الحلف من منظور إسلامي: تأصيل المفهوم وبناء النموذج | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مجلة کلية الاقتصاد والعلوم السياسية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Article 5, Volume 20, Issue 2 - Serial Number 79, April 2019, Page 161-208 PDF (1.83 MB) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Document Type: المقالة الأصلية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
DOI: 10.21608/jpsa.2019.87154 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
View on SCiNiTO | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Author | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بشير أبـو القـرايـا | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
جامعة زايد، کلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، أبو ظبي، الإمارات العربية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Abstract | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تتناول هذه الدراسة التنظيرية مفهوم الحلف من منظور إسلامي بدءاً من تأصيله من الرؤية الإسلامية وصولاً إلى طرح تعريف له حددت الدراسة أبعاده الرئيسة. غير أن الجهد الأکبر يتمثل في بناء نموذج نظري يستخدم کأداة تحليل علمية لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامي من قبل الباحثين، وبناء معيار لضبط الحرکة على مستوى الممارسة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Highlights | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تتناول هذه الدراسة التنظیریة مفهوم الحلف من منظور إسلامی بدءاً من تأصیله من الرؤیة الإسلامیة وصولاً إلى طرح تعریف له حددت الدراسة أبعاده الرئیسة. غیر أن الجهد الأکبر یتمثل فی بناء نموذج نظری یستخدم کأداة تحلیل علمیة لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی من قبل الباحثین، وبناء معیار لضبط الحرکة على مستوى الممارسة.
الأحلاف، التحالفات، نظریة سیاسیة، نظریات سیاسیة دولیة، الرؤیة الإسلامیة، تأصیل المفاهیم، النماذج النظریة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Keywords | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الأحلاف; التحالفات; نظرية سياسية; نظريات سياسية دولية; الرؤية الإسلامية; تأصيل المفاهيم; النماذج النظرية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Full Text | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الحلف من منظور إسلامی: تأصیل المفهوم وبناء النموذج
مُستخلص:
تتناول هذه الدراسة التنظیریة مفهوم الحلف من منظور إسلامی بدءاً من تأصیله من الرؤیة الإسلامیة وصولاً إلى طرح تعریف له حددت الدراسة أبعاده الرئیسة. غیر أن الجهد الأکبر یتمثل فی بناء نموذج نظری یستخدم کأداة تحلیل علمیة لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی من قبل الباحثین، وبناء معیار لضبط الحرکة على مستوى الممارسة.
کلمات مفتاحیة: الأحلاف، التحالفات، نظریة سیاسیة، نظریات سیاسیة دولیة، الرؤیة الإسلامیة، تأصیل المفاهیم، النماذج النظریة.
مقدمـــة: تتناول هذه الدراسة النظریة مفهوم الحلف من منظور إسلامی من منطلق المقارنة بین الخبرة التاریخیة والواقع المعاصر. ورغم أن "التحالف الإسلامی العسکری لمحاربة الإرهاب"[1] الذی أعلنت السعودیة عن تأسیسه فی 15 دیسمبر 2015 مثل دافعاً أساسیاً للشروع فی دراسة هذا المفهوم وتناول ظاهرة الحلف على مستوى الواقع والتصدی لها بالتحلیل والتقییم، إلا أن هذا التحالف الذی جرى تشکیله فی عهد الملک سلمان لیس موضوع هذه الدراسة، ولا الحلف الإسلامی الذی أنشأه الملک سعود بالتنسیق مع الرئیس الأمریکی إیزنهاور للتدخل فی سوریا، ولا حتى الحلف الإسلامی الذی أنشأه الملک فیصل لمواجهة الشیوعیة وواجهته مصر فی عهد الرئیس عبد الناصر واعتبرته ضد المد الثوری فی الوطن العربی[2]، وإنما الموضوع هو تقدیم دراسة نظریة للمفهوم فی المقام الأول، وللظاهرة فی المقام الثانی حیث سیجری استدعاؤها من الواقع التاریخی والمعاصر بهدف التنظیر السیاسی، وبناء نموذج نظری لدراسة واقع الأحلاف والتحالفات وإخضاع الأحلاف المذکورة وغیرها للتقییم من قبل الباحثین ورجال الممارسة السیاسیة. ومن أمثلة التحالفات الأخرى المستهدفة للتقییم: معاهد الدفاع العربی المشترک 1950[3]، اتفاقیة الدفاع المشترک لدول مجلس التعاون الخلیجی 1982[4]، واتفاقیة الدفاع الخلیجی المشترکة 2000[5]، ومنها تلک الجاریة الآن على صعید المنطقة منذ عدة سنوات، وفی طلیعتها التحالفات الدولیة (بقیادة الولایات المتحدة) ضد العراق فی عهد صدام وضد تنظیم القاعدة بعد أحداث سبتمبر وضد تنظیم داعش[6]، ومن أمثلتها أیضاً التحالف العربی لمواجهة الحوثیین فی الیمن[7]، واتفاقیة الدفاع المشترک بین قطر وترکیا، وغیرها من أشکال الأحلاف والتحالفات فی العالم العربی الإسلامی. ولکن لیس معنى ذلک أن الدراسة ستتولى تقییم الأحلاف والتحالفات المذکورة، وإنما یُترک ذلک للباحثین للقیام بدراسات متعمقة من خلال تطبیقهم لمنهج دراسة الحالة. وتقوم الدراسة بتأصیل مفهوم الحلف من الرؤیة الإسلامیة، فتهتم بما جاء فی اللغة العربیة والقرآن الکریم والسنة النبویة والفقه الإسلامی، سعیاً لاستکشاف الدلالات السیاسیة للمفهوم واستدعاء الواقع التاریخی. والجدید فی هذه الدراسة هو الانطلاق من الواقع المعاصر لحالة أحلاف وتحالفات العالم العربی الإسلامی، بحثاً عن التأصیل من الرؤیة الإسلامیة سعیاً نحو بناء نموذج نظری ومعیاری لترشید الحرکة وبحثاً عن مخرج للوضع المتأزم الحالی. وتستعرض الدراسة فی هذه المقدمة أربع نقاط هی: إشکالیة الدراسة والتساؤلات البحثیة، الدراسات السابقة، الإطار النظری والمنهاجیة، وتقسیم الدراسة. أولاً- إشکالیة الدراسة والتساؤلات البحثیة: تترکز إشکالیة الدراسة فی بناء نموذج نظری معیاری وتنزیله على الواقع المعاصر من قبل الباحثین ورجال الممارسة السیاسیة. فهذا هو الباعث الذی یبرز أهمیة الدراسة فی المقام الأول. وبدایة الإشکالیة تتمثل فی أن ظاهرة الأحلاف التی شارکت فیها دول عربیة أو إسلامیة فی الواقع المعاصر یغلب علیها الانطباع السلبی. ویرجع ذلک لثلاثة أسباب: أولها الصورة السلبیةالتی شاعت عن الأحلاف من المنظور الشعبی ووفق تصورات بعض القوى السیاسیة والنخب الفکریة أو حتى وفقاً لرؤى بعض الأنظمة الحاکمة نفسها دون أخرى، وذلک بسبب ارتباطها بالقوى الاستعماریة أو القوى المهیمنة على العالم. فأغلب هذه الأحلاف أنشأتها القوى العظمى بشکل مباشر أو غیر مباشر ضماناً لمصالحها ومصالح حلفائها، دون مراعاة مصالح الدول العربیة والإسلامیة. بل إن البعض منها أسهم فی التفریق بین الدول الإسلامیة وزرع بذور الشقاق بین بعضها البعض؛ ومن التجارب التی تصلح کمثال فی هذا المقام تجربة حلف بغداد، وتجربة الحلف الإسلامی الذی أسس فی الستینیات من القرن الماضی وواجهته مصر، فهذه الأحلاف أدت إلى انقسام الدول العربیة إلى جبهتین: تقدمیة ورجعیة، کما یقول الناصریون. ویکمن السبب الثانی فی ضعف الدول الأعضاء التی أنشئ الحلف بمبادرة منها وبمحض إرادتها دون توجیه أو ضغط من القوى العظمى، مما أدى إلى ضعف الحلف نفسه وعدم تفعیله، کما هو الحال بالنسبة للحلف العربی المعروف بمعاهدة الدفاع المشترک والتعاون الاقتصادی بین دول الجامعة العربیة (1950)[8]. فإنّه رغم استمرار المعاهدة حتى الآن، إلا أنها بقیت حبراً على ورق، واقتصر دورها على المظاهر الاحتفالیة إذا ما ألمت لائمة بدولة عربیة. أما السبب الثالث، فیعود إلى الخلافات الأیدیولوجیة بین الأنظمة الحاکمة. لذلک فإن ظاهرة الأحلاف فی العالم الإسلامی تمثل إشکالیة وتثیر التساؤلات والتحفظات رسمیًا وشعبیًا وعلى مستوى القوى السیاسیة. لکن ذلک لا یعنی أن ظاهرة الأحلاف، عسکریة أو سیاسیة، هی ظاهرة سلبیة فی العلاقات الدولیة، ولا حتى على مستوى العالم العربی الإسلامی منذ ظهور الإسلام وحتى وقتنا هذا، وإنما وفقاً لأساس بنائها یمکن أن تحقق مصالح الدول الأعضاء، ویمکن ألا تحقق فتکون سبیلاً لتفریقهم بدلاً من توحیدهم وتحقیق أمنهم. من أجل ذلک، ترى هذه الدراسة ضرورة القیام بجهود تنظیریة لحل هذه الإشکالیة عن طریق بناء نموذج نظری یستخدم کأداة تحلیل لدراسة الظاهرة فی الواقع المعاصر، وعن طریق بناء معیار لتقییم الحلف وضبط حرکته على مستوى الممارسة السیاسیة. ولذلک جاءت الدراسة مجردة من المجالین الزمانی والمکانی، شأنها شأن تلک الدراسات النظریة التی تنزع إلى ذلک حتى تتوفر لها حریة الحرکة فی التنظیر. ففی الدراسة التنظیریة لیس بالضرورة الالتزام بعاملی الزمان والمکان، من منطلق أن ذلک سیقید القدرة على بناء النموذج النظری. أما فیما یخص أهمیة تطبیق النموذج على حالة واقعیة، فهو أمر لا یتسع المجال له فی هذه الدراسة، وإنما بحاجة إلى دراسة مستقلة. وتطلق التساؤلات البحثیة التی تفرضها هذه الإشکالیة، من أهمیة الموضوع وأهدافه، حیث إن البحث یستمد أهمیته فی مفهوم الحلف فی الرؤیة الإسلامیة من جانبین: الأول یتعلق بالأهمیة العلمیة، وتتمثل فی بناء نموذج نظری لدراسة ظاهرة الأحلاف فی العالمین العربی والإسلامی من منظور الرؤیة الإسلامیة، وذلک من خلال اقتراح نموذج نظری لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی یحدد ماهیته وأهدافه والمهام والإنجازات المرجوة منه، ویوضح الأسباب والمبررات التی أنشئ من أجلها، ویعرض المشکلات التی تواجهه، ویتطرق إلى الأطراف الأخرى التی تسعى للسیطرة على الحلف من أجل استخدامه کأداة لتحقیق مصالحها دون الاکتراث بمصالح الدول الأعضاء فیه، ویرکز على الأعداء الذین یتربصون به بهدف إضعافه أو إفشاله. أما الجانب الثانی، فإنه یتعلق بالأهمیة العملیة الواقعیة للموضوع، حیث تتوجه الدراسة للباحثین وصناع القرار بتقدیم حلول لمواجهة المشکلات المرتبطة بالنشأة غیر الطبیعیة لظاهرة الأحلاف فی العالمین العربی والإسلامی، تتجلى هذه الحلول فی بناء نموذج نظری لتقییم الواقع أو لإنشاء أحلاف جدیدة على أسس معیاریة سلیمة ومحددة مسبقاً. وعلیه تمیز الدراسة بین تساؤلات نظریة ترکز على تأصیل المفهوم وصیاغة النموذج النظری المعیاری، وأخرى تطبیقیة تنصب على فقه الواقع المعاصر ومواجهة أزماته. فعلى مستوى التأصیل وصیاغة النموذج، تطرح الدراسة التساؤلات التالیة: کیف یمکن تأصیل المفهوم من الرؤیة الإسلامیة؟ وما هی الآلیة المتبعة فی ذلک؟ وعلى ماذا یتم الترکیز؟ هل الرؤیة الإسلامیة تقتصر على مکونی الوحی قرآناً وسنة فقط؟ أم أن اللغة کأداة للبیان أمر مهم أیضاً؟ وماذا عن الفقه الإسلامی وتنزیل الأحکام على الواقع؟ وماذا عن الفکر الإسلامی وجهود علماء السیاسة المسلمین القدامى فی نطاق هذا المفهوم، وخاصة على مستوى السیاسة الشرعیة؟ من جهة أخرى کیف یمکن صیاغة نموذج نظری للباحثین یمکن تطبیقه على واقع الأحلاف المعاصر یأخذ فی الاعتبار مقومات الرؤیة الإسلامیة التی سیتم تأصیلها فی المفهوم؟ وهل التوجه للباحثین فقط من النموذج النظری المقترح یکفی لمواجهة سلبیات الظاهرة، أم أن التوجه مباشرة لصناع القرار ورجال الممارسة السیاسیة أمر لا بد منه؟ هل بناء معیار لضبط الحرکة فی الواقع السیاسی لتجربة الأحلاف یمکن أن یکون عاملاً مساعداً لتحقیق ذلک شریطة أن یکون هذا المعیار امتداداً للنموذج النظری ولا یتعارض معه؟ هل یمکن لکل ذلک أن یکون وسیلة ناجحة للتحقق من شرعیة ومشروعیة الأحلاف والتحالفات، وفعالیتها، وفهم أنماطها من حیث الأطراف والمحتوى والغایة؟ من حیث شروط العلاقة بین المسلمین وغیر المسلمین؟ ومن حیث المحتوى والغایة من نشأتها؟ أما على مستوى الواقع، فهناک تساؤل حول کیفیة دخول الأنظمة الحاکمة فی الدول الإسلامیة، وبشکل خاص الدول العربیة، فی أحلاف تحظى برعایة القوة العظمى بحیث تنشأ بمبادرة مباشرة أو غیر مباشرة من القوة العظمى لتحقیق مصالحها ومصالح الدول الکبرى ومصالح حلفائها الاستراتیجیین؟ والتساؤل هنا حول مدى تحقیق الدخول فی مثل هذه الأحلاف لمصالح الأنظمة العربیة والإسلامیة أو مصالح دولها وشعوبها. هل یمکن أن تتفق مصالح هذه الأنظمة مع مصالح القوة العظمى؟ أم أن هذه الأنظمة تدخل مجبرة فی هذه التحالفات کی تأمن شر القوة العظمى؟ وهل ضعف هذه الأنظمة وعدم اتحادها هو السبب الذی یدفعها إلى ذلک بهدف الحفاظ على استمراریتها أو بقاء زعمائها فی السلطة؟ هل تختلف مصالح الأنظمة عن مصالح الدول والشعوب؟ أم أنها متطابقة أحیاناً ومتناقضة أحیاناً أخرى، وفقاً لمدى دیمقراطیة النظام ومدى حریة الکلمة وحریة التعبیر عن الرأی؟ ما هو مفهوم الحلف الإسلامی وما هی مقوماته وخصائصه وشروطه التی بها تتحقق مصالح الأمة ومصالح الدول الأعضاء فیه وتزداد قوتهم فی مواجهة خصومهم؟ وما علاقة ذلک بالرؤیة الإسلامیة قرآناً وسنة ولغة وفکراً؟ وماذا نعنی بالحلف الإسلامی من الناحیة الواقعیة؟ وهل حلف بغداد أو معاهدة الدفاع المشترک بین الدولة العربیة تدخل فی السیاق أم لا؟ هل المقصود هنا أی حلف موجود فی إحدى دول العالمین العربی والإسلامی مهما کان توجهاته الفکریة والحرکیة؟ ویبقى التساؤل الرئیس بالنسبة للواقع: هل هناک أحلاف فی واقعنا المعاصر یمکن أن تنشأ بمبادرة خالصة من الدول الإسلامیة بمعزل عن هیمنة القوة العظمى، بحیث تتحقق فیه مصلحة الأمة والمصالح الوطنیة والقومیة للدول الإسلامیة، مع الأخذ فی الاعتبار عدم تعارض ذلک مع مصلحة القوة العظمى ومصالح القوى الکبرى؟ وما هی شروط ذلک؟ ثانیاً- الدراسات السابقة: هناک ثلاث ملاحظات تتعلق بالدراسات السابقة لظاهرة الحلف الإسلامی، الملاحظة الأولى: لیس کل الدراسات التی کتبت حول الموضوع هی لباحثین فی العلوم السیاسیة، وإنما هناک إسهامات لباحثین فی العلوم الإسلامیة. والملاحظة الثانیة: اهتمام باحثی العلوم الإسلامیة بتأصیل مفهوم الحلف الإسلامی من الرؤیة الإسلامیة لغة ووحیاً وفقهاً وخبرة، وغیاب ذلک عند باحثی العلوم السیاسیة. والملاحظة الثالثة: افتقار الدراسات السابقة بشکل عام للتنظیر السیاسی خاصة بناء نموذج نظری لدراسة الظاهرة، وتحدیداً فی حقل العلوم السیاسیة، وترکیز أغلبها على التصدی لدراسات الحالة بتحلیل ونقد تجارب الأحلاف أو التحالفات التی نشأت بالفعل. والملاحظة الرابعة: وجود محاولات للتنظیر الإسلامی من قبل بعض باحثی العلوم الإسلامیة. ویمکن تصنیف الدراسات السابقة لظاهرة الحلف الإسلامی فی الواقع المعاصر إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى الکتابات المؤیدة لتجربة الحلف، وهی کتابات تمیل إلى الدفاع عنه وإظهار محاسنه والتأکید على أهمیة نشوئه لما فیه صالح الدول الأعضاء، وهی کتابات مساندة لتوجهات النظام الحاکم الذی أنشأه، وتهتم بمبررات انضمام دولة من الدول لتحالف محدد ترى أن فیه تتحقق مصالحها الوطنیة، ومن أمثلة تلک الکتابات دراسة خیر سالم ذیابات عن مشارکة الأردن فی التحالف الدولی ضد تنظیم الدولة الإسلامیة وترکیزها على الدوافع التی قادت الأردن إلى الانضمام للتحالف[9]. والمجموعة الثانیة الکتابات المعارضة لتجربة الحلف، وهی کتابات تحرص على إظهار الحلف بصورة قاتمة السواد توجه خلالها النقد اللاذع لتجربته وتسعى جاهدة إلى إظهار مساوئه وتداعیات نشوئه السلبیة على الإقلیم، وهی مدفوعة بتوجهات أیدیولوجیة أو طائفیة مخالفة لمصالح الدولة التی بادرت بإنشائه أو الدول الأعضاء فیه، وربما مدفوعة بتوجهات قومیة. ومن أمثلة تلک الکتابات فی فترة الستینیات من القرن الماضی دراستان ذات نوازع قومیة ناصریة وجهتا نقداً لاذعاً لتجربة الحلف الإسلامی الذی أنشأه الملک فیصل: الأول دراسة جمال حمدان، "حول هذا الحلف الإسلامی"[10]، وقد تمحورت حول کیفیة اتخاذ الدین قناعاً للسیاسة وأن الإسلام لم یکن استثناءً لذلک وأن النظم التی دعت إلى هذا الحلف کانت دائماً فی حالة حمایة مستترة صامتة من قبل الاستعمار وأن زعامتها هی زعامة مصطنعة منه. أما الثانیة فهی دراسة عبد الجلیل حسن، "الحلف الإسلامی: الإیقاع الأخیر"[11]، وقد استخدم فی نقده اللاذع للحلف وللدول المنشئة له بمصطلحات اشتراکیة ناصریة، مثل تجمع الرجعیة وعواصم الرجعیة والرجعیة المتحالفة مع الاستعمار ومحاصرة المد الاشتراکی ورفع الدین سلاحاً ضد الاشتراکیة. ومن الکتابات ذات النوازع الطائفیة، دراسة یاسین مجید عن التحالف الإسلامی العسکری الذی أنشأته السعودیة فی دیسمبر 2015، وقد صب فیها جام غضبه على الحلف فی إطار ما أسماه الأخطاء القاتلة والأهداف الضائعة[12]، ومن الواضح أنه کسیاسی وأکادیمی عراقی یمثل أحد نماذج تلک الفئة المؤیدة للسیاسة الإیرانیة وتدخلاتها فی العراق والمنطقة العربیة. أما المجموعة الثالثة فإنها تتمثل فی الکتابات التی اهتمت بتأصیل الرؤیة الإسلامیة بنظرة مقارنة بین الخبرة والواقع. ومن أکثر الدراسات تمیزاً فی هذا المجال: دراسة محمد عزت صالح عنینی: "أحکام التحالف السیاسی فی الفقه الإسلامی"[13]، وقد غلب علیها الطابع التحلیلی والحرص على تناول الآراء الفقهیة مع المقارنة بین الخبرة والواقع، وهی دراسة مهمة یمکن الاستفادة منها فی بناء النموذج النظری لظاهرة الحلف الإسلامی. ومن الدراسات المماثلة أیضاً دراسة هشام محمد سعید آل برغش: "الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة والآثار المترتبة علیها: دراسة فقهیة مقارنة"[14]، ودراسة صهیب مصطفى آمیدی: "التحالفات السیاسیة فی العصر الحدیث من المنظور الإسلامی"[15]. وهناک أیضاً دراسة خالد راشد الجمیلی: "أحکام الأحلاف والمعاهدات فی الشریعة والقانون"[16]، وقد تعرضت لموضوع المعاهدات والأحلاف بصور مستفیضة من حیث تعریفها وشروطها وأحکامها وکیفیة إبرامها ونقضها عند مختلف المذاهب الإسلامیة مقارنة بالقانون. وهناک کذلک دراسة منیر الغضبان: "التحالف السیاسی فی الإسلام"[17]، وقد تناولت بعض النماذج من التحالفات فی العصر الإسلامی الأول محاولة إسقاطها على الواقع المعاصر وتوضیح الدروس المستفادة منها. وهناک دراسة رأفت منسی نصار: "الأحلاف فی ضوء السنة النبویة: دراسة موضوعیة"[18]. وتأتی دراسة محمد حمید الله: "الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة"[19]، کعمل وثائقی یتضمن النماذج العملیة للتحالفات والمعاهدات فی الإسلام، حیث جمع نصوص جمیع المعاهدات والتحالفات التی عقدت فی عهد الرسول والخلفاء الراشدین. ثالثاً- الإطار النظری والمنهاجیة: تنطلق الدراسة من منظور حضاری إسلامی برؤیة نظریة ومنهاجیة مقارنة[20]، الهدف منها القیام بمهمتین نظریتین: المهمة الأولى بناء نموذج نظری یستخدم کأداة تحلیل علمیة على المستوى الفکری من قبل الباحثین لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی فی العالمین العربی والإسلامی، والمهمة الثانیة بناء معیار[21] لتقییم وتقویم تجربة الحلف على مستوى الواقع من قبل رجال السیاسة والممارسة، لرؤیة مدى التزام الحلف بتحقیق المصلحة الإسلامیة، من منطلق أن المصلحة رکن أساسی فی فقه التحالف السیاسی، وحیث توجد المصلحة المشترکة یوجد التحالف. ومن ثم تعتمد الدراسة على مدخل المصلحة الإسلامیة[22] بما تتضمنه من تحقیق لمصلحة الشرع ومصلحة الأمة والدول المندرجة فی إطارها، عن طریق الحفاظ على الدین الإسلامی ونصرة الدول الإسلامیة، وتحقیق الأمن بأنواعه المختلفة ولیست فقط الأمن العسکری، وتحقیق الوحدة السیاسیة والاستقرار السیاسی بین الدول الإسلامیة وبعضها البعض ومواجهة کل عوامل الضعف والإضعاف. الأمر الذی یستدعی استنباط خصائص کل من النموذج والمعیار من الرؤیة الإسلامیة. وفی هذا الإطار من الأولى سبر غور مفهوم الحلف والغوص فی أعماقه والتعرف على المفاهیم المرتبطة به، وهو ما یدخلنا فی منظومة المفاهیم الإسلامیة وما یمکن أن نسمیه المنظومة القیمیة للحلف، ثم وفق المنظور المؤسسی یتم تناول ظاهرة الحلف على مستوى الواقع بالدراسة والتحلیل والتنظیر، بهدف بناء کل من النموذج والمعیار على مستوى الممارسة السیاسیة[23]. والحلف أحد مفاهیم العلاقات الدولیة وأداة مهمة من أدوات السیاسة الخارجیة والسیاسة العالمیة[24]، وتناوله هنا یأتی کذلک فی إطار النظریة السیاسیة. فالعلاقات البینیة بین حقول العلوم السیاسیة أمر لا یغفل عنه، ومنها العلاقة بین النظریة السیاسیة والعلاقات الدولیة فی إطار ما یسمى بالنظریات السیاسیة للعلاقات الدولیة[25]، فضلاً عن التنظیر السیاسی فی العلاقات الدولیة وموضوعاتها ومفاهیمها[26]. وهنا یتم استدعاء الممارسة والواقع وإعمال التصور العقلی من أجل التنظیر وبناء أدوات تحلیل ونماذج نظریة تمکن الباحثین من دراسة الظاهرة بأبعادها المختلفة وتحلیل وتفسیر ونقد الواقع وتطویره والارتقاء به نحو وضع أفضل تتحقق فیه المصالح القومیة للدول الأعضاء فی الحلف. لذلک فإن قضیة شائکة مثل ظاهرة الأحلاف سیاسیة کانت أو عسکریة هی بحاجة إلى جهد تنظیری لتقییم تجربة أی حلف على المستویین العربی والإسلامی. ویعتبر مفهوم الحلف "Alliance" المفهوم المرکزی للدراسة، یأتی مرتبطاً به مفهوم الحلف الإسلامی"Alliance Islamic" کمفهوم مرکب مضاف إلیه لفظة إسلامی، وامتداد له على نحو أکثر تخصیصاً، فی إشارة للتفاعل بین الظاهرتین السیاسیة والدینیة. ویرتبط مفهوم الحلف بمفاهیم أخرى یأتی فی طلیعتها مفهوم التحالف "Alignment"، وتطرح الدراسة مقترحاً تمیز فیه بین الحلف والتحالف، فرغم أوجه الشبه الکبیرة بینهما یمکن إیجاز الفروق فی أن التحالف رسمی لکنه شفهی غیر موثق، ویشمل مجموعة أطراف، ولا یتضمن إطاراً مؤسسیاً مخصوصاً به مثل الحلف. وهناک أیضاً الائتلاف "Coalition"، والتکتل "Bloc" والکتلة "Block" کمفاهیم متشابهة فی جوانب ومختلف فی جوانب أخرى. وهناک أیضاً مفهوم الأمن "Security" ومفهوم المصلحة "Interest" (فی إطارها الإسلامی) المعبران عن الوظیفتین الأساسیتین للحلف. ولا یقتصر مفهوم الحلف الإسلامی على دراسة الحلف الذی یحمل فی عنوانه لفظة "الإسلامی"، وإنما ینصب الاهتمام على دارسة الأحلاف المرتبطة بالدول الإسلامیة مجتمعة أو متفرقة، أو حتى تلک التی تدخل فی عضویتها دولة إسلامیة واحدة على الأقل. ومن ثم یدخل فی ذلک أیضاً کل أشکال التحالفات التی تکونت فی الدول العربیة لمواجهة الشیوعیة، أو لمواجهة الهیمنة الغربیة کالتحالفات القومیة والناصریة، فکلها ستخضع للمعیار المقترح. ویکمن الهدف هنا فی معرفة هل هذا الحلف أو ذاک هو حلف إسلامی بالمعنى الذی سیتم تأصیله فی هذا البحث أم لا؟ بعبارة أدق: رؤیة مدى تحقیق هذا الحلف للمصلحة الإسلامیة الشاملة للأمة، أو حتى تحقیق مصلحة الدولة الواحدة فقط ورؤیة ما إذا کان ذلک یتوافق أو یتعارض مع مصالح الدول الإسلامیة الأخرى، طالما أنه سیستخدم کمعیار لدراسة حالة أو تجربة وإخضاعها للتحلیل والنقد. وتبحث الدراسة علاقة الحلف کظاهرة سیاسیة بالإسلامی کظاهرة دینیة، صحیح أنها حقیقة أزلیة وفطرة الله فی خلقه، لکن المقصود عودة دور الدین من جدید على المستوى الإنسانی العام. وهنا فإن العلاقة بین الظاهرتین ذات نمط تفاعلی یتم فیه تبادل وظیفة المتغیر المستقل. فالظاهرة الدینیة متغیر مستقل بالنسبة للظاهرة السیاسیة والعکس صحیح. فالحلف فی قوته متغیر مستقل للإسلامی، والإسلامی فی قیمه متغیر مستقل للحلف لأن صفة الإسلامی وشروطها هی التی تحدد ماهیة الحلف وشروطه ووظائفه ومدى نجاحه أو فشله. ولأنّ المصلحة الإسلامیة ترتبط بالدین والأمن والوحدة، فسلوک التحالف متغیر مستقل وتحقیق المصلحة الإسلامیة متغیر تابع لمدى قوة الحلف، فعلى قدر قوة سلوک الحلف وفاعلیته بین الدول الأعضاء فی الحلف وبنائه على أسس سلیمة على قدر قوة تحقیق المصلحة الإسلامیة کهدف جوهری یرتبط بها مباشرة حفظ الدین وتحقیق الأمن وتحقیق وحدة الأمة ووحدة الدول الأعضاء فی مواجهة التهدیدات والمخاطر التی تتعرض لها، مثل محاولات التجزئة وإشعال الطائفیة واستنزاف القدرات فی الصراع على السلطة ومواجهة الخصوم فی الداخل. وهنا فإن مهمة الحلف لا تقتصر على الجانب العسکری وإنما تمتد إلى الجوانب السیاسیة والاقتصادیة، بل والفکریة والثقافیة أیضاً، أم ما یمکن تسمیته المصالح بوجه عام. وتعتمد الدراسة على المنهاجیة الإسلامیة بمنظوریها الأصولی والحضاری[27]، وهی منهاجیة لها خصائصها المتمیزة عن المنهاجیة الغربیة[28]، حیث تستند المنهاجیة الإسلامیة إلى التوحید کقیمة مطلقة وإلى العدالة کقیمة علیا والحریة والمساواة کقیمتین تابعتین[29]، وتعتمد على الوحی قرآناً وسنة واللغة کأداة للبیان والفقه الإسلامی والخبرة التاریخیة کمصادر أصیلة للتنظیر السیاسی الإسلامی. وعلیه، فإنّ عملیة تأصیل المفاهیم هی الأساس الذی تقوم علیه المنهاجیة الإسلامیة، حیث تتم فی إطار حلقات مترابطة بین النظام المعرفی والمنهاجیة الإسلامیة ومناهج التعامل مع مصادر التأسیس والمرجعیة (القرآن والسنة)، ومناهج التعامل مع التراث الإسلامی، فضلاً عن منهاجیة التعامل مع الواقع[30]. کما سیتم الاستفادة من التمازج بین المنظورین الأصولی والحضاری وأسلوب التحلیل المقارن فی إعمال التنظیر من خلال تأصیل مفهوم الحلف ودراسة دوره وشروط نجاحه استناداً إلى الخبرة الواقعیة، ثم استنباط النموذج فضلاً عن تقدیم مجموعة من المقترحات الإجرائیة لزیادة فاعلیة دور الحلف وذلک فی إطار معیار ضبط حرکته على مستوى الواقع[31]. وتعتمد الدراسة فی هذا الإطار على مدخل العلاقة بین الظاهرة السیاسیة والظاهرة الدینیة، من منطلق اعتبار الدین کمتغیر حاسم فی تشکیل السلوک السیاسی وکموجه کبیر للفرد فی تعامله مع السلطة، ثم تحوله إلى قوة دولیة غیر منحصرة فی نطاق التفاعل داخل النظام السیاسی[32]، ویتضح ذلک من مفهوم الحلف الإسلامی، فالحلف ظاهرة سیاسیة لها وزنها فی العلاقات بین الدول تصاعد دورها بشکل کبیر فی العلاقات الدولیة، أما صفة الإسلامی التی أضیفت له فإنها تمثل الظاهرة الدینیة باعتبارها محدداً جوهریاً لفلسفة نشوء الحلف وتعریفه وتحدید وظائفه وسبل فاعلیته. ولذلک، فإنّ مفهوم الحلف الإسلامی هو وحدة التحلیل الأساسیة لهذه الدراسة، وسیتم التعرف على ماهیته وأهدافه ومقوماته وخصائصه من خلال ثلاثة مستویات للتحلیل تمثل فی جوهرها مصادر التأصیل فی الرؤیة الإسلامیة[33]، أولها مستوى اللغة کأداة للبیان ووعاء للفکر والمحتوى الفکری للمفاهیم، وثانیها: مستوى الوحی قرآناً وسنة کمصدری تأسیس للتشریع الإسلامی وتنزیل الأحکام على الواقع، وهما یمثلان إطاراً مرجعیاً ومصدراً رئیساً للتنظیر السیاسی تستمد منه الظاهرة مشروعیتها حیث ورد مفهوم الحلف أو محتواه الفکری فی عدة آیات وأحادیث بمعان عدة ومسمیات مختلفة إضافة إلى ممارسة النبی محمد صلى الله علیه وسلم للتحالف على مستوى الممارسة الواقعیة الأمر الذی یستوجب تتبع کلمة الحلف ومعناها فی القرآن والسنة[34]، أما المستوى الثالث: فیتمثل فی الفقه الإسلامی بمراحله المختلفة قدیماً وحدیثاً، وخاصة الفقه السیاسی. وفی هذا السیاق تعد الخبرة الإسلامیة- فی إطار منهاجیة التعامل مع استدعاء الواقع التاریخی والمعاصر فی سیاقات نقدیة ومقارنة أیضاً- مصدراً مهماً من مصادر التنظیر وتأصیل الرؤیة الإسلامیة للمفهوم. وهکذا تشکل المفاهیم لبنات تأسیس المنهاجیة، فکل عمل منهاجی لا بد وأن یکون قوامه عملیة تأصیل المفاهیم. وهی منظومة یشکل الإطار المرجعی (القرآن والسنة) أهم روابطها وضوابطها [35]. واستند أسلوب جمع البیانات إلى الملاحظة والاستقراء والاستنباط من المصادر العلمیة المختلفة، والتأصیل من الرؤیة الإسلامیة، فضلاً عن التأمل والتفسیر وإعمال التصور العقلی. ولقد کان للمعایشة والمتابعة المنتظمة لبعض النماذج الواقعیة للأحلاف دورها غیر المباشر فی التفاعل الفکری مع الموضوع. أمّا مصادر المعلومات، فقد تم الاعتماد على المصادر القدیمة والحدیثة المرتبطة بتأصیل المفاهیم من الرؤیة الإسلامیة وتشمل: القرآن الکریم وبعض تفاسیره، وکتب الحدیث الشریف وبعض شروحها، والسیرة النبویة، ومعاجم اللغة، وکتب الفکر والفقه والتاریخ السیاسی الإسلامی، علاوة على الدوریات العلمیة والکتب والرسائل العلمیة. وتم الاعتماد على نحو غیر مباشر على المصادر النظریة المرتبطة بأدبیات ظاهرة الأحلاف فی علم العلاقات الدولیة الغربی، وعلى دراسات الحالة التی تناولت تجربة حلف أو مجموعة أحلاف على المستویین العربی والإسلامی. تأسیساً على ذلک، یمکن تقسیم الدراسة بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة، إلى جزأین: الجزء الأول تأصیل مفهوم الحلف من الرؤیة الإسلامیة، والجزء الثانی تعریف مفهوم الحلف وبناء النموذج النظری. الجزء الأول- تأصیل مفهوم الحلف من الرؤیة الإسلامیة: ویتضمن: تأصیل مفهوم الحلف من اللغة العربیة، ومن القرآن الکریم، ومن السنة النبویة، ومن الفقه الإسلامی، وظاهرة الحلف فی الخبرة الإسلامیة. أولاً- تأصیل مفهوم الحلف فی اللغة العربیة: لتأصیل مفهوم الحلف والتعرف على محتواه الفکری وبحث دلالاته السیاسیة، فی بعض معاجم اللغة القدیمة والمعاصرة، تم النظر فی الجذر اللغوی لمادة (ح ل ف) واشتقاقاته المعبرة عن المعنى المقصود[36]. وقد ورد فیها أن الحلف العهد یکون بین القوم، وقد حالفه أی عاهده وتحالفوا أی تعاهدوا[37]. والأحلاف جمع حلف ویراد بها المعاهدة والمعاقدة على النصرة، وقد یراد بها الإخاء والصداقة. قال ابن الأثیر: "أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق". وقال المناوی: "الحلف: العهد بین القوم، والمحالفة: المعاهدة والملازمة. تحالفا: تعاهدا على أن یکون أمرهما واحداً فی النصرة والحمایة، والمحالفة: أن یحلف کل للآخر[38]. وقال ابن سیده: "الحلف العهد لأنه لا یعقد إلا بالحلف"، أی القسم وحلفان الیمین. وقد حالفه محالفة وحلافاً وهو حلفه وحلیفه، والحلیف المحالف والجمع أحلاف وحلفاء، لأنهما تحالفا أن یکون أمرهما واحداً بالوفاء[39]، والحلفاء هم الذین تعاقدوا على التناصر والتمالؤ على من خالفهم[40]. وتحالف یتحالف تحالفًا فهو متحالف، وتحالف الفریقان تعاهدا فیما بینهما واتحدا وصار بینهما حلف. وقیل: تحالفت القبائل تحالفاً ولم یکن أمامها إلا التحالف ضد عدوها المشترک، أی التعاهد والاتحاد. وقیل: حالف رفیقه عاهده[41]،وقیل: تحالف مع خصومه. والتحالف: تعاهد بین أفراد أو دول على عمل موحد فی مواجهة العدو المشترک[42].