفريدو باريتو" و"بارسونز" من أهم مُمَثِّلِي البنائية الوظيفية؛ فقد قَدَّموا تحليلاتٍ وافيةً لمَفَاهِيمِ هذه النظريةِ في أعمالهما المختلفة.

مثلما أخذت النظرية البنائية الوظيفية مسألة البناء والوظيفة من الاتجاه العضوي؛ فإنها أخذت أيضًا مفهوم "التوازن" من الاتجاهات البيولوجية؛ حيث البحث في كيفية توازن الوظائف الداخلية للجسم مع الحالات الخارجية -على سبيل المثال- كيف تنتظم درجة حرارة الجسم مع وجود عوامل خارجية معينة كالمناخ مثلًا وغيره. وبالنظر إلى المجتمعات الإنسانية فتكشف عما يحدث في تلك المجتمعات -عند حدوث خلل- من عمليات إعادة التوازن إلى التنظيمات الاجتماعية التي يضمها المجتمع. وبالتالي؛فإن النظرة إلى الوظيفية تُحاكي النظرة العضوية لبيئة المجتمع. (Holmwood, John, 2005: 89)

فقد حاول "باريتو" في هذا الإطار أن ينظر إلى المجتمع على أنه في حالة توازن، ويتكون من مجموعة من الأجزاء المتساندة من حيث التأثير المتبادل، فأي تأثير في أي جزء يتأثر به الآخر، وكذلك يتأثر به الكل. ويُلاحظ أن مفهوم "باريتو" للتوازن يتمحور في أن المجتمع هو نسق في حالة توازن، فهو يدل -بصورة مباشرة- على وجود قوى داخل كل مجتمع تعمل على الاستقرار وعدم حدوث أي تغير. وهذا ما يطلق عليه "التوازن الدينامي". (شحاتة صيام، 2009: 52)؛ فعندما واجه المجتمع المصري غزوًا أو وفودًا من المهاجرين السوريين كقوى خارجية، فإن القوى الداخلية في المجتمع المُضيف سرعان ما تتجه نحو إعادة التوازن باستيعابهم ومحاولة إدماجهم فيه ليبلغ مرحلة الاستقرار. فانتقال السوريين لمصر كبلد مُضيف يعكس استجابة إلى عدم التوازن في التوزيع الجغرافي والموارد الطبيعية والعمل ورأس المال، فكان عليهم البحث عن أماكن للإقامة والعمل بأجور مناسبة لمواجهة أعباء المعيشة، وفي أغلب الأحيان بأجور متدنية وساعات عمل أكثر، فيلجأ صاحب العمل إلى الاعتماد على العمالة السورية،الأمر الذي بدوره قد يؤدي إلى حدوث انكماش في مقدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب العمال،وهو ما يضغط على النسق وتظهر الحاجة إلى التوازن. (Godfrey, Martin, 1986: 152)

أما "بارسونز" فيرى أن التوازن  يسعى إلى تكامل النسق، وينظر للنسق باعتباره مجموعة من العلاقات القائمة سواء داخل المجتمعات المحلية أو الجماعات البشرية، أو بين بعضها بعضًا، التي تميل بطبيعتها إلى الحفاظ على استمرارها عبر الزمن وتدعم وجودها الذاتي. فهذه الأنساق تكون في حالة توازن واستقرار وتكامل. وغالبًا ما يحدث التغير من خلال محاولات التكيُّف للاستجابة للتغيرات الخارجية. (أحمد زايد، 2011: 122)؛ يُعَرِّف "بارسونز" النسق الاجتماعي بأنه "مجموعة من الأفراد المَدفوعِين بمَيْل إلى الإشباع الأمثل لاحتِياجاتهم". (نيقولا تيماشيف: 333)؛ وهذا يعني أن النسق قادر على أن ينظم ويوَلِّد الأنشطة الضرورية التي تُشْبِع الحاجات. وتتمحور نظرية "بارسونز" حول نموذج رباعي قام بتطويره؛ بحيث يُمَثِّل العناصر الأساسية التي يجب أن تَتَوَافرَ في الأنْسَاق الاجتماعية كَافَةً إذا كان مُقَدَّرًا لها أن تستمر، وهي: "التَّكَيُّفُ Adaptation، و تَحْقِيقُ الهَدَفِ Goal Attainment،والتَّكَامُلُ Integration، والمُحَافَظَةُ على النَّمَطِ “Pattern Maintenance. (ميل شيرتون وآن براون، 2012: 84)

