أخلاقيات مهنة التعليم فى ضوء التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي | ||||
المجلة التربوية لتعليم الکبار | ||||
Article 6, Volume 6, Issue 3, July 2024, Page 146-175 PDF (571.94 K) | ||||
Document Type: أوراق بحثیة | ||||
DOI: 10.21608/altc.2024.374061 | ||||
![]() | ||||
Authors | ||||
امال محمود عبد المجيد; أ.د/أحمد حسين عبد المعطي; د/أحمد محمد السمان | ||||
كلية التربية-جامعة أسيوط | ||||
Abstract | ||||
استهدف البحث تعرف دور أخلاقيات مهنة التعليم فى مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور اسلامي، من خلال تعريف أخلاقيات مهنة التعليم والتعرف على التحديات المعاصرة وانعكاساتها على العملية التعليمية، واعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي ، وتكون البحث من ثلاثة مباحث هي: ماهية أخلاقيات مهنة التعليم من منظور إسلامي والتي شملت (مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم- أهميتها- مصادرها)، وأهم التحديات المعاصرة لأخلاقيات مهنة التعليم وانعكاساتها على العملية التعليمية، وسبل مواجهة التحديات المعاصرة ومعالجتها من منظور إسلامي، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها: - التحديات التى تواجه العملية التعليمية والتربوية ناتجة عن مؤثرات خارجية، وأخرى داخلية ، وتُعد التحديات الخارجية الأكثر خطراً والأبعد أثراً. - لم تلق منظومة أخلاقيات مهنة التعليم الاسلامية الاهتمام الكافي في أغلب الدول العربية والاسلامية . - أن تقدم الدول وتطورها مرتبط بوجود منظومة أخلاقية فاعلة، ومؤسسات منضبطة بلوائح أخلاقية ترتقي بالعمل المؤسسي وتُطور المجتمع . - غياب أخلاقيات مهنة التعليم سبب رئيسي لتفشي الفساد المهني والانحراف السلوكي. | ||||
Keywords | ||||
الأخلاق; مهنة التعليم; التحديات المعاصرة | ||||
Full Text | ||||
كلية التربية كلية معتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم المجلة التربوية لتعليم الكبار– كلية التربية – جامعة أسيوط =======
أخلاقيات مهنة التعليم فى ضوء التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي
إعـــــــــــــــــــداد الاستاذ الدكتور / الاستاذ الدكتور / أحمد حسين عبد المعطي أحمد محمد السمان رئيس قسم أصول التربية أستاذ أصول التربية المتفرغ ووكيل الدراسات العليا سابقاً بكلية التربية – جامعة أسيوط بكلية التربية – جامعة أسيوط أمال محمود عبد المجيد محمد أخصائى أول "أ" تكنولوجيا تعليم بمدرسة بنى عدى ع.ج بنات إدارة منفلوط التعليمية – محافظة أسيوط للحصول على درجة الماجستير فى التربية تخصص (أصول التربية )
} المجلد السادس – العدد الثالث – يوليو 2024م {
مستخلص: استهدف البحث تعرف دور أخلاقيات مهنة التعليم فى مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور اسلامي، من خلال تعريف أخلاقيات مهنة التعليم والتعرف على التحديات المعاصرة وانعكاساتها على العملية التعليمية، واعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي ، وتكون البحث من ثلاثة مباحث هي: ماهية أخلاقيات مهنة التعليم من منظور إسلامي والتي شملت (مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم- أهميتها- مصادرها)، وأهم التحديات المعاصرة لأخلاقيات مهنة التعليم وانعكاساتها على العملية التعليمية، وسبل مواجهة التحديات المعاصرة ومعالجتها من منظور إسلامي، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها: - التحديات التى تواجه العملية التعليمية والتربوية ناتجة عن مؤثرات خارجية، وأخرى داخلية ، وتُعد التحديات الخارجية الأكثر خطراً والأبعد أثراً. - لم تلق منظومة أخلاقيات مهنة التعليم الاسلامية الاهتمام الكافي في أغلب الدول العربية والاسلامية . - أن تقدم الدول وتطورها مرتبط بوجود منظومة أخلاقية فاعلة، ومؤسسات منضبطة بلوائح أخلاقية ترتقي بالعمل المؤسسي وتُطور المجتمع . - غياب أخلاقيات مهنة التعليم سبب رئيسي لتفشي الفساد المهني والانحراف السلوكي. الكلماتالمفتاحية : الأخلاق ، مهنة التعليم ، التحديات المعاصرة .
Abstract: The research aimed to identify the role of the ethics of the teaching profession in confronting contemporary challenges and ways to address them from an Islamic perspective, by defining the ethics of the teaching profession and identifying contemporary challenges and their repercussions on the educational process. The research relied on the descriptive analytical approach and the deductive approach, and the research consisted of three main sections: What is the ethics of the teaching profession from an Islamic perspective, which included (the concept of teaching ethics - its importance - its sources), and the most important contemporary challenges to the ethics of the teaching profession and their implications for the educational process and ways to confront and address contemporary challenges from an Islamic perspective. The study reached several results, the most important of which are: - The challenges facing the educational process result from external and internal influences, and external challenges are considered the most dangerous and have the most far-reaching impact. - The system of ethics of the Islamic teaching profession has not received sufficient attention in most Arab and Islamic countries. - The progress and development of countries is linked to the presence of an effective moral system and institutions disciplined with moral regulations that advance institutional work and develop society. - The absence of ethics in the teaching profession is a major reason for the spread of professional corruption and behavioral deviation. Keywords : ethics, teaching profession, contemporary challenges. أولاً: الإطار العام للبحث. * مقدمة البحث : الأخلاق تاج العلوم ومنبعها الفياض ولقد حظى موضوعها بأهمية بالغة من قبل العلماء والمفكرين والتربويين، وقد عنى الإسلام بالجانب الأخلاقي، وأهتم المسلمون بالتعاليم الأخلاقية الإسلامية، وكل مهنة من المهن لابد لها من آداب ومعايير وأخلاقيات تحدد العمل بها وتنظمه وفقاً لقواعد ولوائح وقوانين، ومهنة التعليم من أشد المهن احتياجاً لهذه الأخلاقيات؛ لأنها تهدف الى تربية الأبناء وتعليمهم وتهذيبهم وإعدادهم لقيادة ونهضة المجتمع . ويتعرض عالمنا العربي والإسلامي في العصر الحالي لكثير من التحديات الخطيرة والمشكلات المتفاقمة على كافة الأصعدة والمستويات، ويرجع هذا إلى ظهور مجموعة من التحولات العالمية السريعة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية في ظل عصر العولمة وما يكتنفه من التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات والمعلومات في الجانب العلمي والتقني، وما يترتب على هذه العولمة من آثار ومخاطر تهدد المنظومة التعليمية والتربوية في المجتمعات الإسلامية ، بل تهدد المجتمع ككل. والمجتمعات- بغض النظر عن تقدمها أو تأخرها – تحتضن كثيراً من المهن، والمتتبع لموقف المجتمعات من هذه المهن يلاحظ أن كل مهنة تلتزم بأخلاقيات يؤمن بها أصحابها الذين يعتزون بها ويسلكون بمقتضاها ويعملون على ترسيخها وتعميقها لدى المنتمين إليها منطلقين من إيمانهم بأهداف المهنة وأدوارها التي تحقق طموحات المجتمع في التحديث والرقي .([1]) مما أدى إلى ضرورة الاهتمام بأخلاقيات مهنة التعليم وتفعيلها والتوعية بها، وذلك بترسيخ الممارسات الأخلاقية داخل المؤسسات التعليمية وخارجها من قِبَل المعلم باعتباره قدوة ومربياً نحو طلابه ومجتمعه، وتوعيته بأبعاد رسالته التربوية والدعوية بصورة أكثر إيجابية وفاعلية. ويزخر التراث الإسلامي بحضارته العريقة ومصادره الخصبة بأخلاقيات ومبادئ أصيلة لعلاج العديد من القضايا التربوية المعاصرة، التي تتضمن قيماً ومبادئ تسهم في مواجهة تلك التحديات والمشكلات ومعالجة القصور فى أخلاقيات المعلم وسلوكياته اليومية التي نراها بصورة واضحة في المؤسسات التعليمية من جانب، وما يشهده واقعنا الحالي من ممارسات وسلوكيات خاطئة في المجتمع من جانب آخر، والتى يجب الإعداد والتسلح بسلاح العلم والمعرفة والتصدي لها بكل ما نملك من وعي رشيد وعزيمة وإرادة تدفعنا نحو التغيير والإصلاح . * مشكلة البحث وتساؤلاته: تشهد الساحة التربوية ظهور العديد من المشكلات والسلبيات في أداء المعلم داخل المؤسسة التعليمية متمثلة في ضعف الوعي برسالته التربوية وبأهداف المؤسسة التعليمية، وإهمال الجانب الخُلقي في سلوك المتعلمين وفي تقويمهم وإعتباره هدفاً ثانوياً، مع الاهتمام بالجانب المعرفي، بالإضافة الى ظهور كثير من السلوكيات السلبية والتجاوزات الأخلاقية المنتشرة بين بعض طلاب المدارس والجامعات، ويعود هذا إلى وجود فجوة في نظامنا التعليمي والنظام التربوي داخل المدرسة والجامعة والبيت. كما يشهد العالم اليوم تغيرات ومستجدات عالمية وتحديات ثقافية وأخلاقية تهدد استقرار المجتمعات وأمنها في ظل الإنفتاح العالمي والتقدم التقني والتكنولوجي، هذه التحديات تتطلب فهماً وإدراكاً ووعياً؛ لتداعياتها في الحاضر والمستقبل حفاظاً على هُوية المسلم في ظل ما يحيط به من شبهات وأفكار وانحرافات فاسدة تهدد أمنه وعقيدتة الإسلامية الصحيحة وأخلاقه ومجتمعه. وفي ضوء ذلك يمكن بلورة مشكلة الدراسة فى التساؤل التالي: ما دور أخلاقيات مهنة التعليم في مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور اسلامي ؟ ويتفرع من هذا التساؤل الرئيس التساؤلات الفرعية التالية: 1- ما مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم وأهميتها ومصادرها؟ 2- ما أهم التحديات المعاصرة التى تواجه العملية التعليمية والتربوية ؟ 3- ما دور أخلاقيات مهنة التعليم فى مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي ؟ * دراسات سابقة: انطلاقاً من أهمية الدراسات السابقة فقد حرصت الباحثة على تناول بعض الدراسات التي ترتبط بمتغيرات البحث الحالي، على النحو التالى : 1- دراسة ( محمد إمام لطفي ، 2023):([2]) هدفت الدراسة إلى تحديد عناصر ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم والتعرف على التحديات المعاصرة وانعكاساتها على مهنة التعليم، واعتمد الباحث على المنهج الوصفي، وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها: وضع ميثاق أخلاقي للمعلم يتكون من أربعة عناصر أساسية تتمثل فى مسئوليات المعلم تجاه طلبته وزملائه ومهنته ومجتمعه، وتوصلت الدراسة إلى: تطوير وتحسين برامج إعداد المعلم وتدريبه، توعية المعلمين بأدوارهم ومسئولياتهم المختلفة داخل وخارج المدرسة، تنمية أخلاقيات وآداب المهنة، تحسين العمل الجماعي والوضع الوظيفي للمعلمين من خلال تحسين الأجور والمكافآت . 2- دراسة ( عالية محمد الخياط ، 2015): ([3]) هدفت الدراسة الى إبراز التحديات المعاصرة وأثرها على منظومة القيم الأخلاقية لدى الشباب، والتعرف على أهم التحديات التربوية والاجتماعية المعاصرة المؤثرة على النظام القيمي لدى الشباب، ثم تسليط الضوء على دور التربية الإسلامية الوقائي والعلاجي في التصدي لهذه التحديات، واستخدمت الباحثة المنهج الوصفي الاستقرائي، وتوصلت إلى عدة نتائج أهمها : وجود أزمة قيمية يعيشها المجتمع العربي المسلم، اهتزاز الثقة بالهوية الإسلامية، تراجع الأخلاق الفاضلة وتفشي العادات والتقاليد الغربية الدخيلة ،وأوصت الدراسة بمجموعة توصيات أهمها: تزويد الشباب بالمعلومات الصحيحة للقيم الإيجابية وتعرية القيم السلبية، المحافظة على الهوية الإسلامية والتمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وتعريفهم بالقيم الإسلامية وتعزيزها في نفوسهم عن طريق المناهج الدراسية والأنشطة المدرسية مع التركيز على دور القدوة الطيبة المتمثلة في المعلمين والجو المدرسي بشكل عام. 3- دراسة (عيد محمود نمر ،2014):([4]) هدفت الدراسة إلى التعرف على المفهوم الشامل للأذكار والقيم الأخلاقية والتربية الوقائية المتضمنة في (جامع صحيح الأذكار)، والتعرف على تحديات العولمة وتأثيرها على القيم الأخلاقية وعلى المجتمع، واستخدم الباحث المنهج الأصولي الاستنباطي، والاستقرائي التحليلي، وتوصلت الدراسة إلى: أن الأذكار النبوية هي منهج وقائي قبل أن يكون منهجاً علاجياً، وأن الذكر في الإسلام عبادة تشمل ذكر اللسان وذكر الجوارح ، وهو يشمل عدة جوانب: جانب إيماني وجانب أخلاقي وجانب جسدي، ومن أبرز النتائج التى توصلت إليها الدراسة : ضرورة إصدار نشرات تثقيفية متعلقة بالأذكار النبوية والجوانب التربوية بها والوقوف على ما تضمنته من قيم أخلاقية وتربوية، الاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام المختلفة للدعوة إلى الإسلام وتعريف العالم بماهيته . 4- دراسة (صالح بن سليمان العمرو، 2012):([5]) هدفت الدراسة إلى التعرف على أبرز تحديات العولمة الثقافية في المجتمع المسلم المعاصر ودور التربية الإسلامية في مواجهتها من خلال الأساليب التربوية المتعددة، واستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت الدراسة الى عدة نتائج أهمها: تواجه المجتمعات العربية تحديات خطيرة أبرزها تحديات العولمة فى المجال الثقافي والتي تمثلت في إقصاء العولمة للدين وإبعاده عن التأثير فى جوانب الحياة المختلفة، والتهوين من شأن اللغة العربية وعدم الالتزام بالضوابط الأخلاقية، وأوصت الدراسة بالآتي: تفعيل دور الأسرة المسلمة لحماية أبنائها من الآثار السلبية للتحديات، وترشيد وسائل الإعلام لتكون وسيلة إيجابية للتوجيه والإرشاد والتوعية، وتنمية روح التسامح ورفض التعصب، وتطوير برامج التعليم لتحقيق التعامل الإيجابي مع متغيرات العصر وتحولاته. 5- دراسة (منال عبد الخالق جاب الله، 2006):([6]) هدفت الدراسة إلى جذب العناصر التى لها اهتمام بأخلاقيات العمل في مجال التربية وتحفيز المفكرين إلى مناقشة قضية أخلاقية مهنية تدعو إلى اختبار كل سلوك وجعله موضع استبصار، مع مراعاة ما تفرضه التحديات المستقبلية متمثلة فى تيار العولمة الجارف، والتقدم العلمي والانفجار المعرفي، وتوصلت الدراسة إلى مجموعة نتائج أهمها: التأكيد على أهمية تدريب المعلمين وكل العاملين فى مجال التربية، وإعمال المنطق وتحكيم العقل، لتنمية القدرة على الحوار فى إطار رؤية أو تصور جديد يفعل لغة الأخلاقيات فى المجتمع. * أهداف البحث : حاولت الدراسة الحالية تحقيق الهدف الرئيس التالي وهو " دور أخلاقيات مهنة التعليم في مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي"، وتفرع من هذا الهدف أهداف فرعية أخرى تمثلت فى الآتي: 1- تعرف مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم وأهميتها ومصادرها . 2- تعرف أهم التحديات المعاصرة التي تواجه العملية التعليمية والتربوية . 3- دور أخلاقيات مهنة التعليم فى مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي * أهمية البحث : تتجلى أهمية الدراسة الحالية في تناولها لموضوع أخلاقيات مهنة التعليم في مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي، وتبرز أهمية الدراسة من خلال ما يلي: 1- الأهمية النظرية: تقدم الدراسة رصداً علمياً للإطار الفكري لموضوع أخلاقيات مهنة التعليم وسبل معالجتها من منظور إسلامي، فالدين الإسلامي مقوم أساسي من مقومات الحياة فى هذا العصر الملئ بالصراعات الفكرية والعقائدية الأمر الذي يحتم مواجهة هذه التحديات الخارجية والمشكلات الداخلية على الساحة التربوية، وهذا يفيد المهتمين بدراسة هذا الموضوع في الإحاطة بجزئياته مع تحديد "معايير القيم والأخلاق" التي ينبغي الالتزام بها في مهنة التعليم، وتمثل هذه إضافة للمكتبة التربوية بحصيلة من النتائج والتوصيات التي ستفتح المجال أمام البحوث والدراسات الأخرى المهتمة بدراسة أخلاقيات مهنة التعليم في ضوء التراث التربوي الإسلامي حيث يمكن أن يؤسس على ضوئها دستور أخلاقي إسلامي لمهنة التعليم. 2- الأهمية التطبيقية : تمثلت الأهمية التطبيقية للدراسة فى تفعيل دور أخلاقيات مهنة التعليم لمواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي، حيث يمكن أن يساعد القائمين على شؤون التربية والتعليم في التعرف على القيم الأخلاقية المستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية وتضمينها في لوائحها كي يلتزم العاملون بها في سلوكهم، وكذلك القائمون على مجال الدعوة الإسلامية وعلى مؤسسات الأسرة والإعلام ودور العبادة من خلال التوعية بأخلاقيات مهنة التعليم بما يُمكّن من إخراج جيل ملتزم أخلاقياً وسلوكياً. * منهج البحث: استخدمت الباحثة في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستنباطي المناسب لطبيعة البحث. * حدود البحث: - حد الموضوع: وفيه اقتصرت الدراسة على تفعيل دور أخلاقيات مهنة التعليم في مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها والوقاية منها من منظور إسلامي. * مصطلحات البحث الإجرائية : 1- أخلاقيات مهنة التعليم: هي المنهج الأخلاقي الذي وضعته الشريعة الإسلامية لأصحاب مهنة التعليم منبثقاً من الأخلاق الإسلامية ، والذي ورد في صورة مجموعة من الضوابط والسلوكيات والآداب الأخلاقية الفاضلة التي يجب أن يعيها المعلمون ويعملوا بمقتضاها ويلتزموا بها نحو خالقهم ومهنتهم، وطلابهم ومجتمعهم. 