دور إدارة المعرفة في تحسين الثقافة التنظيمية داخل المنظمات العامة دراسة تطبيقية على الشرکة القابضة لإنتاج وتوزيع الکهرباء والطاقة

التوصیات

فی ضوء النتائج السابقة وتساؤلات وأهداف الدراسة توصی الدراسة بما یلی:

- تأسیس إدارة مستقلة فی الشرکة محل الدراسة تحت إسم ( إدارة المعرفة ) تظهر فی الهیکل التنظیمی وتحدد مهماتها بإنشاء المعرفة وامتلاکها والمشارکة والإنتفاع والتقییم.

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بنظم اکتساب المعرفة المطبقة وذلک للعمل على تجمیع المعارف الجدیدة وإکساب العاملین تلک المعارف , وإعلام العاملین بالمستجدات الجدیدة فی مجال المعرفة ووضع المیزانیة المناسبة لدعم مشاریع إدارة المعرفة داخل المستویات الإداریة المختلفة

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بنظم إدارة المعرفة وذلک لتخزین المعرفة على الأجهزة والحواسب الإلکترونیة والعمل على معالجة المعارف المجمعة فی قاعدة البیانات الموجودة داخل الشرکة.

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بنظم تطبیق المعرفة وذلک لتسهیل استخراج تفاصیل الاتصال بالموظفین داخل الشرکة والاعتماد على نظم معلومات وبرامج متنوعة فی تنظیم العمل داخل الشرکة وفی عملیة اتخاذ القرار.

- تعزیز اهتمام الشرکة محل الدراسة بنظم توزیع المعرفة وذلک لتبادل المعارف بین العاملین داخل الشرکة مما یسهل فی عملیة نقل الخبرات وتبادلها.

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بتنظیم المعرفة وتقییمها وذلک لتصنیف البییانات والمعلومات المتوفرة وتخزینها والعمل على وجود نظام دائم لصیانة موجودات المعرفة داخل الشرکة والمحافظة علیها.

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بالقیم التنظیمیة وذلک لتشجیع العاملین على التفکیر فی أفکار جدیدة والتقدم بها للإدارة ودعم بیئة العمل الإلکترونیة مما یسهل من العملیة الإداریة فی شتى المستویات الإداریة داخل الشرکة

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بالمعتقدات التنظیمیة. وذلک للحد من المشاکل والتحدیات التی تواجه الشرکة والعمل على إکساب الموظف المهارات والقدرات اللازمة والعمل على ربط الحوافز والمزایا المطبقة على أساس ما یتعلمه الموظف من مهارات تقنیة وتکنولوجیة

- زیادة اهتمام الشرکة محل الدراسة بالأعراف التنظیمیة وذلک لسهولة الانتقال من الأعمال التقلیدیة إلى الأعمال الإلکترونیة والتزام العاملین داخل الشرکة بمعاییر تشجع على التحدی والمخاطرة والعمل على تبسیط الإجراءات المتعلقة بالعمل الإداری.

- تعزیزل اهتمام الشرکة محل الدراسة بالتوقعات التنظیمیة وذلک لتشجیع دائرة المشارکة فی عملیة  اتخاذ القرارات ودعم التوجه نحو الإدارة الإلکترونیة لتدعیم محاور إدارة المعرفة.

المقدمة

قد شکل الاهتمام بموضوع إدارة المعرفة نقلة نوعیة فی اهتمام الباحثین والدارسین لموضوع المعرفة برمته حیث أن التطرق إلى هذا الموضوع لم یعد بشکل فلسفی ونظری صرف , بل تخطى هذه المرحلة للانتقال إلى الطابع العملی وهو ما جعل بیتر درکر یرى بأن إدارة المعرفة نقلت الاهتمام بالمعرفة من خانة الترف الفکری إلى میدان الممارسة والتطبیق من خلال مجموعة الإجراءات والأسالیب التی تقوم علیها والتی تکتسی طابعاً عملیاً یهدف إلى تحقیق الفعالیة وزیادة الأداء فی التنظیمات المختلفة التی تعیش الیوم فی بیئة تتسم بالتغیر الدائم مما یلزمها من مواکبة هذا التغیر بغیة الحفاظ على هویتها وعلى وجودها ککیان.