يُلاحظ أن السوريين قد تكيفوا من خلال وسائل مختلفة(كالعمل، والزواج وغيرهما) مع ما يحدث لهم من تحولات وتغيرات. بالإضافة إلى سعيهم الدائم لتحديد أهداف معينة وتنفيذها بكافة الوسائل والآليات والميكانيزمات؛على سبيل المثال: توفير سبل للعيش بشكل يومي، والمجاهدة والسعي في تحقيق هذا الهدف بشتى الطرق، كامتهان البعض لمهن مختلفة عن تلك التي امتهنوها في موطنهم الأصلي. ويحدث ذلك دون التخلي عن القيم والعادات والمعايير الخاصة بهم التي لها دورمهم في صياغة الروابط الاجتماعية التي تؤدي دورًا مؤثرًا في عملية التماسك والتكامل.

2- نظرية الاندماج الاجتماعيSocial Integration :

        صاغت مدرسة شيكاغو مصطلح الاندماج ليعني العملية التي بمقتضاها يتم التفاعل مع المجتمع المُضيف والمشاركة في أنشطة المجتمع من خلال توطيد شبكة العلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي في ممارسات الحياة اليومية، وإدماج الأفراد في السكن والخدمات التي يُقدمها ذلك المجتمع. (Hamberger, 2009: 4)؛اهتم العلماء بالآليات التي تجعل المجتمع في حالة توازن حتى يستمر، لهذا تُعد قضية اندماج الفرد داخل المجتمع من أهم القضايا التي طرحها الباحثون والمفكرون في العلوم الاجتماعية. أسهم "إميل دور كايم" من خلال عمله "تقسيم العمل" طرح عملية التضامن الاجتماعي كنقطة أساسية ومحورية للعلم الجديد- علم الاجتماع- الذي يمثل شبكة الروابط الاجتماعية التي تجذب أفراد المجتمع إلى بعضهم بعضًا، والتي تشكل ركنًا من أركان الاندماج الاجتماعي. (Heckmann,2006:11&Bosswick)

        تتأسس حياة الجماعة كشكل من أشكال التنظيم أساسًا على: القيم المشتركة، وثقل الضمير الجمعي، والتقاليد، والعبادات والطقوس، والعادات الموروثة؛ فالعادات والتقاليد تهدف إلى توازن النظام،والضمير الجمعي يؤديدورًا مهمًّا في المجتمع، فهو من جهة: يضمن اندماج كل فرد داخل المجتمع، ومن جهة أخرى يضمن توازن المجتمع بتطبيق الرقابة الدائمة، وبصفة غير مباشرة عن طريق احترام المعايير والقيم.(Strang, 2008: 165)&Ager؛ فامتثال المهاجرين السوريين لقيم ومعايير مصر كبلدٍ مُضيفٍ يُساعدهم على الاندماج والتكيف مع الظروف والأوضاع المعيشية الجديدة التي فُرِضَت عليهم.

وفيما يلييتم توضيح متطلبات الاندماج الاجتماعي، وهي:

- الحق في المساواة أمام القانون، يتمثل في عدم التمييز ضد السوريين الأمر الذي يضمن التمتع بحقوقهم.

- الحق في تلقي الرعاية الصحية.

- الحق في المسكن، وتوفير مستوى معيشي ملائم.

- الحق في الالتحاق بسوق العمل.

- الحق في التعليم. (الزعبي، 2011: 38(؛ وبالتالي،ومن خلال تحقيق هذه المتطلبات يعود التوازن إلى المجتمع، ويندمج السوريون في المجتمع المُضيف.