2- التحديات المعاصرة: هي مجموعة القوى والصعوبات والعوامل الداخلية والخارجية التي تواجه المجتمع أفراد وجماعات لصرفهم في شئون حياتهم عن الشرع الإلهي وعن المنهج القويم. * خطة السير في الدراسة : للإجابة عن تساؤلات الدراسة وتحقيق أهدافها، سارت الدراسة وفقاً للمحاور التالية : المحور الأول: مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم وأهميتها ومصادرها. المحور الثاني: أهم التحديات المعاصرة التي تواجه العملية التعليمية والتربوية. المحور الثالث: دورأخلاقيات مهنة التعليم في مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي. المحور الأول: مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم وأهميتها ومصادرها: (أ) مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم: بدأ الاهتمام العالمي بأخلاقيات المهن في مختلف المؤسسات منذ بداية السبعينات من القرن العشرين، وذلك لظهور بعض الممارسات غير الأخلاقية من قبل بعض العاملين في المهن المختلفة مثل الممارسات السلوكية الخاطئة، وعدم التمسك بقواعد السلوك الرسمي، وإفشاء المعلومات السرية، ومزاولة أي أعمال إضافية تتعارض مع أهداف المؤسسة وسمعتها.([7]) فكل مهنة فى حاجة إلى قوانين وقيم تنظمها وتحدد سلوكيات وممارسات أعضائها، ومهنة التعليم من أكثر المهن احتياجاً لمنظومة من الأخلاقيات والآداب التي يلتزم بها أفراد المهنة عند ممارستهم لمهنتهم، وفي ضوء ذلك يمكن تعريف أخلاقيات المهنة في الإسلام بأنها:" المنهاج الأخلاقي الذي وضعته ورسمته الشريعة الإسلامية لأصحاب المهن منبثقا من الأخلاق العامة".([8]) وعُرفت أخلاقيات مهنة التعليم بأنها: "معايير السلوك الرسمية وغير الرسمية التي يستخدمها المعلمون كمرجع يرشد سلوكهم أثناء أدائهم لوظائفهم وتستخدمها الإدارة والمجتمع للحكم على التزام المعلمين".([9]) وقيل في تعريفها أيضا: "مجموعة القواعد والأسس التي يجب على المعلم التمسك بها والعمل بمقتضاها، ليكون ناجحاً في تعامله مع طلابه وزملائه ومجتمعه ، ناجحاً في مهنته قادراً على اكتساب ثقة طلابه، وأولياء أمورهم وزملائه، ورؤسائه في العمل".([10]) وتعرف الباحثة أخلاقيات مهنة التعليم بأنها: " المنهج الأخلاقي الذي وضعته الشريعة الإسلامية لأصحاب مهنة التعليم منبثقاً من الأخلاق الإسلامية العامة،والذي ورد في صورة مجموعة من الضوابط والسلوكيات الفاضلة التي يجب أن يعيها المعلمون ويعملوا بمقتضاها ويلتزموا بها نحو مهنتهم وطلابهم ومجتمعهم، وهي التي تمثل المرجع الذي يُحتكم إليه في تقويم ممارساتهم السلوكية والمهنية". ومن منطلق التعريفات السابقة نجد أن: 1- أخلاقيات مهنة التعليم هي مجموعة السجايا الأخلاقية والسمات الشخصية التي يتعين على كل معلم التحلي بها، وهي تُعد بمثابة ضوابط سلوكية أخلاقية تُتخذ كمعايير للسلوك قد تكون رسمية أوغير رسمية، ويتم فى ضوئها الحكم على أداء المعلم ومدى التزامه بها وتقويم سلوكياته المهنية طبقاً لها لذا فهي تشكل عنده رقيباً داخلياً أمام نفسه وأمام إدارته وأمام مجتمعه وأمام الله سبحانه وتعالى، امتثالاً لقوله تعالى:﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾( الإسراء، الآية: 13) 2- تُستمد أخلاقيات مهنة التعليم من منظومة الأخلاق الإسلامية، ويتم ترجمتها إلى نصوص وقوانين مكتوبة على هيئة مواثيق من قبل الجهات العليا أو المؤسسة التعليمية أو من قبل جهات أخرى متخصصة، بما يتوافق مع ثقافة المجتمع في ضوء تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. (ب) أهمية أخلاقيات مهنة التعليم: تحتل أخلاقيات مهنة التعليم أهمية كبيرة وعناية فائقة في الإسلام؛ لما تتمتع به مهنة التعليم من مكانة في الشرع وتأثير في الفرد والمجتمع، فمهنة التعليم من أشرف المهن وأجلَّها قدراً وأعظمها أثراً لدورها الأساسي في تكوين الأفراد وتقدم المجتمعات وبناء الحضارات. ومهنة التعليم في الإسلام هي مهنة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى لهداية الناس وتزكيتهم وتعليمهم طريق الحق والرشاد، وقد مدح الإسلام هذه المهنة ومن قام بها بصدق وإخلاص وتخلق فيها بفضائل الأخلاق، ورفع منزلة العلماء فجعلهم ورثة الأنبياء، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:- «... وَأَنَّ العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَرَّثُوا العِلْمَ، مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ»([11])، يقول بدر الدين ابن جماعة عن مكانة العلماء كما وردت في الحديث الشريف: "وحسبك بهذه الدرجة مجداً وفخراً، وبهذه الرتبة شرفاً وذكراً، فكما لا رتبة فوق رتبة النبوة، فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة" .([12]) مما سبق يتضح أن: 1- مهنة التعليم بطبيعتها وغاياتها لابد لها من آداب وأخلاقيات يجب توافرها فيمن يتصدى للعمل بها، فيجب أن يتصف المعلم بمنظومة كاملة متكاملة من الأخلاقيات الشخصية والخلقية والمهنية التي تؤهله للقيام بدوره في المجتمع من تعليم الأفراد وبنائهم علمياً وتربيهم خلقياً وتوجيههم سلوكياً وإصلاحهم نفسياً. 2- تعتبر أخلاقيات مهنة التعليم واحدة من أهم مرتكزات النظام التعليمي والتربوي؛ لما لها من دور فعال في ضبط العملية التعليمية، وما يتعلق بها من مدخلات ومخرجات، وتوجيه السلوكيات والممارسات المهنية على أرض الواقع. 3- يُعدّ الأخذ بأخلاقيات مهنة التعليم من أهم أسباب التنمية والنهضة وتركها من أهم عوائق الإنجاز والنجاح؛ نظراً لما تتطلبه مهنة التعليم من علم وعمل وجهد ومهارة وعطاء والتزام أخلاقي لتحقيق أهداف المهنة ولتجويد مخرجاتها للنهوض بالمؤسسة والمجتمع. 4- تكمن أهمية أخلاقيات مهنة التعليم فيما تحققه من شعور ذاتي بالمسئولية وشعور بالرضا والانتماء الوظيفي وما يترتب عليه من رضا نفسي لمنتسبي هذه المهنة طلباً لتحقيق الغاية الكبرى وهي مرضاة الله سبحانه وتعالى، وتحصيل السعادة في الدنيا والآخرة، امتثالا لقوله تعالى:﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾. (النساء، الآية:134) كما تبرز أهمية أخلاقيات مهنة التعليم في العملية التعليمية فيما يلي:([13]) 1- زيادة إنتاجية العاملين والمعلمين بالمؤسسات التعليمية، وزيادة درجة رضاهم الوظيفي، وذلك بتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم وعلاقاتهم بكافة أطراف العملية التعليمية. 2- تكوين اتجاهات إيجابية نحو مهنة التعليم، وتبصير العاملين بالتزاماتهم الأخلاقية وتوعيتهم بالبعد القيمي والأخلاقي لمهنة التعليم ودورها في الارتقاء بالفرد والمجتمع. 3- تعزيز سمعة ومكانة المؤسسات التعليمية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي وزيادة ثقة المستفيدين والمجتمع في مؤسساته التعليمية وإداراتها وما تقدمه من خدمات تعليمية. 4- توفير إطار عام يوضح للعاملين بالمؤسسات التعليمية المعايير والقيم الأخلاقية للارتقاء بكرامة المهنة وشرفها، والقضاء على الانحرافات والسلوكيات الخاطئة . (ج) مصادر أخلاقيات مهنة التعليم: 1- القرآن الكريم القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، وهو الأصل الأول الذي تَستمد منه الأخلاق والتربية الإسلامية مبادئها وأسسها وأهدافها في كافة شئون الحياة ومجالات المجتمع، وقد جاء زاخراً بأسس الأخلاق، وآداب تلقي العلم ونشر التعليم، ومن الشواهد على فضل العلم والتعليم والتعلُّم قول الله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (آل عمران، الآية: 18)، يقول الإمام الغزالي: "فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه وثنى بالملائكة وثلث بأهل العلم وناهيك بهذا شرفاً وفضلاً وجلاء ونبلاً" .([14]) كما يعد القرآن الكريم مصدر التعليم الأول والأعم والأشمل والأكمل فقد جاء هداية سماوية، ورحمة ربانية ، وتبياناً لكل شيء، يقول الله تعالى:﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل، الآية:89) ، وإن الباحث المنصف الذي يقرأ القرآن الكريم متدبراً لآياته متفهماً لمعانيه واقفاً عند أوامره ونواهيه يصل إلى نتيجة حتمية هي أن من أهم المقاصد القرآنية نشر الأخلاق والدعوة إلى الفضيلة والعمل الصالح والنهي عن المنكرات الظاهرة والباطنة فهو أعظم دستور أخلاقي على الإطلاق، فلم يكن مجرد كتاب للعلوم أو الآداب وإنما نزل ليكون كتاب هداية فهو جامع لأسس التربية الأخلاقية التي بها تصلح الحياة وتسعد النفوس، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أملاً في أن يصل بالناس إلى أعلى درجات الكمال النفسي والرقي الإنساني، يقول الله تعالى:﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ (الإسراء، الآية :9)، ويقول سبحانه:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. (الأنعام، الآية :153). لقد امتدت النظرة الشمولية من كون القرآن الكريم هداية للناس أجمعين إلى الشمولية في موضوعات التعليم والتعلم فتضمنت الآيات القرآنية قواعد وآداب وأخلاقيات تتعلق بالفرد والمجتمع والأسرة، الأمر الذي يجعل من القرآن الكريم موضوعاً للتعليم في كافة شئون الحياة ومصدر رئيسي للأخلاقيات المنظمة لمهنة التعليم. 