وأوضح بیتر درکر أن الفرق بین الدول المتقدمة والدول المتخلفة هو وجود إدارة متطورة فی الأولى وإدارة سیئة فی الثانیة , مما یعکس مکانة وأهمیة الثقافة التنظیمیة والقیم , وتتصف ثقافة المنظمة بالتغییر والدینامیکیة حیث تتطور وتتغیر استجابة للمتغیرات التی تحدث فی البیئة الخارجیة للمنظمة أو فی بیئة المنظمة الداخلیة أو فی ترکیبة وخصائص أعضائها , فهی تعبر عن هویة وروح التنظیم بما یتضمنه من اعتقادات وتوقعات وانتظارات وقیم یشترک فیها أعضاء المنظمة , ( العمیان , 2005: 312 ).

ولعل هذا ما دفع بالکثیر من منظمات الأعمال هذه الأیام إلى تحویل ترکیزها من الأصول المادیة والرأسمالیة إلى أصول المعرفة ورأس المال الفکری ومن ترکیزها على العمال الیدوین إلى صناع المعرفة مما یساهم فی تحقیق المیزة التنافسیة المستدامة ومواکبة  متطلبات البیئة الاقتصادیة وزیادة عوائد المنظمة ورضا العاملین وولائهم.

ویتطلب تطبیق إدارة المعرفة فی المنظمات العامة أن تکون القیم والثقافة التنظیمیة السائدة فیها ملائمة ومتوافقة مع مبدأ الاستمرار فی التعلم والمعرفة , وأن تکون الثقافة التنظیمیة مشجعة لروح الفریق فی العمل , وبذلک تمثل هذه الثقافة عوامل إیجابیة لإدارة المعرفة فی المنظمات العامة , کما توجد عوامل تؤثر سلباً فی تبنی المنظمات العامة لإدارة المعرفة , ولذلک ینبغی التخلص منها أولاً , قبل محاول إدخال هذا المفهوم فی تلک المنظمات.

ولنجاح ممارسة إدارة المعرفة یرى کثیر من الباحثین ضرورة وجود ثقافة تنظیمیة توفر الظروف التی تساعد فی إیجاد وتخزین ونشر وتطبیق البیانات والمعلومات بصورة تضمن الوصول إلى الأهداف المرسومة بکل کفاءة وفعالیة , ومما یزید من أهمیة الثقافة التنظیمیة ما یعتبره الکثیر من الباحثین بأنها من المحددات الرئیسیة لنجاح المنظمات أو فشلها من خلال ترکیزها على القیم والمفاهیم التی تدفعها أعضائها إلى الالتزام والعمل الجاد والابتکار والتحدیث والمشارکة فی اتخاذ القرارات , والعمل للمحافظة على الجودة وتحسین الأداء والخدمة وتحقیق المیزة التنافسیة والاستجابة السریعة لاحتیاجات العملاء والأطراف ذوی العلاقة فی بیئة العمل.

لذلک فإن المنظمات تعطی اهتماماً بالغاً لبیئة العمل ولثقافة العامل لاقتناعها الراسخ بأن الفرد هو ثروتها الحقیقیة والمحدد الرئیسی للإنتاج ومن هنا جاء أهتمام المنظمات بالثقافة التنظیمیة بما تتضمنه من قیم وأخلاقیات واتجاهات وعادات وأفکار وسیاسات توجه سلوک الأفراد فی المنظمات التی یتعملون بها مما یؤثر فی فعالیتها وکفاءتها الإنتاجیة ( کمال , 2016 : 6 ).

وبناء على ما تقدم, اختار الباحث دراسة توضح دور إدارة المعرفة فی تحسین الثقافة التنظیمیة داخل المنظمات العامة بشکل عام والشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة بشکل خاص باعتبار أن الثقافة التنظیمیة تعتبر من العوامل الهامة والضروریة لنجاح واستمراریة المنظمات , بما فی ذلک تطبیق إدارة المعرفة والتی تعتبر موضوعاً ذو أهمیة کبیرة , ویحظى بأهمیة متزایدة فی بیئة القرن الحادی والعشرین کمصدر إستراتیجی لتحقیق المیزة التنافسیة المستدامة وممارسة عملیات التعلم والتطویر والإبداع المستمر.

