اضطراب صورة الجسم وعلاقته بالتعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط

 

 

      

       مركزأ. د. أحمد المنشاوى

         للنشر العلمى والتميز البحثى  

مجلة دراسات في مجال الارشاد النفسي والتربوي

              ======

اضطراب صورة الجسم وعلاقته بالتعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط

إعداد

أميرة عبد الجواد محمود عبد الرحيم

 

 

 

 }     المجلد السابع   – العدد الثاني –  أبريل  2024م {

https://dapt.journals.ekb.eg

Your username is: ali_salah790@yahoo.com

Your password is: ztu6y8qupw

اضطراب صورة الجسم وعلاقته بالتعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط

المستخلص:

هدف البحث الحالي إلى دراسة العلاقة بين اضطراب صورة الجسم بكلٍ من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية، ومدى إسهام اضطراب صورة الجسم في التنبؤ بكلٍ من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية، وتكونت عينة البحث الاستطلاعية من (200) طالبة من طالبات كلية التربية بأسيوط بمتوسط عمري قدره (19,5) عاماً، وانحراف معياري قدره (1,12)؛ وذلك لحساب الخصائص السيكومترية لأدوات البحث، وبلغت عدد العينة الأساسية (148) طالبة بكلية التربية بأسيوط بمتوسط عمري قدره (19,7) عاماً وانحراف معياري قدره (1,1)، واشتملت أدوات البحث على: مقياس اضطراب صورة الجسم (إعداد: صمويل تامر بشرى، 2021)، ومقياس التعاطف مع الذات(إعداد: Neff, 2003) وتعريب وترجمة: الباحثة، واستبيان العوامل الخمسة لليقظة العقلية- النسخة المختصرة المكون من 15 عبارة (إعداد: Baer etal.,2008، تعريب وترجمة: فاطمة محمد علي عمران، 2021)، وتوصلت نتائج البحث إلى وجود علاقة موجبة دالة إحصائيًا بين التعاطف مع الذات واليقظة العقلية، ووجود علاقات سالبة دالة إحصائيًا بين اضطراب صورة الجسم وكلٍ من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية، وأسهم كل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية بالتنبؤ باضطراب صورة الجسم. وتمت مناقشة النتائج وصياغة التوصيات في ضوء الأدبيات النظرية والدراسات ذات الصلة.

الكلمات المفتاحية: اضطراب صورة الجسم، التعاطف مع الذات، واليقظة العقلية

Abstract:

Body Dysmorphic Disorder and its Relationship with Self Compassion and Mindfulness among Female Education College Students in Assuit

AmiraAbduljawadMahmoudAbdulrahim

 Prof. NourAl-HudaOmarMohamedAbdelRahman

 Assistant Professor of Mental Health Faculty of Education, Assiut University Assoc

 Prof. Dr. FatimaMohamedAliOmran

 Assistant Professor of Mental Health Faculty of Education – Assiut University

The recent research aimed atdiscovering the relationship between body dysmorphic disorder, self -compassion and mindfulness among female education college students in Assiut. It sought to examine whether body dysmorphic disorder predicted with self -compassion and mindfulness. The pilot sample consisted of (200) female college student (Mean age=19.5year, SD= 1.12): to calculate psychometric properties of research tools. The basic sample contained (148) female college student (Mean age=19.7year, SD= 1.1). The study tools were body dysmorphic disorder scale by Sameul Boshra (2021), self-compassion scale by Neff (2003) and translated by the researcher, and the 15- item version of Five Facet Mindfulness Questionnaire (FFMQ-15)by Baer etal. (2008) and translated by Fatma Mohamed Ali Emran. The results indicated that there was statistically significant positive correlation between self-compassion and mindfulness and there were statistically significant negative correlation between body dysmorphic disorder and both of self -compassion and mindfulness. Both of self -compassion and mindfulness predicted with body dysmorphic disorder. The findings were discussed regarding the theoretical and practical implications and related studies along with suggestions for future research.

Keywords: Body Dysmorphic Disorder , Self Compassion , Mindfulness

 

أولاً: مقدمة:

تعد المرحلة الجامعية مرحلة تحول مهمة لدى الطلاب والطالبات، فالشباب وخاصة في المرحلة الجامعية هم ثروة أي مجتمع وأمله الحقيقي نحو مستقبل أفضل، لذا كان لابد من الاهتمام بدراسة العوامل والمتغيرات التي تؤثر سلباً على الشباب في مرحلة التعليم الجامعي. حيث تعد بيئة الجامعة هي الأساس الذي يُشكل مشاعر الطالب الجامعي نحو العملية التعليمة، وجودة الحياة.

وأوضحت جيهان محمود (2015) أن علاقة الفرد بجسمه وإدراكه لها دور رئيس في أفكاره ومعتقداته حول نفسه وصورة جسمه، كما تؤثر في سلوك الفرد وشخصيته، وصورة الجسم هي تلك الصورة الموجودة في عقل الشخص حول ما يبدو عليه جسمه، إضافة إلي مشاعره تجاه هذه الصورة سواء كانت إيجابية أو سلبية ومدى رضاه عن حجم جسمه وتناسق أجزاء جسمه المختلفة للمعايير التي يتبناها من مصادر عدة وقد يترتب على عدم رضا الفرد عن جسمه العديد من المشكلات والاضطرابات النفسية.

فجسم الإنسان له مكانة مهمة بالنسبة للفرد من الناحية الثقافية والاجتماعية، ويلعب دورًا مهمًا في حياته، وفي علاقاته مع نفسة ومع الآخرين، فهو وسيلة لتحقيق الإتزان الانفعالي والوجداني للفرد عن طريق الاعتناء بالصورة الجسدية، ومحاولة إظهارها بطريقة ترضي مقاييس الصورة المثالية للمجتمع، وما من شأنه أن يحقق الرضا عن الذات والثقة بالنفس. (أنور أمين الخولي، 1996، 4)

وتوصلت دراسة أنور الخرينج وهند المعصب( 2011) إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة بين صورة الجسم والثقة بالنفس لدى طالبات الجامعة.

ويعد طلاب الجامعة والفتيات على وجه التحديد، من أكثر الفئات اهتماماً بمظهرهن وحرصهن عليه، فيهتمون بشكل الجسم ومظهره، ويراعون تقييم الآخرين لهن، فصورة الجسم لديهن أمراً ملحاً، ويظهر هذا بوضوح لدى الإناث مقارنة بالذكور.

وأسفرت نتائج دراسة حسين فايد (2001) عن معاناة طالبات الجامعة من عدم الرضا عن شكل ووزن الجسم، وارتبط ذلك بظهور أعراض الاكتئاب لديهن بسبب فشلهن في محاولة ضبط الوزن (هبة خطاب ، 2014 ، 3).

  ويعرف اضطراب صورة الجسم BDD في الدليل التشخيصي والإحصائي للأضطرابات العقلية (DSM-5) على أنه الانشغال بالعيوب الملحوظة في المظهر الجسدي للفرد والتي تبدو للآخرين غير موجودة أو طفيفة فحسب. يؤدي الانشغال بالمظهر إلي سلوكيات متكررة مفرطة (مثل فحص المرآة، أو التبرج المفرط، أو نتف الجلد) أو أفعال عقلية متكررة (مثل مقارنة مظهر الشخص بمظهر الآخرين). للتأهل لتشخيص اضطراب صورة الجسم BDD، يجب أن يسبب الانشغال ضائقة كبيرة كلينيكيًا أو ذات أهمية كلينيكية(Phillips & Susser, 2023, 506).

وتعد الأجزاء التي يهتم بها الأشخاص المصابون باضطراب صورة الجسم أو التشوه الجسمي الأكثر شيوعًا، هي الأنف والأذنين والثدي والفم. وعادة ما يشعرون غير مفهومين ولا يكشفون عن أعراضهم؛ لأنهم يعتقدون أنه سيتم النظر إليهم على أنهم نرجسيين أو عبثيين. وقد تكون سلوكيات التجنب مثل عدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية. وبشكل عام، يعاني الأشخاص المصابون باضطراب صورة الجسم من أعراض مشابهة نسبيًا لتلك الأعراض التي يعاني منها مرضى الوسواس القهري، باستثناء عدم الاعتراف الذاتي بالمرض النفسي وضعف الرؤية (Alomari & Makhdoom, 2019, 440).

إضافة إلي ذلك، فإن الأشخاص ذوي اضطراب صورة الجسم يظهر لديهم درجات مرتفعة من الاكتئاب، والقلق، والغضب، والعدائية، والجسدنة مقارنة بالأفراد العاديين. كما تتأثر نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب صورة الجسم بشكل كبير ويعانون من معدلات عالية من العلاج في المستشفى (48%)، ومحاولات الانتحار (22-24%)، والتفكير في الانتحار (45-82%). ويبلغ المعدل السنوي للانتحار التام لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب صورة الجسم (0.35%)، وهو أعلى بشكل ملحوظ من المعدل المُسجل لدى الأفراد العاديين والمرضى الذين يعانون من أمراض نفسية (Alomari & Makhdoom, 2019, 440).