2- السنة النبوية كما كان القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر أخلاقيات مهنة التعليم في الإسلام، وتُعدّ السنة النبوية الشريفة المصدر الثاني لمنظومة أخلاقيات هذه المهنة الجليلة. والسنة المطهّرة هي ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير وهي وحي إلهي،يقول الله تعالى:﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى, إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (النجم، الآيتان:3، 4) ، وهي بيان القرآن وتفسيره فهي تبين مجمله وتقيد مطلقه وتخصص عامه وهي واجبة الاتباع بنص القرآن الكريم([15]) ، ومن أدلة ذلك قول الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (الحشر، الآية: 7). يقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ (إبراهيم، الآية: 4)، فإذا كانت وظيفة الرسول هي التعليم، فإنَّ ما ورد في سُنةَّ الرسول من تعليم وبيان وبلاغ وتربية وتزكية هو مصدر أساسي للفكر التربوي في غاياته ومضامينه وأساليبه، والعلوم التي تولّى الرسول صلى الله عليه وسلم تعليمها للناس ودعاهم إلى تعلُّمها كثيرة متعددة في كافة شئون الحياة وجوانبها.([16]) الأمر الذي يجعل السنة النبوية أحد المصادر الأساسية لكل شئون الحياة، دينية واجتماعية وسياسية وتربوية وتعليمية، وهي كذلك مصدراً أساسياً لأخلاقيات مهنة التعليم . 3- التراث التربوي الإسلامي لقد اعتنى الإسلام بالعلم والتربية والأخلاق عناية كبيرة في كل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، حيث مثلت هذه الثلاثة أضلاع أعمدة وأسساً مهمة في بناء المجتمع والأمة الإسلامية في كل زمان ومكان، منذ صدر الإسلام وفي أزهى عصور الحضارة الإسلامية، وقد أدرك المسلمون قيمة العلم والتعليم والتربية والأخلاق، فاجتهد علماء المسلمين في التدوين والتأليف فيما يتعلق بالجانبين، إذ كانوا يرون أنه لا انفكاك بينهما قط، فإن كان العلم سبباً لرقي الأمم، فلا جدوى له دون أخلاق تضبطه وتُهذِّب المعلم والمتعلم على حد سواء. لذا نجد أن التراث الإسلامي جاء زاخراً بالكتب والمؤلفات التي أسست لأخلاقيات مهنة التعليم التي تَضبط وتُقعِّد لأهم القواعد الأخلاقية التي يجب أن يتخلق بها المعلم والمربي في المجتمع الإسلامي، ومن هذا المنطلق يُعد التراث التربوي الإسلامي المصدر الثالث من مصادر أخلاقيات مهنة التعليم. المحور الثاني: أهم التحديات المعاصرة التي تواجه العملية التعليمية والتربوية: يتعرض عالمنا العربي والإسلامي في العصر الحالي لكثير من التحديات الخطيرة والمشكلات المتفاقمة على كافة الأصعدة والمستويات، وإنما يعود هذا إلى ظهور مجموعة من التحولات العالمية السريعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل عصر العولمة وما يكتنفه من التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات والمعلومات في الجانب العلمي والتقني، وما يترتب على هذه التحولات من آثار ومخاطر تهدد المنظومة التعليمية والتربوية في المجتمعات الإسلامية ، بل تهدد المجتمع ككل. والمراد بهذه التحديات هي مجموعة القوى والصعوبات والعوامل والأحداث الداخلية والخارجية التي تواجهالمجتمع أفراد وجماعات لصرفهم في شئون حياتهم عن الشرع الإلهي وعن المنهج القويم. وتتضح هذه التحديات وما يترتب عليها من آثار ومخاطر من خلال الآتي: أولاً: تحديات ما بعد الحداثة: تعد الحداثة مشروعا غربياً... وقد دخلت العالم الإسلامي وهي تحمل بين طياتها جوانب سلبية كثيرة، ومن أهم سلبياتها أنها أدخلت مفاهيم غير معهودة تخالف المبادئ والقيم والعادات والتقاليد والأعراف العربية والإسلامية ، ومفاهيم تخالف النظم السائدة كدعوتها إلى علمنة الحياة الاجتماعية والسياسية واعتماد المذهب العقلاني، والانقطاع عن الماضي والتراث ومحاربته، ومحاربة التصور الإيماني وقواعد التوحيد والأخذ بالفلسفات المادية والمذاهب الوضعية والتربوية النسبية الأخلاقية ولا يعني مصطلح ما بعد الحداثة أنه نهاية الحداثة بل تعني بعدها واستمرارها أيضا.([17]) على الجانب الآخر نجد أن التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات والمعلومات برغم ما لها من جوانب إيجابية في تقدم المجتمع ورقيه، إلا أنها قد أدت إلى سياسة الانفتاح فأصبحت كل دول العالم في انفتاح تام على غيرها من الدول الأخرى، وقد ساعد هذا التطور التكنولوجي في نشر أفكار ومذاهب (ما بعد الحداثة) بل تطور الأمر إلى أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية – باعتبارها الدولة الكبرى في العالم - تسعى إلى تعميم نموذجها الثقافي وفرض رؤيتها الفكرية والاجتماعية على كل دول العالم، وعلى الدول العربية والإسلامية خاصة. يقول الدكتورعبدالوهاب المسيري في هذا الصدد:" إن كل آليات الإغواء التي يستخدمها النظام العالمي الجديد تصب في هدف واحد أو حل نهائي واحد هو ضرورة ضرب الخصوصيات القومية والمرجعيات الأخلاقية حتى يفقد الجميع أية خصوصية وأية منظومة قيمية ليصبحوا آلة إنتاجية استهلاكية... لقد اختفت المرجعية، وظهر عالم لا خصوصيات فيه ولا مركز له". ([18]) ثانياً: العولمة ومجالاتها وأبعادها: تعتبر العولمة أحد أهم وأكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية والإسلامية وتحاول اختراقها في مختلف المجالات مما يترتب عليها آثار سلبية كبيرة ومخاطر جمة على الفرد والمجتمع على السواء. وتعني العولمة:" التوجه الكامل بالعالم نحو الرأسمالية، حيث تتم السيطرة عليه في ظل هيمنة دولة المركز وسيادة النظام العالمي الواحد، وبالتالي إضعاف القوميات وإضعاف فكرة السيادة الوطنية وصياغة ثقافة عالمية واحدة تضمحل إلى جوارها الخصوصيات الثقافية، والنمط السائد حاليا هو العولمة الأمريكية بمعنى أمركة العالم وسيادة الأيديولوجية الأمريكية على غيرها من الايديولوجيات.([19]) يتضح من تعريف العولمة أنها تتعدد جوانبها تعدد كبير، فلا تكاد تترك جانب من جوانب الحياة الإنسانية إلا تدخلت فيه وفرضت رؤيتها عليه، فهي تتدخل في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والدينية، كما أن لها جانباً مهماً متعلقاً بالتقنيات وثورة الاتصالات وغيرها، وفي كل مجال من هذه المجالات للعولمة تأثيرات متعددة. وفيما يلي عرض لأهم الأبعاد التي تشملها العولمة ومخاطرها وآثارها السلبية على المجتمعات العربية والإسلامية: 1- البعد الفكري والثقافي: إن من أخطر الأبعاد التي تتضمنها ظاهرة العولمة البُعد الفكري والثقافي والآثار الخطيرة التي تتركها العولمة على المجتمعات العربية والإسلامية في هذا المجال. وتعني العولمة الثقافية في حقيقتها فرض منهج وثقافة غربية أمريكية بالهيمنة على العالم وشعوبه وأفراده مسخاً لهم، وإهدار لخصوصياتهم إلى درجة أن لا يكون لأي مجتمع ثقافة ذاتية وهوية شخصية أو خصوصية.([20]) وإنما تتم العولمة الثقافية – في عالمنا المعاصر- عن طريق ترويج الأيديولوجيات الفكرية الغربية، وفرضها في الواقع من خلال الضغوط السياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية أيضاً، وذلك في مجالات عدة كحقوق الإنسان، والديمقراطية، وحقوق الأقليات، وحرية الرأي، حتى يتحقق ما روج له دعاة العولمة من "نهاية الأيديولوجيا" والتي تعني القضاء على الدين والفكر والقيم والأخلاق.([21]) ومن أبرز مجالات التحدي الثقافي للعولمة موقفها السلبي من الدين وتهميش دوره في الحياة، وإقامة نظم المجتمع الإنساني بمعزل عن الدين وتوجيهاته الشاملة لكل جوانب الحياة، وقد مارس أعداء الإسلام هذه السياسة منذ أمد طويل تحت ما عرف بالغزو الفكري ..فالعولمة تطمع إلى إذابة الفوارق بين الشعوب، وإلغاء الخصوصيات الثقافية، وتوحيد الأذواق والأعراف والرغبات لتحقيق مصالح اقتصادية .([22]) 2- البعد الاجتماعي والأخلاقي: وكما أن العولمة تؤثر تأثيراً كبيراً في الجانب الفكري والثقافي في المجتمع، فهي كذلك لها تداعيات خطيرة على المجتمع والأسرة والأخلاق، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على مجال التعليم والتربية الخلقية بتنميط العالم على نحو من نمط المجتمعات الغربية ( تغريب العالم ) ولا سيما أمريكا (الأمركة)، وذلك بنقل قيم المجتمع الغربي والأمريكي خاصة ليكون المثال والقدوة، سواء ما نُقل منها بإرادة مقصودة، أو ما انتقل منها نتيجة طبيعية لرغبة تقليد الغالب، وتسلك العولمة الاجتماعية وسائل لذلك، منها: نقل السلوكيات والعادات الغربية من خلال المواد الإعلامية المختلفة، وعقد المؤتمرات الدولية في مجال المرأة والسكان والتنمية الإجتماعية، والتي شهدتها حقبة التسعينيات من القرن العشرين ومازالت متواصلة، حيث تطرح وثائقها وتوصياتها نموذج الحياة الاجتماعية الغربية، كما في وثيقة مؤتمر السكان في القاهرة عام 1994م.