وتحالف القوم تعاهدوا واتفقوا على أن ینصر بعضهم الآخر[43].والتحالف اتحاد من أجل مصالح مشترکة.والحلف الصداقة وأیضاً الصدیق سمی به لأنه یحلف لصاحبه ألا یغدر به. ویقال هو حلفه، کما یقال حلیفه. قال اللیث: یقال: حالف فلان فلاناً فهو حلیفه وبینهما حلف لأنهما تحالفا بالأیمان أن یکون أمرهما واحداً بالوفاء. فلما لزم ذلک عندهم فی الأحلاف التی فی العشائر والقبائل صار کل شیء لزم شیئاً سبباً فلم یفارقه فهو حلیفه[44].وحالفه محالفة وحلافاً عاهده، ویقال حالف بینهما آخى. والحلیف: المتعاهد على التناصر[45]. ویلاحظ مما سبق أن الحلف لغویاً یترکز فی معنى العهد بین القوم على التناصر والتعاضد والتساعد وهو المعنى الأکثر شیوعاً عند اللغویین، لذلک ارتبط بحلف الیمین حتى یعاب الخارج علیه، وقد یوثق العهد بالکتابة والشهود والشروط الجزائیة[46]. کما یلاحظ أن لفظتی الحلف والتحالف یحملان نفس المعنى، فالتحالف من الحلف، وهو عمل موحد فی مواجهة عدو مشترک، ویمکن أن یکون مع الخصوم وضد الخصوم. ولا یقتصر التحالف على الدول، وإنما یمکن للمتحالفین أن یکونوا من غیر الدول، وبشکل عام فهم یمکن أن یکونوا أفراداً وجماعات وقبائل وأقوام ودول. الأمر الذی یشیر إلى أن التحالف یمکن أن ینشأ على مستویات مختلفة، منها التحالف السیاسی والتحالف العسکری والتحالف الاجتماعی والتحالف التجاری والتحالف الاقتصادی. والرابط بین المتحالفین على الأغلب هو الصداقة، لکن لیس معنى ذلک أن التحالف یقتصر على الأصدقاء فقط، فیمکن أیضاً أن یکون بین الأعداء إذا ما اقتضت مصلحة الطرفین ذلک. لکن الأمر الواضح هو الارتباط القوی والجوهری بین الحلف والتحالف وبین العهد والمعاهدة والتعاهد وذلک على التناصر والتعاضد والتساعد[47]، فأساس الحلف العهد[48]. وبالإضافة إلى المعاهدة توجد ألفاظ أخرى فی اللغة ذات صلة بمعنى الحلف مثل المعاقدة والموالاة والولایة والولاء والتولی والمولى والمؤاخاة والمیثاق[49]. کما یربط مفهوم الحلف وکذلک مفهوم التحالف بجملة من القیم یأتی فی طلیعتها المصالح المشترکة، والوفاء، وعدم الغدر، والالتزام، والوحدة، والتناصر، ویعنى الاتفاق على أن ینصر بعضهم بعضاً. ویمکن الاستدلال فی هذا السیاق على أن الحلف السیاسی لغة هو المعاهدة والمعاقدة على التناصر والتعاون فی المجالات السلمیة[50] وغیر السلمیة وفقاً لمصالح أطرافه. والخلاصة أن الحلف عند العرب من المنظور اللغوی هو ظاهرة أخلاقیة لا غدر فیها، أساسها المصلحة المشترکة والالتزام بالعهد، یمارسها کل من الفرد والقبیلة والقوم، وتمارسها أیضاً الدولة والمجتمع والأمة[51]. ثانیاً- تأصیل مفهوم الحلف فی القرآن الکریم: تأصیل مفهوم الحلف فی القرآن الکریم یستدعی أولاً البحث عن اللفظة أو أحد اشتقاقاتها المرتبطة بمعناها المقصود، ثم البحث فی التفاسیر عن معناها، واستخلاص الدلالات السیاسیة. فإذا لم یتم العثور علیها یتم الشروع مباشرة بالبحث فی الآیات المرتبطة بالمحتوى الفکری للمفهوم، وبشکل خاص البحث عن الألفاظ أو المفاهیم المرادفة أو المطابقة أو حتى المفاهیم العکسیة. وباعتبار اللغة مفتاحاً یساعد فی تسهیل النظر فی القرآن الکریم، یمکن استفادةً من التأصیل اللغوی السابق البحث عن الآیات المرتبطة بالقیم والخصائص والشروط التی تمثل أساساً لنشأة الحلف، کالتعرف على الآیات التی ترد فیها لفظة عهد أو عقد مثلاً. تأسیساً على ذلک، لوحظ عدم وجود ألفاظ مثل حلف أو أحلاف أو حلیف أو حلفاء أو تحالف أو تحالفات فی القرآن الکریم، وإنما ورود ألفاظ مثل: حلفتم، یحلفون، ویحلفون، سیحلفون، وسیحلفون، ولیحلفن، فی بعض الآیات[52]، وهذه الألفاظ غیر مرتبطة بالمعنى المقصود بالحلف بشکل مباشر، ولکنها ترتبط بمعنى القسم والیمین، وفی ذلک دلالة على مبدأ الالتزام کأساس لنشأة التحالفات، لکن یبقى المعنى المباشر فی هذه الآیات غیر موجود. الأمر الذی یفرض ضرورة سبر غور المحتوى الفکری للمفهوم فی الآیات المختلفة وخاصة من خلال المترادفات والقیم والخصائص المعبرة عن مفهوم الحلف. وهنا فقد وردت فی القرآن آیات ضمن مترادفات لمفاهیم العقد والمیثاق والعهد والموالاة والموادعة[53] والألفة والإیلاف وغیرها. فمعنى العهد مثلاً وردت ست وأربعین مرة فی القرآن بعضها تفید معنى العقد والحلف، ومعنى العقد وردت سبع مرات، ومعنى المیثاق وردت أربع وثلاثین مرة معظمها تفید العهد والحلف[54]. ورد معنى العهد فی قوله تعالى: "الذین عاهدت منهم ثم ینقضون عهدهم فی کل مرة"[55]، وقوله تعالى: "إلا الذین عاهدتم من المشرکین ثم لم ینقصوکم شیئا ولم یظاهروا علیکم أحدا فأتموا إلیهم عهدهم إلى مدتهم"[56]. والعهد فی هاتین الآیتین هو الحلف والعقد. الآیة الأولى نزلت فی بنی قریظة وغیرهم من یهود المدینة الذین نکثوا حلفهم مع الرسول صلى الله علیه وسلم وأعانوا مشرکی مکة بالسلاح. والآیة الثانیة وصت المؤمنین بالوفاء بتحالفاتهم مع المشرکین الذین لم یبادروا إلى نقضها، وفی ذلک أمر بالالتزام بالعقود والأحلاف مع من لم ینقضها. قال الطبری: ولا تنصبوا لهم حرباً إلى انقضاء أجل عهدهم الذی بینکم وبینهم. وقال القرطبی: ولکن الذین عاهدتم فثبتوا على العهد فأتموا إلیهم عهدهم. وهکذا تبین أن کلمة عهد فی الآیتین المذکورتین وفی کثیر من الآیات الأخرى هی بمعنى الحلف[57]. وورد معنى العقد فی قوله تعالى: "یا أیها الذین آمنوا أوفوا بالعقود"[58]، وقوله تعالى: "والذین عقدت أیمانکم فآتوهم نصیبهم"[59]، بمعنى الحلف، وبمعنى العهد والمیثاق والموالاة. قال البغوی: المعاقدة المحالفة والمعاهدة. وقال ابن کثیر: وأمروا أن یوفوا لمن عاقدوا، وقال: ففیه أمر واضح للمؤمنین بالوفاء بالأحلاف والمعاهدات والعقود. وقال القرطبی: المعنى أوفوا بعقد الله علیکم وبعقدکم بعضکم على بعض. هذه الأقوال وغیرها تؤکد أن المراد بالعقود فی هذه الآیات هی العهود والأحلاف والمواثیق، وأن الله تعالى أمر المسلمین بالوفاء وعدم نقضها[60]. وورد معنى المیثاق فی قوله تعالى: "إلا الذین یصلون إلى قوم بینکم وبینهم میثاق"[61]، وقوله تعالى: "الذین یوفون بعهد الله ولا ینقضون المیثاق"[62]. والمیثاق فی جل هذه الآیات هو الحلف والعهد. قال الطبری: إلا قوم بینکم وبینهم میثاق فلهم من الأمان ما لهؤلاء[63]. وهکذا ورد مفهوم الحلف فی القرآن الکریم بمعنى الوفاء بالعهد والعقد والموالاة والمیثاق مهما کان الطرف المقابل[64]. وفی هذا الإطار یمکن النظر فی مفهوم الألفة فی قوله تعالى: "إذ کنتم أعداء فألف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخوانا"[65]، وقوله تعالى: "لو أنفقت ما فی الأرض جمیعا ما ألفت بین قلوبهم ولکن الله ألف بینهم"[66]، وقوله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساکین والعاملین علیها والمؤلفة قلوبهم"[67]. ومن منطلق الحرص على استخلاص الدلالات السیاسیة للألفاظ القرآنیة ومحتوها الفکری، من الملاحظ تکرار ارتباط التألیف بالقلوب فی کل آیة، مما یفید التأکید، وفی هذا تکریس لمبدأ الالتزام القائم على الاقتناع الکامل بأهمیة التحالف وأهمیة وحدة أعضائه وحدة حقیقیة ولیس کمظاهر شکلیة واحتفالیة دونما التزام أو اقتناع أو اتخاذ خطوات إجرائیة فاعلة على أرض الواقع تتحقق فیها مصالح الأطراف المختلفة. ویمکن القول بأن فی ذلک إشارة إلى ضرورة الوفاء والالتزام بالعهد أثناء تعامل القیادات والدول مع بعضها البعض فی إطار حلف یجمعهم، فالتحالف الحقیقی المثمر هو الذی تؤلف مبادئه بین قلوب قادة الدول حتى یکون التزامهم نقی وصادق. ویمکن أیضاً النظر فی مفهوم الإیلاف فی قوله تعالى: "لإیلاف قریش، إیلافهم رحلة الشتاء والصیف، فلیعبدوا رب هذا البیت، الذی أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"[68]. ومعنى الإیلاف هنا الأمان والعهد والمیثاق یؤخذ لتأمین خروج التجار من أرض إلى أرض[69]. ومعناه عند ابن کثیر ائتلاف واجتماع أهل قریش فی بلدهم آمنین، وما کانوا یألفونه فی رحلاتهم التجاریة ثم یرجعون إلى بلدهم آمنین فی أسفارهم، وذلک لعظمتهم عند الناس لکونهم سکان حرم الله. وقد تفضل الله علیهم بالأمن والرخص، وذلک أدعى لهم بأن یفردوه بالعبادة ویوحدوه کما جعل لهم حرماً آمناً وبیتاً محرماً[70]. قال الطبری: من نعم الله على قریش ألفة بعضهم بعضاً لئلا تفرق ألفتهم وجماعتهم، وکانوا ألفوا الارتحال، وقد أمروا أن یألفوا عبادة رب هذا البیت کإلفهم رحلة الشتاء والصیف[71]. ویرى القرطبی بأن الله أهلک أصحاب الفیل لإیلاف قریش أی لتأتلف أو لتتفق أو لکی تأمن فتؤلف رحلتیها.قال الفراء: لإیلاف قریش أی فعلنا ذلک بأصحاب الفیل نعمة منا على قریش، وذلک أن قریشاً کانت تخرج فی تجارتها، فلا یغار علیها ولا تقرب فی الجاهلیة. أی فجعل الله ذلک لیألفوا الخروج ولا یجترئ علیهم أحد. وقال الزهری: الإیلاف أن قریشاً کانوا سکان الحرم ولم یکن لهم زرع ولا ضرع وکانوا یمیرون فی الشتاء والصیف آمنین، والناس یتخطفون من حولهم، فکانوا إذا عرض لهم عارض قالوا نحن أهل حرم الله فلا یتعرض الناس لهم. وقال ابن زید: کانت العرب یغیر بعضها على بعض، ویسبی بعضها من بعض، فأمنت قریش من ذلک لمکان الحرم. وقال الأعمش: وآمنهم من خوف أی من خوف الحبشة مع الفیل. وقال الهروی: وکان أصحاب الإیلاف أربعة إخوة هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو عبد مناف. فأما هاشم فإنه کان یؤلف ملک الشام، أی أخذ منه حبلاً وعهداً یأمن به فی تجارته إلى الشام، وأخوه عبد شمس کان یؤلف إلى الحبشة،والمطلب إلى الیمن، ونوفل إلى فارس. فکان تجار قریش یختلفون إلى الأمصار بحبل هؤلاء الإخوة، فلا یتعرض لهم[72]. واعتبر ابن عاشور الآیات تذکیراً لقریش بنعمة الله علیهم، إذ یسر لهم ما لم یتأت لغیرهم من العرب من الأمن من عدوان المعتدین وغارات المغیرین فی السنة کلها، بما یسر لهم من بناء الکعبة وشرعة الحج وأن جعلهم عمار المسجد الحرام، وجعل لهم مهابة وحرمة فی نفوس العرب کلهم فی الأشهر الحرم وفی غیرها. فالبیت هو أصل نعمة الإیلاف وبناؤه کان سبباً لرفعة شأنهم بین العرب، حیث تیسرت لهم الأسفار فی بلاد العرب من جنوبها إلى شمالها، ولاذ بهم أصحاب الحاجات یسافرون معهم، وأصحاب التجارات یحملونهم سلعهم، وصارت مکة وسطاً تجلب إلیها السلع من جمیع البلاد العربیة فتوزع إلى طالبیها فی بقیة البلاد، فاستغنى أهل مکة بالتجارة، إذ لم یکونوا أهل زرع ولا ضرع وکانوا یجلبون أقواتهم من الیمن والشام، زیادة على ما جعل لهم مع معظم العرب من الأشهر الحرم وما أقیم لهم من مواسم الحج وأسواقه[73]. وهکذا، واستناداً إلى واقع العرب قبل الإسلام وخاصة قبیلة قریش وأهل مکة وطبیعة حیاتهم الاجتماعیة وتحالفاتهم السیاسیة والعسکریة وممارساتهم التجاریة والاقتصادیة، فإن الرؤیة القرآنیة لمفهوم الإیلاف فی ارتباطها بقیم الأمن والأمان والتأمین والعهد والمیثاق والائتلاف والاتفاق والاجتماع والجماعة، إنما تعکس طبیعة الأحلاف والتحالفات من المنظور القرآنی[74]، فهی ذات طابع أخلاقی، وهی لیست بالضرورة سیاسیة أو عسکریة وإنما قد تکون لأغراض تجاریة واقتصادیة بحیث یمکن توظیفها لتأمین هذه المصالح. وواضح مما ورد فی التفاسیر حول معنى الإیلاف التمییز بین تحالفات داخلیة بین القبائل العربیة وبعضها البعض أو بین قیاداتها، وبین تحالفاتها خارجیة مع القوى الدولیة المحیطة بها جغرافیاً کالشام والیمن والحبشة وفارس. بالإضافة إلى ذلک، وبالنظر إلى آیات الوفاء بالعهد والوفاء بالعقود والتعاون فی الخیر، کقوله تعالى: "یا أیها الذین آمنوا أوفوا بالعقود"[75]، وقوله تعالى: "کیف یکون للمشرکین عهد عند الله وعند رسوله إلا الذین عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لکم فاستقیموا لهم إن الله یحب المتقین"[76]، وقوله تعالى:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"[77]، فإنها تمثل دلیلاً آخر على مشروعیة الأحلاف والتحالفات وفق الرؤیة القرآنیة، فما الحلف إلا معاهدة ومشروعیته من مشروعیتها وما یترتب على المعاهدة ینطبق على الحلف. أما التحالفات القائمة على أساس التعاون فی الإثم والعدوان والشر فالرؤیة القرآنیة ترفضها وتعتبرها باطلة. ولذلک فإن معاهدات حسن الجوار أو التحالف على قیم ومبادئ إنسانیة عامة یأمر القرآن بها ولا یمانع من السعی إلى تحقیقها من خلال التحالف مع الآخرین من غیر المسلمین إن کانت لدیهم المبادئ أو السیاسات نفسها. وقد جاءت لفظة (ناصر) ولفظة (نصیراً) فی قوله تعالى: "فما له من قوة ولا ناصر"[78]، وقوله تعالى: "ثم لا یجدون ولیا ولا نصیرا"[79]، وقوله تعالى: "ولا یجدون لهم من دون الله ولیا ولا نصیرا"[80]، تعبیراً عن معنى الحلیف، فی حین جاء لفظة قوة تعبیراً عن معنى القوة الذاتیة للعضو فی التحالف[81]. وقد جاءت أیضاً لفظة (استنصروکم) فی قوله تعالى: "وإن استنصروکم فی الدین فعلیکم النصر إلا على قوم بینکم وبینهم میثاق"[82] تعبیراً عن أخلاق الممارسة الفعلیة للتحالف من المنظور القرآنی الذی یؤکد على رابطة التحالف الإسلامی، لکنه یشترط فی الوقت نفسه ألا یؤدی ذلک إلى نقض تحالف