وأشار فتحي عبد الرحمن الضبع (2018، 571: 572) إلي أن مفهوم التعاطف مع الذات من المفاهيم التي تنتمي إلي علم النفس الإيجابي، وقد ظهر في التراث السيكولوجي مع بداية الألفية الثالثة، وهو علم مستمد من الأفكار والتعاليم البوذية، ويعني التعاطف مع الذات توجيه أو تحول التعاطف إلي الداخل، فهو نوع من علاقة الذات بالذات Self- to-  Self، ويشير إلي كيفية تعامل الفرد مع نفسه في حالات القصور، والفشل أو الإخفاق، أو المعاناة الشخصية عندما يقع الفرد في خطأ ما، أو تكون الظروف الخارجية في الحياة أكبر من قدرته على تحملها، أو هو نوع من الحوار الداخلي الذي يتسم باللطف مع الذات، ويرتبط بالسعادة والتفاؤل، والمشاعر الايجابية، والمقبولية، بدلا من النقد الذاتي، ولوم الذات، والمقارنات الذاتية غير المرغوب فيها، والتوقعات غير الواقعية.

وتعد Kristin Neff أول من قدم مفهوم التعاطف مع الذات في التراث السيكولوجي، حيث كشفت عن طبيعته، وأبعاده، وارتباطاته، وتأثيراته في الشخصية، كما قدمت أول مقياس لقياسه وتقديره، ويقوم التعاطف مع الذات على أن يتعامل الفرد مع نفسه برفق ولطف في أوقات المعاناة وفي حالات القصور، والفشل المدرك، ومواساة أنفسهم، وأن يتعاملوا مع عيوبهم وأفكارهم بانفتاح وتقبل.(فتحي عبد الرحمن الضبع، 2013، 479)

وترى Neff أن التعاطف مع الذات ينطوي على تأثر المرء بمعاناته، مما يولد الرغبة في تخفيف معاناة المرء. ويعامل نفسه بالتفهم والاهتمام. ويرتبط التعاطف مع الذات بجميع التجارب الشخصية للمعاناة، بما في ذلك أوجه القصور، وخبرات الفشل، والمواقف الحياتية المؤلمة بشكل عام. ويتكون التعاطف مع الذات من ثلاثة مكونات متفاعلة: التلطف بالذات مقابل الحكم على الذات، والشعور بالإنسانية المشتركة مقابل العزلة، واليقظة العقلية مقابل الإفراط في تحديد الهوية عند مواجهة الأفكار والانفعالات المؤلمة ذات الصلة بالذات . (Neff & Germer , 2013, 28)

ووفقاً لـ Neff, et al., (2017)  يتكون التعاطف مع الذات من ثلاثة أبعاد قطبية تتكامل مع بعضها، وهي: 1-التلطف بالذات  Sell- Kindness مقابل الحكم على الذات Self- Judgment: ويعني أن يتعامل الفرد مع نفسه برفق ورأفة دون إطلاق أحكام قاسية عليها، وخاصة عندما يفشل في موقف معين، أو يرتكب خطأ ما، فلا يتعامل مع نفسة بقسوة، 2-الإنسانية المشتركة Common Humanity مقابل العزلة Isolation: وتعني رؤية الفرد لتجاربة المؤلمة على أنها جزء من التجربة الإنسانية المشتركة، بدلاً من إدراكها على أنها خبره فردية، والوعي بأن الأخطاء من طبيعة البشر، وتستند الإنسانية المشتركة إلي مبدأ الاعتراف بأن كل إنسان قد يخطىء في موقف ما، وقد يفشل في الحصول على كل ما يريد، ويعاني من خيبة الأمل أحياناً، إما لأسباب شخصية تتعلق بقدراته أو سلوكه أو مشاعره، أو لأسباب خارجية لا يستطيع السيطرة عليها والتحكم فيها، 3- اليقظة العقلية Mindfulness مقابل التوحد المفرط Over- Identification: وتعني وعي الفرد بالخبرات السلبية، والانفتاح على الأفكار والمشاعر المؤلمة والخبرات غير السارة، ومعايشتها في اللحظة الحاضرة بشكل متوازن وعدم إطلاق أحكام سلبية، أو قمعها.

ويرتبط التعاطف مع الذات بقوة بالصحة النفسية، حيث ارتبطت المستويات المرتفعة من التعاطف مع الذات بزيادة الرضا عن الحياة، والذكاء الانفعالي، والترابط الاجتماعي، وأهداف التعلم، والحكمة، والمبادرة الشخصية، والفضول، والسعادة، والتفاؤل، والوجدان الإيجابي، بالاضافة إلي انخفاض النقد الذاتي، والاكتئاب، والقلق، والخوف من الفشل، وقمع الأفكار، والسعي إلي الكمال، وسلوكيات الأكل المضطربة(Neff, 2011, 3).

ويتضح ذلك من خلال دراسة Neff & Germer  (2013, 28) أن زيادة التعاطف مع الذات ارتبطت بارتفاع مستويات اليقظة العقلية، وتحسين نتائج الرفاهية المختلفة، وارتفاع مستويات الرضا عن الحياة والسعادة بشكل ملحوظ، وانخفاض كلٍ من الاكتئاب والقلق، والتوتر، وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

  ونجد أن التعاطف مع الذات لدية إمكانية واضحة للتخفيف من المعاناة المرتبطة بعدم الرضا الجسدى. وقد يؤدى التعاطف مع الذات أيضاً إلى تقليل الشعور بالخجل والخزي من الجسم أو الشعور بأنه شخص سيء إذا لم يتم الوفاء بمعايير الجسد الإجتماعى والثقافي. ومن المحتمل أن يقلل التعاطف مع الذات من عدم الرضا عن الجسد بين النساء لعدة أسباب. أولاً كون المرء لطيفاً مع نفسه ومتفهماً لها بدلاً من إصدار أحكام قاسية، فإنه يقاوم بشكل مباشر أسباب وجذور عدم الرضا عن الجسم. وبالمثل، فإن الإحساس بالإنسانية المشتركة الذى يستتبعه التعاطف مع الذات يساعد النساء على النظر إلى مظهرهن الجسمي من منظور واسع وشامل يقلل من عدم الرضا عن الجسم، ويخفض من مشاعر الخزى المرتبطة بالجسم. ويعمل عنصر اليقظة العقلية الأساسي للتعاطف مع الذات كعامل مخفف من خلال مساعدة النساء على الارتباط بأفكارهن المؤلمة والانفعالات بطريقة متوازنة تتجنب التركيز أو الإفراط فى التعرف على خصائص الجسم غير المرغوبة (Albertson et al ,2014,445) .

وهدفت دراسة نجوى إبراهيم الشناوي (2019) إلي فحص العلاقة بين التعاطف مع الذات وكل من الرضا عن صورة الجسم، والقلق، والاكتئاب لدى طالبات الجامعة، وكشفت نتائج الدراسة عن وجود علاقة ارتباطية موجبة ودالة إحصائيًا بين التعاطف مع الذات والرضا عن صورة الجسم. ووجود ارتباط سالب دال إحصائيًا بين التعاطف مع الذات وكل من القلق والاكتئاب.

كما سعت دراسة Turk & Waller (2020) إلي معرفة العلاقة بين التعاطف مع الذات، واضطرابات الأكل، والتعامل مع مخاوف الأكل وصورة الجسم ، وأظهرت النتائج ارتباط ارتفاع التعاطف مع الذات بانخفاض اضطرابات الأكل، وانخفاض مخاوف صورة الجسم، وزيادة صورة الجسم الإيجابية. وكانت تدخلات التعاطف مع الذات مع اضطرابات الأكل وصورة الجسم فعّالة؛ بما يشير إلى أن التعاطف مع الذات هو استراتيجية تكيفية جيدة وفعّالة لتنظيم الانفعالات في اضطرابات الأكل وصورة الجسم.

   كذلك هدفت دراسةAllen et al  (2020) إلي استكشاف العلاقة بين التعاطف مع الذات وأعراض التشوه الجسمي لدى المراهقين، وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين لديهم مستويات أعلى من التعاطف مع الذات كانت لديهم مستويات أقل من أعراض تشوه الجسم ، وارتبط الإحساس السلبى بالذات بشكل إيجابي بأعراض تشوه الجسم.