3- نظرية الاستبعاد الاجتماعي:Social Exclusion

يُشير مفهوم الاستبعاد إلى السُّبُل التي تُسَد فيها المسالك أمام أعداد كبيرة من الأفراد للانخراط الكامل في الحياة الاجتماعية الواسعة، أي حرمان بعض الفئات من الفرص اللازمة لها لتحسين أوضاعها مقارنةً بالفئات الأخرى من المجتمع. ويشير الشكل رقم (1) إلى أشكال الاستبعاد الاجتماعى على أسس اجتماعية واقتصادية وسياسية (غدنز،2005: 364):

الشكل رقم (1): أشكال الاستبعاد الاجتماعي

كذلك أشار"غيدنز" إلى أن الاستبعاد يتمثل في مجموعة الأوضاع والعوامل التي تنقطع فيها الصلة بين الأفراد والجماعات من جهة وانخراطهم في أنشطة المجتمع الواسع من جهة أخرى. كما يسهم تردي مستوى السكن وعدم ملاءمته للعيش بشكل لائق، وتدني مستوى المدارس وتراجع الاهتمام بالتعليم، وضعف شبكة المواصلات في حرمان المهاجرين السوريين من الفرص لتحقيق الاندماج والتقدم في المجتمع المُضيف (غدنز، 2005: 104).

4- نظرية الممارسة The Practice Theory:

        طوّر "بورديو Bourdieu" مفهوم الممارسة Practice Perspective وفقًا لعلاقة الفاعل Agent بالبناء  الاجتماعي؛ حيث يقوم الفاعلون بإعادة إنتاج هذا البناء من خلال المشاركة والتفاعل، ويتم ذلك في إطار ما أطلق عليها "بورديو" بـ"الهابيتوس Habitus". (Kelly, P. andLusis, T, 2005: 833)

يُركّز مفهوم الممارسة عند "بورديو" على علاقة الفاعل بالبناء الاجتماعي، وهي العلاقة التي تنتهي بأن يقوم الفاعلون بإعادة إنتاج هذا البناء، ويؤمن "بورديو" بقدرة الفاعلين على تحويل وتغيير البناء من خلال توافر شروط بنيوية. ويقصد "بورديو" بالممارسة؛ الفعل الاجتماعي الذى يقوم فيه الفاعلون بالمشاركة في إنتاج البناء الاجتماعي، وليس مجرد أداء أدوار فيه، وبالرغم من أن الفاعلين نتاج البنية، إلا أنهم صنعوا ويصنعون البنية باستمرار. (بيير بورديو، 1998: 201)؛تقدم نظرية الممارسة فهمًا أوضح للعلاقة بين الأفراد والمجتمع مع علاقات القوة المصاحبة لها. حيث تُلقي المزيد من الضوء على تفسيرات: كيف ولماذا قد يستفيد المهاجرون وأفراد أسرهم من الهجرة؟ وما الذي يمنعهم -أحيانًا- من القيام بذلك؟؛ وفي الوقت نفسه تبين الروابط بين المناطق المرسِلة والمناطق المستقبِلة. (Thieme, Susan, 2008: 8)؛ فالمُمَارَسَةُ نشاط إنساني، يقوم به فاعل (Agent) يمتلك قدرة على صُنع الاختلاف، ولكنها ليست قدرة مُتَعَالِيَة، وإنما هي قدرة فاعل نَشِط مُكَافِح، فتَتَوَلَّد لهؤلاء السوريين مجموعة من الاستعدادات تُمَكِّنُهُمْ من ممارسة الأفعال المختلفة في إطار بِنْيَة مُحَدَّدَة ليَتَكَيَّفُوا معها بآلِيَّاتٍ مختلفة؛ ليُحَقِّقُوا النَّجَاح ويَضْمَنُوا الاسْتِمْرار في المجتمع المُضِيف. (أحمد موسى بدوي، 2009: 11)

سابعًا- الدراسات السابقة:

القسم الأول- دراسات اهتمت بالأوضاع الاجتماعية والمهنية للمهاجرين:

1- خليل مصطفى البزايغة (2012)، تأثير اللَّاجِئِينَ العراقيين في الأردن.