آخر أبرم مع طرف آخر فالالتزام بالعهد مع طرف حتى ولو کان عدواً أولى من نصرة طرف آخر حتى ولو کان صدیقاً[83]. ثالثاً- تأصیل مفهوم الحلف فی السنة النبویة: تؤکد الدراسة مشروعیة الأحلاف والتحالفات فی السنة النبویة على عدة مستویات، فلا یقتصر مفهوم الحلف فی السنة النبویة على التعاقد بین قبائل وعشائر أو جهات رسمیة کدول أو أحزاب أو حکومات وفی ذلک معنى العهد والعقد والمیثاق والتعاون، وإنما یتسع معناه لیشمل تحالف الأفراد بصفتهم الشخصیة وفی ذلک معنى الموالاة والولاء والأخوة والتآخی[84]. وقد صنف بعض شراح الحدیث وأصحاب السنن الأحادیث المتعلقة بالحلف فی باب الفرائض وصنفه آخرون فی باب الإخاء[85]. ویمکن تصنیف الأحادیث الواردة عن الحلف فی ثلاثة أقسام: أحادیث تشید ببعض الأحلاف، وأحادیث توصی بالوفاء بحلف الجاهلیة وبعدم استحداث الأحلاف فی الإسلام، وأحادیث وآثار تثبت قیام الأحلاف بعد الأمر بعدم استحداثها[86]، وکلها تأکید على مشروعیة الأحلاف والتحالفات فی السنة النبویة. بالنسبة لأحادیث القسم الأول، وتشمل الأحلاف المشهورة فی قریش التی جاء ذکرها فی السنة وأشاد بها الرسول صلى الله علیه وسلم، کحلف المطیبین الذی عقدته قریش قدیماً وشارک فیه بنو هاشم وزهرة وتمیم بمکة، وأبرموا الحلف على ألا یتخاذلوا لنصرة المظلومین، وتعاقدوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، قال عنه صلى الله علیه وسلم: "شهدت غلاماً مع عمومتی حلف المطیبین"[87]. والأحلاف فی قریش، وفقاً لابن الأعرابی، خمس قبائل عبد الدار وجمح وسهم ومخزوم وعدی بن کعب. سموا بذلک لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما فی یدی عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقایة، وأبت بنو عبد الدار. عقد کل قوم على أمرهم حلفاً مؤکداً على أن لا یتخاذلوا، فأخرجت عبد مناف جفنة مملوءة طیباً فوضعوها لأحلافهم فی المسجد عند الکعبة وهم أسد وزهرة وتیم، ثم غمس القوم أیدیهم فیها وتعاقدوا ثم مسحوا الکعبة بأیدیهم توکیداً فسموا المطیبین. وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفاً آخر مؤکداً على أن لا یتخاذلوا فسموا الأحلاف[88]. وأشاد الرسول أیضاً بحلف الفضول الذی کان امتداداً لحلف المطیبین[89]. ویعتبر حلف الفضول الذی عقد بعد شهر من انتهاء حرب الفجار بین کنانة وقیس عیلان وشهده النبی قبل بعثته من أشهر هذه الأحلاف، وفیه اجتمعت بطون قریش وتحالفوا على ألا یظلم أحد فی مکة وأن یأخذوا للمظلوم حقه، وقد قال عنه صلى الله علیه وسلم: "لقد شهدت فی دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لی به حمر النعم ولو أدعى به فی الإسلام لأجبت"[90]. وقال: "وأیما حلف کان فی الجاهلیة لم یزده الإسلام إلا شدةً"، وهو ما یعنی أن السنة تقرّ کل تحالف یدعو إلى الفضیلة کالاهتمام بإطعام الجائع وإغاثة الملهوف وذی الحاجة وإن لم یضع أسسه الإسلام مادام فی مصلحة الأمة[91]. وبالنسبة لأحادیث القسم الثانی، التی توصی بالوفاء بحلف الجاهلیة وبعدم استحداث الأحلاف فی الإسلام، ففی حدیث جبیر ابن مطعم، قال صلى الله علیه وسلم: "لا حلف فی الإسلام، وأیما حلف کان فی الجاهلیة لم یزده الإسلام إلا شدة"[92]، وقال فی خطبته: "أوفوا بحلف الجاهلیة فإنه لا یزیده (أی الإسلام) إلا شِدَّة، ولا تحدثوا حلفاً فی الإسلام"[93]. والمقصود هنا کما یقول شراح الحدیث تجنب الأحلاف التی تتعارض فی نشأتها مع شریعة الإسلام وقیمه وأخلاقه. فذکر العظیم أبادی فی نفی الحلف أن المراد به المعاهدة على الفتن والقتال والغارات وما یتعلق بالمفاسد[94]. أما بالنسبة لأحادیث القسم الثالث، التی تثبت قیام الأحلاف بعد الأمر بعدم استحداثها، فیؤکدها حدیث أنس بن مالک رضی الله عنه وحلف المهاجرین والأنصار الذی وقع بعد ذلک النهی، فرداً على قول عاصم بن سلیمان لأنس: أبلغک أن رسول الله صلى الله علیه وسلم قال: "لا حلف فی الإسلام"[95]، قال أنس: حالف رسول الله بین المهاجرین والأنصار فی دارنا[96]. وکانت المؤاخاة بین المهاجرین والأنصار أوثق عرى التحالفات التی شهدتها القبائل العربیة فی الماضی والحاضر، وهی خیر شاهد على أن معنى الحلف الأخوة والمؤاخاة والتناصر السیاسی والعسکری والمواساة بالمال والمتاع وغیر ذلک من المضامین الاجتماعیة والإنسانیة[97]. ولذلک یرى شراح الحدیث أن النهی لیس على إطلاقه، قال ابن حجر العسقلانی: ما استدل به أنس على إثبات الحلف لا ینافی حدیث جبیر بن مطعم فی نفیه[98]، وذکر العظیم أبادی فی نفی الحلف أن المراد به المعاهدة على الفتن والقتال والغارات وما یتعلق بالمفاسد، أما إن کان المراد منه المعاهدة على الخیر کصلة الأرحام ونصرة المظلوم کحلف المطیبین لم یزده الإسلام إلا تأکیداً وحفظاً، وهذا هو الحلف الذی یقتضه الإسلام والممنوع منه ما خالف حکم الإسلام[99]. وهکذا فالنهی عن الأحلاف خاص ببعض الأمور التی کانت فی الجاهلیة ونهى عنها الإسلام[100]. وعلیه، فحظر الحلف فی الإسلام هو ما یقوم على الاعتداء على الآخرین وما دون ذلک فهو مقبول ومطلوب سواء کان بین فئات المسلمین أو کان بین المسلمین وغیرهم[101]، حتى ما کان منه فی الجاهلیة على نصر المظلوم وصلة الأرحام. فما کان من الحلف على الخیر والبر والمعروف فذلک الذی قبله الإسلام وأقره وزاده شدة، وما کان من أمر الجاهلیة وإثارة نعراتها من فتن وقتال وغارات بین القبائل وتعاون على الشر والظلم فذلک الذی أسقطته السنة النبویة ونهت عنه[102]. فالنهی عن الأحلاف لیس نهیاً عاماً، وهذه الأحادیث تثبت أن الإسلام لا یعارض عقد الأحلاف ما لم تتعارض بنودها مع الشرع، بل وصت الأحادیث على الوفاء بالأحلاف[103]. وهناک صور مختلفة للأحلاف والتحالفات فی السنة النبویة، یأتی فی طلیعتها صورتان: أحلاف الخیر مثل حلف المطیبین وحلف الفضول وتحالف النبی مع المشرکین والیهود ومع خزاعة ومع یهود المدینة، وقد أکدت السنة على مشروعیتها وأهمیة الحاجة إلیها، وأحلاف الشر مثل تحالف الجاهلیة لحصار النبی وآل هاشم وتحالف الیهود والمشرکین على النبی یوم الأحزاب وتحالف طوائف المشرکین والیهود على الإسلام فی غزوة بدر وبنی قینقاع وبنی النضیر[104]، وکلها رفضها الإسلام لأنها تتعارض مع قیمه وأخلاقیاته. ویمکن أیضاً التمییز بین نوعین من التحالفات فی عصر الرسول صلى الله علیه وسلم: تحالفات قبل الهجرة وتحالفات بعدها، وکلها تعکس کذلک مشروعیة الأحلاف والتحالفات. من نماذج تحالفات قبل الهجرة، حلف الفضول قبل البعثة کأحد معالم التطور التاریخی لحقوق الإنسان وأول جمعیة للدفاع عن هذه الحقوق. وتحالفات مع أشخاص کتحالف الرسول مع عمه أبوطالب وتحالفه مع المطعم بن عدی ومعاهدة الرسول مع سراقة. وهناک أیضاً بیعة العقبة الثانیة المبرمة بین الرسول والأنصار وهی بمثابة حلف ومعاهدة تضمنت النصر والمعاونة والحرب والإیواء. وقد جاءت المبادرة من الأنصار بدعوة الرسول للهجرة إلى المدینة، واشترط الرسول أن ینصروه ویمنعوه ویحاربوا معه، وعرف الأنصار أنهم بمناصرتهم للرسول إنما یستعدون قبائل العرب والیهود، فأرادوا ضمانات بأن لا یترکهم الرسول إذا نصره الله. وبعد هذه الشروط أبرمت المعاهدة وعقدت البیعة[105]. أما بعد الهجرة، فقد عقد النبی التحالفات عند تأسیس دولة المدینة، وهی من الدلائل أیضاً على مشروعیة التحالف فی السنة النبویة، فبعد أن وصل إلى المدینة وأرسى دعائم النظام السیاسی الإسلامی، عاهد وهادن ومارس التحالفات السیاسیة بأوسع أشکالها مع القبائل العربیة وغیرها من القبائل الیهودیة[106]. ومن نماذج تحالفات بعد الهجرة، معاهدة المؤاخاة بین المهاجرین والأنصار وسماها أنس بن مالک حلفاً، ودستور المدینة أو وثیقة المدینة التی بینت الحقوق والواجبات للأطراف المختلفة، وهی معاهدة مع الیهود أطرافها المهاجرون والأنصار والیهود[107]. وقد تضمنت الوثیقة مصطلحات مثل المعاهدة والموادعة والحلف والعقد والألفة والموادعة، وهی کلها معانی الحلف وصوره. علاوة على تجسید المبدأ الإسلامی العام الذی یفتح الأبواب أمام عقد میثاق مع کل الفئات المخالفة للمسلمین فی الدین[108]. ومن أبرز هذه المعاهدات السیاسیة والأحلاف کتابه للقبائل الیهودیة فی المدینة المنورة، وکانت ترتبط بعلاقات تحالفیة أصلاً مع الأوس والخزرج، فلما وصل النبی إلى المدینة أراد تنظیم العلاقة مع هذه القبائل بحیث یأمن شرهم ومکرهم ویقلل من عدد الأعداء المتربصین، وخاصة أنه یرید أن یتفرغ لحرب قریش. وترد فی کتب الفقه والحدیث والسیرة ألفاظ مختلفة للتعبیر عن هذه الوثیقة السیاسیة المهمة فمنهم من یسمیه "عهدًا"، ومنهم یسمیها "مهادنهً"، ومنهم من یسمیها "کتابًا" ومنهم من یسمیها "حلفًا " أو "موادعة". وفیها یلتزم الطرفان التناصر، والوقوف فی وجه الظلم والعدوان، وتقرر وجوب الدفاع المشترک عن المدینة من قبل المتحالفین، وبذل النفقة والعون للمؤمنین ما داموا محاربین. وهی بذلک تحقق معنى "التحالف السیاسی" وتتضمنه[109]. وقد تحالف الرسول مع بعض القبائل، ومنها حلفه مع بنی ضمرة[110]، على ألا یغزوهم ولا یغزوه ولا یکثروا علیه ولا یعینوا علیه عدوًا، وأن النبی إذا دعاهم لنصرة أجابوه. ووجه الدلالة فی هذه المعاهدات أن بها تعهدًا صریحًا من النبی ومن هذه القبائل بالتناصر على الخیر والبر وطاعة الله وعلى من حاربهم من الأعداء، أو معاهدة حیاد بالحد الأدنى بأن لا یکثروا على النبی[111]. ومن معاهداته کذلک تحالفه مع قبیلة خزاعة[112] بمقتضى صلح الحدیبیة،الذی قضى بأن من أراد أن یقیم حلفًا مع النبی أو مع قریش فله ذلک، فدخلت قبیلة بنی بکر فی حلف قریش وقبیلة خزاعه فی حلف النبی. وکان بین القبیلتین ثأر قدیم فاستغل بنو بکر تحالفهم مع قریش لیأخذوا بثأرهم من خزاعة وکان ذلک سببًا فی نقض صلح الحدیبیة. ووجه الدلالة فی هذه المعاهدة أن النبی قد مارس التحالف السیاسی عندما حرک جیشه لنصرة خزاعة[113]. ومنها تحالفه مع قبیلة بنی غفار فی المدینة ومعاهداته مع قبائل مسیحیة مثل أهل أیله ونصاری نجران[114]. الأمر الذی یکشف أن شرعیة التحالفات تتوقف على الموضوع المتحالف علیه ولیس على هویة وانتماء الطرف المتحالف معه، وهو ما یعنی أن عقد التحالفات من منظور السنة النبویة یقوم على فقه المصالح المحکومة بفقه الموازنات[115]. ومن معاهدات الرسول أیضاً عقد الذمة، کان بعد السنة السادسة من الهجرة، وهو لا یلزم أصحابه بالقتال مع المسلمین[116]. ومن الأدلة الأخرى على مشروعیة التحالف فی السنة النبویة، الأحادیث التی تأمر بنصرة المسلم، ومنها قوله صلى الله علیه وسلم: "انصر أخاک ظالمًا أو مظلومًا"، فقال رجل یا رسول الله أنصره إذا کان مظلومًا، أفرأیت إذا کان ظالما کیف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلک نصره"[117]. فإذا توجب نصر المسلم أو المظلوم من غیر حلف بما أمر به الشرع فوجوب نصرة المسلم والمظلوم بالتحالف والتعاقد أوجب[118]. ومن أدلة المشروعیة أیضاً سعى النبی الجاد لإقامة تحالفات سیاسیة قبل الهجرة مع کثیر من القبائل العربیة، من خلال مقابلته للوفود وخروجه بزیارات إلى هذه القبائل لعرض أمر الإسلام وطلب الحمایة والنصرة والمحالفة. ومن هذه الأقوام بنو عامر بن أبی صعصعة، وکان شرطهم للتحالف ونصرة النبی أن یکون لهم الأمر من بعده فرفض النبی عرضهم، ومن هؤلاء بنو شیبان، وکان ردهم أن ینصروه ویؤووه مما یلی میاه العرب فقط، حیث إنهم أرادوا أن یکون هذا الحلف موجهًا ضد القبائل العربیة، أما ماعدا ذلک فإنهم یرتبطون بعهود وأحلاف مع مملکة فارس تمنعهم من التحالف ضدهم. فلم یقبل النبی بهذا التحالف المنقوص ونهض من عندهم بعد أن رد علیهم ردًا حسنًا إذ قال لهم: "ما أسأتم الرد إذا أفصحتم بالصدق فإن دین الله لن ینصره إلا من حاطه من جمیع جوانبه"[119]. وبهذا الجواب اللطیف من النبی انتهت المفاوضات دون تحالف[120]. ووجه الدلالة بهذه الوقائع من السیرة النبویة، أن النبی سعى سعیاً جادًا لإقامة تحالفات مع غیر المسلمین لیواجه قوى الکفر وغطرسة قریش. وتعتبر مقولة النبی الشهیرة لطلب التحالف من بعض قبائل العرب دلیلاً آخر على مشروعیة التحالف السیاسی فی الإسلام، وخاصة فی مرحلة الضعف ومرحلة ما قبل الهجرة، حیث کان یقول للقبائل والوفود التی یلتقی معها: "من یؤوینی من ینصرنی حتى أبلغ رسالات ربی وله الجنة"[121]، ووجه الاستدلال أن النبی کان یدعو إلى الإسلام ویرغب فیه، ولکنه لو وجد قومًا غیر مستعدین للإسلام لکنهم مستعدون لحمایته ومناصرته، لتعاقد وتحالف معهم على ذلک. حیث وجدت مصلحة مشترکة لهم من وراء توفیر الحمایة للنبی بدعوة الناس إلى الله[122]. رابعاً- تأصیل مفهوم الحلف من الفقه الإسلامی: بحث الفقهاء معنى الحلف فی أبواب ومباحث الفرائض والدیة، فهو عندهم بمعنى التعاهد والتعاقد على التناصر والتناصح بشکل عام، فما کان منه على البر دون الإثم یرون أن الإسلام قد أجازه، وما کان على الإثم والعدوان یرون أن الإسلام أبطله. وقد عرف ابن قدامة الحلیف بأنه "الذی یحالف الآخر على أن یتناصروا على دفع الظلم ویتضافروا على من قصدهما أو قصد أحدهما"، وعرفت الموسوعة الفقهیة الحلف بأنه: "العهد، وحالف فلان فلاناً إذا عاهده وناصره وعاقده". وربما أطلق الفقهاء لفظ الحلف وأرادوا به کل معاهدة سیاسیة کائنة ما کانت[123]. وتطرق الفقهاء القدامى والمعاصرون إلى الحلف بمفهومه العام[124]، فمفهوم الحلف فی الرؤیة الإسلامیة مفهوم شامل، فقد یکون الحلف عسکریاً أو سیاسیاً أو اقتصادیاً أو اجتماعیاً، وقد یکون حلفاً بین الأفراد وبعضهم البعض أو بین الجماعات وبعضها البعض. وقد یکون على مستوى قبائل أو عشائر أو أقوام، وقد یکون على مستوى قوى سیاسیة أو تنظیمات أو أحزاب، وقد یکون على مستوى دول أو حکومات. غیر أنه یمکن الحدیث أیضاً عن مفهوم الحلف بالمعنى السیاسی فقط، وهو ما یعکس مفهوم الحلف بالمعنى الضیق، ویقتصر نطاقه فقط على الدول والحکومات والنخبة الحاکمة. وقد أشار الفقهاء إلى معنى الحلف من خلال ربطه بمفاهیم ذات صلة به، مثل المعاهدة والمعاقدة والمؤاخاة والموالاة والتعاضد والتساعد. قال ابن الجوزی: "أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على المعاضدة". وقال القرطبی: "معنى المؤاخاة أن یتعاقد الرجلان على التناصر والمواساة والتوارث حتى یصیرا کالأخوین نسباً، وقد یسمى ذلک حلفاً". وإذا کان أکثر الفقهاء لم یفرقوا بین الحلف والمعاهدة ویستعملونها باعتبارها مترادفة، إلا أن هناک فریقاً منهم ذکر فروقاً دقیقة بین هذین