وعلى الرغم من أن اليقظة العقلية مطلوبة في تجربة التعاطف مع الذات وإحدى مكوناته، فمن المهم أن ندرك أن البنيتين ليستا متماثلتين تماماً. وذلك لعدة أسباب منها: أولاً: أن اليقظة العقلية المتضمنة في التعاطف مع الذات أضيق نطاقاً من اليقظة العقلية بشكل عام. فيشير عنصر اليقظة العقلية في التعاطف مع الذات إلي الوعي المتوازن بالأفكار والمشاعر السلبية المرتبطة بالمعاناة الشخصية. ويشير عنصر اليقظة العقلية بشكل عام إلي القدرة على الانتباه إلي أي تجربة – إيجابية أو سلبية أو محايدة – مع القبول والاتزان. وهناك فرق آخر بين الوعي التام (اليقظة العقلية) والتعاطف مع الذات يكمن في أهداف كل منهما، حيث تميل اليقظة العقلية إلي التركيز على تجربة وخبرة الفرد الداخلية (الأحاسيس والعواطف والأفكار) بدلاً من التركيز على نفسه كمجرِب لهذه الخبرة. في حين أن التعاطف مع الذات يستهدف الشخص الذي يعاني، فيؤكد التعاطف مع الذات على تهدئة "الذات" وإراحتها عند ظهور تجارب مؤلمة، وتذكر أن مثل هذه التجارب هي جزء من كونك إنساناً (Neff & Germer, 2013,29).

وتعد اليقظة العقلية بشكل عام من المتغيرات المهمة التي تسهم في غرس المهارات العقلية الإيجابية التي لها دور فعّال في صحة الفرد النفسية، فتجعل الفرد قادراً على توجيه حياته بطريقة مستقلة عن الآخرين، فالفرد اليقظ عقلياً يشعر بعواطفه وانفعالاته بشكل كامل وواضح، ويستطيع أن يتخطى الأمور السلبية في حياته؛ مما يجعله يشعر بالسعادة النفسية والرضا عن حياته (Lau, 2006, 1446)، فاليقظة العقلية هي مجموعة واسعة من الممارسات ذات الصلة بالتعليم، إذ تشمل تعزيز الصحة النفسية، وتحسين التواصل، والتعاطف، وتحسين الصحة البدنية، والرضا عن الحياة، والرفاهية النفسية Hassed (2016).

وأشارت نسرين السيد (2020، 148) إلي أن اليقظة العقلية تعد من المفاهيم النفسية الحديثة نسبياً، وباستقراء أصول اليقظة العقلية، تبين أن لليقظة العقلية تاريخاً دينياً وفلسفياً طويلاً، ففي بداية السبعينيات قام الباحثون بتقييم تأثير التأمل على كل من العقل والجسم، واهتموا بدراسة تأملات التركيز، والمشاعر، والوعي بالأفكار والمثيرات بدون إصدار أحكام عليها أو تحليلها، إضافة إلي أن اليقظة العقلية تُشير إلي الحالة التي يكون فيها الفرد منتبهاً وواعياً بالذي يحدث في الوقت الحاضر مع الاهتمام والوعي للتجربة الحالية.

واستطاع الباحثون والمعالجون النفسيون استخدام مفهوم اليقظة العقلية في علاج العديد من الاضطرابات النفسية والجسمية وصولا بالفرد إلي حالة من السعادة النفسية والرضا عن الحياة، إذ تم تناول مفهوم اليقظة العقلية من خلال زاويتين الأولى: أنها مفهوم نفسي يرتبط بالتوجه الإيجابي في علم النفس، والثانية: أنه تم الاعتماد عليه في تدخلات علاجية عديدة مثل خفض الضغوط النفسية، والعلاج المعرفي القائم على اليقظة العقلية. (عبد الرقيب البحيري وآخرون، 2004، 121)

ويؤكد Albrecht etal. (2012) على أن اليقظة العقلية تساعد الطلاب في إدراك واقعهم وفهم أنفسهم بشكل واضح، وكذلك تعزيز السلوك التوافقي لهم سواء على المستوى النفسي فيُظهِر الطالب عدد من السمات الإيجابية المتمثلة في الرحمة، والتعاطف والتسامح وكذلك تحسين صورة الجسم، على المستوى الاجتماعي فتحسن المناخ الاجتماعي داخل المؤسسة التعليمية وعلى المستوى الأكاديمي تسهم اليقظة العقلية في ارتفاع أداء الطلاب أكاديمياً.

ويتضح ذلك من خلال دراسة Walsh etal.(2019) التي هدفت إلي التعرف على أثر ممارسة اليقظة العقلية على مستوى الهناء النفسي لدى طلاب الجامعة. وكان من أبرز النتائج ارتفاع مستوى التحكم في الانتباه وتحسن الحالة النفسية مع انخفاض مستوى الضغوط لدى طلاب الجامعة.

وهناك أدلة بحثية متعددة على أن توظيف اليقظة العقلية يساعد كثيراً من الأفراد على التصالح مع ذاتهم وخاصة الذين يعانون من مشكلات الإدمان، واضطرابات صورة الجسم، وخفض القلق والاكتئاب (Grow etal., 2015, 17)، كما يذكر Witkiewitz etal. (2012, 1564) أن اليقظة العقلية تعمل كمتغير واقٍ من حدوث الانتكاسة في الأمراض النفسية، إذ تعمل على التخفيف من حدة الأعراض المرضية.

وهدفت دراسة Prowse etal. (2013) إلى تعرف العلاقة بين اليقظة العقلية واضطرابات الأكل وصورة الجسم لدى عينة غير اكلينيكية، وأسفرت النتائج عن وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة بين اليقظة العقلية والصورة الإيجابية للجسم بينما كانت العلاقة سلبية بين اليقظة العقلية واضطرابات الأكل سواء فقدان الشهية العصبي أو الشره العصبي.

كما تعرفت دراسة Pidgeon & Appleby (2014) على العلاقة بين اليقظة العقلية وتقدير الذات والتصورات السلبية لصورة الجسم لدى السيدات، وأسفرت النتائج عن وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة بين اليقظة العقلية، وتقدير الذات، وصورة الجسم، حيث أشارت النتائج إلي أن السيدات اللائي يتمتعن باليقظة العقلية يتمتعن بصورة إيجابية عن أجسامهن يتمتعن بتقدير ذات مرتفع كذلك.

وفي ضوء ما سبق سعى البحث الحالي إلى الكشف عن العلاقة الارتباطية بين اضطراب صورة الجسم والتعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى طالبات كلية التربية بجامعة أسيوط، وقدرة كل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية على التنبؤ باضطراب صورة الجسم.

 

ثانيًا: مشكلة البحث:

نبعت مشكلة الدراسة مما لاحظته الباحثة من خلال البحث والاطلاع على الأبحاث والدراسات السابقة التى أجريت على طلاب الجامعات، وتأتي نتائج الدراسات السابقة كمصدر مهم من مصادر الإحساس بالمشكلة والتى تبين من خلالها أن نسبة ليست بقليلة يعانون من مشاكل فى صورة الجسم مما يعوق أدائهم ويؤثر على تفاعلهم وعلاقتهم الإجتماعية، والشعور بانخفاض الثقة بالنفس، وتقدير الذات، وقد يتطور الأمر ليصل إلي قلق اجتماعي بشكل ملحوظ والخجل الشديد والشعور بعدم الاستقرار والرغبة في الانفراد والعزلة.

 وقد يمثل اضطراب صورة الجسم عائقاً لدى الطلاب المعلمين، حيث يتطلب الأمر منهم التعامل المباشر مع التلاميذ والزملاء والموجهين والمديرين وأولياء الأمور دون أن يكون هناك عائق في التفاعل والتواصل الاجتماعي مع الآخرين وذلك ما أشارت إلية دراسة حسين علي فايد (2004) إلي وجود علاقة موجبة بين عدم الرضا عن صورة الجسم وقلق مواجهة الآخرين؛ وذلك تجنباً للأحكام والتقييمات السلبية.

ومن خلال الاطلاع على الدراسات السابقة التي تناولت معدلات انتشار اضطراب صورة الجسم، وجدت الباحثة أن هناك تباينًا واضحًا في الدراسات فيما يتعلق بمعدلات نسبة الانتشار، فقد أشار الدليل التشخيصي الإحصائي للأمراض النفسية والعقلية في طبعته الرابعة DSM- IV إلي أن نسبة انتشار اضطراب صورة الجسم بين الإناث تبلغ 4% في حين تقل هذه النسبة إلي 1% بين الذكور(American psychiatric Association,1994, 344)

ويعد اضطراب صورة الجسم من المشكلات السلوكية المهمة، حيث بلغت نسبة انتشاره بين طلبة الجامعة فى حدود ( 2,2 % - 13 % ) وهى نسبة خطيرة إذا ما قورنت بنسبة (13% - 16% ) الموجودة فى مستشفيات الطب النفسى. وتبرز أهمية الموضوع فى أن الإصابة بهذا الاضطراب تدفع الفرد إلى إظهار أعراض مصاحبة كفقدان الثقة بالنفس، والكدر النفسي، والقلق وأشدها يصل إلى ملازمة البيت والانعزالية. (لينه لافي المطيري وياسر خلف الذبيانى ،2020 ، 264)

وقد دعم إحساس الباحثة بمشكلة الدراسة مما لاحظته من معاناة البعض من المراهقين والشباب من عدم الرضا عن صورة اجسادهم، وما أسفرت عنه نتائج بعض الدراسات، حيث قد أشارت نتائج دراسة Alam et al,(2022) إلى أن أعراض اضطراب صورة الجسم تراوحت من الخفيفة إلي المتوسطة (11.0%) بين المشاركين من طلاب الجامعة، وكان (1.5%) يعانون من أعراض اضطراب صورة الجسم الشديدة. وكان حوالي 58% من المشاركين لديهم عيب واحد على الأقل في الجسم. وحدثت معظم حالات الإحراج بسبب حب الشباب (12.5%)، يليه الشعر الخفيف (9.5%) وعلامات الندب (6.4%). وكان لدى المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 20و24 عامًا احتمالات أعلى. وكان من المحتمل أن يكون الطلاب الذين لديهم عيوب في الجسم أكثر عرضة للمعاناة من أعراض اضطراب صورة الجسم.