([23]) ويشهد عصر العولمة تحولات وتغيرات عميقة، والاكتشافات العلمية والتكنولوجية تخطف التقاليد وتهدم القيم وتصدم المعايير التقليدية للوجود، التي أصبحت غير قادرة أبداً على مواكبة التغيرات الاجتماعية الشاملة والعميقة، وفي دائرة هذه المواجهة بين التقاليد والحداثة يشهد العصر تراجعاً غير مسبوق في المستوى الأخلاقي، وفي المستوى الأسري، حيث بدأت العائلة تتفكك، وبدأت معدلات الجريمة والعنف والإدمان والمخدرات تتزايد، وبدأنا نشهد تدميراً منظماً ومخيفاً للبيئة في البر والجو والبحر.([24]) 3- البعد التربوي والتعليمي: تؤثر العولمة تأثيراً كبيراً على المؤسسات التعليمية والتربوية، الأمر الذي ينعكس على النشء فيها فيصيبه في أخلاقه وتعليمه وتربيته، مما يشكل تحدياً يواجه القائمين عليها. لقد أصبحت القوة الأمريكية تحدد أولويات التطور الثقافي والتربوي في المجتمعات العربية والإسلامية، أصبحت المناهج التربوية والتعليمية والسلع الثقافية لا ترتبط بإحتياجات المجتمعات الإسلامية، بل أضحى المطلوب رسمها دون أي اعتبار قيمي لأهميتها أو لمركزيتها في التربية في العالم الإسلامي باعتبارها حسب الرؤية الأمريكية لا تتوافق مع المفهوم العولمي للسلام وتغذي الإرهاب الدولي .([25]) وبهذا يتم تهميش التربية والتعليم من الاتجاه التثقيفي إلى التدريب الموجه السالب لإرادة الشعوب، وهذه من أخطر تجليات العولمة التي يجب صدها، لقد أصبحت المساهمة الإيجابية - حسب المفهوم الأمريكي - في مجال التعليم في العالم الإسلامي ترتبط "بعلمنة التعليم" وتجريده من البعد الديني والأخلاقي.([26]) فقد أمرت الولايات المتحدة بعض الدول العربية والإسلامية بتغيير المناهج التربوية مثل: السعودية، مصر، أفغانستان، باكستان وغيرها من الدول الأخرى، كما طلبت إقصاء الآيات القرآنية التي تحرض على الجهاد، والآيات التي تتحدث عن الشر اليهودي، فضلاً عن حذف لفظ العدو الصهيوني من النشرات الإخبارية وغيرها من توجيهات تربوية وتعليمية من الولايات المتحدة خدمة لأهدافها ومآربها في الشرق العربي الإسلامي.([27]) ثالثاً:افتقاد المنهج التربوي والفلسفة التربوية الإسلامية : يؤكد التربويون أن التعليم منذ نشأته وحتى اليوم يفتقد إلى وجود فلسفة تربوية إسلامية توجهه، فقد ربط نفسه بفلسفات تربوية وافدة تأخذ من الغرب تارة ومن الشرق تارة أخرى، فانعكس ذلك على التعليم من حيث المناهج والأهداف وطرق التدريس والأنشطة التربوية، فجاء قاصراً غير واضح الأهداف والغايات، وبدلاً من أن ينطلق من فلسفة تستمد توجيهاتها من القرآن والسنة توضح تصورها عن الكون والإنسان والحياة، إذ بفلسفة هذا التعليم تقنع في الغالب بمجرد التقليد والتبعية الثقافية والتربوية، لذا فقد "فشلت معظم تلك المؤسسات التعليمية في إيجاد الأجيال المعاصرة التي يمكن أن تواجه التحدي العالمي الذي فرض عليها، أو تحقق المطالب التاريخية الكبرى لأمتها العربية والإسلامية".([28]) وليست التربية مجرد قيم مصاحبة للتعليم وتاتي في سياق عرضي أو شكلي أو سلبي أو مشوه ممسوخ، ولكن التربية فلسفة وسياسة وأصول ومحتويات وطرائق وأساليب ومناخ، وهي باختصار حياة مدرسية ومجتمعية مخططة ومقومة،ويدخل التعليم ضمن عملياتها وأنشطتها ويخدم أهدافها ووظائفها.([29]) لذا لابد من عودة إلى التربية لإصلاح النظم التعليمية المعاصرة، بأن تعود للمؤسسات التعليمية وظيفتها الحقيقية، ويجب أن تتقدم التربية وأن تكون الأولوية لسيادة القيم والأخلاق قبل التعليم. وقديماً كان الخليفة عمر بن الخطاب يأمر المسلمين بقوله: " تأدبوا ثم تعلموا"، كما ردد المسلمون شعار: " أدب العلم أكبر من العلم ".([30]) رابعاً: جمود النظام التعليمي والقصور في أداءالمؤسساتالتعليمية والتربوية: مما لا شك فيه أن التعليم هو العنصر الأهم والفعال في تقدم المجتمع ورقيه وازدهاره، ولكن التعليم فيوقتنا المعاصر يعاني من حالة من الجمود في المناهج والوسائل والآليات، كما تعاني المؤسسات التعليمية من جوانب عديدة من القصور في أداء مهامها، ومن أهم هذه المشكلات: 1- النمطية في النظام التعليمي في مراحل التعليم المختلفة، بالإضافة إلى جمود المناهج الدراسية واتصاف معظمها بالحشو والتكرار بما لا يتناسب مع احتياجات المجتمع ومتطلباته. 2- اعتماد التعليم في مختلف المراحل الدراسية على أسلوب التلقين والحفظ وإغفال جانب الحوار مما شلَ قدرة التفكير وإعمال العقل لدى الناشئة وجعلهم عرضة للتأثر بالتيارات والأفكار المادية والمنحرفة، الأمر الذي يشكل خطراً عليهم وعلى المجتمع.([31]) 3- ضعف ملاءمة المدارس وأدواتها لتكون بيئة مدرسية فاعلة، فهناك الكثير من المدارس غير مؤسسة أصلاً لتكون مدرسة مما أثر سلباً على قيام المدرسة بدورها التربوي والاجتماعي في تنشئة النشء وأفقدهم المناخ الملائم للنمو السليم.([32]) 4- وجود فجوة وقصور في النظام التعليمي ككل سواء في المناهج أو إعداد المعلم أو الأنشطة والخدمات الاجتماعية، دون الاهتمام الجوهري ببقية الجوانب الشخصية للطالب وعلى رأسها الجانب الديني والقيمي والأخلاقي. خامساً: صدور المخالفات من بعض المعلمين وعدم التزامهم بأخلاقيات مهنة التعليم: إن المتتبع لواقع المعلمين في المؤسسات التعليمية والتربوية يجد أن البعض منهم لا يلتزم بأخلاق المهنة، بل ويتعداها بأسلوب سافر، ويتضح هذا جلياً واضحاً من خلال تفشي بعض السلوكيات المخالفة ومنها: تسهيل الغش، تزوير النتائج، إجبار الطلاب على الدروس الخصوصية، استخدام العنف والعقوبة البدنية القاسية مع الطلاب، والتقصير في أداء الواجبات المهنية وعدم الالتزام بإتقان العمل، وغيرها من مخالفات تؤثر في العملية التعليمية والتربوية. سادساً: انخفاض التقدير المجتمعي لمهنة التعليم : إن المجتمع المصري خاصة والمجتمعات العربية عامة تعاني من موقف متقارب من مهنة التعليم، ومن تقدير المعلم، حيث نجد أن هناك نظرة متدنية وغير منصفة للمعلم ولمهنة التعليم، هذه النظرة التي تقتضي التصحيح والتوجيه. ففي المجتمع المصري وبالرغم من النظرة المجتمعية المتدنية للمهنة وزيادة أعباءها وضعف إمكانياتها، فإن متوسط أجور المعلمين لا تزال منخفضة بالنسبة لباقي المهن الأخرى، وضعف حوافزهم، مما كان له الأثر السيء في اشتغال بعض المعلمين بمهنة أخرى قللت من مكانتهم والتجائهم إلى قضية الدروس الخصوصية، والتي انعكست على أدائهم المهني في العمل الرسمي وتعرضهم للمساءلة القانونية من المسئولين والضرائب والمحاكم، كما اهتزت صورة المعلم وذلك بالتعاون مع كافة مؤسسات الدولة وخاصة الإعلامية منها.([33]) أهم الآثار والمخاطر المترتبة على التحديات المعاصرة: تبين بعد العرض السابق للتحديات الخارجية والعالمية وعلى رأسها العولمة أنه ينتج عنها مجموعة من المخاطر والتهديدات على كافة المستويات الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، والتي تمتد بالضرورة إلى النظام التعليمي والتربوي، وتتضح هذه التهديدات فيما يلي: أولاً: اهتزاز الثقة بالهوية الذاتية واستبدالها بالانهزامية والتبعية. ثانياً: مهاجمة المنظومة القيمية والأخلاقية الإسلامية والعمل على إحلال القيم الغربية محلها. ثالثاً: تخريب النظام الأسري ، وقصور دور الأسرة عن أداء وظائفها المنوطة بها . رابعاً: التدخل الغربي في الشئون التربوية والتعليمية للدول الإسلامية. خامساً: الانفتاح الإعلامي دون رقابة أو توجيه أو تصحيح. سادساً: افتقاد المنهج التربوي والفلسفة التربوية الإسلامية. سابعاً: جمود النظام التعليمي والقصور في أداء المؤسسات التعليمية والتربوية. ثامناً: صدور المخالفات من بعض المعلمين وعدم التزامهم بأخلاقيات مهنة التعليم. تاسعاً: انخفاض التقدير المجتمعي لمهنة التعليم وانخفاض أجر المعلم. المحور الثالث: دور أخلاقيات مهنة التعليم في مواجهة التحديات المعاصرة وسبل معالجتها من منظور إسلامي: في ضوء العرض السابق للتحديات المعاصرة نجد أنه ينتج عنها مجموعة من التداعيات الخطيرة على المجتمع العربي والإسلامي، تلك التداعيات التي تؤثر تأثيراً خطيراً على المنظومة الأخلاقية في المجتمع المسلم عامة وعلى أخلاقيات مهنة التعليم خاصة، كما تؤثر على النظام التعليمي والتربوي كذلك، الأمر الذي يستدعي رسم خطة شاملة لمواجهة هذه التحديات وحل المشكلات الناتجة عنها. ومن أهم سبل هذه المواجهة ما يلي: أولاً: تعزيز البناء الإيماني والروحي في المجتمع المسلم: إن الحفاظ على ثوابت الدين وأركان الإيمان وتعزيزها في المجتمع من أهم السبل التي تساعد في التصدي للعولمة ومواجهة آثارها ومخاطرها، لذا لابد من تنمية الجانب الروحي في الأفراد على اختلاف فئاتهم العمرية وتوجهاتهم العملية، ولابد من توافر هذا الجانب في المعلم خاصة لأنه هو المسئول الأول عن التعليم وتربية النشء. وقد حدد (الآجري) كثيراً من الأساليب والوسائل التي تساعد في ترسيخ العبادة وتنمية الجانب الروحي لدى المعلم، وقد ظهر ذلك جلياً واضحاً في وصفه للعلماء قائلا:" مما ينبغي للعالم أن يستعمل من الأخلاق الشريفة...أن يكون لله شاكراً, وله ذاكراً, دائم الذكر بحلاوة حب المذكور فينعم قلبه بمناجاة الرحمن"([34])، كما أوصى زين الدين بن أحمد بضرورة :" المحافظة على القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام وإقامة الصلوات في مساجد الجماعات ".