اللفظین. فالمعاهدات أعم من الأحلاف بهذا الاعتبار[125]. ویعرف الفقهاء الحلف بمعناه الواسع على أنه: "اتفاق بین طرفین أو أکثر على النصرة والنجدة والمعاضدة عند حاجة أحدهم إلى ذلک"[126]. بینما یعرفون الحلف السیاسی بأنه: "اتفاق یعقده الإمام أو من ینیبه، مع غیر المسلمین غیر الحربیین، أو الخارجین عن ولایته من المسلمین، لأجل النصرة والتعاون أو المعاضدة من أجل تحقیق مصلحة سیاسیة للمسلمین"[127]. وهو تعریف عام ینظر للأمة الإسلامیة ککیان سیاسی موحد وله قائد سیاسی واحد. ویتضمن هذا التعریف عدة أبعاد: البعد الأول، أنه اتفاق صادر عن إرادتین، فهو إلزام والتزام، ولا یعد حلفاً إذا صدر عن إرادة منفردة حتى وإن استفاد منها طرف آخر. البعد الثانی: أنه صادر عن أعلى سلطة سیاسیة فی الدولة، وهو الحاکم، أو من ینیبه، وما عدا ذلک لا یعد حلفاً سیاسیاً. البعد الثالث: إمکانیة عقد الحلف مع غیر المسلمین ممن لیسوا فی حالة الحرب مع المسلمین، البعد الرابع: إمکانیة عقده مع القوى السیاسیة المعارضة، حتى تلک الخارجة عن سیطرته أو فی حالة صدام معه. البعد الخامس: أن هدف الحلف هو تحقیق المصلحة الشرعیة ومصلحة الأمة. وفی حالة انقسام الأمة إلى عدة دول ولا یوجد لها قائد سیاسی واحد، کما هو الحال فی واقعنا المعاصر بعد سقوط الخلافة العثمانیة، فإن التحالف فیما بینها بما یحقق وحدة الأمة ومصلحة الشرع هو أمر واجب، أما الحلف الذی یحقق مصلحة سیاسیة محدودة بهدف الاحتفاظ بالسلطة عند الصراع علیها مع طرف آخر ولا یحقق وحدة الأمة ومصلحة الشرع ویشیع الظلم والاستبداد ویزید من حالة التجزئة والانقسام وعدم الاستقرار السیاسی فی هذا البلد وفی الأمة فهو حلف یرفضه الإسلام، أما الحلف الذی یحقق الاستقرار السیاسی على أسس من العدل والحریة والدیمقراطیة فهو الحلف الذی ینشده الإسلام. البعد السادس: تحقیق الوحدة والتعاون والنصرة بین الأعضاء فی الحلف. البعد السابع: تحقیق مصلحة سیاسیة للمسلمین بجلب نفع أو دفع ضرر[128]. وتأسیساً على ما جاء فی الوحی قرآناً وسنة، فقد أجاز الفقهاء التحالف السیاسی، واشترطوا فیه مع غیر المسلمین ألا یعتمد علیهم بشکل کامل، فقد وضعوا شروطاً وضوابط فیمن یستعان بهم من غیر المسلمین بأن یتصفوا بحسن علاقتهم مع المسلمین فیؤمن غدرهم. ولم یقبل الفقهاء بالحلف الذی فیه المسلمون تابعون لغیر المسلمین تبعیة کاملة یتلاعبون بهم کیفما یشاءون. وعلیه، تتمحور مشروعیة التحالف السیاسی فی الإسلام حول تحقیق مصلحة المسلمین، وقد تضمنت فی عصر الرسول أربعة عناصر. العنصر الأول: التحالف من أجل الحفاظ على الدعوة ورفع الظلم حیث حرص النبی على إقامة التحالفات السیاسیة مع قبائل غیر قریش حتى تؤمن له الحمایة والنصرة. والعنصر الثانی: التحالف من أجل تقلیل الخصوم وحرمان العدو من حلفاء محتملین، کما قال تعالى: "لا ینهاکم ﺍلله عن الذین لم یقاتلوکم فی الدین ولم یخرجوکم من دیارکم أن تبروهم وتقسطوا إلیهم"،وقال تعالى أیضاً: "ستجدون آخرین یریدون أن یأمنوکم ویأمنوا قومهم". فلیس من الحکمة للمسلم أن یکثر من الأعداء المتربصین به، بل المنطق أن یحاول أن یحید منهم ما أمکن. لذا فالحکمة تقتضی إقامة تحالفات سیاسیة مع دول غیر مسلمة، تسلک سیاسات عادلة تجاه قضایا العالمین العربی والإسلامی، وتلتقی مصالحها السیاسیة معاً فی دعم القضایا العادلة للمسلمین، وهو ما یمّکن من إتاحة الفرصة للمسلمین لبناء الذات والقدرات المعرفیة والعلمیة والعسکریة. والعنصر الثالث: التحالف لتحقیق مقاصد إنسانیة عامة کنشر العدل ومنع الجور ورفع المعاناة وتعظیم الحرمات والدماء، وهو ما ینسجم مع غایات الشریعة ومقاصدها[129]. ویستند التکییف الفقهی للتحالفالسیاسی فی الإسلام إلىفقهالموازنات بینالمصالحوالمفاسدأوبینالمفاسدنفسهاأوالمصالحنفسها، ویکون الحکم فیها وفقاً لغلبة المصلحة أو المفسدة.وتکییفالتحالفالسیاسی مع غیر المسلمین یرتکزعلىقاعدتینشرعیتین، الأولى:جوازإقامتهضمنضوابطشرعیةتتحقق فیها مصلحة المسلمین وهو حکمثابتبالقرانوالسنةوالإجماع. والثانیة: مبدأ جواز التعاون السلمی بین الطرفین إحقاقا للحق ونصرة للمظلوم وکفًا للعدوان، باعتبار أنّ الأصلفیعلاقةالمسلمینمعغیرهمهوالسلمولیسالحربکماقالبذلککثیرمنالفقهاء. مع ملاحظة أنّ مکانة التحالف السیاسیعندالمسلمین تزداد باعتبارالوفاء بهأمراًتعبدیاًیعدمنعلاماتالتقوىوالإیمان وعدمالوفاءبهیعدمنعلاماتالنفاق. وحتىالتعاونالعسکریبینالمسلمینوغیرهممنالعلماءوالفقهاءمنأجازه، إذاکانیحققهذاالتعاونمصلحةالمسلمین[130]. وبذلکیکتملالتوصیفالفقهیللتحالفالسیاسی: بأنّهمعاهدةذاتطابعسیاسیوتشتملتلکالمعاهدةعلىبنودتلزمالطرفینالموقعینعلیهابالتعاونفیمجالاتسیاسیةتحددهاالمعاهدةتلتقیعلیهامصلحةالطرفین[131]. وضوابطالتحالفالسیاسیفیالإسلام أربعة، الضابط الأول: تحقیقالمصلحةالعامةللمسلمین باعتبارها رکنًامنأرکانالسیاسةالشرعیة وفقاً لما أشارإلیهالفقهاء،فقداعتبرتالمصلحةمنالقواعدالکبرىالناظمةللعلاقاتالدولیةفیالإسلام. وما من شک أنّ المصلحة تختلف باختلاف حالالمسلمینسیاسیاًوعسکریاً، وهنا هم بینحالتین، إمّاحالةالقوة وإماحالةالضعف. والمصلحة لا بد أن تکون حقیقیة ومعتبرةشرعاًوتعبیرًاعنحاجةالأمّةوجمهورالمسلمینفیتلکالبلدأوذلکالإقلیم، ولیستمصلحةمتوهمةلنظاممستبدأوحاکمظالمیتخذمنتحالفهالسیاسیوسیلةلتوطیدحکمهوتعمیمظلمهوالاستقواءبالأجنبیوغیرالمسلمللجمکلصوتمعارض. والضابط الثانی: الحفاظعلىثوابتالعقیدةالإسلامیة، فلا یجوز للمسلمین وهم فی حالة ضعف التخلی عن أی قیم اعتقادیة أو حقائق دینیة أو أخلاقیات بسبب التحالف، مهماکانحجمالمصلحةالمتحققةمنوراءذلکالتحالفأوالائتلاف. وقد میزالفقهاء بالنسبة لشروطالتحالف بین شروط صالحة أو صحیحة وشروط فاسدةأومحظورة. فالشرطالصحیحهوکلشرطلایخالفکتاباللهوسنةنبیه،والشرطالباطلهوکلشرطفیهمعارضةلحکمشرعیثابت. والخلاصة لایجوزللمسلمأنیقدمأینوعمنالتنازلفیدینهأوعقیدتهلإبرامتحالفسیاسیأوعسکریأواقتصادییوفرلهالدعموالحمایة. والضابط الثالث: المرونةفیالعملالسیاسیالإسلامی وفقاً لعدمإغفالالنصوصالجزئیة والالتزام بفقهالأولویات القائم علىالمفاضلةبینمصلحتین أومفسدتینوترجیحأحدهماعلىالأخرى. على أساس إعطاء کلعملقیمتهالحقیقیةفیمیزانالشرعفلانکبرالصغائرولانصغرالکبائر. فهذهالأسسوفقهها تکسبالمسلممرونةفیمایقدمویؤخرمنالأعمالوالمواقفالسیاسیةوغیرالسیاسیة. أما الضابط الرابع: فهو الأهلیةالشرعیةوالسیاسیةللطرف الذی یبرمعقدالتحالفالسیاسی. ولابدوأنیکونخلیفةالمسلمینأونائبهإذاکانالمسلمونعلىکلمةواحدةوقیادة احدة، أما إن کانت الأمة مقسمة إلى دول، فالذی یبرم عقد التحالف الرئیس أو من یفوضه[132]. وتمیز الدراسة بالنسبة لأحکامالتحالفالسیاسیمنحیثالمتحالفمعه، بین تحالفالمسلمینمعبعضهمالبعض وهو أمر واجب وجوبوحدةالمسلمین وحکمانقسامهمإلىدولوممالک، وبین تحالف المسلمین معغیرالمسلمینضدغیرالمسلمین، وبین تحالفالمسلمینمعغیرالمسلمینضدالمسلمین[133]. وواقعالأمّةالإسلامیةالیومالتجزئة إلىعشراتالکیاناتالسیاسیةفی إطار الدولة القومیةالحدیثة، حیثلکلمنهاحدودهاالسیاسیةوسیادتها. والعلماءمتفقونعلىعدمجوازالتحالفعلىالشرأوعلىالخیروالشرمعا،سواءکانبینالمسلمینأنفسهمأوبینالمسلمینوغیرالمسلمین[134]. والحکمالشرعیفیتحالفالمسلممعغیرالمسلمضدالمسلم أنّه لا یجوز، ومن ثم فهو حلف لا یقبله الإسلام، قالتعالى: "ولنیجعلﺍللهللکافرینعلىالمؤمنینسبیلا"[135]. ولقدبحثالفقهاءالقدامىمسألةاستعانةأهلالعدلمنالمسلمینبغیرالمسلمین ضدفئةباغیةوخارجةعلىالقانون، وقال بعدم جواز ذلک مطلقاً[136]. وهناک ثلاثة عناصر تهیئ الفرصة لظهور تحالفات: أولاً وجود مصالح مشترکة بین مجموعة من الفرقاء متعارضة ومتصادمة مع طرف آخر، وثانیاً وجود أطراف قویة وأخرى ضعیفة على الأغلب، فالطرف الضعیف هو الذی یلجأ إلى التحالف لیتقوى بالآخرین، وثالثاً وجود حالة صراع أو تنازع قائمة مهما کانت أسباب ودوافع هذا الصراع فقد تتغیر طبیعة الصراع وأسبابه وبواعثه ولکن تبقى حقیقته واحدة. وإن وجود حالة صراع أو تخوف من نشوئها، هو ما یدعو إلى إقامة تحالفات[137]. وتدخل قضیة التحالفات والمعاهدات فی باب السیاسة الشرعیة، فقد وردت نصوص وقیم عامة، مثل: العدل، الحریة، الشورى، تحقیق المصلحة، لتحکم مجمل النظام السیاسی الإسلامی[138]. ولذلک یمکن الحدیث عن عدة مقومات الحلف الإسلامی. وهنا تمیز الدراسة بین نوعین من المقومات: مقومات عامة تنطبق على کل الأحلاف ومقومات خاصة ترتبط بالوظیفة التی أنشئ الحلف من أجلها. ویأتی فی طلیعة المقومات العامة المقومات العقدیة والقیم المنبثقة عنها. بینما المقومات الخاصة الوظیفیة، تمیز الدراسة فیها بین المقومات السیاسیة والمقومات العسکریة والمقومات التجاریة والمقومات الصناعیة أو المقومات الاقتصادیة. وما من شک أن التقسیم الإسلامی للمعمورة یمثل فی جوهره تقسیماً فقهیاً لنظام التحالفات فی العلاقات الدولیة. فقد قسم الفقهاء العالم إلى ثلاث دور: دار الإسلام ودار العهد ودار الحرب. وتعکس دار العهد التحالف بین المسلمین وذلک القسم من غیر المسلمین فی المعمورة الذین لیسوا فی حالة حرب مع المسلمین. فالتقسیم المتداول للمعمورة بین دار إسلام ودار حرب ودار العهد هو تقسیم فقهی لا أساس له فی القرآن أو السنة، واجه به الفقهاء الضرورات التی استلزمها الجهاد والدفاع عن العقیدة وما یتطلب ذلک من تحقیق المصالح السیاسیة والاقتصادیة. ونظریة تقسیم المعمورة إلى دارین، وتحدید نطاق دار الحرب ودار الإسلام لم تعدو أن تکون فکرة سیاسیة بحتة، استلزمتها طبیعة الأمور فی وجوب سیادة الدولة على أراضیها وسیطرتها على من یقطنون علیها سیطرة کاملة[139]. وقد عرف محمد بن الحسن الشیبانی دار الإسلام بأنها: "اسم الموضع الذی یکون تحت ید المسلمین، وعلامة ذلک أن یأمن فیه المسلمون"، وتکون لهم السیادة والغلبة وأن یأمنوا فیها على أنفسهم وأموالهم وعقائدهم وأن تسری فیها أحکام الإسلام[140]. وتتلخص سیاسة دار العهد تلک بادئ ذی بدء فی أنّ الدولة الإسلامیة لم تتبع مع بعض خانات وملوک آسیا الوسطى وأفریقیا سیاسة الحرب التی اتبعتها مع الروم فی غیر هوادة، والتی تفترض أن لا سبیل إلى التفاهم مع العدو فی دار الحرب، إما لتمسکه بدینه تمسکاً یقوم على العداء للإسلام، وإما لثبات دعائم حکومته ثباتاً لا سبیل إلا الحرب لتقویضها. فلقد اتبع المسلمون إلى جانب السیاسة الحربیة فی دار الحرب سیاسة التعاون التی تحرص على موالاة بعض هذه البلاد ومصادقتها، على أساس احتفاظها ببعض شخصیتها السیاسیة المستقلة، وإبقاء ملوکها وأمرائها علیها، وإنشاء الحصون وتدعیمها بالحامیات لحمایتها، مادام فی حمایتها حمایة فعلیة لدار الإسلام. فکل طرف من أطراف العهد أو الحلف یعترف بسیادة وسلطان دار الإسلام، على أن یظل محتفظاً بأربعة أشیاء: جیوشه وإدارته ورؤسائه وحریته الدینیة. فالوضع القانونی لدار العهد هو التحالف من أجل الاستقرار والأمن لدار الإسلام من جانب، وأمن المجموعة المجاورة أو المتاخمة التی طبق علیها مرکز خاص أسمی بدار العهد من جانب آخر. وقد کان من مرونة السیاسة الإسلامیة فی هذا السبیل ما جعلها تتحاشى جراح کرامة هذه الشعوب. وقد امتدت نظریة دار العهد تلک مکاناً واستطالت زماناً حتى بلغت عصر الممالیک والعثمانیین وبلاد الأندلس[141]. وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل الذمة، وأهل الهدنة، وأهل أمان. وإذا کان العهد مؤبداً (مثل عهد أهل الذمة) فإن دار العهد هنا من جملة دار الإسلام. والدول التی تمارس الحرب بالفعل ضد بلاد المسلمین، أو تدعم من یفعل ذلک بالمال والسلاح وغیرها من صور الدعم، لا تجعلها المعاهدات التی تبرمها مع بعض الدول الإسلامیة دار عهد، ولا تخرجها عن کونها دار حرب. والدور التی تجمع صفات من دار الإسلام ودار الکفر، هی دار جدیدة مرکبة لها أحکامها الخاصة، وهی لیست دار إسلام ولا دار حرب، بل هی قسم ثالث، یعامل المسلم فیها بما یستحقه، ویعامل الخارج عن شریعة الإسلام بما یستحقه. والحکم على الدور والتفریق بینها لیس وراءه کبیر فائدة لأفراد الناس، ولیس مؤثراً فی الأحکام المتعلقة بهم، بل الفائدة متعلقة بالحاکم المسلم، فالموضوع فی الفقه السیاسی[142]. خامساً- ظاهرة الحلف فی الخبرة الإسلامیة: تأسیساً على ما سبق، ومن منطلق أن الفقه ضابط للواقع ومحدد لأحکامه، ترى الدراسة أن ظاهرة الحلف فی الخبرة الإسلامیة منذ بدایة الخلافة الراشدة وحتى نهایة الخلافة العثمانیة، ارتبطت فی نشوئها إما بتحقیق المصلحة الإسلامیة وفقاً لفقه الأولویات وفقه الموازنات وفقه الضرورات، کتحالفات الخلفاء الراشدین والحکام العادلین وقادة الفتح الإسلامی، وإما بتحقیق المصالح السیاسیة الخاصة المسببة للصراع على السلطة وإثارة الفتن الداخلیة والصراعات الطائفیة والتی تبرم تحالفات مع غیر المسلمین ضد المسلمین، وهی أمور تتعارض بطبیعتها مع جوهر الإسلام وتحقیق المصلحة الإسلامیة. ففی خلال فترة الخلافة الراشدة، استطاع أبوبکر رضی الله عنه توحید الجبهة الداخلیة والقضاء على حرکة الردة، التی بدورها شهدت تحالفات الذین ادعوا النبوة مع بعضهم البعض (کتحالف سجاح مع مالک بن نویرة ومسیلمة) ومع الفرس والروم[143] بهدف وأد الإسلام فی مهده، لکنها لم تستطع. وجدد أبوبکر معاهدات الرسول صلى الله علیه وسلم ومنها معاهدته مع نصارى نجران[144]. وانطلقت حرکة الفتوحات فی خلافته، ثم واصلها عمر رضی الله عنه، واستطاع قادة الفتح بعد إسقاط إمبراطوریة الفرس عقب انتصاراتهم فی القادسیة ونهاوند عقد تحالفات مع المدن الفارسیة، کما کسروا تحالفات الروم مع الغساسنة عقب انتصاراتهم فی الیرموک وأجنادین ومحاصرة القسطنطینیة. وقد وُقِّعت فی خلافة عمر معاهدات مع أهل المدن التی تم فتحها کانت بمثابة تحالفات أیضاً، منها معاهدات مع أهل الشام وفلسطین وأرمینیة أیضاً[145]. ومن تحالفات قادة الفتح مع شعوب البلاد المفتوحة، توقیع عمرو بن العاص مع أهل مصر عهد أمان على أنفسهم وملتهم وکنائسهم وصلبهم برهم وبحرهم[146]، هو بمثابة تحالف أیضاً فی مواجهة الروم وظلمهم للمصریین. أما عثمان رضی الله عنه فقد واصل الفتوحات، إلى أن وقعت الفتنة الکبرى التی أدت إلى مقتله وظهور تحالفات داخلیة ذات نوازع طائفیة استمرت طوال خلافة علی کرم الله وجهه، وعلى إثرها شهدت الأمة ظهور الخوارج ثم الشیعة، علاوة على انقسام الأمة إلى حلفین: حلف المؤیدین لعلی وحلف المؤیدین لمعاویة رضی الله عنه، وقد نشب بین الفریقین صراع انتهى