ومع تزايد الاهتمام في الفترة الأخيرة بدراسة التعاطف مع الذات، كأحد المتغيرات الإيجابية المهمة في شخصية الفرد، حيث إن الأفراد المتعاطفين مع أنفسهم يظهرون صحة نفسية أفضل من أولئك الذين يفتقرون إلى التعاطف مع الذات. ووُجد أن زيادة التعاطف مع الذات تنبأت باستمرار بمستويات أقل من القلق والاكتئاب، كما أن زيادة التعاطف مع الذات يرتبط أيضًا بقلة الاجترار، والكمالية، والخوف من الفشل. في الوقت نفسه، يكون الأشخاص المتعاطفون مع أنفسهم أقل عرضة لقمع الأفكار غير المرغوب فيها، ويكونون أكثر استعدادًا للاعتراف بأن مشاعرهم السلبية حقيقية ومهمة . (Neff & Germer , 2013, 29)

 وكذلك الاهتمام بدراسة اليقظة العقلية حيث شغل أذهان الباحثين والمعالجين النفسيين ذوي التوجهات المعرفية السلوكية، فإنه من المهم دراسة هذة المتغيرات لدى طلاب الجامعة، وكونها متغيراً من المتغيرات الإيجابية التي تنتمي إلي علم النفس الإيجابي وتأثيراته الإيجابية في جميع مجالات التوافق النفسي، والشخصي، والاجتماعي، والأكاديمي، فارتبطت اليقظة العقلية بالعديد من المتغيرات الإيجابية مثل السعادة النفسية، والاستقرار النفسي، وتنظيم الذات، ومواجهة الضغوط والرفاهية النفسية، والمرونة النفسية. (هدى جمال، 2018، 887)

وفي ضوء ما سبق، يمكن صياغة مشكلة البحث في التساؤل الرئيس التالي: "ما العلاقة بين اضطراب صورة الجسم وكلٍ من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط؟" ويتفرع عن هذا السؤال الرئيس أسئلة فرعية تتمثل فيما يلي:

1-ما العلاقة بين اضطراب صورة الجسم وكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط ؟

2-ما إمكانية إسهام كل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية في التنبؤ باضطراب صورة الجسم لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط ؟

ثالثًا: أهداف البحث :

هدف البحث الحالي إلي ما يلي:

1-  الكشف عن العلاقة الارتباطية بين اضطراب صورة الجسم وكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

2-  الكشف عن إسهام كل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية في التنبؤ باضطراب صورة الجسم لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

رابعًا: أهمية البحث:

1-  تنبثق أهمية البحث الحالي من أهمية المتغيرات التي تم تناولها والتي تنتمي إلي علم النفس الإيجابي، وهما التعاطف مع الذات واليقظة العقلية باعتبارهما من المفاهيم التي لها تأثيرات إيجابية في حياة الفرد.

2-  أهمية المرحلة العمرية موضع اهتمام الدراسة، وهم طالبات المرحلة الجامعية، فهي من أهم مراحل حياة الفرد لأنها تبرز شخصية الفرد في جميع الجوانب الانفعالية والاجتماعية والمعرفية والسلوكية.

3-  المساهمة في إثراء المكتبة العربية بمزيد من المعارف النظرية عن متغيرات حديثة نسبياً في مجال علم النفس الإيجابي ( التعاطف مع الذات – اليقظة العقلية ) ، حيث مازالت الدراسات التي تناولتها محدودة النطاق في حدود علم الباحثة.

4-  إلقاء الضوء على متغير من المتغيرات المهمة وهو اضطراب صورة الجسم؛ حيث يؤدي اضطراب صورة الجسم إلى العديد من المشكلات والاضطرابات النفسية، ويؤثر بالسلب على التوافق النفسي والاجتماعي للفرد.

5-  إمكانية الاستفادة وتوظيف ما يسفر عنه البحث من نتائج تفيد في الأبحاث المستقبلية.

6-  يمكن أن تفيد نتائج هذا البحث في وضع توصيات مرتبطة بمجال الإرشاد النفسي للأفراد الذين يتعرضون لمشاكل واضطرابات نفسية قد تؤثر على جوانب ونواحي حياتية مختلفة لديهم.

خامسًا: مصطلحات البحث والمفاهيم الإجرائية:

1-  اضطراب صورة الجسم: Body Dysmorphic Disordr (BDD)

يعرف اضطراب صورة الجسم BDD في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) على أنه الانشغال بالعيوب الملحوظة في المظهر الجسدي للفرد والتي تبدو للآخرين غير موجودة أو طفيفة فقط. يؤدي الانشغال بالمظهر إلي سلوكيات متكررة مفرطة (مثل فحص المرآة، أو الاستمالة المفرطة، أو تنظيف الجلد) أو أفعال عقلية متكررة (مثل مقارنة مظهر الشخص بمظهر الآخرين). للتأهل لتشخيص اضطراب صورة الجسم BDD، يجب أن يسبب الانشغال ضائقة كبيرة سريريًا أو ذات أهمية سريرية(Phillips & Susser, 2023, 506). ويعرف إجرائياً في البحث الحالي بأنه: الدرجة التي تحصل عليها طالبات الجامعة على مقياس اضطراب صورة الجسم المستخدم في البحث الحالي.

2-  التعاطف مع الذات: Self- Compassion

تعرف (2003,87) Neff التعاطف مع الذات وفق منظورها بأنه اتجاه إيجابي نحو الذات في المواقف المؤلمة أو الخيبة والفشل، ينطوي على اللطف بالذات، وعلى عدم الانتقاد الشديد لها، وفهم خبراتها كجزء من الخبرة التي يعانيها معظم الناس، ومعالجة المشاعر المؤلمة في وعي الفرد بعقل منفتح ويتكون من ثلاثة عناصر أساسية متفاعلة وهي: اللطف بالذات مقابل محاكمة الذات، والمشاعر الإنسانية المشتركة مقابل العزلة، واليقظة الذهنية مقابل التحديد والتواصل المفرط مع الذات. ويعرف إجرائيا في البحث الحالي بأنه: الدرجة التي تحصل عليها طالبات الجامعة على مقياس التعاطف مع الذات المستخدم في البحث الحالي.

3-  اليقظة العقلية: Mindfulness

يعرفها Creswell ( 2016, 18) بأنها الاهتمام الواعي للخبرة في اللحظة الحالية وتأتي الخبرة اللحظية التي يستدعيها الفرد بأشكال متعددة تشمل الأحاسيس والمشاعر الجسمية وردود الفعل العاطفية والصور الذهنية والحديث العقلي والخبرات الإدراكية. ويعرف إجرائيا في البحث الحالي بأنه: الدرجة التي تحصل عليها طالبات الجامعة على استبانة اليقظة العقلية المستخدم في البحث الحالي.

سادسًا: حدود البحث:

1-   الحدود الموضوعية: اضطراب صورة الجسم وعلاقته بالتعاطف مع الذات واليقظة العقلية.

2-   الحدود البشرية : عينة من طالبات كلية التربية.

3-   الحدود المكانية: كلية التربية – جامعة أسيوط.

4-   الحدود الزمانية: الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2023/ 2024م.

5-    الحدود المنهجية: المنهج المستخدم في البحث الحالي وهو المنهج الوصفي الارتباطي التنبؤي.

سابعًا: فروض البحث:

1-توجد علاقة ارتباطية سالبة دالة إحصائياً بين اضطراب صورة الجسم وكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

2-توجد علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائيًا بين التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

3-يسهم كل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية في التنبؤ باضطراب صورة الجسم من لدى عينة البحث.

ثامنًا: المنهج والاجراءات:

أولاً: منهج البحث:

اعتمدت الدراسة الحالية على المنهج الوصفي الارتباطي التنبؤي الذي يتفق مع تحقيق أهدافها المتمثلة في الكشف عن العلاقة الارتباطية بين اضطراب صورة الجسم وكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية، فضلاً عن إمكانية إسهام اضطراب صورة الجسم في التنبؤ بكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

ثانياً: عينة البحث:

تمثلت عينة البحث في طالبات كلية التربية بجامعة أسيوط، ومن أجل التحقق من مدى ملائمة أدوات البحث للتطبيق على العينة الاستطلاعية، والتي بلغ عددها (200) طالبة وترواحت أعمارهن بين (18- 21) بمتوسط عمري قدره (19,5) سنة، وانحراف معياري قدره (1,12)، وبلغ عدد أفراد العينة الأساسية (148) طالبة بكلية التربية بأسيوط بمتوسط عمري قدره (19,7)سنة وانحراف معياري قدره (1,1).