([35]) ثانياً: حفظ الهُوية الإسلامية ومقوماتها للمجتمع المسلم: إن من أهم الوسائل التي من خلالها يتم مواجهة التداعيات والمشكلات الثقافية للعولمة هي ضرورة الحفاظ على ثوابت الدين وحفظ الهُوية الإسلامية ومقوماتها. الأمر الذي يوجب أن يلتزم التعليم في سياسته وهياكله ومناهجه بقضية الهوية الحضارية كأولوية مطلقة، ليكون تعليماً بالهوية وتعليما للهوية، في مقارعة اختراقات العولمة السياسية والاجتماعية والثقافية.([36]) ويوجه الطرابلسي مؤكدا:"ضرورة مواجهة الغزو الثقافي والإعلامي لقوى العولمة، بحيث تكون هذه المواجهة مؤسسة على ثوابت الهوية العربية وسماتها الإيمانية والحضارة الجامعة، ومسلحة بعقلية انفتاحية على منجزات الفكر والعلم والتكنولوجيا، تقرأها قراءة نقدية وتتفاعل معها لتطويعها بما يتناسب مع قواعد وضوابط فكرنا، فلا نرفضها بدواعي الخوف والعداء لكل ما هو أجنبي، ولا نذوب فيها بتأثير عقد النقص تجاه الآخرين".([37]) ثالثاً: التربيةالإسلاميةودورها الوقائيوالعلاجيلمواجهةهذهالتحديات: تبين من العرض السابق للتحديات وخاصة تحديات العولمة أنها أدت إلى ظهور تغيرات جذرية ثقافية وقيمية وأخلاقية أثرت على شكل المؤسسات التعليمية ونظمها وأخلاقياتها وباتت القيم مهددة وأصبحت الأخلاقيات في حالة من التغير والتبدل وعدم الثبات. وتعتبر التربية الإسلامية هى الأساس الأول والحصن الحصين لهذه المؤسسات فى حماية منظومتها الأخلاقية وهى الأداة الفاعلة فى تنمية الوعي الفكري والأخلاقى وفى تشكيل حياة الشعوب ونشاطهم وحفظ هوياتهم وضمان أمنهم وهى السبيل إلى النهضة والتقدم، انطلاقا من قول الله تعالى في محكم التزيل ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ﴾ (الحشر، الآية: 7) . على جانب آخر نجد أن مجتمعنا المعاصر في حاجة ماسة إلى بناء فلسفة تربوية إسلامية شاملة تستهدف المحتوى التعليمي وطرق التدريس وعمليات التخطيط وأساليب التقويم وخطط إعداد المعلم، وتمثل هذه الفلسفة التربوية الطريق الرشيد لترسيخ أخلاقيات مهنة التعليم وتحويلها إلى واقع تطبيقي، وسلوك عملي يعيشه الأفراد، مما يؤدي إلى تحسين مستوى العلاقات داخل الحقل التربوي. فما نشاهده اليوم من تخبط وتشتت في أنظمتنا التعليمية يستلزم وجود فلسفة تربوية إسلامية تستوجب العودة إلى أصول الفكر التربوي الإسلامي، والبعد عن استيراد نظم تعليمية غربية تتعارض مع احتياجاتنا ومجتمعاتنا وديننا، وهذا يؤكد على التمسك والاعتزاز بكل ما جاء به الإسلام ، وعلى رفض التقليد الأعمى للآخرين، مصداقاً لقوله عز وجل:﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الجاثية، الآية :18). إن من أهم ما تمتاز به فلسفة التربية الإسلامية الشمول والتوحيد والدعوة إلى التسامي باستمرار، وإلى مراقبة السلوك ومحاسبة النفس...وهى توحد في ذات الإنسان بين جسده وروحه وما يربطهما من قيم وأخلاق، وبين عقله وعاطفته وما يحكمهما من علم وحكمة، وبين عقيدته وإيمانه، وما يصدقهما من عمله، لا ينفصل أحدهما عن الآخر.([38]) إن مجابهة التحديات المعاصرة لا تكون إلا بإعادة بناء المعلم المسلم على أسس متينة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى التربية الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان. رابعاً: تبني سياسة تعليمية صحيحة ومستقلة: إن من أهم المشكلات التي تنشأ عن التحديات الخارجية والعولمة، التدخل الغربي السافر في النظم التعليمية والتربوية في مجتمعاتنا، هذا التدخل الذي يقوم على عملية الإحلال والإبدال وينعكس خطره على الفرد والمجتمع على حد سواء، فلابد إذن من تبني سياسة تعليمية صحيحة ومستقلة ، تتمثل أهم عناصرها في الآتي: 1- ضرورة تبني نظام تربوي تعليمي متميز وفعال يجمع بين الأصالة والمعاصرة. 2- اعتماد البرامج التعليمية والتثقيفية التي تدعم الهوية والخصوصية الثقافية والدينية للمجتمعات العربية والإسلامية. 3- الاعتزاز بالقيم الوطنية واعتماد منظومة الأخلاق الإسلامية نظرياً وتطبيقاً، ومنع استيراد القيم والبرامج الأجنبية التي تضر بمجتمعنا وأمتنا العربية والإسلامية. 4- مواجهة الضغوط والتدخلات الخارجية من خلال وحدة إسلامية، والعمل على توفير مصادر تمويل بديلة ومستقلة للمؤسسات التعليمية والتربوية بعيداً عن القوى الغربية. خامساً: الانفتاح الواعي والتعاون في إطار المشترك الإنساني: يُعـدّ الانفتاح الإعلامي الكبير الموجه من القوى الغربية من أهم المخاطر التي تشكلها العولمة على المجتمعات العربية والإسلامية لتحقيق أهدافها في تعميم النموذج الثقافي الغربي وطمس الهوية الإسلامية، الأمر الذي يوجب ضرورة المواجهة الواعية عن طريق: 1- إرساء مبدأ مهم في العلاقات الإنسانية، وهو التعاون في إطار المشترك الإنساني مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية والدينية والاجتماعية للمجتمعات عامة، انطلاقاً من قول الله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات، الآية: 13). 2- نشر الوعي بأهمية التمحيص لكل ما يبثه الإعلام من نظم تعليمية أو قيمية أو أخلاقية أو تربوية أو مذاهب، مع ضرورة تنمية الحس النقدي لدى النشء والشباب ليكونوا على حذر مما يلقى إليهم من أفكار أو آراء، لقوله تعالي: ﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ( المائدة ، الآية : 100). سادساً: إصلاح النظام التعليمي ومعالجة قصور المؤسساتالتعليمية : يتم إصلاح النظام التعليمي عن طريق عدة وسائل، أهمها: الخروج من النمط الجامد للمناهج الدراسية بتجديدها، والربط بينها وبين حاجات المجتمع ومتطلباته، ضرورة اشتمال المناهج على عناصر الإصلاح الفعلي الواقعي في المجتمع، وكونها صالحة لصناعة العقلية الناقدة القادرة على مواجهة تحديات العصر، الاهتمام بالبنية الخاصة بالمؤسسات التعليمية، والعمل على إيجاد المدرسة الفاعلة التي توفر الأدوات والخدمات اللازمة للعملية التعليمية. وقد نعى علماء المسلمين قديماً على أسلوب حشو الذهن بالمعلومات دون تنمية ملكة التفكير والإبداع، فهناك (الماوردي) قد ذم هذا النوع من التعليم التحصيلي الذي يعتمد على الذاكرة الحافظة فقط دون أي اعتبارات أخرى "لا يدفع شبهة ولا يؤيد حجة" ([39])، وقد وجه الشيخ (رشيد رضا) أشد النقد لهذا النوع من التعليم السلبي الظاهري، والذي لا يحقق الهدف من التربية وما ترمي إليه من التكامل والشمول، فهو تعليم يهمل "تربية الجسم والنفس والعقل"، والشيخ (رشيد رضا) في الوقت نفسه يرسم للمدرسة دوراً مهماً وفعالاً في تأدية رسالتها فيقول: "وإنما أعني بالتربية العقلية أن يتوخى في أسلوب التعليم استقلال عقول الطلاب في الفهم والحكم في المسائل وتحرير الحقائق وألا يعودوا أخذ المسائل العلمية بالتسليم والتقليد".([40]) سابعاً: إيجاد المعلم القدوة الفعال وتحسين سبل إعداد المعلم : إن من أهم سبل معالجة التحديات والمشكلات في النظام التعليمي والتربوي ضرورة إيجاد المعلم القدوة الفعال، وإنما يتحقق هذا بوضع منهج شامل متكامل لإعداد المعلم وتحسين الوسائل المتبعة في ذلك. مما لا شك فيه أن صفة القدوة الحسنة من أهم صفات المعلم المسلم، وهى من أنجح الوسائل المؤثرة في تربية المتعلم خلقياً واجتماعياً ونفسياً، وقد أدرك المسلمون الأوائل هذا الأمر فاهتموا به اهتماماً بالغاً. يقول ابن جماعة:" إن العالم لا يرضى من أفعاله الظاهرة والباطنة بالجائز منها بل يأخذ نفسه بأحسنها وأكملها؛ فإن العلماء هم القدوة، وإليهم المرجع في الأحكام، وهم حجة الله تعالى على العوام، وقد يراقبهم للأخذ عنهم من لا ينظرون، ويقتدي بهديهم من لا يعلمون، وإذا لم ينتفع العالم بعلمه فغيره أبعد من الانتفاع به، كما قال الشافعي:" ليس العلم ما حُفظ ، العلم ما نفع "، ولهذا عظُمت زلة العالم لما يترتب عليها من المفاسد؛ لاقتداء الناس به".([41]) ثامناً: تحسين أحوال المعلمين ومنحهم حقهم من التقدير والاحترام: تعاني مهنة التعليم والقائمين عليها من ضعف تقدير المجتمع ومؤسساته لهم، الأمر الذي يستدعي معالجة هذه المشكلة، عن طريق: الاهتمام بمهنة التعليم وإعطائها ما تستحق من التقدير الاجتماعي بين غيرها من المهن والوظائف الأخرى، الاهتمام بالعاملين بمهنة التعليم وضرورة رفع أجور العاملين بالتعليم ومنحهم تقديراً – معنوياً ومادياً- يليق بأعمالهم وأدوارهم في المجتمع. وأخيراً: لكي تتحقق هذه الأهداف لابد من توافر الوسائل والأساليب المناسبة المعينة على ذلك في نظمنا التعليمية، بالإضافة إلى ضرورة انتقاء وتكوين واعداد معلمين مؤهلين كمربين لا ينحصر دورهم ومسئوليتهم في حشو العقول وتلقينها بالمعلومات والمعرفة لاسترجاعها عند الاختبارات، ولكن في حاجة إلى تكوين العقول وتهيئتها وتنشيطها للابتكار والتجديد والتطوير لتحقيق تربية مستمرة من أجل تنمية مستدامة هادفة وفاعلة.