بمقتل علی[147]، ثم فی مرحلة لاحقة تنازل الحسن رضی الله عنه عن الخلافة لمعاویة وتم التوحید بین شطری الأمة المتصارعین[148]. وفی فترة الخلافة الأمویة فی دمشق، فبعد أن استتبت الأمور لمعاویة ثم لابنه یزید، ترکزت التحالفات الداخلیة فی إطار الصراع على السلطة، حیث أعلن عبد الله بن الزبیر نفسه خلیفة من مکة عقب وفاة یزید، لکن مروان بن الحکم استطاع استرداد الخلافة لبنی أمیة، وتم الظفر بابن الزبیر على ید الحجاج. وتوالت تحالفات الصراع على السلطة إلى أن استتبت الأمور فی عهد عبد الملک بن مروان وابنه الولید، وبشکل عام استمرت الفتوحات فی عهد الدولة الأمویة بشکل کبیر، إلى أن ضعفت الدولة نتیجة لظهور تحالفات الصراع على السلطة داخل البیت الأموی نفسه بعد وفاة یزید بن عبد الملک، حیث قتل الولید بن یزید بن عبد الملک، واتهم مروان بن محمد إبراهیم بن الولید وأخیه یزید الثالث بذلک. واستطاع مروان بن محمد تولی الخلافة. ولکن فی عهده ظهر تحالف نقیض للأمویین، وهو التحالف العباسی، الذی استطاع بدوره القضاء على الدولة الأمویة[149]. وقد استتبت الأمور للدولة العباسیة من الناحیة السیاسیة والعسکریة فی المئة الأولی من عمرها وقد کان للفرس دور کبیر فی ذلک، وبعدها بدأ عصر الضعف السیاسی فی المئة الثانیة التی مثلت عصر نفوذ الأتراک وهیمنتهم على الخلافة، ثم فی المئة الثالثة عصر نفوذ البویهیین، ثم فی المئة الرابعة عصر نفوذ السلاجقة، ثم فی المئة الخامسة التی شهدت ظهور الدولة الخوارزمیة کدولة قویة وسد منیع فی مواجهة المغول الذین اجتاحوا العالم الإسلامی، فأسقطوا الدولة الخوارزمیة ثم الدولة العباسیة. وفی فترة الدولة العباسیة التی استمرت أکثر من خمسة قرون، ظهرت تحالفات داخلیة ذات نوازع انفصالیة للولاة وأمراء التغلّب أسفرت عن ظهور قرابة العشرین دویلة إسلامیة بجانب دولة الخلافة الأم[150]. وهنا یمکن التمییز بین ثلاثة تحالفات سیاسیة کبرى فی الأمّة کل طرف یطرح نفسه نقیضاً للآخر: الخلافة العباسیة فی بغداد (بنی العباس)، والخلافة الفاطمیة فی مصر (العلویون)، والخلافة الأمویة فی الأندلس (بنی أمیة). وکل طرف کان یتحالف مع غیر المسلمین للقضاء على الطرفین الآخرین تحقیقاً لمصالحه السیاسیة الخاصة فی الحفاظ على السلطة، کتحالف العباسیین مع مملکة الفرنجة المسیحیة ضد الأمویین فی الأندلس وضد البیزنطیین أیضاً[151]، وتحالفات الفاطمیین مع الصلیبیین ضد السلاجقة[152]، وتحالفات الخلیفة العباسی الناصر لدین الله مع الإسماعیلیة والمغول ضد الدولة الخوارزمیة[153]. وهناک أشکال کثیرة من تحالفات المصالح السیاسیة، منها تحالف ملوک الطوائف فی الأندلس مع ألفونسو السادس ملک قشتالة ضد بعضهم البعض[154]، وتحالف عامة من کان بخراسان من قبائل العرب على قتال أبی مسلم الخرسانی[155]، وتحالف توزون ونوشتکین والأتراک فی العصر العباسی ضد أبی الحسین البریدی ثم غدر نوشتکین بتوزون[156]، وتحالف ملوک الموصل وحلب وإربل مع سلطان الروم ضد الملک العادل الأیوبی[157]، وتحالف مجیر الدین صاحب دمشق مع الروم أثناء حصار نور الدین محمود لدمشق[158]. وهناک أیضاً تحالفات أمراء بنی أیوب وصراعاتهم البینیة على السلطة[159]، وتحالفات أمراء الممالیک بعضهم ضد بعض، کتحالف الناصر داود مع الجواد للخروج على طاعة العادل[160]، وتحالف الممالیک السلطانیة على قتل الأمیر قوصون فی القاهرة[161]، وتحالف الأمیر طاز مع الأمیر بیبغا روس بعقبة آیلة[162]. وهکذا فالتحالفات کانت أداة من أدوات الصراع السیاسی لتحقیق مصالح شخصیة، ترتب علیها عواقب وخیمة على الأمة، منها: ضیاع الأندلس، سقوط الدولة الخوارزمیة، انهیار الخلافة العباسیة، زوال دولة الممالیک، والدولة الأیوبیة. وفی ظل الإمارة العثمانیة الناشئة والمتحالفة مع الدولة السلجوقیة لمواجهة الروم، بدأت الفتوحات، وتحولت إلى سلطنة بعد ضمها لممتلکات الدولة السلجوقیة التی انهارت. وقد ترکزت فتوحات عثمان وأورخان ومراد الأول ثم بایزید الصاعقة ومحمد الفاتح فی أوروبا من جهة الشرق. وتحولت السلطنة إلى خلافة على ید سلیم الأول بعد ضمه لکثیر من أقالیم العالم الإسلامی وعلى رأسها البلاد العربیة. وقد استتبت الأمور من بعده لابنه سلیمان القانونی الذی کان رجل دولة قدیر، وأدار تحالفات تلیق بدولة الإسلام القویة باعتبارها قوة عظمى فی عهده، إلى أن ظهرت فی عصر الضعف العثمانی تحالفات الصراع على السلطة من جدید، حیث الفتن والمؤامرات وأعمال القتل ودسائس نساء السلاطین لإیصال أبنائهن للحکم وعدم متابعة الخلفاء للأمور وترک کل شیء للصدر الأعظم (رئیس الوزراء) ثم تدخلات قوات الإنکشاریة وإهمالها تطویر قوتها العسکریة فی الوقت الذی صعدت أوروبا وضعفت دولة الخلافة واستعمار أوروبا للعالم الإسلامی ثم انهیار الخلافة وزرع الکیان الصهیونی شوکة فی حلق الأمة فضلاً عن التبعیة وأزمة الأقلیات والتخلف العلمی، وصولاً إلى واقعنا المعاصر[163]. وترى الدراسة، تأسیساً على ما سبق، أنه ینبغی التمییز بین نوعین من التحالفات: تحالفات القوة، وتحالفات الضعف. فتحالفات القوة أساسها قوة الدولة وإنجازاتها العلمیة والحضاریة واستقرارها السیاسی وانتشار العدل والرجوع إلى تعالیم الإسلام وتحقیق المصلحة الإسلامیة، أما تحالفات الضعف فإنّها تعکس ضعف الدولة والصراع على السلطة والاستبداد وإیثار النوم فی سبات عمیق على مواصلة النهوض وبناء القوة وتحقیق العدل. الجزء الثانی- تعریف المفهوم وبناء النموذج النظری: بعد الانتهاء فی الجزء الأول من تأصیل مفهوم الحلف من الرؤیة الإسلامیة، تطرح الدراسة فیما یلی تعریفاً جدیداً للمفهوم موضحة أبعاده المختلفة فی سیاق مقارن مع الرؤیة الغربیة. ثم تقدم تصوراً أولیاً لبناء نموذج نظری[164] لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی، یلی ذلک تقدیم تصور آخر مماثل لما تسمیه الدراسة معیار ضبط الحرکة فی الحلف على مستوى الواقع. فالحاجة ملحة على مستوى الفکر لوضع مثل هذا التصور التنظیری بحیث یکون محل نظر وتطویر واتفاق من قبل المتخصصین فی دراسة الظاهرة السیاسیة الإسلامیة، حتى یتسنى للباحثین استخدامه کأداة تحلیل علمیة لدراسات حالة فردیة أو جماعیة لأحلاف فی الواقع المعاصر. وما من شک فی أنّ تقدیم اقتراح أولی لنموذج نظری کهذا وتطبیقه لدراسة بعض الحالات فی الواقع، فیما بعد، یعد مقدمة جیدة لتطویر یمکن أن یکتب له فی نهایة المطاف النجاح والاستمراریة، بحیث یمکن استخدام النموذج النظری المقترح لدراسة وتقییم تجربة الأحلاف فی العالم العربی الإسلامی بوجهیها السیاسی والعسکری الیوم. الأمر الذی یفضی فی الوقت نفسه وعلى مستوى الممارسة السیاسیة إلى بناء معیار مقبول لضبط حرکة الحلف الإسلامی، یسهم فی إیجاد نموذج حقیقی مقبول وفاعل، ویکون محل إجماع أو اتفاق لدى النخب السیاسیة والمثقفة والشعوب، ویحظى بأقل قدر من النقد ویتمتع باستقرار نظام العضویة فیه. وما من شک فی أن بناء إطار تنظیری لتحلیل ظاهرة الأحلاف فی العالمین العربی والإسلامی، وخاصة الأحلاف السیاسیة والعسکریة، هو أمر مهم من منظور النظریة السیاسیة المعیاریة والتجریبیة فی آن، من عدة جوانب: فهو من المنظور العلمی وعلى المستوى الفکری، یمثل جهداً تنظیریاً یمکن استخدامه کمعیار لتقییم ظاهرة الأحلاف التی تنشأ فی الواقع، من قبل باحثی العلوم السیاسیة وخاصة باحثی العلاقات الدولیة أو النظم السیاسیة العربیة أو شؤون العالم الإسلامی. أما من المنظور الواقعی، وعلى مستوى الممارسة السیاسیة، فإنّ معیار ضبط الحرکة یمکن استخدامه کأداة للتقییم أو الاتفاقمن قبل صناع القرار والقوى السیاسیة والرأی العام. تأسیساً على ذلک، وضمن هذا السیاق، یمکن الحدیث عن ملامح محددة لإطار نظری تحلیلی مقترح لدراسة وتقییم وتحلیل ونقد ظاهرة الأحلاف السیاسیة والعسکریة فی العالم الإسلامی، ومن ثمّ بناء النموذج الأمثل المنشود للتطبیق فی الواقع. ویمکن الحدیث ضمن هذا الإطار عن مکونین أساسیین: النموذج النظری کمکون للتنظیر، ومعیار ضبط الحرکة کمکون للممارسة. وعلیه تتناول الدراسة فی هذا الجزء ثلاث نقاط هی: تعریف الحلف الإسلامی المفهوم والأبعاد، بناء النموذج النظری، ومعیار ضبط الحرکة. أولاً- تعریف الحلف الإسلامی: المفهوم والأبعاد: تأسیساً على ما سبق، وقبل أن تطرح الدراسة تعریفها المقترح للحلف الإسلامی ومنه تشتق تعریفها لکل من الحلف السیاسی الإسلامی والحلف العسکری الإسلامی، بحیث یتضمن کل تعریف المفهوم وأبعاده الرئیسة، تعرّف الدراسة أولاً الحلف بوجه عام ومنه تعرّف الحلف السیاسی والحلف العسکری بوجه خاص. فالحلف هو: "معاهدة، رسمیة، موثقة[165]، ومحددة زمنیاً، بین طرفین أو أکثر، لتحقیق أهداف، وتبنی مواقف مشترکة، والالتزام بتقدیم مساعدات متبادلة، لزیادة قوتهم، یترتب علیها القیام بعمل تعاونی، لمواجهة خصم أو أکثر فی وقت السلم أو الحرب، أو التصدی لموضوع ما، على أن ینشأ بأجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه"[166]. وتمیز الفاصلة بین بعد وآخر، فأول صفة للحلف أنه معاهدة رسمیة موثقة ومکتوبة وعلیها شهود ومحددة زمنیاً بین طرفین أو أکثر قد یکونون أفراداً أو قبائل أو أقواماً أو قوى سیاسیة أو مؤسسات اجتماعیة أو تجمعات اقتصادیة أو دولاً أو حکومات، لتحقیق أهداف وتبنی مواقف مشترکة، والالتزام بتقدیم مساعدات متبادلة فیما بینهم، قد تکون سیاسیة أو عسکریة أو اقتصادیة أو ثقافیة أو اجتماعیة علیهم تنفیذها، بهدف زیادة قواهم الفردیة أو الجماعیة، یترتب علیها القیام بعمل تعاونی مشترک، لمواجهة خصم فی وقت السلم أو الحرب قد یکون أطرافاً أخرى مماثلة، أو التصدی لموضوع ما أو قضیة ما، على أن ینشأ الحلف بأجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه وفقاً للاهتمامات التی قد تکونعقدیة أو إیدیولوجیة أو سیاسیة أو عسکریة أو اقتصادیة أو ثقافیة مشترکة[167]. ویختلف التحالف فقط فی أنه اتفاق رسمی غیر موثق بین مجموعة أطراف ولیس بحاجة لإنشاء أجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه. تأسیساً على ذلک، تعرف الدراسة الحلف السیاسی بأنه: "معاهدة، سیاسیة، رسمیة، موثقة، ومحددة زمنیاً، بین دولتین أو أکثر، لتحقیق أهداف، وتبنی مواقف مشترکة، والالتزام بتقدیم مساعدات متبادلة، لزیادة قوتهم، یترتب علیها القیام بعمل تعاونی، لمواجهة خصم، فی وقت السلم أو الحرب، أو التصدی لموضوع ما، على أن ینشأ بأجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه". ومن الملاحظ أن الحلف السیاسی یتمیز بکون المعاهدة سیاسیة وأطرافها الدول، بینما التحالف السیاسی اتفاق سیاسی رسمی غیر موثق بین مجموعة من الدول ولیس بحاجة لإنشاء أجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه. وتعرف الدراسة أیضاً الحلف العسکری بأنه: "معاهدة، عسکریة، رسمیة، موثقة، ومحددة زمنیاً، بین دولتین أو أکثر، لتحقیق أهداف، وتبنی مواقف مشترکة، والالتزام بتقدیم مساعدات متبادلة، لزیادة قوتهم، یترتب علیها القیام بعمل تعاونی، لمواجهة خصم، فی وقت السلم أو الحرب، أو التصدی لموضوع ما، على أن ینشأ بأجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه"، بینما التحالف العسکری اتفاق عسکری رسمی غیر موثق بین مجموعة من الدول ولیس بحاجة لإنشاء أجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه. وتعرف الدراسة الحلف الإسلامی على أنه: "معاهدة، رسمیة، موثقة، ومحددة زمنیاً، یعقدها طرفان من المسلمین أو أکثر فیما بینهم،أو مع غیر المسلمین، یتبنون فیها مواقف مشترکة، لمواجهة تعدّی آخرین، یترتب علیها التزام المتحالفین بتقدیم مساعدات متبادلة، لزیادة قوتهم، والتعاون على الخیر، فیمجالاتیتفقون علیها، تلتقیعلیهامصالحهم وتتحقق فیها المصلحة الإسلامیة، على أن ینشأ بأجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه". وتمیزاً عن أبعاد الحلف بوجه عام، فالحلف الإسلامی عقد بین طرفین من المسلمین أو أکثر فیما بینهم، أو مع غیر المسلمین لمواجهة تعدٍ من آخرین قد یکونون مسلمین أو غیر مسلمین. ویترتب على التعاون على الخیر ولا یجوز أن یکون على الشر أو على الخیر والشر معاً سواءکانبینالمسلمینأنفسهمأوبینالمسلمینوغیرالمسلمین. ومن الملاحظ أن تحقیق المصلحة الشرعیة والإسلامیة أهم ما یمیز مفهوم الحلف الإسلامی. والمصلحة الإسلامیة تعنی تحقیق مصلحة الدین ومصلحة الأمة، بما یعنی الحفاظعلىثوابتالعقیدةالإسلامیة والالتزام بفقهالأولویات القائم علىالمفاضلةبینمصلحتین أومفسدتینوترجیحإحداهماعلىالأخرى[168]. ویختلف التحالف الإسلامی فقط فی أنه اتفاق رسمی غیر موثق بین أطراف من المسلمین فیما بینهمأو مع غیر المسلمین ولیس بحاجة لإنشاء أجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه. تأسیساً على ذلک تعرف الدراسة الحلف السیاسی الإسلامی على أنه: "معاهدة، سیاسیة، رسمیة، موثقة، ومحددة زمنیاً، تعقدها دولتان إسلامیتان أو أکثر فیما بینهم،أو مع دولة غیر إسلامیة أو أکثر، یتبنون فیها مواقف مشترکة، لمواجهة تعد آخرین، یترتب علیها التزام المتحالفین بتقدیم مساعدات متبادلة، لزیادة قوتهم، والتعاون على الخیر، فیمجالاتیتفقون علیها، تلتقیعلیهامصالحهم وتتحقق فیها المصلحة الإسلامیة، على أن ینشأ بأجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه". ویختلف التحالف السیاسی الإسلامی فقط فی أنه اتفاق سیاسی رسمی غیر موثق بین الدول الإسلامیة فیما بینهاأو مع الدول غیر الإسلامیة ولیس بحاجة لإنشاء أجهزة تعمل على تنفیذ أهدافه. بینما یتمیز الحلف العسکری الإسلامی بأن المعاهدة عسکریة رسمیة موثقة فی حین أن التحالف العسکری الإسلامی اتفاق عسکری رسمی غیر موثق. وعند المقارنة بین الحلف من منظور إسلامی والحلف من منظور غربی، یتضح لأول وهلة أن مفهوم الحلف فی الرؤیة الغربیة یقتصر على مستوى الدول فقط بینما فی الرؤیة الإسلامیة یتسع نطاقه لیشمل العلاقات على المستوى غیر الرسمی وعلى المستویین الفردی والمؤسسی وعلى مستوى القوى السیاسیة. وما من شک فی أن خصوصیة مفهوم السیاسة فی الإسلام مقارنة بمفهوم السیاسة فی الغرب وخاصة من حیث ارتباطه بالقیم والأخلاق وما فیه مصلحة البشریة، تجد انعکاساتها على مستوى المقارنة بین الحلف فی الرؤیة الإسلامیة. من أجل ذلک، یمثل مفهوم الحلف الإسلامی بهذا الشکل منطلقاً جیداً لبناء النموذج النظری والمعیاری الذی تنشده الدراسة على المستویین الفکری والحرکی. ثانیاً- النموذج النظری لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی: یشتمل النموذج النظری لدراسة ظاهرة الحلف الإسلامی على أربعة مکونات رئیسة ویمر بأربع مراحل تضمن له الحرکة والفاعلیة المنتظمة. أمّا المراحل الأربع، فهی: أولاً مرحلة المدخلات وتتضمن التعرض للتهدیدات. وثانیاً مرحلة الفعل والفاعلیة والتفاعل، وفیها تتم عملیة الاستجابة للتهدیدات والتعامل معها، ویتوقف مدى النجاح والفشل على مدى توافر الشروط والخصائص المعتبرة فی الحلف وطبیعة المحددات والخصائص التی تکفل فاعلیة حرکته. وثالثاً مرحلة المخرجات التی یتمخض عنها إمّا نجاح المواجهة والتغلب على التهدیدات، أو فشلها ومن ثم عدم قدرة الحلف على تنفیذ أهدافه. ورابعاً مرحلة التغذیة الاسترجاعیة التی على قدر مقدار النجاح أو الفشل فی الأداء تکون الاستجابة لمدى حاجة الحلف إلى المواصلة المرتبطة بتطویر الأداء وبذل لمزید من الجهد والاهتمام لإعادة مواجهة التهدیدات بشکل مختلف وأکثر قوة[169]. وأما المکونات الأربعة الرئیسة فهی: التهدیدات، والشروط والخصائص، والمحددات والمقومات، وسبل مواجهة التهدیدات. بالنسبة للتهدیدات، فإن الحلف الإسلامی فی الواقع المعاصر ینبغی علیه أن یواجه سبعة تهدیدات والتغلب علیها: ثلاثة منها تمثل تهدیدات داخلیة، وهی الاستبداد بالسلطة والصراع علیها، ومحاولات التقسیم والتجزئة، والصراعات الطائفیة والعرقیة، وأربعة منها تمثل تهدیدات خارجیة، وهی اضطهاد المسلمین، وهیمنة القوة العظمى والدول الکبرى، وتدخلات القوى الإقلیمیة، ووجود الکیان الصهیونی کشوکة فی حلق الأمة وککیان سرطانی توسعی یمثل عائقاً أمام النهوض وتحقیق الاستقرار فی المنطقة. وبالنسبة للشروط والخصائص فهی ثمانیة، ثلاثة منها ترتبط بطبیعة نشأة الحلف والأسس التی قام علیها، وهی أولاً: أن تکون نشأته طبیعیة بإرادة خالصة من الدول الأعضاء تتحقق فیها مصالحهم، دون مؤثرات أو توجیهات من القوى الکبرى أو الانفراد باتخاذ القرار والاکتفاء بتحقیق المصلحة الخاصة من قبل دولة واحدة، وثانیاً: وحدة الدول الأعضاء وتوطید العلاقات البینیة بینهم فی المجالات المختلفة، وثالثاً المؤسسیة والدور النشط للحلف وتفعیل لقاءاته الدوریة. أما الخمسة المتبقیة لهذه الشروط والخصائص، ومصدرها الأبعاد الممیزة لمفهوم الحلف الإسلامی، فهی أولاً: أن یکون هدفه فی المقام الأول تحقیق المصلحة الإسلامیة ممثلة فی مصلحة الدین والحفاظ علیه ومصلحة الأمّة ککیان شامل ومصلحة الدول الأعضاء. وثانیاً: أن یکون الحلف بین طرفین أو أکثر من المسلمین فیما بینهم، کأن یکون بین دولتین إسلامیتین أو أکثر أو یکون الحلف مع دولة غیر إسلامیة أو أکثر. وثالثاً: أن یکون التعاون فی الحلف بین الدول الأعضاء على الخیر لا على الشر. ورابعاً: أن تتسنى له القدرة على مواجهة العداء أو الهیمنة أو تدخلات الدول أو القوى الأخرى. وخامساً: أن یکون للحلف أجهزة ومؤسسات تعمل على تنفیذ أهدافه وأهداف الدول الأعضاء. أما بالنسبة للمحددات والمقومات، فهی أربعة، أولاً: محدد المصلحة، ویتضمن فی المقام الأول تحقیق المصلحة الشرعیة والإسلامیة، وفی إطارها وعلى نحو لا یتعارض معها تتحقق المصلحة الوطنیة والمصلحة القومیة. وثانیاً: محدد قدرات الدول الأعضاء ومدى قوتها ویشمل القدرات الاقتصادیة والعسکریة والإمکانات المادیة والبشریة وحالة الاستقرار السیاسی والاجتماعی للدول الأعضاء فی الحلف. وثالثاً: محدد إدراک صانع القرار فی الدولة العضو لطبیعة التهدیدات التی تتعرض لها دول الحلف ورؤیته لدور بلده فی تفعیل عمل الحلف وماهیة مفهوم المصلحة لدیه. وهنا یثور التساؤل: هل هی المصلحة الإسلامیة أم المصلحة الوطنیة والقومیة لبلده أم المصلحة الخاصة للنظام السیاسی أم هی مصلحته الخاصة للبقاء فی السلطة؟ وهنا فعلى قدر اهتمامه بالمصلحة الشرعیة والإسلامیة بالتوازی مع المصلحة الوطنیة والقومیة على قدر ما یکتب ضمان استمراریة الحلف ونجاحه، وعلى قدر ما یترکز الاهتمام على المصالح الشخصیة على قدر ما یکون ذلک سبباً فی فشل الحلف واحتمالیة تعرضه للانهیار. ورابعاً: مُحدد العلاقة بین الدول الأعضاء، وفیها ینبغی لمنازعات الحدود أن یتم التوصل إلى حلول موضوعیة لها، وإلا فإنّها ستؤثر على عمل الحلف وتصیبه بالجمود والشلل، کما ینبغی تجاوز أی خلافات سیاسیة تنشأ لأی سبب کان، فحفاظ الدول الأعضاء على متانة العلاقات الثنائیة فیما بینها أمر مهم أیضاً، کذلک فإن مبدأ عدم التدخل فی الشؤون الداخلیة للدول الأعضاء من قبل دول أخرى فی الحلف هو أیضاً أمر لا غنى عنه لضمان استمراریة عمل الحلف بشکل إیجابی. فعلى مستوى محدد المصلحة، تؤکد الدراسة على أهمیة قدرة الحلف على تحقیق المصلحة الإسلامیة ممثلة فی المصلحة الشرعیة ومصلحة الأمّة وتحقیق المصالح الحیویة للدول الأعضاء فیه، أو مدى قدرته على تحقیق المصالح الوطنیة والقومیة لکل دولة عضو.ویکمن الهدف من أهمیة توافر هذا العنصر فی ضرورة شعور کل دولة عضو فی الحلف بأنّ الحلف یحقق مصالحها الوطنیة ولا یتعارض مع مصالحها الحیویة، الأمر الذی یبعث لدیها حالة من الرضا والقبول،بحیث یدفعها تکوین الحلف وأداؤه بهذا الشکل إلى تفعیل مشارکتها فی تقویته والحرص على الاستمرار فی عضویته. لکن إذا رأت أنّ دخولها فی الحلف قد یهدد مثلاً تماسکها الوطنی الداخلی، إذا ما کانت تضم عدة قومیات أو طوائف، وهذا الحلف موجه بشکل مباشر أو غیر مباشر للتصدی إلى قومیة محددة أو طائفة محددة، عندها تؤثر عدم الانضمام له أو الانسحاب منه، لأنّ هذا الأمر یعتبر من المصالح الحیویة لها. لذلک فإن الأخذ فی الاعتبار المصالح الحیویة الوطنیة لکل دولة على حدة هو أمر لا غنى عنه لنجاح الحلف ونمائه واستقراره. وهناک من الدول التی تتعامل مع الأمر تعاملاً أکثر واقعیة وبرجماتیة، من منظور المکسب والخسارة المادیة والبشریة، حتى من الناحیة المالیة، لذلک فهی تنأى بنفسها عن الاشتراک فی الجانب العسکری، وتؤثر جانب التأیید الإعلامی أو الدبلوماسی، أو حتى غیر العسکری بوجه عام. لذلک فإن الدولة أو الدول المؤسسة للحلف ینبغی أن تأخذ فی الاعتبار المصالح الحیویة للدول الأعضاء فی المقام الأول، إذا ما أرادت أن تؤسس حلفاً قویاً یبقى فترة أطول، أما الحلف القائم على المجاملات العقدیة أو الأیدیولوجیة أو الطائفیة أو الدبلوماسیة، فلن یکتب له النجاح. وهنا یأتی دور العمل الدبلوماسی والتفاوضی فی تأسیس الحلف وتوسیع دائرة عضویته، ومدى متانة العلاقات المتبادلة بین الدولة أو الدول المنشئة للحلف وبین الدولة التی تتصور فی مرحلة ما قبل نشوء الحلف أنّها من الممکن أن تکون عضواً فیه، أو یحق لها ذلک وینبغی أن تدعى إلى عضویته، کما هو الحال بالنسبة لشعور إیران أو العراق إزاء التحالف الإسلامی لمکافحة الإرهاب[170]، أو على الأقل هذا ما یدعیه کلاهما. وکذلک یأتی تأثیر طبیعة السلوک فی السیاسة الخارجیة بین الدول وبعضها البعض ومدى توافقه بین الطرفین المنشئ للحلف والراغب فی عضویته، فی إنجاح تجربة الحلف ونشوئه نشأة طبیعیة. ویتضح ذلک مثلاً لو تأملنا موقفمصر وترکیا وباکستان ومالیزیا وإندونیسیا من التحالف المذکور، والعکس من ذلک لو تأملنا سلوک إیران والعراق وسوریا. کما أنّ مکانة الدولة المنشئة للحلف لاعتبارات أخرى غیر مبادرتها بالتأسیس، کالاعتبارات الإقلیمیة أو الدینیة أو المرتبطة بالقوة، ربما یکون لها تأثیر إیجابی أو سلبی على نشوء الحلف. والمثال هنا السعودیة ومکانتها الدینیة.لکن فی نهایة المطاف فإنّ هذه مجرد عوامل مساعدة أو ثانویة، ویبقى العامل الحاسم والرئیس فی هذه العنصر هو محدد المصلحة الوطنیة والمصالح الحیویة للدول الراغبة فی الانضمام. وعلى مستوى محدد قدرات الدول الأعضاء فی الحلف وإمکاناتها المادیة والبشریة ومقومات القوة الاقتصادیة والعسکریة وحالة التماسک الداخلی فی کل منها. فما من شک أن دولاً تشهد صراعاً على السلطة أو حالة دائمة من عدم الاستقرار السیاسی، أو ضعفاً فی قدراتها العسکریة، أو فتناً طائفیة، أو تبعیة کاملة لدولة إقلیمیة أو قوة عظمى، بکل تأکید لن تکون قادرة على العطاء لهذا الحلف. أما على مستوى إدراک صانع القرار للتهدیدات ورؤیته لعضویة بلده ودورها فی الحلف ُفإنه محدد مهم أیضاً. وکذلک هل رؤیته المجاملة للدولة المؤسسة للحلف الصدیقة أو الشقیقة أو التی قدمت لبلاده دعماً اقتصادیاً کبیراً من قبل، وهو فی نهایة المطاف یحاول النأی ببلاده عن الصراعات الإقلیمیة والدولیة، ولذلک یؤثر الاکتفاء بتقدیم الدعم الدبلوماسی فقط، أم أنه مؤمن برسالة الحلف ولدیه الوازع الأممی الإسلامی ومؤمن بوحدة الأمّة الإسلامیة، أم أنّه مقتنع بأن الحلف یسیر فی فلک توجهات القوة العظمى وطموحاتها فی المقام الأول ومن ثم علیه أن ینأى ببلاده عنه، أم أنّ المهمة المحددة للحلف لیست کافیة له. فی کل الأحوال فإن شخصیة صانع القرار فی الدولة العضو ورؤیته لضرورة مواجهة هذه التهدیدات التی تهدد الأمة أو أحد أقالیمها ومن ثم ینعکس ذلک على بلاده بالسلب على المدى الطویل، یمکن أن محدداً مهماً وعامل قوة من عوامل مواجهة التهدیدات[171]. أما سبل مواجهة التهدیدات والتدخلات والهیمنة الخارجیة، ففیها یمیز النموذج النظری بین معاییر النجاح ومعاییر الفشل. فمعاییر النجاح تشمل الوحدة وتفعیل دور الحلف وتحقیق المصلحة والاستقلالیة وقوة القدرات والاستقرار السیاسی وإرادة المواجهة والإیمان بعدالة قضیة الحلف، أما معاییر الفشل فإنها تشمل ضعف القدرات وکثرة التدخلات الخارجیة وغیاب تحقیق المصلحة. ونجاح الحلف، وفقاً للنموذج، یتوقف على مدى قدرته على مواجهة التهدیدات الداخلیة، أو الخارجیة الواردة من الأعداء، ومدى قدرته کذلک على مواجهة التدخلات الإقلیمیة من الدول التی تمثل تهدیداً للدول الأعضاء فی الحلف أو لبعضها، ومدى قدرته على مواجهة التدخلات الدولیة والتخفیف من هیمنة القوة العظمى والدول الکبرى. ومن الملاحظ أن مدى شعور الدولة العضو بأن هذه التهدیدات تنال منها یکون حافزاً لها على التحرک والمشارکة الفاعلة فی الحلف. ویشیر النموذج هنا على المستوى الدولی، إلى مدى قدرة الحلف على مواجهة التدخلات الدولیة أو بعبارة أکثر واقعیة التخفیف من هیمنة القوة العظمى. لکن تبقى الإشکالیة الکبرى هنا فی أمرین، الأول: هو الوجود الإسرائیلی وممارساته على کافة الأصعدة ودعم القوى العظمى له، والثانی: هو التحالف غیر المعلن بین الولایات المتحدة کقوة عظمى وبین إیران کقوة إقلیمیة، إذا صح التعبیر، أو لنقل الاتفاق المتبادل بینهما الذی بموجبه قدمت الولایات المتحدة تنازلات لإیران فی المنطقة نظیر تلبیتها لمطالب الولایات المتحدة فیما یخص تجمید مشروعها النووی نهائیاً[172]، کل ذلک أضحى عامل ضغطاً کبیر جداً على الدول العربیة والإسلامیة وعامل إضعاف لها، ولیس أمامها سوى تفعیل التحالف فیما بینها بالشکل المقترح فی هذا الإطار التنظیری. وما من شک أن هذه هی أصعب المهام أمام الحلف الإسلامی المنشود. کما یشیر النموذجهنا على المستوى الإقلیمی، إلى أهمیة القدرة التی یتمتع بها الحلف على مواجهة التدخلات الإقلیمیة من الدول التی تمثل تهدیداً للدول الأعضاء فی الحلف. والمثال الأبرز على ذلک هو إیران فی مرحلة ما بعد الثورة التی یتمحور سلوکها إزاء الدول العربیة والإسلامیة على مقولة تصدیر الثورة، أو بتعبیر أدق نشر المذهب الشیعی وتوصیل أتباعه إلى السلطة فی بلدهم کما حدث فی العراق والیمن[173]، أو تمکینهم من السیطرة على مفاصل الدولة دون أن یتولوا السلطة، کما هو الحال بالنسبة لنموذج حزب الله[174]، أو إثارة القلاقل وعدم الاستقرار السیاسی فی بلدهم کما هو الحال فی البحرین[175]، أو نشر المذهب وإیجاد أتباع له فی مصر وفلسطین وغیرها من الدول العربیة والإسلامیة أیضاً. فمن الواضح أن إیران تعمل فی الخفاء وبهدوء ودهاء فی کل بلد فی العالم الإسلامی، فی أفریقیا وآسیا وبلدان الجمهوریات الإسلامیة فی الاتحاد السوفیاتی سابقاً، وحتى فی بلدان الأقلیات الإسلامیة فی أوروبا وأمریکا والصین أیضاً[176]. وما من شک فی أن السیاسة الإیرانیة فی ظل حکم الملالی هی مماثلة تماماً لسلوک الدولة الصفویة مع الدولة العثمانیة فی عهد السلطان سلیم الأول، مع الفارق بأن الدولة العثمانیة کانت دولة قویة وفی مرحلة اکتمال صعودها کقوة عظمى متربعة على عرش العالم، لذلک استخدمت خیار القوة العسکریة، واستطاع سلیم الأول دخول تبریز عاصمة الدولة الصفویة[177]. أما الآن فالدول العربیة ضعیفة وعاجزة عن استخدام أی من الخیارات، بل إن العدید منها غارق فی مشاکله الداخلیة حتى النخاع. من جهة أخرى فإن إیران تستغل عدم إدراک کثیر من الدول الإسلامیة لجوهر مقولة تصدیر الثورة فی تنفیذ مخططاتها بهدوء[178]. لذلک لیس أمام الدول العربیة والإسلامیة فی المرحلة الحالیة سوى أن تحل مشاکلها الداخلیة وأن تتوحد لمواجهة التدخلات الإیرانیة فی المنطقة العربیة بشکل خاص وفی العالم الإسلامی ومناطق الأقلیات الإسلامیة بشکل عام. بدون ذلک لن یتسنى للدول العربیة والإسلامیة مواجهة التدخلات الإیرانیة واحتوائها. ومن الواضح أن إیران اتبعت السلوک نفسه فی أفغانستان حینما قدمت خدماتها للولایات المتحدة إبان احتلالها لأفغانستان، حیث التقت مصالح کلا الطرفین لمواجهة طالبان والقاعدة[179]. ومن المؤکد أنها استثمرت ذلک فی تقویة الوجود الشیعی هناک عملاً بمقولة تصدیر الثورة. کما أنها اتبعت الأسلوب نفسه فی العراق، حیث استثمرت الاحتلال الأمریکی للعراق أعظم استثمار، وقد ساعدها فی ذلک أن ولى الأمریکیون شیعة العراق حکم العراق. "وقد زاد الطین بلة الاتفاق النووی بین الولایات المتحدة وإیران"[180]، الذی بموجبه سمحت الولایات المتحدة لإیران بأن تفعل ما یحلو لها فی المنطقة کمقابل لتنازلاتها النوویة. کما أن خبراء الاستراتیجیة الأمریکیة، من أمثال برنارد لویس وریتشارد بیرل وغیرهم یدرکون أن إیران بهذا الشکل هی مکسب لهم فی إضعاف العالمین العربی والإسلامی[181]، ومن ثم فإن المستفید الأکبر من ذلک هو إسرائیل. أما المواجهة على مستوى الکیان الصهیونی، فإنه تتمثل فی مواجهته ککیان استیطانی إحلالی جاثم على أرض فلسطین، الذی یسعى حالیاً إلى تهوید المسجد الأقصى آخر معقل للمسلمین فی القدس،تمهیداً لبناء کنیس یهودی فی إحدى باحاته ثم إقامة الهیکل الثالث على أنقاضه[182]. لذلک فإنه من المؤکد أن عدم حضور هذا البعد فی مواثیق وممارسات الحلف، سیکون عامل ضعف کبیر فی بنیة الحلف، على الأقل من الناحیة الإعلامیة والدبلوماسیة والسیاسیة.