ثالثا: أدوات الدراسة:

1. مقياس اضطراب صورة الجسم (إعداد: صمويل تامر، 2021).

يتكون المقياس من (40) مفردة، وتحت كل مفردة يُطلب من المفحوص أن يستجيب باختيار واحد من (4) اختيارات متدرجة جميعها من الأدنى للأعلى بحيث يتم تصحيح المقياس للبدائل: دائمًا، كثيرًا، نادرًا، أبدًا. ويتم تصحيح العبارات الإيجابية على التوالي دائمًا= 4، كثيرًا= 3، نادرًا= 2، أبدًا = 1 ويتم تصحيح العبارات السلبية وهم عبارات رقم ( 4- 6 – 15 – 20-  21 – 23- 24 – 30 – 32- 33 ) بالعكس. والحد الأعلى للدرجة هو 160، بينما الحد الأدنى هو صفر.

حساب كفاءة المقياس السيكومترية:

- صدق المقياس:

- الصدق التمييزي: تحققت الباحثة من صدق المقياس بطريقة الصدق التمييزي، وذلك باختيار درجات أعلى 27% على المقياس(المجموعة المرتفعة) ودرجات أقل 27% على المقياس(المجموعة المنخفضة)، وإيجاد دلالة الفروق بين هاتين المجموعتين على مقياس اضطراب صورة الجسم باستخدام اختبار "ت"، وكانت قيمة "ت" (-22,5 ** دالة عند مستوى 0,01)، وهذا يعني وجود فروق دالة إحصائيًا بين متوسط درجات المجموعتين المرتفعة والمنخفضة على مقياس اضطراب صورة الجسم، وذلك لصالح المجموعة المرتفعة؛ مما يشير إلى أن المقياس يتمتع بصدق تمييزي جيد.

- ثبات المقياس:

حسبت الباحثة في البحث الحالي ثبات المقياس ككل باستخدام طريقة ألفا كرونباخ وبلغ معامل الثبات(0,9)، وباستخدام التجزئة النصفية(0,89)، وهي قيم جيدة ومقبولة؛ مما يدل على أن المقياس يتمتع بثبات جيد ومقبول.

-                   الاتساق الداخلي:

وتحققت الباحثة من الاتساق الداخلي للمقياس بحساب معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على المقياس كما يوضح جدول(1).

جدول(1) معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على المقياس(ن=200)

-             

*دالة عند 0,05                      ** دال عند 0,01

حيث يتضح  من جدول(1) أن معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على المقياس تراوحت من 0,14 إلى 0,76 وهي دالة .

1. مقياس التعاطف مع الذات:

أعد المقياس (Neff, 2003) ليكشف عن الفروق بين الأشخاص في درجات التعاطف مع الذات، وقد اعتمدت (Neff, 2003) في بناء مقياسها على نموذج يتكون من ثلاث أبعاد تقيس ( التلطف بالذات، والإنسانية المشتركة، واليقظة العقلية ) وعباراتها موجبة، وتوجد عبارات سالبة تقيس 3 أبعاد وهي(الحكم على الذات، والعزلة ، والتوحد المفرط مع الذات ). ويتكون المقياس من (26) فقرة موزعة على 6 أبعاد، ويصحح المقياس على مدرج مكون من 5 بدائل ( دائماً ، كثيراً ، أحياناً ، نادراً ، أبداً ) ومفتاح التصحيح يقتضي منح البدائل على الفقرات الايجابية يأخذ الدرجات التالية (دائما=5 إلى أبدا=1) والعكس صحيح بالنسبة للفقرات السلبية (دائمًا=1 إلى أبدًا=5) ، وبهذا تتراوح الدرجة على المقياس بين (26) كحد أدنى إلي (130) كحد أقصى، وتشير الدرجه المرتفعة إلي أن المستجيب يشعر بالتعاطف نحو ذاتة عندما يواجه أحداث محبطه ، بينما تشير الدرجة المنخفضة على المقياس إلي أن المستجيب أكثر قسوة على ذاته ومنتقد لها في المواقف والتجارب المؤلمة .

حساب كفاءة المقياس السيكومترية:

- صدق المقياس:

تحققت الباحثة من صدق المقياس بطريقة التحليل العاملي التوكيدي لمقياس التعاطف مع الذات؛ للتحقق من الصدق العاملي للمقياس بعد تطبيقه على أفراد العينة الاستطلاعية؛ لفحص البنية الكامنة لمقياس التعاطف مع الذات، ويوضح شكل(1)البنية الكامنة للمقياس من خلال الأوزان المعيارية:

 

شكل(1). البنية الكامنة لمقياس التعاطف مع الذات من خلال الأوزان المعيارية

 

وحظي النموذج المقترح بمؤشرات حسن مطابقة جيدة مع بيانات البحث الحالي، حيث كانت قيمة χ² = (423,6)، ودرجات الحرية (df)= (289)، ومستوى الدلالة لـ χ²= (0,00) ، واختبار كا² النسبي df)/χ²) =( 1,5)، وجذر متوسط مربع خطأ التقريب Root Mean Square Error of Approximation; RMSEA = 0,048، ومؤشر الصدق الزائف المتوقع للنموذج الحالي (ECVI) =(3,02) وهو أقل من مؤشر الصدق الزائف المتوقع للنموذج المشبع =(3,79)، ومؤشر توكر لويس= (0,9)، ومؤشر المطابقة المعياري Normed Fit Index; NFI = (0,72)،ومؤشر المطابقة التزايدي IFI= (0,9)، ومؤشر المطابقة المقارن= Comparative Fit Index; CFI =(0,9) .

-الصدق التمييزي:

تحققت الباحثة من صدق المقياس بطريقة الصدق التمييزي، وذلك باختيار درجات أعلى 27% على المقياس(المجموعة المرتفعة) ودرجات أقل 27% على المقياس(المجموعة المنخفضة)، وإيجاد دلالة الفروق بين هاتين المجموعتين على مقياس التعاطف مع الذات باستخدام اختبار "ت"، وكانت قيمة "ت" (-21,4** دالة عند مستوى 0,01)، وهذا يعني وجود فروق دالة إحصائيًا بين متوسط درجات المجموعتين المرتفعة والمنخفضة على مقياس التعاطف مع الذات، وذلك لصالح المجموعة المرتفعة؛ مما يشير إلى أن المقياس يتمتع بصدق تمييزي جيد.

-ثبات المقياس:

حسبت الباحثة في البحث الحالي ثبات المقياس ككل باستخدام طريقة ألفا كرونباخ وبلغ معامل الثبات(0,86)، وباستخدام التجزئة النصفية(0,85)، وللأبعاد الفرعية: التلطف بالذات، والإنسانية المشتركة، واليقظة العقلية، والحكم على الذات، والعزلة، والتوحد المفرط مع الذات بلغت معاملات الثبات على الترتيب باستخدام معامل ألفا كرونباخ كالتالي: (0,74، 0,63، 0,72، 0,67، 0,61، 0,5) وهي قيم جيدة ومقبولة؛ مما يدل على أن المقياس يتمتع بثبات جيد ومقبول.

-الاتساق الداخلي:

وتحققت الباحثة من الاتساق الداخلي للمقياس بحساب معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على المقياس كما يوضح جدول(2):

جدول(2) معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على المقياس(ن=200)

ويتضح من جدول(2) أن معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على المقياس تراوحت من 0,17 إلى 0,64 وهي دالة .

كما حسبت الباحثة معاملات ارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية على المقياس كما يوضح جدول(3).

جدول(3) معاملات ارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية على المقياس(ن=200)

 

ويتضح من جدول(3) أن معاملات ارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية تراوحت من 0,5 إلى 0,74 وهي دالة عند مستوى 0,01 .

1. استبيان اليقظة العقلية:

أعد هذا الاستبيان Baer etal.(2008) كنسخة مختصرة يشتمل على العوامل الخمسة ذاتها التي تشتمل عليها النسخة المطولة للاستبيان وهي: الملاحظة، والوصف، والتصرف بوعي، وعدم إصدار أحكام على الخبرات الداخلية، وعدم التفاعل مع الخبرات الداخلية. وتم إعداد المقياس ليشمل 3 عبارات في كل بعد. وتم اختيار العبارات من النسخة المطولة التي تشتمل على 39 عبارة بناء على تشبعاتها على كل عامل للحفاظ على عمق محتوى كل عامل، وتم اختبار التركيب العاملي لمقياس العوامل الخمسة لليقظة العقلية المكون من 15 عبارة،. والاستبيان له تركيب عاملي متسقاً مع التركيب العاملي للنسخة المطولة، وتوجد علاقات كبيرة بين درجات العوامل الكلية للنسختين المختصرة والمطولة، ويشير ذلك إلى أن كلا النسختين تم قياسهما بدرجة مرتفعة كتركيبين متشابهين، ولم تختلف النسختان بشكل دال عن كل منهما الآخر فيما يتعلق بالصدق التقاربي، وكان الاتساق الداخلي للنسخة المختصرة مكافئاً للنسخة المطولة، ودعمت نتائج دراسة Gu etal.(2016) استخدام النسخة المختصرة كمقياس بديل في الأبحاث التي تتطلب النسخة المختصرة، وذلك لتخفيف العبء على العينة نظراً لاستخدام أكثر من مقياس فى تطبيق أدوات البحث. يصحح على مدرج من 5 استجابات(غير صحيح مطلقا=1 إلى صحيح دائما=5)، والعبارات السالبة هي (3، 4، 7، 8، 9، 13، 14) تصحح بالعكس.