مراجع البحث: ** القرآن الكريم جل من أنزله. 1- إبراهيم ناصر الناصر، العولمة مقاومة واستثمار، الرياض، مجلة البيان، 1426هـ . 2- ابن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، بيروت، دار العلم للجميع، 1972م. 3- أبو الحسن الماوردي، أدب الدنيا والدين، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الرابعة، 1978م. 4- أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ، أخلاق العلماء، السعودية، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء. 5- إسماعيل عبدالفتاح عبدالكافي، معجم مصطلحات عصر العولمة، الدار الثقافية للنشر والتوزيع، 2006م. 6- إيمان عبدالحميد محمد الدباغ، الكتاب التربوي لغانم حمودات في مرحلة ما بعد الحداثة جامعة الموصل، مجلة دراسات موصلية، مركز دراسات الموصل، المجلد (13)، العدد (43)، العراق، 2014م. 7- بدر الدين محمد بن ابراهيم ابن جماعة الكناني الشافعي، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، بيروت، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1433هـ- 2012م . 8- حمدان بن أحمد الغامدي، أخلاقيات مهنة التعليم العام في نظام التعليم السعودي، الرياض، مكتبة الرشد، الطبعة الثانية، 2014م. 9- راشد بن سعد الباز، أزمة الشباب الخليجي واستراتيجية المواجهة، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 1425هـ -2004م. 10- ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي، الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا، المدينة المنورة، الجامعة الإسلامية، الطبعة السادسة عشرة، 1404هـ-1984م . 11- زغلول راغب النجار، أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1410هـ -1990م. 12- زغو محمد ،" أثر العولمة على الهوية الثقافية للأفراد والشعوب "، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية ، جامعة حسيبة بوعلي، الجزائر، أبريل 2010م . 13- زين الدين بن أحمد، منية المريد في أداب المفيد والمستفيد، تحقيق: عبدالأمين شمس الدين، الشركة العالمية للكتب، 1983م. 14- سعيد توفيق، ثقافتنا فى مواجهة العصر، القاهرة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002م. 15- سمير مصطفي الطرابلسي،" العرب في مواجهة العولمة "، المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد(47)،1420هـ. 16- صالح بن سليمان بن صالح العمرو، " تحديات العولمة الثقافية ودور التربية الإسلامية في مواجهتها "، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والنفسية، جامعة أم القرى، كلية التربية، المجلد(4)، العدد(1)، مكة المكرمة ،2012م،. 17- صديق محمد عفيفي، أخلاق المهنة لدي أستاذ الجامعة، القاهرة، وكالة الأهرام للتوزيع، 2003م. 18- صديق محمد عفيفي، دليل المعلم في أخلاق المهنة ، القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2006م . 19- عالية محمد محمد الخياط، " دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة على منظومة القيم الأخلاقية لدى الشباب : دراسة تحليلية"، مجلة كلية التربية، جامعة بنها، كلية التربية، المجلد(26)، العدد(102)، 2015م. 20- عبد الرحيم الخليفي، "عن العلاقة بين العولمة والتربية والتعليم " ، السنة (2)، العدد (15)، 1423هـ-2003م . 21- عبدالرحمن النقيب، أولوية الإصلاح التربوي، القاهرة ، دار النشر للجامعات، 1997م. 22- عبدالوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (بدون دار نشر وبدون طبعة). 23- علي أسعد وطفة، " مرتكزات التربية الأخلاقية في عالم متغير"، مجلة الطفولة العربية، العدد (49). 24- بثينة حسنين عمارة ،العولمة وتحديات العصر وانعكاساته على المجتمع العربي، القاهرة، دار الأمين، 2000م. 25- عيد محمود نمر على، " توظيف القيم الأخلاقية فى كتاب جامع صحيح الأذكار للألباني في مواجهة تحديات العولمة: دراسة فى التربية الوقائية"، رسالة ماجستير، جامعة أم درمان الإسلامية، كلية التربية، السودان، 2014م. 26- فتحي حسن ملكاوي، الفكر التربوي الإسلامي المعاصر، الولايات المتحدة الأمريكية، فرجينيا، هرندن، 1442هـ- 2020م . 27- ماهر أحمد حسن محمد، "حوكمة مؤسسات التعليم قبل الجامعى كمدخل لتعزيز أخلاقيات مهنة التعليم فى جمهورية مصر العربية، المجلة العلمية، جامعة اسيوط، كلية التربية، المجلد(31)، العدد(4)، الجزء (2)، مصر، يوليو 2015م. 28- محمد إمام محمد لطفي، "ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم فى ضوء بعض التحديات المعاصرة "، مجلة كلية التربية، جامعة بنى سويف، كلية التربية، الجزء (3)، عدد أكتوبر، 2023م. 29- محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ، 1422هـ. 30- محمد بن محمد الغزالي الطوسي، إحياء علوم الدين، بيروت، دار المعرفة، (د . ت)، الجزء(1). 31- محمد عبدالحميد محمد، إلهام فاروق على، " المتغيرات المعاصرة وانعكاساتها على أخلاقيات المعلم بمصر وبعض الدول في ضوء المبادئ الإسلامية والدستور الأخلاقي للمهنة"، مجلة كلية التربية، جامعة بني سويف، كلية التربية، المجلد (1)، العدد (1)،2004م. 32- محمد عبدالغني المصري، أخلاقيات المهنة، عمان، مكتبة الرسالة الحديثة، 1986م. 33- محمود قمبر، "الشخصية الإسلامية نموذج وتربية "، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، أبحاث مؤتمر المناهج التربوية والتعليمية في ظل الفلسفة الإسلامية والفلسفة الحديثة( 29-31) يوليو، القاهرة 1990م. 34- منال عبد الخالق جاب الله ،" أخلاقيات مهنة المعلم فى ضوء التحديات المستقبلية "، الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ، اللقاء السنوي الثالث عشر - إعداد المعلم وتطويره في ضوء المتغيرات المعاصرة، الرياض، 1427هـ - 2006م. 35- ناصر علي محمد، التعليم في عصر العولمة (قضايا ورؤى)، القاهرة، دار جوانا للنشء، 2016م. 36- نهاد محمد حسين العوامرة، " أخلاق المهنة فى السنة النبوية : دراسة موضوعية "، رسالة ماجستير، الجامعة الاردنية، كلية الدراسات العليا، 2006م. ([1]) صديق محمد عفيفي، أخلاق المهنة لدى أستاذ الجامعة، القاهرة، وكالة الأهرام للتوزيع، 2003م ، ص ص 31-33. ([2]) محمد إمام محمد لطفي، "ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم فى ضوء بعض التحديات المعاصرة "، مجلة كلية التربية، جامعة بنى سويف، كلية التربية، الجزء (3)، عدد أكتوبر، 2023م، ص ص 490- 522. ([3]) عالية محمد محمد الخياط، " دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة على منظومة القيم الأخلاقية لدى الشباب : دراسة تحليلية"، مجلة كلية التربية، جامعة بنها، كلية التربية، المجلد(26)، العدد(102)، 2015م، ص ص209-252. ([4]) عيد محمود نمر على، " توظيف القيم الأخلاقية فى كتاب جامع صحيح الأذكار للألباني في مواجهة تحديات العولمة : دراسة فى التربية الوقائية "، رسالة ماجستير، جامعة أم درمان الإسلامية، كلية التربية، 2014م ، ص ص 1-222. ([5]) صالح بن سليمان بن صالح العمرو، " تحديات العولمة الثقافية ودور التربية الإسلامية في مواجهتها "، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والنفسية، جامعة أم القرى، كلية التربية، المجلد(4)، العدد(1)، 2012م، ص ص 11- 66. ([6]) منال عبد الخالق جاب الله ،" أخلاقيات مهنة المعلم في ضوء التحديات المستقبلية "، الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ، اللقاء السنوي الثالث عشر - إعداد المعلم وتطويره في ضوء المتغيرات المعاصرة، الرياض، 1427هـ - 2006م، ص ص 428-450. ([7]) حمدان بن أحمد الغامدي، أخلاقيات مهنة التعليم العام في نظام التعليم السعودي،الرياض، مكتبة الرشد، 2014م، الطبعة الثانية ، ص 38. ([8]) نهاد محمد حسين العوامرة، " أخلاق المهنة فى السنة النبوية : دراسة موضوعية "، رسالة ماجستير، الجامعة الاردنية، كلية الدراسات العليا، 2006م ، ص 11. ([9]) صديق محمد عفيفي، دليل المعلم في أخلاق المهنة ، القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2006م ، ص6. ([12]) بدر الدين محمد بن إبراهيم ابن جماعة الكناني الشافعي، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، بيروت، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1433هـ- 2012م ، ص 38. ([13]) ماهر أحمد حسن محمد، "حوكمة مؤسسات التعليم قبل الجامعى كمدخل لتعزيز أخلاقيات مهنة التعليم فى جمهورية مصر العربية"، المجلة العلمية، جامعة أسيوط، كلية التربية، المجلد(31)، العدد(4)، الجزء (2)، مصر، يوليو 2015م ، ص ص 427-428. ([15]) ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي، الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا، المدينة المنورة، الجامعة