هدفت الدِّرَاسَة إلى بيانِ دَوْرِ الأردن في تأمينِ الحقوقِ الأساسيةِ للاجئين العراقيين، وتحديدِ الآثارِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والبيئيةِ والصِّحِّيَّةِ والتعليميةِ على الأردن، بالإضافة إلى الكَشْفِ عن دَوْرِ المُفَوَّضِيَّةِ الساميةِ للأممِ لشؤون اللَّاجِئِينَ في رعايتِهم داخل الأردن. ابْتَدَأَ الباحثُ دراستَه من فترة دخول القوات الأمريكية إلى العراق، ومن ثَمَّ قام بوَصْفِ الأحداثِ وتحليلِ بعضِها باستخدام المنهج التحليلي الوصفي.من أبرز نتائج الدِّرَاسَة: تَزَايُد التَّكْلفة المالية التي يَتَحَمَّلُهَا الأردن في استضافة اللَّاجِئِينَ، بالإضافة إلى ضَعْفِ مصادرِ الدَّعْمِ، والسماح للطلاب العراقيين بالتسجيل في المدارس العامة، الأمر الذي أَدَّى إلى الضَّغْطِ على المدارس. تمَّ تخصيصُ أكثر الخدمات الصحية بنسبة (90%) من الميزانية للصحة.يُوجَدُ نحو نصف المليون عراقي يقيمون بشكل دائم أو مؤقت على الأراضي الأردنية، الأمر الذي يشكِّل ضَغْطًا على البِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ، ويَسْتَنْزِفُ جزءًا من الخدماتِ المُقَدَّمَةِ سواء التعليمية أو الصحية، بالإضافة إلى رَفْعِ معدلات الطَّلَبِ في السوق الأردنية الصغيرة، وهو ما أَدَّى إلى ارتفاعِ أسعارِ كثيرٍ من السِّلَعِ والخدمات.

2- Noha Adel (2017)، الحِرَاكالسكنيللاجئينالسُّورِيِّينَ في القاهرةالكبرى.

        هدف البحث إلى فهم أنماط الحراك السكني والأنواع المختلفة من الأحياء التي يتحركون داخلها. بالإضافة إلى: خصائص الحراك، والخصائص الشخصية، وخصائص الحي، والسياسات التي تؤثر على أنماط الحركة للسوريين في مصر.اعتمدت الدِّرَاسَة على الأسلوب الكيفي في تحليل قرار وعملية الحراك السكني وأثره على بعض الأحياء. بدأت الباحثة بإلقاء نظرة واسعة النطاق على القاهرة الكبرى بوصفها سياق حراك اللَّاجِئِينَ السُّورِيِّينَ. كما أجرت الباحثة المقابلات سواء عن طريق المقابلة وجهًا لوجه، أو الاتصال الهاتفي، أو على الإنترنت، كما طبقت أيضًا أداة الاستبيان. من أبرز نتائج الدراسة: تُحدد نظرية الحراك السكني خصائص السكن التي يُفضلها اللاجئون السُّورِيُّونَ، وإذا لم يتطابق وضع السكن مع تفضيلاتهم، تتولد لديهم رغبة في الانتقال. وبالتالي؛ يكون حراك أو عدم حراك السُّورِيِّينَ بناءً على معيار التفضيل، وكذلك مواردهم الذاتية، بالإضافة إلى الفرص المتاحة لهم، والمعوقات التي تواجهُهم. يُفضل السُّورِيُّونَ العيش في الأماكن التي يكثر فيها مواطنوهم، على أن تتوافر فيها مجموعة الخدمات والتسهيلات اللازمة للإعاشة. يُراعي السُّورِيُّونَ بعض الخصائص في الحي المُراد العيش فيه، مثل: حجم الشارع، ومستواه الاقتصادي، والجودة، والموقع، وخصائص المسكن نفسه، وقد يملكون حق اختيار مسكن معين، أو قد تفرضه ظروفهم المادية، أو مؤسسة ما تقدم لهم الدعم.

3- نعيمة محمد عثمان (2018)، الأوضاع الاجتماعية والثقافية للاجئين في المجتمع المصري.