 

حساب كفاءة المقياس السيكومترية:

- صدق المقياس:

تحققت الباحثة من صدق المقياس بطريقة التحليل العاملي التوكيدي لمقياس اليقظة العقلية؛ للتحقق من الصدق العاملي للمقياس بعد تطبيقه على أفراد العينة الاستطلاعية؛ لفحص البنية الكامنة لمقياس اليقظة العقلية، ويوضح شكل(2)البنية الكامنة للمقياس من خلال الأوزان المعيارية:

 

شكل(2) البنية الكامنة للمقياس من خلال الأوزان المعيارية

 

وحظي النموذج المقترح بمؤشرات حسن مطابقة جيدة مع بيانات البحث الحالي، حيث كانت قيمة χ² = (127,7)، ودرجات الحرية (df)= (78)، ومستوى الدلالة لـ χ²= (0,00) ، واختبار كا² النسبي df)/χ²) =( 1,6)، وجذر متوسط مربعات البواقي Root Mean Square Residual; RMR = (0,12)، وجذر متوسط مربع خطأ التقريب Root Mean Square Error of Approximation; RMSEA = 0,057، ومؤشر الصدق الزائف المتوقع للنموذج الحالي (ECVI) =(1,06) وهو أقل من مؤشر الصدق الزائف المتوقع للنموذج المشبع =(1,2)، ومؤشر توكر لويس= (0,8)، ومؤشر المطابقة المعياري Normed Fit Index; NFI = (0,71)،ومؤشر المطابقة التزايدي IFI= (0,9)، ومؤشر المطابقة المقارن= Comparative Fit Index; CFI =(0,9) .

 

-الصدق التمييزي:

تحققت الباحثة من صدق الاستبيان بطريقة الصدق التمييزي، وذلك باختيار درجات أعلى 27% على المقياس(المجموعة المرتفعة) ودرجات أقل 27% على المقياس(المجموعة المنخفضة)، وإيجاد دلالة الفروق بين هاتين المجموعتين على استبيان اليقظة العقلية باستخدام اختبار "ت"، وكانت قيمة "ت" (-19,1** دالة عند مستوى 0,01)، وهذا يعني وجود فروق دالة إحصائيًا بين متوسط درجات المجموعتين المرتفعة والمنخفضة على استبيان اليقظة العقلية، وذلك لصالح المجموعة المرتفعة؛ مما يشير إلى أن الاستبيان يتمتع بصدق تمييزي جيد.

-ثبات المقياس:

حسبت الباحثة في البحث الحالي ثبات الاستبيان ككل باستخدام طريقة ألفا كرونباخ وبلغ معامل الثبات(0,58)، وللأبعاد الفرعية: الملاحظة، والوصف، والتصرف بوعي، وعدم إصدار أحكام على الخبرات الداخلية، وعدم التفاعل مع الخبرات الداخلية بلغت معاملات الثبات على الترتيب باستخدام معامل ألفا كرونباخ كالتالي: (0,43، 0,39، 0,64، 0,52، 0,32) وهي قيم جيدة ومقبولة؛ مما يدل على أن الاستبيان يتمتع بثبات جيد ومقبول.

-الاتساق الداخلي:

وتحققت الباحثة من الاتساق الداخلي للاستبيان بحساب معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على الاستبيان كما يوضح جدول(4):

جدول(4) معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على الاستبيان(ن=200)

                *دال عند 0,05              ** دال عند 0,01

ويتضح من جدول(4) أن معاملات ارتباط العبارات بالدرجة الكلية على الاستبيان تراوحت من 0,16 إلى 0,57 وهي دالة .

كما حسبت الباحثة معاملات ارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية على الاستبيان كما يوضح جدول(5).

جدول(5) معاملات ارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية على الاستبيان(ن=200)

ويتضح من جدول(5) أن معاملات ارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية على الاستبيان تراوحت من 0,52 إلى 0,62 وهي دالة .

تاسعاً: نتائج البحث ومناقشتها:

1-نتائج الفرض الأول ومناقشتها: " توجد علاقة ارتباطية سالبة دالة إحصائياً بين اضطراب صورة الجسم وكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط. "

وللتحقق من صحة الفرض قامت الباحثة بحساب معامل ارتباط بيرسون بين درجات أفراد عينة البحث الأساسية على مقاييس اضطراب صورة الجسم، والتعاطف مع الذات، واليقظة العقلية، ويوضح جدول(6) قيم معاملات الارتباط.

جدول(6) قيم معاملات الارتباط بين درجات أفراد العينة الأساسية(ن=148) على مقاييس اضطراب صورة الجسم، والتعاطف مع الذات، واليقظة العقلية

**دال عند 0,01

ويتضح من جدول(6) وجود علاقات سالبة دالة إحصائيًا بين اضطراب صورة الجسم والتعاطف مع الذات، واضطراب صورة الجسم واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

وتتفق النتيجة الحالية مع نتائج دراسات Allen (2020) ؛ Ghabel etal. (2023) ؛ Foroughi etal. (2019) بوجود علاقة سالبة دالة إحصائيًا بين التعاطف مع الذات واضطراب صورة الجسم، ودراسة Jamshidi etal.(2023) بوجود علاقة سالبة دالة إحصائيًا بين اليقظة العقلية واضطراب صورة الجسم لدى طلاب الجامعة.

 ويمكن تفسير النتيجة الحالية بوجود علاقة سالبة دالة إحصائيا بين التعاطف مع الذات واضطراب صورة الجسم؛ لأن التعاطف مع الذات يلعب دورًا وقائيًا في الاهتمام بصورة الجسم وسلوكيات الأكل، ويتكون التعاطف مع الذات من 3 مكونات إيجابية وهي: التلطف بالذات، والإنسانية المشتركة، واليقظة العقلية، وكلها تعمل كعامل وقائي للمعاناة من الكمالية والوجدان السلبي التي من المحتمل أن تكون أسباب لاضطراب صورة الجسم، حيث إن تقدير الذات لذوي اضطراب صورة الجسم ممن يضعون ويحددون معايير مرتفعة ومثالية لصورة أجسامهم، وإذا لم تتم مقابلة هذه المعايير، فيبدئون في اللوم الذاتي، حيث يساعد التعاطف مع الذات الأشخاص على تقبل أخطائهم، والتعامل مع أنفسهم بشكل لطيف وعطوف مع الصعوبات بدلاً من نقد أنفسهم، ويأخذ في اعتباره ويهتم بأن كل فرد لديه أخطاء وعيوب محددة، ويشعر بالألم وعدم الراحة والتي تعد كلها خبرات إنسانية مشتركة، وهناك مكون إيجابي آخر للتعاطف مع الذات وهو اليقظة العقلية والتي لها دور وقائي كذلك ضد الوجدان السالب والكمالية، حيث تساعد اليقظة العقلية الأفراد على الاعتراف بالطبيعة العابرة للخبرات والتجارب وعدم اعتبارها كحقائق، بدلاً من الانغماس في التوحد المفرط مع هذه الخبرات والتجارب، واجترار الأفكار بشأنها(Foroughi,2019,5).

كما أن الانخراط في التعاطف مع الذات يعمل على تنشيط الشعور بالرضا والطمأنينة، والتهدئة، ونظام التنظيم المتمركز حول الانتماء لدى الأفراد عندما يواجهون تهديدًا مدركًا من صورة الجسم المشوهة، وتعلم كيفية تنمية الانفصال، والاعتراف بالعيوب، وتبني منظور بديل، والحب والعطف الموجه نحو أنفسهم بدلاً من الاندماج مع المعارف والسلوكيات اللاتكيفية المرتبطة باضطراب صورة الجسم(Allen,2020,6).

ويمكن تفسير حدوث العلاقة السالبة الدالة إحصائيًا بين اليقظة العقلية واضطراب صورة الجسم وفقًا لما أشارت إليه نتائج دراسة Lavell etal.(2018,22) بارتباط بعض أبعاد اليقظة العقلية بشكل سالب دال إحصائيًا بأعراض اضطراب صورة الجسم مثل التصرف بوعي في اللحظة الراهنة وعدم إصدار الأحكام على الخبرات الشخصية، وأن ذوي الاهتمام المرتفع بالمظهر، ويتفق ذلك مع المداخل العلاجية الحالية التي تدمج التدريب على مهارات اليقظة العقلية لتيسير تركيز الإدراك على نطاق واسع بشأن مظهر الفرد الكلي بدلاً من التركيز على العيوب المدركة، واستخدام لغة محايدة لا تعتمد على إصدار الأحكام لوصف الذات.