مشکلة الدراسة

إن الاهتمام بالمعرفة فی العملیة الإداریة لیس جدیداً على الإطلاق لأن المعرفة ظلت متطلباً ینادی به الفلاسفة منذ القدیم حیث أن هناک من اشترط المعرفة فی من یتولى القیادة , کما أن النظریات الأولى فی التنظیم على غرار ما جاء مع حرکة الإدارة العلمیة التی رأت بوجوب أن تکون للعامل المعرفة الکافیة لما یطلب منه . ولکن هذا الطرح لا یعنی أن إدارة المعرفة قد کانت منذ تلک الفترة لأن الاهتمام بالموضوع لا یزال فنیاً وهو بحاجة إلى الکثیر من الدراسات خصوصاً على المستوى المحلی, ولذا یصبح من الضروری التفریق بین مصطلحین مهمین فی هذا الصدد وهما إدارة المعرفة والمصطلح الثانی هو الإدارة بالمعرفة.

من جهة أخرى تعبر ثقافة المنظمة عن نمط التصرفات العامة وقواعد السلوک التی یقتنع بها العاملون داخل المنظمة ویتبنونها فی تعاملاتهم , حیث تتضمن طقوساً وممارسات ترسخ مع الزمن لتشکل أسالیب التفکیر وطرق إنجاز العمل واتخاذ القرارات وغیرها , کما تعبر عن قیم الموظفین وسلوکیاتهم التی یلمسها المتعاملون مع المنظمة بشکل بین , لذا تبرز أهمیة ثقافة المنظمة من کونها تعطی المنظمة هویتها وشخصیتها کما ترسم قواعد السلوک المرغوب وتعزز الشعور بالولاء والانتماء وتتابع الأداء وتحاسب الانحرافات (الحلوانی , 2009 : 1 ).

ویتفق معظم الباحثین فی العلوم الإداریة على أن الثقافة التنظیمیة توفر إطار لأسلوب العمل فی المنظمات وتمیزها عن بعضها البعض , کما أکدت العدید من الدراسات والأدبیات أن للثقافة التنظیمیة دوراً فی التأثیر على أداء الأفراد کونها تعمل على توسیع آفق ومدارک الافراد والعاملین حول الأحداث التی تجری فی المنظمة وفی المحیط المجاور لها وکون الثقافة التنظیمیة تؤثر فی مختلف أبعاد المنظمة ومن أهم هذه الأبعاد إدارة المعرفة.

وتحتاج المنظمات إلى تحدید وتشکیل المعرفة الحالیة واکتساب معرفة جدیدة لاستخدامها فی المستقبل وتطویر أنظمة تمکن من استخدامها بشکل فعال وبکفاءة عالیة وبالتالی جاءةت هذه الدراسة لاختبار عملیات إدارة المعرفة (نظم اکتساب المعرفة - نظم إدارة المعرفة - نظم تطبیق المعرفة - نظم توزیع المعرفة - نظم تنظیم المعرفة وتقییمها) التی تؤثر فی اأبعاد الثقافة التنظیمیة المتمثلة فی (القیم التنظیمیة - المعتقدات التنظیمیة - الأعراف التنظیمیة - التوقعات التنظیمیة) داخل الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة محل الدراسة

وتؤکد بعض الدراسات أن الثقافة التنظیمیة تشکل عائقاً رئیساً أمام بناء إدارة المعرفة, ویعتقد البعض بأن الثقافة التنظیمیة السائدة لدى المنظمات العامة والخاصة فی الدول العربیة بشکل عام وفی مصر بشکل خاص تقف عائقاً لتطبیق إدارة المعرفة والتکنولوجیا, وهی مشکلة تستحق الدراسة والبحث, لذا على المنظمات تبنی ثقافة تنظیمیة تدعم وتساعد توظیف المعرفة , وتمکنها من تحقیق أهدافها وإرضاء مستفیدیها من خلال تقدیم خدمات ذات جودة عالیة وبتکلفة أقل.