        هدفت الدِّرَاسَة إلى وصف الأوضاع التعليمية والدينية والاجتماعية والمهنية للاجئين السودانيين، والتعرف على الحواجز الثقافية بين هؤلاء اللَّاجِئِينَ والمواطنين المصريين. اعتمدت الدِّرَاسَة على المنهج الأنثروبولوجي، كما لجأت الباحثة إلى منهج المسح بالعينة، وأجرت مقابلات أولية على عينة عمدية قوامها (40) مفردة. ومن أبرز النتائج: توصلت الدِّرَاسَة إلى عدم ثقة اللَّاجِئِينَ في الخدمات الصحية الحكومية، بالإضافة إلى تعرضهم لمضايقات من المصريين في المستشفيات الحكومية،كما كشفت الدِّرَاسَة عن ارتفاع معدلات البطالة بين اللاجئين؛ نظرًا لقِلَّةِ فرص العمل. كشفت الدِّرَاسَة عن ارتفاع أسعار إيجارات مساكن اللَّاجِئِينَ. لذا؛ اشتركت أكثر من أسرة في مسكن واحد، ويسكن بعضهم في عمارات حديثة البناء وغير مُجَهَّزة بالكهرباء والمياه.

القسم الثاني-الصعوبات التي يواجهها المهاجرون في البلد المُضيف:

1- Stewart. Miriam et al (2008)، المعاني مُتَعَدِّدَة الثقافات للدَّعْمِ الاجتماعىِّ بين المُهَاجِرِينَ واللَّاجِئِينَ.

تُرَكِّزُ الدِّرَاسَةُ على التَّحَدِّيَاتِ المُرتبطةِ بمتطلباتِ الاستيطانِ والاستقرار التي تحتاج إلى: الدَّعْمِ الاجتماعىِّ، وتوفيرِ المَوَارِدِ، واحتياجاتِ المُهَاجِرِينَ واللَّاجِئِينَ، ومحاولة التَّعَرُّفِ على الاستراتيجيات والآلِيَّاتِ لتَعْزِيزِ الدَّعْمِ في سياقِ البرامج والسياسات. وتُعَدُّ هذه الدراسة دراسةً أنثروبولوجيةً، اعتمدت على برنامج (N Vivo) لتحليلِ واقعِ تجاربِ الدَّعْمِ الاجتماعي للمهاجرين واللَّاجِئِينَ في كندا، بالإضافة إلى تحليل الخطابات التي اسْتَمَعَ إليها الباحثون، بالإضافة إلى تفسيرِ تجاربِ المبحوثين في ضوء سياق العلاقاتِ الاجتماعيةِ الأوسع والظُّرُوفِ الثقافية. اعْتَمَدَ الباحثونَ على إجراءِ مقابلاتٍ مع اللَّاجِئِينَ والمُهَاجِرِينَ ومُقَدِّمِي البيانات، بالإضافة إلى الاسْتِعَانَةِ بإحصاءاتٍ من التِّعْدَادِ وتقارير خدمات مُسْتَوْطَنَاتِ المُهَاجِرِينَ واللَّاجِئِينَ. من أبرز نتائج الدِّرَاسَة: وجودُ صعوبةٍ في اللغة. وبالتالي؛ صعوبة في التَّوَاصُلِ بين المُهَاجِرِينَ واللَّاجِئِينَ والمواطنين الأصليين. حدوث اضطرابٍ في دينامية الأسرة، فحِينَ حاولوا الاستقرارَ في كندا كبلدٍ مُضِيفٍ، وَاجَهَتْهُمْ تحدياتٌ تَتَعَلَّقُ بتغييرٍ في الأدوارِ، والتَّبَعِيَّةِ، ورعايةِ الأطفالِ، ورفاهيةِ الأطفال، الأمر الذي تَسَبَّبَ في صراعاتٍ بين جِيلَيْ الآباءِ والأبناءِ. تَعَرُّض بعض اللَّاجِئِينَ والمُهَاجِرِينَ إلى التَّمْيِيزِ العُنْصُرِىِّ، خاصةً فيما يَتَعَلَّقُ بالحصولِ على فُرَصِ عَمَلٍ. انهيار آمالِ وطموحاتِ اللَّاجِئِينَ والمُهَاجِرِينَ فيما يتعلَّقُ بتحقيقِ حياة مُرَفَّهَةٍ؛ وذلك بسبب التَّحَدِّيَاتِ التي يُوَاجِهُونَهَا باستمرارٍ فيما يَتَعَلَّقُ بالاستيطانِ.

2- عبد الواحد مشعل عبد (2010)، التَّكَيُّف الاجتماعي والثقافي للمُهَاجِرِينَ العراقيين في المجتمع المصري.