2-نتائج الفرض الثاني ومناقشتها: "توجد علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائيًا بين التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط".

وللتحقق من صحة الفرض قامت الباحثة بحساب معامل ارتباط بيرسون بين درجات أفراد عينة البحث الأساسية على مقاييس التعاطف مع الذات، واليقظة العقلية، ويوضح جدول(7) قيم معاملات الارتباط.

جدول(7) قيم معاملات الارتباط بين درجات أفراد العينة الأساسية(ن=148) على مقاييس التعاطف مع الذات، واليقظة العقلية

ويتضح من جدول(7) وجود علاقة موجبة دالة إحصائيًا بين التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط.

وتتفق النتيجة الحالية مع نتائج دراسة Pérez-Aranda etal.(2021) ؛Makadi  & Koszycki (2020)  بوجود علاقة موجبة دالة إحصائياً بين التعاطف مع الذات واليقظة العقلية.

ويمكن تفسير ذلك وفقًا لما أشارت إليه دراسة  بأن اليقظة العقلية تعزز من حدوث الانفعالات الموجبة والقدرة على التعافي من الانفعالات السالبة، ومساعدة الفرد في الحفاظ على اتجاه غير متمركز نحو المواقف الصعبة، وهي ميكانزمات وآليات تساعد الفرد على تنظيم الانفعالات، وزيادة الرضا عن الحياة، وتقليل الوجدان السالب، ويزود كل من اليقظة العقلية والتعاطف من الذات من التعامل بمرونة مع المشكلات والاضطرابات النفسية ومنها: اضطراب صورة الجسم، كما أن التعاطف مع الذات له الميكانزمات والآليات ذاتها كتوليد الانفعالات الموجبة في هذه الحالة من خلال تقليل معاناة الفرد وعلاج نفسه بالتلطف (Pérez-Aranda etal.,2021,7).

 

3-نتائج الفرض الثالث ومناقشتها: "يسهم اضطراب صورة الجسم في التنبؤ بكل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط."

 

وللتحقق من صحة الفرض قامت الباحثة بحساب تحليل الانحدار الخطي البسيط لمعرفة مدى تأثير المتغيرين المستقلين(التعاطف مع الذات، واليقظة العقلية) على المتغير التابع(اضطراب صورة الجسم)؛ بهدف تحديد إمكانية تنبؤ كل من التعاطف مع الذات واليقظة العقلية باضطراب صورة الجسم لدى عينة من طالبات كلية التربية بأسيوط، حيث بلغت العينة الأساسية البالغ عددها (148) طالبة، ويوضح جدول(8) نموذج الانحدار الخطي البسيط بين متغيرات البحث الثلاثة.

جدول(8) نموذج الانحدار الخطي البسيط بين متغيرات البحث(ن= 148)

        ** دال عند 0,01

ويتضح من جدول(8) أن التعاطف مع الذات واليقظة العقلية تنبئا باضطراب صورة الجسم بشكل دال إحصائياً عند مستوى 0,01 ، ويتضح من قيمة مستوى دلالة قيمة "ت" لمعامل الانحدار دلالتها بين المتغيرين المستقلين(التنبؤيين) والمتغير التابع، وهذا يدل على أن  المتغيرين المستقلين(التعاطف مع الذات واليقظة العقلية) يسهمان في التنبؤ بالمتغير التابع(اضطراب صورة الجسم) بشكل دال إحصائياً، ويمكن كتابة معادلة الانحدار كالتالي: اضطراب صورة الجسم=(134,1) +(-0,59) التعاطف مع الذات، واضطراب صورة الجسم =(116,9) + (-0,73) اليقظة العقلية.

ويتفق ذلك مع نتائج دراسات Allen (2020) بقدرة التعاطف مع الذات بالتنبؤ باضطراب صورة الجسم، Lavell etal.(2018) بقدرة اليقظة العقلية على التنبؤ بأعراض اضطراب صورة الجسم.

ويمكن تفسير ذلك بأنه كلما كان التعاطف مع الذات مرتفعًا كلما قلت أعراض اضطراب صورة الجسم عمومًا وبصفة خاصة في مرحلة الرشد المبكر كما تشير إلى ذلك دراسة Leviani & Tiatri (2022)، حيث يساعد التعاطف مع الذات على تقليل نظرة الفرد عن نفسه بشكل سلبي، وهو مصدر من مصادر القوة، والتعامل الإيجابي، والمرونة؛ لذلك فهي مصدر مهم لتحقيق الصحة النفسية، ويُحسن من أداء الفرد وبصفة خاصة الطلاب، ويخفض من قلق الأداء، ويسمح بالتعلم من الأخطاء والعيوب، وإمكانية النمو من خلالها، والتعامل مع نفسه بدفء ورعاية واهتمام، واعتبار نفسه بأنه صديق جيد للتعامل مع التحديات، والاضطرابات، والظروف الصعبة، والمحن، وتجعل الفرد أقل خوفًا، وأقل وحدة، وأكثر رضا عن حياته، ويقلل الضغوط الأكاديمية، والأسرية، والمهنية، وتقليل الاحتراق النفسي لدى الطلاب المعلمين، وإحداث علاقات وظيفية إيجابية وصحية؛ بما يعزز انخراطهم واندماجهم في الكلية أو المنزل أو العمل، ويدفع ويحفز على الالتزام بالمواجهة، ويرفع من مستويات اليقظة العقلية، ويُحسن الهناء النفسي، والمرونة الانفعالية والصحة الجسمية(Neff,2015).

أما بالنسبة لقدرة اليقظة العقلية على التنبؤ باضطراب صورة الجسم، حيث تعمل اليقظة العقلية كقوة إيجابية وسمة إيجابية على زيادة الانتباه الكامل للخبرات التي تحدث في اللحظة الراهنة؛ حيث تشمل السلوكيات التي يفعلها الفرد ليكون يقظاً، وهي ملاحظة هذه الخبرات، ووصفها، والتصرف وأداء الأشياء بوعي وتركيز، والطرق التي يفعل بها ذلك ومنها عدم إصدار الأحكام على هذه الخبرات، وعدم التفاعل معها؛ الأمر الذي يُقلل ويخفِض من أعراض اضطراب صورة الجسم، ويُحسِن من الصحة النفسية، ويزود من التواصل، وزيادة التعاطف والنمو الانفعالي، وتعزيز التعلم والأداء(فاطمة محمد علي عمران، 2022، 9-11).

عاشرًا: توصيات البحث:

وفقاً لنتائج البحث يمكن صياغة التوصيات التالية:

1-   دراسة العلاقة بين متغيرات التعاطف مع الذات واليقظة العقلية واضطراب صورة الجسم لدى عينات أخرى مثل الموهوبين، أو ذوي اضطراب التوحد، أو صعوبات التعلم، أو عينات كلينيكية من المرضى، ... إلخ.

2-   دراسة العلاقة بين اضطراب صورة الجسم والتعاطف مع الذات واليقظة العقلية بمتغيرات إيجابية أخرى مثل المرونة، والرضا عن الحياة، وفاعلية الذات، ... إلخ.

3-   إجراء دراسات مستقبلية تتعلق باستخدام تدخلات إرشادية وعلاجية إيجابية قائمة على التعاطف مع الذات واليقظة العقلية مع اضطراب صورة الجسم.

قائمة المراجع :

أنور الخرينج ، هند المعصب (2011) . صورة الجسم وعلاقتها بالثقة بالنفس على عينة من طالبات جامعة الكويت . حوليات آداب عين شمس ، 39 ، 99-116 .

أنور أمين الخولي (1996). الرياضة والمجتمع. المجلس الوطني الثقافي للآداب والفنون، سلسلة عالم المعرفة.

جيهان عثمان محمود (2015).صورة الجسم المدركة وعلاقتها بكل من اضطراب الأكل والصلابة النفسية لدى طلاب كلية التربية، مجلة دراسات تربوية واجتماعية، 21 (4)، 257- 312.

حسين على فايد (2004). الرهاب الاجتماعي وعلاقته بكل من صورة الجسم ومفهوم الذات لدى طالبات الجامعة، مجلة الإرشاد النفسي،18، 1- 40.

عبد الرقيب البحيري، فتحي الضبع، أحمد علي، عائدة العواملة. (2014). الصورة العربية لمقياس العوامل الخمسة لليقظة العقلية: دراسة ميدانية على عينة من طلاب الجامعة في ضوء أثر متغير الثقافة والنوع، مجلة الإرشاد النفسي، 39، 120- 140.