ورغم أهمیة الثقافة التنظیمیة وأهمیة توافر ثقافة تنظیمیة معینة بالمنظمات العامة , حتى تعینها على تحقیق الأهداف المتوقعة منها, إلا أنه على صعید الوقت الراهن , ومن خلال استقراء عدد من البحوث والدراسات السابقة تبین للباحث وجود ضعف فی الثقافة التنظیمیة السائدة داخل الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة , وکان من أبرز مظاهر هذا الضعف ضعف تبنی الإدارة العلیا للشرکة القابضة محل الدراسة لبرامج وثقافة المشارکة المعرفیة وانخفاض مستوى هذه البرامج - إن وجدت - فی تشیجع الأفراد نحو التفکیر بمنهجیة تبادل المعرفة , ویرجع ذلک إلى غیاب الحوار بین قیادات التخطیط وقواعد التنفیذ , والقصور فی تعزیز الثقة بین العاملین أنفسهم من ناحیة وبینم وبین الإدارة من ناحیة أخرى, ومحدودیة الجهود المبذولة لتحقیق مرونة الأنظمة وبسساطة وسهولة الإجراءات بالإضافة إلى قصور اهتمام الشرکة القابضة محل الدراسة لرفع کفاءة العاملین وتحقیق رضائهم الوظیفی , والاستفادة المثلى من خبراتهم ومعارفهم.

ومن هنا فإن مشکلة هذه الدراسة تتمثل فی محاولة التعرف على " دور عملیات إدارة المعرفة فی تحسین محددات الثقافة التنظیمیة فی الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة " . وذلک من خلال محاولة الإجابة عن التساؤلات التالیة:

1 - ما هو واقع تطبیق عملیات إدارة المعرفة بمختلف أنواعها داخل الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة ؟

2 - ما هو مدى اهتمام الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة بدراسة محددات الثقافة التنظیمیة السائدة داخلها؟

3 - ما هو دور عملیات إدارة المعرفة فی تحسین محددات الثقافة التنظیمیة داخل الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة ؟

أهمیة الدراسة.

لقد أدى الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة إلى إلزامیة تغییر المنظمات للأسالیب الإداریة التی تعتمدها فی إدارة مختلف شئونها , فظهرت إدارة المعرفة کمفهوم إداری تحاول الشرکة اکتسابه لجمیع المعارف وإدارته وتطبیقه وتوزیعه وتقییمه والتکیف مع التغیرات السریعة فی میدان الأعمال , مما یؤدی إلى تحسین مستوى الثقافة التنظیمیة داخل الشرکة من خلال تحسین القیم والمعتقدات والأعراف والتوقعات التنظیمیة السائدة.

أهداف الدراسة.

یتمثل الهدف الرئیسی للدراسة فی التعرف على دور إدارة المعرفة بعملیاتها المختلفة المتمثلة فی( نظم اکتساب المعرفة - نظم إدارة المعرفة - نظم تطبیق المعرفة - نظم توزیع المعرفة - نظم تنظیم المعرفة وتقییمها ) فی تحسین وتطویر الثقافة التنظیمیة السائدة داخل المنظمات العامة بمحدداتها المختلفة والمتمثلة فی ( القیم التنظیمیة - المعتقدات التنظیمیة - الأعراف التنظیمیة - التوقعات التنظیمیة ).

وینبثق من الهدف الرئیسی للدراسة مجموعة من الأهداف الفرعیة والمتمثلة فی:

1 - التعرف على مدى اهتمام الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة لعملیات إدارة المعرفة المختلفة ( نظم اکتساب المعرفة - نظم إدارة المعرفة - نظم تطبیق المعرفة - نظم توزیع المعرفة - نظم تنظیم المعرفة وتقییمها ).

2 - التعرف على مدى اهتمام الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة بتحسین محددات الثقافة التنظیمیة المختلفة ( القیم التنظیمیة - المعتقدات التنظیمیة - الأعراف التنظیمیة - التوقعات التنظیمیة ).

3 - التعرف على دور عملیات إدارة المعرفة فی تحسین مستوى الثقافة التنظیمیة داخل الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة.

4 - تقدیم مجموعة من التوصیات التی تعزز من دور عملیات إدارة المعرفة فی تحسین مستوى الثقافة التنظیمیة داخل الشرکة القابضة لإنتاج وتوزیع الکهرباء والطاقة.