الإسلامية، الطبعة السادسة عشرة، 1404هـ-1984م ، ص179. ([16]) فتحي حسن ملكاوي، الفكر التربوي الإسلامي المعاصر، الولايات المتحدة الأمريكية، فرجينيا، هرندن، 1442هـ- 2020م ، ص 253. ([17]) إيمان عبدالحميد محمد الدباغ، الخطاب التربوي لغانم حمودات في مرحلة ما بعد الحداثة جامعة الموصل، مجلة دراسات موصلية، مركز دراسات الموصل، المجلد (13)، العدد (43)، العراق، 2014م، ص 73. ([18]) عبدالوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (بدون دار نشر وبدون طبعة)، الجزء(1) ، ص 340 ([19]) إسماعيل عبدالفتاح عبدالكافي، معجم مصطلحات عصر العولمة، القاهرة ، الدار الثقافية للنشر والتوزيع، 2006م، ص ص 339 - 340 . ([20]) زغو محمد ،" أثر العولمة على الهوية الثقافية للأفراد والشعوب "، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية ، جامعة حسيبة بوعلي، الجزائر، ابريل 2010م ،ص ص 93 - 94. ([24]) علي أسعد وطفة، " مرتكزات التربية الأخلاقية في عالم متغير"، مجلة الطفولة العربية، العدد (49)، ص 88. ([25]) بثينة حسنين عمارة ،العولمة وتحديات العصر وانعكاساته على المجتمع العربي، القاهرة، دار الأمين، 2000، ص 27. ([27]) عبد الرحيم الخليفي، "عن العلاقة بين العولمة والتربية والتعليم" ، السنة (2)، العدد (15)، 1423هـ-2003م ، ص ص 1- 2. ([29]) محمود قمبر، "الشخصية الإسلامية نموذج وتربية "، أبحاث مؤتمر المناهج التربوية والتعليمية في ظل الفلسفة الإسلامية والفلسفة الحديثة(29-31) يوليو، القاهرة، 1990م، ص 361. ([31]) راشد بن سعد الباز، أزمة الشباب الخليجي واستراتيجية المواجهة، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 1425هـ -2004م، ص ص68 – 70 . ([33]) محمد عبدالحميد محمد، إلهام فاروق علي، " المتغيرات المعاصرة وانعكاساتها على أخلاقيات المعلم بمصر وبعض الدول في ضوء المبادئ الإسلامية والدستور الأخلاقي للمهنة"، مجلة كلية التربية، جامعة بني سويف، كلية التربية، المجلد (1)، العدد (1)، 2004م، ص 248. ([34]) أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ، أخلاق العلماء، السعودية ، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء، ص 66. ([35]) زين الدين بن أحمد، منية المريد في أداب المفيد والمستفيد، تحقيق: عبدالأمين شمس الدين، الشركة العالمية للكتب، 1983م، ص 149. ([37]) سمير مصطفي الطرابلسي، "العرب في مواجهة العولمة"، المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد(47)،1420هـ، ص 81 . ([38]) زغلول راغب النجار، أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1410هـ -1990م، ص 133. | ||||
References | ||||
مراجع البحث: ** القرآن الكريم جل من أنزله. 1- إبراهيم ناصر الناصر، العولمة مقاومة واستثمار، الرياض، مجلة البيان، 1426هـ . 2- ابن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، بيروت، دار العلم للجميع، 1972م. 3- أبو الحسن الماوردي، أدب الدنيا والدين، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الرابعة، 1978م. 4- أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ، أخلاق العلماء، السعودية، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء. 5- إسماعيل عبدالفتاح عبدالكافي، معجم مصطلحات عصر العولمة، الدار الثقافية للنشر والتوزيع، 2006م. 6- إيمان عبدالحميد محمد الدباغ، الكتاب التربوي لغانم حمودات في مرحلة ما بعد الحداثة جامعة الموصل، مجلة دراسات موصلية، مركز دراسات الموصل، المجلد (13)، العدد (43)، العراق، 2014م. 7- بدر الدين محمد بن ابراهيم ابن جماعة الكناني الشافعي، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، بيروت، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1433هـ- 2012م . 8- حمدان بن أحمد الغامدي، أخلاقيات مهنة التعليم العام في نظام التعليم السعودي، الرياض، مكتبة الرشد، الطبعة الثانية، 2014م. 9- راشد بن سعد الباز، أزمة الشباب الخليجي واستراتيجية المواجهة، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 1425هـ -2004م. 10- ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي، الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا، المدينة المنورة، الجامعة الإسلامية، الطبعة السادسة عشرة، 1404هـ-1984م . 11- زغلول راغب النجار، أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1410هـ -1990م. 12- زغو محمد ،" أثر العولمة على الهوية الثقافية للأفراد والشعوب "، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية ، جامعة حسيبة بوعلي، الجزائر، أبريل 2010م . 13- زين الدين بن أحمد، منية المريد في أداب المفيد والمستفيد، تحقيق: عبدالأمين شمس الدين، الشركة العالمية للكتب، 1983م. 14- سعيد توفيق، ثقافتنا فى مواجهة العصر، القاهرة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002م. 15- سمير مصطفي الطرابلسي،" العرب في مواجهة العولمة "، المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد(47)،1420هـ. 16- صالح بن سليمان بن صالح العمرو، " تحديات العولمة الثقافية ودور التربية الإسلامية في مواجهتها "، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والنفسية، جامعة أم القرى، كلية التربية، المجلد(4)، العدد(1)، مكة المكرمة ،2012م،. 17- صديق محمد عفيفي، أخلاق المهنة لدي أستاذ الجامعة، القاهرة، وكالة الأهرام للتوزيع، 2003م. 18- صديق محمد عفيفي، دليل المعلم في أخلاق المهنة ، القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2006م . 19- عالية محمد محمد الخياط، " دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة على منظومة القيم الأخلاقية لدى الشباب : دراسة تحليلية"، مجلة كلية التربية، جامعة بنها، كلية التربية، المجلد(26)، العدد(102)، 2015م. 20- عبد الرحيم الخليفي، "عن العلاقة بين العولمة والتربية والتعليم " ، السنة (2)، العدد (15)، 1423هـ-2003م . 21- عبدالرحمن النقيب، أولوية الإصلاح التربوي، القاهرة ، دار النشر للجامعات، 1997م. 22- عبدالوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (بدون دار نشر وبدون طبعة). 23- علي أسعد وطفة، " مرتكزات التربية الأخلاقية في عالم متغير"، مجلة الطفولة العربية، العدد (49). 24- بثينة حسنين عمارة ،العولمة وتحديات العصر وانعكاساته على المجتمع العربي، القاهرة، دار الأمين، 2000م. 25- عيد محمود نمر على، " توظيف القيم الأخلاقية فى كتاب جامع صحيح الأذكار للألباني في مواجهة تحديات العولمة: دراسة فى التربية الوقائية"، رسالة ماجستير، جامعة أم درمان الإسلامية، كلية التربية، السودان، 2014م. 26- فتحي حسن ملكاوي، الفكر التربوي الإسلامي المعاصر، الولايات المتحدة الأمريكية، فرجينيا، هرندن، 1442هـ- 2020م . 27- ماهر أحمد حسن محمد، "حوكمة مؤسسات التعليم قبل الجامعى كمدخل لتعزيز أخلاقيات مهنة التعليم فى جمهورية مصر العربية، المجلة العلمية، جامعة اسيوط، كلية التربية، المجلد(31)، العدد(4)، الجزء (2)، مصر، يوليو 2015م. 28- محمد إمام محمد لطفي، "ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم فى ضوء بعض التحديات المعاصرة "، مجلة كلية التربية، جامعة بنى سويف، كلية التربية، الجزء (3)، عدد أكتوبر، 2023م. 29- محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ، 1422هـ. 30- محمد بن محمد الغزالي الطوسي، إحياء علوم الدين، بيروت، دار المعرفة، (د . ت)، الجزء(1). 31- محمد عبدالحميد محمد، إلهام فاروق على، " المتغيرات المعاصرة وانعكاساتها على أخلاقيات المعلم بمصر وبعض الدول في ضوء المبادئ الإسلامية والدستور الأخلاقي للمهنة"، مجلة كلية التربية، جامعة بني سويف، كلية التربية، المجلد (1)، العدد (1)،2004م. 32- محمد عبدالغني المصري، أخلاقيات المهنة، عمان، مكتبة الرسالة الحديثة، 1986م. 33- محمود قمبر، "الشخصية الإسلامية نموذج وتربية "، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، أبحاث مؤتمر المناهج التربوية والتعليمية في ظل الفلسفة الإسلامية والفلسفة الحديثة( 29-31) يوليو، القاهرة 1990م. 34- منال عبد الخالق جاب الله ،" أخلاقيات مهنة المعلم فى ضوء التحديات المستقبلية "، الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ، اللقاء السنوي الثالث عشر - إعداد المعلم وتطويره في ضوء المتغيرات المعاصرة، الرياض، 1427هـ - 2006م. 35- ناصر علي محمد، التعليم في عصر العولمة (قضايا ورؤى)، القاهرة، دار جوانا للنشء، 2016م. نهاد محمد حسين العوامرة، " أخلاق المهنة فى السنة النبوية : دراسة موضوعية "، | ||||
Statistics Article View: 13,093 PDF Download: 1,891 |
||||