هدفت الدِّرَاسَة إلى معرفة المُتَغَيِّرَاتِ الديموجرافية لمجتمعِ الدِّرَاسَة، ومدى تَكَيُّفِ المُهَاجِرِينَ في المجتمع المصري، بالإضافة إلى إلقاءِ الضَّوْءِ على طبيعةِ المشكلاتِ التي يُعَانِيهَا المُهَاجِرُونَ. اعتمدت الدِّرَاسَة على المنهج الوصفي والمَسْحِ الاجتماعيِّ بالعَيِّنَةِ، وأَجْرَى الباحثُ المُقَابَلاتِ مع عَيِّنَةٍ عَمْدِيَّةٍ من الأُسَرِ (أفراد الأسرة المُقِيمِينَ في مَسْكَنٍ واحدٍ) بَلَغَ حجمُها (50) أسرةً تَخْتَلِفُ في خَصَائِصِهَا الثقافيةِ والاقتصاديةِ، بالإضافة إلى الاعتمادِ على استبيانٍ استطلاعىٍّ عن مشكلات الجالية العراقية. كما اسْتَخْدَمَ الباحثُ المَلاحَظَةَ بالمُشَارَكَةِ لمُعَايَشَةِ المُهَجَّرِينَ في مدينة السادس من أكتوبر. ومن أبرز النتائج: اتَّضَحَ أن المُهَاجِرِينَ قَلِقُونَ من المستقبلِ لأسبابٍ، أهمها: عدم الاستقرارِ، والخوف من المجهول، والانقطاع عن الأقْرِبَاءِ داخل البلد الأصلي، كما يُعانون خلال حياتِهم في المَهْجَرِ من مشكلاتٍ نفسية؛ مثل: الاكتئاب، والضياع، وفقدان الأصدقاءِ، بالإضافة إلى المُشْكِلاتِ الاقتصاديةِ، ومنها: ارتفاع معدلات البطالة، وتَزَايُد المتطلباتِ الحَيَاتِيَّةِ، وعدم وجودِ دَخْلٍ مُنْتَظِمٍ. اتَّضَحَ أن المرأةَ تُعانِي من مشكلاتِ الانفصالِ العَاطِفِيِّ بسبب الابتعادِ عن الأمِّ والأهلِ، كما أن الأسرةَ وأبناءها يُعانون من مشكلاتٍ تعليميةٍ، منها: ارتفاع تكاليف الدِّرَاسَة، وصُعُوبَة تَكَيُّفِ التلاميذ في المدارس مع أَقْرَانِهِم، واختلاف المناهجِ الدراسيةِ عن البلدِ الأصليِّ.

ثامنًا- الإجراءات المنهجية:

 يعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي، الذي يسعى لوصف الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمهاجرين السوريين وتحليلها. وذلك بالاستناد إلى دليل المقابلة الذي طُبِّقَ على (15) أسرة سورية، بالإضافة إلى الاعتماد على أداة الاستبيان التي طُبِّقَت على عينة عمدية من السوريين بمدينة السادس من أكتوبر على عينة قوامها (100) مفردة، وتم مراعاة التالي في اختيار العينة:الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية، التنوع بين النوع والفئات العمرية المختلفة، التطبيق على أصحاب العمل والعاملين وغير العاملين.           

المحور الثاني- أسباب اختيار مصر كمحطة آمنة للهجرة:

يسعى هذا المحور إلى توضيح أسباب اختيار المهاجرين السوريين مصر كمحطة آمنة للهجرة والاستقرار فيها من خلال عنصرين، هما:

العنصر الأول: خصائص العينة.

أ- عينة الاستبيان.

جدول (1) توزيع العينة وفقًا للسن

يتضح من الجدول السابق أن أعلى نسبة بلغت (50%) لمن تتراوح أعمارهم (من 20 إلى 30)، تليها نسبة (23%) لمن يتراوح أعمارهم (من31 إلى 40)، ثم من كانت أعمارهم (41 إلى 50) بنسبة (14%)، تليها نسبة (7%) لمن هم (أقل من 20)، وبلغت أقل نسبة (6%) لمن هم (أكثر من 50).