فاطمة محمد علي عمران (2022). الخصائص السيكومترية لاستبيان العوامل الخمسة لليقظة العقلية- النسخة المختصرة المكون من 15 عبارة في البيئة العربية . كلية التربية، جامعة أسيوط.

فاطمة محمد علي عمران(2022). النموذج البنائي للعلاقات بين اضطراب نقص الانتباه مفرط الحركة واليقظة العقلية والألكسيثميا لدى الراشدين. المجلة العلمية لكلية التربية بأسيوط، 38(8)، 1-85.

فتحي عبدالرحمن الضبع (2018). التعاطف مع الذات كمدخل لخفض الشعور بالخزي الأكاديمي لدى طلاب الجامعة . مجلة كلية التربية ، 34(3) ، 568- 639.

فتحي عبد الرحمن الضبع (2013). التعاطف مع الذات كمنبىء بأسلوب الحياة الصحي لدى عينة من طلاب الجامعة. المجلة العلمية لكلية التربية، 11، 473- 537.

لينه لافى المطيرى ، ياسر خلف الذبياني(2020). اضطراب صورة الجسم وعلاقتة بالعزلة الاجتماعية لدى عينة من الشباب ذو الوزن الزائد .المجلة العربية للآداب والدراسات الإنسانية ، 4(14)، 261- 274 .

نجوى إبراهيم الشناوي (2019). الشفقة مع الذات كمنبيء بالرضا عن صورة الجسم والقلق والاكتئاب لدى عينة من طالبات الجامعة . المجلة المصرية لعلم النفس الإكلينيكي والإرشادي ، 7(1)، ص 1- 29 .

نسرين السيد حسن عبدالله (2020). القدرة التنبؤية لليقظة العقلية بالتنظيم الانفعالي لدى طلاب الجامعة: دراسة سيكومترية – كلينيكية. مجلة كلية التربية، 31(123)، 142- 244.

هبة محمد خطاب خطاب (2014). صورة الجسم وعلاقتها ببعض المتغيرات النفسية والاجتماعية لدى عينة من النساء البدينات في قطاع غزة. رسالة ماجستير، كلية التربية، الجامعة الإسلامية بغزة.

هدى جمال محمد السيد (2018). اليقظة العقلية وعلاقتها بالرضا عن الحياة لدى عينة من المراهقين من الجنسين. المجلة المصرية للدراسات النفسية، 28(4)، 883- 945.

 

Alam, M. M., Basak, N., Shahjalal. M., Nabi, M. H., Samad, N., Mishu, S. M., &…..Hawlader, M. D.(2022). Body dysmorphic disorder (BDD) symptomatology among undergraduate university students of Bangladesh. Journal of Affective Disorders, 314(1), 333- 340.

Albertson, E.R., Neff, K.D. & Dill-Shackleford, K.E.(2015)  Self-Compassion and Body Dissatisfaction in Women: A Randomized Controlled Trial of a Brief Meditation Intervention. Mindfulness 6, 444-454 .

Albrecht, N. J., Albrecht, P. M., & Cohen, M. (2012). Mindfully teaching in the classroom: a literature review. Australian Journal of Teacher Education, 37(12), 1-14.

Allen, L. M., Roberts, C., Zimmer-Gembeck, M. J., & Farrell, L. J. (2020). Exploring the relationship between self-compassion and body dysmorphic symptoms in adolescents. Journal of Obsessive-Compulsive and Related Disorders, 25, 100535.‏

Alomari, A. A. & Makhdoom, Y. M.(2019). Magnitude and determinants of body dysmorphic disorder among female students in Saudi public secondary schools. Journal of Taibah University Medical Sciences, 14(5), 439-447.

American psychiatric Association (1994). Diagnostic and statistical manual of mental disorders (4 th ed .) .American psychiatric Association.

Baer, R. A., Smith, G. T., Lykins, E., Button, D., Krietemeyer, J., Sauer, S., Walsh, E., Duggan, D. & Williams, J. M. G. (2008). Construct validity of the Five Facet Mindfulness Questionnaire in meditating and nonmeditating samples. Assessment, 15, 329–342.

Creswell, D. (2016). Mindfulness intervention. Annual Reviews of Psychology, 68 (6), 11-24.

Foroughi, A., Khanjani, S., & Asl, E. M. (2019). Relationship of concern about body dysmorphia with external shame, perfectionism, and negative affect: The mediating role of self-compassion. Iranian Journal of Psychiatry and Behavioral Sciences, 13(2)., 1-7.

Ghabel, Z., Shafiee Tabar, M., & Bahrami, A. (2023). Self-compassion and cognitive flexibility in people with body dysmorphic disorder syndrome. Shenakht Journal of Psychology and Psychiatry, 10(2), 56-60.‏

Grow, J., Collins, s., Harrop, E.& Marlatt, G. (2015). Enactment of home practice following mindfulness-based relapse prevention and its association with substance-use outcomes. Addictive Behaviors, 40(1), 16-20.

Gu, J., Strauss, C., Crane, C., Barnhofer, T., Karl, A., Cavanagh, K. …etal. (2016). Examining the factor structure of the 39-item and 15-item versions of the Five-Facet Mindfulness Questionnaire before and after Mindfulness-Based Cognitive Therapy for people with recurrent depression. Psychological Assessment, 28(7), 791-802.

Hassed, C. (2016). Mindful Learning: Why attention matters in education. International Journal of school &Educational Psychology. 4(1), p 52-60.

 

Jamshidi, G., Shokouhi Amirabadi, L., & Ghasemi, M. (2023). The Structural Relationship Between Body Dysmorphic Disorder and Satisfaction of Basic Psychological Needs: The Mediating Role of Body Image and Mindfulness. Razavi International Journal of Medicine, 11(4), 57-64.‏

Lau, MA,.  (2006).The Toronto mindfulness Scales: Development and validation. Journal of clinical Psychology. 62(12),1445-1467.

Lavell, C. H., Webb, H. J., Zimmer-Gembeck, M. J., & Farrell, L. J. (2018). A prospective study of adolescents’ body dysmorphic symptoms: Peer victimization and the direct and protective roles of emotion regulation and mindfulness. Body image, 24, 17-25.‏

Leviani, F., & Tiatri, S. (2022). Relationship between Self-Compassion and Body Dismorphic Symptoms in Early Adulthood. In 3rd Tarumanagara International Conference on the Applications of Social Sciences and Humanities (TICASH 2021) (pp. 1382-1386). Atlantis Press.‏

Makadi, E., & Koszycki, D. (2020). Exploring connections between self-compassion, mindfulness, and social anxiety. Mindfulness, 11, 480-492.‏

Neff, K., & Germer, C. (2013). A pilot study and randomized controlled trial of the mindful self-compassion program. Journal of Clinical Psychology, 69(1), 28-44.

Neff, K. (2003). Self-compassion: An alternative conceptualization of a healthy attitude toward oneself . Self and Identity. 2, 85- 101.

Neff, K. (2011). Self- Compassion, Self- Esteem, and Well- Being. Social and Personality Psychology Compass, 5(1), p. 1- 12.

Neff, K. (2015). Self- Compassion: the proven power of being kind of yourself.  William Morrow.

Neff, K., Whittaker, T., & Karl, A. (2017). Examining the factor structure of the self-compassion scale in four distinct populations. Journal of Personality Assessment, 99(6), 596- 607.

Pérez-Aranda, A., García-Campayo, J., Gude, F., Luciano, J. V., Feliu-Soler, A., González-Quintela, A., ... & Montero-Marin, J. (2021). Impact of mindfulness and self-compassion on anxiety and depression: The mediating role of resilience. International Journal of Clinical and Health Psychology, 21(2), 100229.‏

Phillips, K. A.& Susser, L. C.(2023). Body Dysmorphic Disorder in Women. Psychiatric Clinics of North America. Vol. 46, (3), PP: 505- 525.

Phillips, K. A.& Susser, L. C.(2023). Body Dysmorphic Disorder in Women. Psychiatric Clinics of North America., 46 (3), 505- 525.

Pidgeon, A. M., & Appleby, L. (2014). Investigating the role of dispositional mindfulness as a protective factor or boy image dissatisfaction among women. Current Research in Psychology, 5(2), 96- 103.

Prowse, E; Bore, M; Dyer, S (2013). Eating Disorder Symptomatology, Body Image, and Mindfulness: Findings in a Non-Clinical Sample. Clinical Psychologist, 17(2), 77-87.

Turk, F., & Waller, G.(2020): Is self-compassion relevant to the pathology and treatment of eating and body image concerns ? A systematic review and meta-analysis. Clinical Psychology Review ,79,101856, 1-51.

Walsh K., Saab B.& Farb N.(2019).Effects of a Mindfulness Meditation App on Subjective Well-Being: Active Randomized Controlled Trial and Experience Sampling Study ,JMIR Mental Health, 6(1), 1-24.

Witkiewitz, K., Bowen, S., Douglas, H.& Hsu, S. (2012). Mindfulness-based relapse prevention for substance craving. Addict Behav. 38(2), 1563-1571.

Article View: 260

PDF Download: 164