جدول (2) توزيع العينة وفقًا للنوع

يتضح من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت بين الذكور، فقد بلغت (69%)، بينما بلغت نسبة الإناث (31%)، وجدير بالذكر أن الذكور كانوا أكثر تعاونًا من الإناث في تطبيق الاستمارة؛ نظرًا لتحَفُّظهن الشديد، وصعوبة الحصول على موافقة من والدها أو أخيها أو زوجها.

جدول (3) توزيع العينة وفقًا للحالة التعليمية

يتبين من الجدول السابق أن أعلى نسبة للحالة التعليمية، كانت لحَمَلِة الشهادة الجامعية بنسبة (48%)، تليها لمن يحملون الشهادة الثانوية بنسبة (18%)، ثم حَمَلِة الشهادة الإعدادية بنسبة (17%)، وبلغت نسبة (9%) لمن يحمل الشهادة الابتدائية، تليها نسبة (6%) للشهادة فوق الجامعية، وكانت أقل نسبة لمن يقرأ ويكتب بنسبة (2%).

جدول (4) توزيع العينة وفقًا للحالة الاجتماعية

يتضح من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت (51%) للمتزوج/ة، تليها نسبة (43%) للأعزب/عزباء، وبلغت أقل نسبة (3%) للمطلق/ة والأرمل/ة بالتساوي.

جدول (5) توزيع العينة وفقًا لنوع السكن

يتبين من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت للسكن الإيجار الجديد، فبلغت (89%)، تليها نسبة الإيجار القديم، حيث بلغت (7%)، بينما بلغت أقل نسبة (4%) للسكن التمليك.

جدول (6) توزيع العينة وفقًا لقيمة الإيجار الشهري

يتضح من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت لمن يدفعون (أكثر من 2000) كقيمة إيجار شهري، فبلغت (63%)، تليها (من 1600 إلى 2000) بنسبة (23%)، ثم كانت نسبة (7%) لـ (أقل من 800)، وبلغت أقل نسبة وهي (3%) لقيمة الإيجار الشهري (من 800 إلى 1500).

جدول (7) توزيع العينة وفقًا لوحدة السكن

يتبين من الجدول السابق أن أعلى نسبة بلغت (90%) لمن يعيشون في شقة كوحدة سكن، تليها نسبة (5%) للبيت، ثم بلغت نسبة (4%) للحجرة، وكانت أقل نسبة فيلا، التي بلغت (1%).

جدول (8) توزيع العينة وفقًا لمتوسط دخل الأسرة

يتضح من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت للدخل (أكثر من 5000)، فبلغت (35%)، تليها لمن يتراوح (من 4000 إلى 5000) بنسبة (27%)، بينما بلغت نسبة (15%) لمن يتراوح (من 2000 إلى 3000) و (من 3000 إلى 4000) بالتساوي، وأخيرًا بلغت أقل نسبة لمن هم (أقل من 1000) و (من1000 إلى 2000)، فبلغت (4%) بالتساوي.

جدول (9) توزيع العينة وفقًا لعدد أفراد الأسرة

يتضح من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت للأسر التي تتراوح (من 4 أفراد إلى 6 أفراد)، فبلغت (48%) ، تليها نسبة (35%) للأسر التي يتراوح عددها (من فرد إلى 3 أفراد)، ثم كانت نسبة الأسر التي تتراوح (من 7 إلى 9 أفراد)، فبلغت (14%)، وجاءت أقل نسبة للأسر (أكثر من 9 أفراد)، فكانت (3%).

جدول (10) توزيع العينة وفقًا للمهنة

يتبين من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت للقطاع الخاص، فبلغت (38%)، تليها نسبة (26%) لمن لا يعملون، ثم جاءت الأعمال الحرة بنسبة (19%)، وبلغت أقل نسبة لصاحب عمل (17%).

جدول (11) توزيع العينة وفقًا لمدة الوجود في مصر

يتبين من الجدول السابق أن أعلى نسبة كانت لمدة الوجود (أكثر من 7 سنوات)، فبلغت (63%)، تليها المدة التي تتراوح (من سنة إلى 3 سنوات)، فكانت (17%)، ثم بلغت نسبة (15%) لمن تتراوح (من 4 سنوات إلى 6 سنوات)، وبلغت أقل نسبة (5%) لأقل من سنة.

ب- حالات المقابلة المتعمقة.