ویمثل الشکل رقم (1) التالی النموذج النظری المقترح:
ثالثاً- معیار ضبط الحرکة: تقوم فکرة المعیار على سرد شروط أو عناصر محددة یجب على الدول الأعضاء أخذها فی الاعتبار لضمان قوة الحلف، وعلى قدر الالتزام بأکبر أو أقل قدر من هذه الشروط على قدر تحدید وتقییم مدى قوة أو ضعف أداء الحلف أو قدرته على إنجاز أهدافه التی أنشئ من أجلها. ویتکون المعیار من خمسة وعشرین عنصراً، وکل عنصر له أربع نقاط، ومجموع نقاط المعیار مائة نقطة، بحیث یتم فی نهایة المطاف تقییم أداء الحلف وتقییم أداء الدولة العضو فیه بالنسبة المئویة. وما من شک أن مجموع النقاط التی ستحصل علیها الدولة الواحدة هی نفسها التی ستحصل علیها الدول الأعضاء جمیعاً، ومن ثم الحلف نفسه، وهو ما یعنی مدى قوة أداء الحلف أو ضعفه. وتترکز الوظیفة التی یقوم بها معیار ضبط الحرکة فی: إما توجیه وتقویم الممارسة السیاسیة والعسکریة للحلف الإسلامی ولدور الدول الأعضاء فیه بحیث تتحقق عملیة الفاعلیة والتفاعل بشکل قوی، وإما استحداث أحلافاً جدیدة على الأسس التی تم تحدیدها فی هذا المعیار. بعبارة أخرى، فإن الاهتمام یکون على مستوى تقییم وتطویر التجارب الواقعیة أو بناء نماذج جدیدة على أسس سلیمةمن قبل صناع القرار ورجال الممارسة السیاسیة. ویوضح الشکل التالی معیار وعناصره ونظام توزیع نقاطه: الشکل رقم (2):نموذج معیار ضبط الحرکة من قبل الدول الأعضاء فی الحلف الإسلامی
ومن الملاحظ أن هذا المعیار یأخذ فی الاعتبار أمرین: أولهما أنه یعتبر امتداداً للنموذج النظری المقترح کأداة لدراسة وتقییم ظاهرة الحلف الإسلامی من قبل باحثی العلوم السیاسیة، وثانیهما أن بناءه وبناء النموذج النظری أخذ فی الاعتبار بشکل غیر مباشر بالإضافة إلى تأصیل مفهوم الحلف فی الرؤیة الإسلامیة ثلاث دوائر متداخلة: تجربة الأحلاف فی العلاقات الدولیة[183]، وتجربة الأحلاف فی العالم الإسلامی، وتجربة الحلف أو مجموعة الأحلاف محل الاهتمام والتقییم والتطویر. وفی الدوائر الثلاثة المذکورة تجری دراسة التجارب وتحلیلها والترکیز على الرؤى النقدیة العلمیة والعملیةللتیارات المختلفة التی وجهت لهذه التجارب سواء من المؤیدین الذین ینشدون التطویرأوالمعارضین الذین یرفضون الفکرة وتطبیقاتها فی الواقع. ویساعد معیار ضبط الحرکة کمکون للممارسة فی توفیر القدرة على اتخاذ القرار بشکل متوازن وسلیم، کما أنه یمثل مصدراً متکاملاً للمعلومات التی ینبغی الإلمام به من قبل رجل الحرکة[184]. الخاتمة وأهم النتائج: لقد تمّ إنجاز مهمتین أساسیتین فی هذا البحث هما: تأصیل مفهوم الحلف من الرؤیة الإسلامیة، وتعریف مفهوم الحلف وبناء النموذج النظری. فی المهمة الأولى تم تأصیل مفهوم الحلف من اللغة العربیة والوحی قرآناً وسنة والفقه الإسلامی ثم الخبرة التاریخیة، وفی المهمة الثانیة تم تعریف مفهوم الحلف الإسلامی وتحدید أبعاده الرئیسة، وبناء النموذج النظری على المستوى الفکری، وبناء معیار ضبط الحرکة على مستوى الممارسة. وفی ختام هذه الدراسة یمکن التأکید على مجموعة من النتائج یمکن إجمالها فیما یلی: أولاً- ظاهرة الحلف لیست ظاهرة سلبیة فی کل الأحوال کما ترسخ فی أذهاننا نحن العرب، لکنها یمکن أن تکون إیجابیة تحقق مصالح الدول العربیة والإسلامیة إذا ما قامت على أسس سلیمه. ثانیاً- تأصیل مفهوم الحلف الإسلامی من الرؤیة الإسلامیة بحاجة إلى دراسة موسعة أکثر تفصیلاً، وخاصة على مستوى الفکر السیاسی الإسلامی، کما أن تعریف الحلف الإسلامی الذی اقترحه الدراسة بحاجة إلى تحلیل عمیق لأبعاده، ربما یکون ذلک فی دراسة مستقلة باعتبار أن هذا الجهد البحثی یمثل تدشیناً لخطوات تالیة مطلوبة. أیضاً فإن المزج بین الاستفادة من الأدب النظری الغربی لدراسة ظاهر الأحلاف فی العلاقات الدولیة وبین التأصیل فی الرؤیة الإسلامیة من منظور الجمع بین الخبرة والواقع، یمکن أن یثمر عن دراسة أکثر عمقاً. ثالثاً- الحاجة إلى اختبار النموذج النظری من خلال تطبیقه من قبل الباحثین على دراسات حالة لأحد الأحلاف السیاسیة أو العسکریة الموجودة فی الواقع المعاصر، ولیکن مثلاً تطبیقه على تجربة الحلف الإسلامی العسکری الذی أنشأته السعودیة فی أوائل عهد الملک سلمان، باعتباره الأحدث. ویمکن تطبیقه على الأحلاف السیاسیة المرتبطة بالمنظمات الإقلیمیة کجامعة الدول العربیة أو منظمة المؤتمر الإسلامی أو مجلس التعاون الخلیجی. رابعاً- الحاجة إلى اختبار معیار ضبط الحرکة من خلال تطبیقه على حلف من الأحلاف، لرؤیة کم یمکن أن تکون النسبة المئویة لقوة أداء الحلف، ومن ثم یستطیع رجل الدولة التعرف على نقاط القوة أو الضعف فی الحلف الذی تشترک بلاده فیه، من خلال وضع علامة صح أو خطأ أمام کل عنصر من عناصر المعیار، ویستطیع بنفسه حساب مجموع النقاط. خامساً- ربما یُنظر للنموذج النظری کونه أکثر اتساماً بالمأمول منه استشرافاً للمستقبل، أو ربما هو یفتقر فعلاً إلى استشراف المستقبل. الظاهر ربما یکون کذلک، لکن حقیقة الأمر أن النموذج یحمل رؤیة نقدیة للفکر والممارسة معاً، ویحمل تصوراً للإصلاح والوحدة فی نطاق مفهوم التحالف أکثر من کونه یسعى للمأمول، فالمستقبل ربما یکون قاتماً مع التداعیات التی تشهدها المنطقة العربیة على وجه الخصوص نتیجة الصراع الحاد على السلطة ونتیجة تدخلات القوى العظمى والإقلیمیة ومساعی تفکیک المنطقة، فضلاً عن المکاسب التی یحققها الکیان الصهیونی نتیجة ذلک، حیث یسعى جاهداً للسیطرة على ما تبقى من فلسطین بما فیها مدینة القدس والمسجد الأقصى نفسه. لذلک تقدیم رؤی تنظیریة للإصلاح والنهوض هو بیت القصید فی هذه الدراسة. سادساً- تطویر کل من النموذج النظری ومعیار ضبط الحرکة بعد اختبارهما بدراسات الحالة یعد أمراً مهماً لضمان تفعیلهما وعدم انزوائهما بین صفحات الورق بلا توظیف.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
References | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
[1] انظر: د. السید ولد أباه، "الحلف الإسلامی ومواجهة التطرف الدینی"، الاتحاد، 21/12/2015، http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=87562 [2] الحلف الإسلامی"، المعرفة،http://www.marefa.org/الحلف_الإسلامی. [3] جمیل الجبوری، "التجربة والخطأ فی استراتیجیة الدفاع العربی المشترک"، شؤون عربیة، ع21، نوفمبر 1982، ص ص20-21، 24-32. [4] ضاعن شاهین، "أداء مجلس التعاون فی مجال الدفاع: الانتقادات والواقع"، آراء حول الخلیج، ع30، 2007، ص ص44-46. [5]شاهر یحیى وحید، "تجربة التعاون الدفاعی المشترک بین دول مجلس التعاون"، آراء حول الخلیج، ع125، 2014،http://araa.sa/index.php?view=article&id=914:2014-06-29-06-50-50&Itemid=172&option=com_content [6] انظر: قتیبة عبد الرحمن العانی، "التحالف الدولی ضد داعش: ضبابیة الرؤیة وهلامیة التنفیذ"، آراء حول الخلیج، ع104، 2016، ص66-68. بهاء الدین النقشبندی، "أزمة العراق وتفاقم إشکالیة داعش والتحالف الدولى ضدها: الواقع وآفاق المستقبل"، مجلة دراسات شرق أوسطیة، ع71، مج19، ربیع 2015، ص ص105-107. [7] انظر: د. عمار علی حسن، "بعد الیمن.. هل ینتقل التحالف العربی إلى مهام جدیدة؟"، شؤون عربیة، ع164، شتاء 2015، ص ص65-71. یوسف الشریف، "التمرد الحوثی فی الیمن لحساب من؟"، شؤون عربیة، ع140، شتاء 2009، ص ص82-90. [8]محمدعزیزشکری، "الأحلافوالتکتلاتفیالسیاسةالعالمیة"،مجلةالعلومالاجتماعیة،الکویت،مج7،ع1،إبریل 1979، ص ص141-150. [9] د. خیر سالم ذیابات، "المشارکة الأردنیة فی التحالف الدولی ضد تنظیم الدولة الإسلامیة"، رؤى استراتیجیة، مرکز الإمارات للدراسات الاستراتیجیة، ع10، إبریل 2015، ص ص40-61. [10] د. جمالحمدان، "حولهذاالحلفالإسلامی"،المجلة،الهیئةالمصریةالعامةللتألیفوالنشر،مصر،س10،ع115،یولیو 1966، ص ص4-22. [11] عبد الجلیل حسن، "الحلف الإسلامی: الإیقاع الأخیر"، الکاتب، مصر، مج5، ع60، مارس 1966، ص ص51ـ63. [12]یاسینمجید، “الحلفالإسلامیالعسکری:الأخطاءالقاتلةوالأهدافالضائعة”،مرکزالبیان، قسمالابحاث، 21/12/2015، http://www.bayancenter.org/2015/12/1110/ [13]محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی فی الفقه الإسلامی، (رسالة ماجستیر غیر منشورة إشراف د. عبد المنعم جابر ود. رائد نعیرات، جامعة النجاح الوطنیة، نابلس، 2008)، ص ص43-136. [14]د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة والآثار المترتبة علیها: دراسة فقهیة مقارنة، (القاهرة: دار الیسر، 2013، ط1)، ص ص32-119، 210-336، 607-927، 1356-1376. [15]صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة فی العصر الحدیث من المنظور الإسلامی، (عمان: المعهد العالمی للفکر الإسلامی، 2017، ط1)، ص ص29-117، ص241. [16] أنظر: خالد راشد الجمیلی، أحکام الأحلاف والمعاهدات فی الشریعة والقانون، (بغداد: دار الحریة، 1987)، جـ1، جـ2. [17]منیر محمد الغضبان، التحالف السیاسی فی الإسلام، (الزرقاء: مکتبة المنار، 1982، ط1)، ص ص6-99. [18]د. رأفت منسی نصار، "الأحلاف فی ضوء السنة النبویة: دراسة موضوعیة"، مجلة جامعة فلسطین للأبحاث والدراسات، ع5، یولیو 2013، ص ص287-300. [19]محمد حمید الله، مجموعة الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة، (بیروت: دار النفائس، 1987، ط6)، ص ص57-63، 440-531، 549-565. [20]د. نادیة محمود مصطفى، العلاقات الدولیة فی التاریخ الإسلامی: منظور حضاری مقارن، (القاهرة: مرکز الحضارة للدراسات السیاسیة ودار البشیر، 2015، جـ1)، ص37. وحول کیفیة استخدام المنهاجیة المقارنة أنظر: د. حامد ربیع، نظریة التحلیل السیاسی: محاضرات ألقیت على طلبة کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة جامعة القاهرة، (القاهرة: مکتبة القاهرة الحدیثة، 1971)، ص220. [21]حول فکرة المعیار وتطبیقاتها فی العلوم الاجتماعیة والعلوم السیاسیة، أنظر: Gibson, C., Ostrom, E., & Ahn, T. (1998, May). Scaling issues in the Social Sciences: a report for the International Human Dimensions Programme on Global environmental change, IHDP working paper no.1. Bonn: IHDP, pp.41-48. Montgomery, J. (2016, August 29). Scales of Measurement. Retrieved from https://pages.wustl.edu/montgomery/articles/2529. Crossman, A. (2017, August 9). The differences between indexes and scales definitions, similarities, and differences. Retrieved from https://www.thoughtco.com/indexes-and-scales-3026544. Garger, J. (2010, July 4). 4 levels of measurement in social science research. Retrieved from https://johngarger.com/articles/methodology/4-levels-of-measurement-in-social-science-research. [22]لمزید من التفصیل أنظر: د. سیف الدین عبد الفتاح، فی النظریة السیاسیة من منظور إسلامی: منهجیة التجدید السیاسی وخبرة الواقع العربی المعاصر، (القاهرة: المعهد العالمی للفکر الإسلامی، 2012، سلسلة الرسائل الجامعیة 25)، ص ص220-246. [23] بشیر أبو القرایا، الدور السیاسی للمسجد، (رسالة ماجستیر غیر منشورة قدمت إلى کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة، 1994)، ص ص1-2، 4. [24]فولمراد، “نظریةالأحلاففیالعلاقاتالدولیة”،دراساتاستراتیجیة،مرکزالبصیر،الجزائر،ع9،دیسمبر 2009،ص59-72. [25]انظر فی ذلک بالتفصیل: د. نادیة محمود مصطفى، "العلاقات الدولیة فی الفکر السیاسی من منظورات مقارنة"، بحث مقدم إلى السیمنار العلمی البینیة فی العلوم السیاسیة، قسم العلوم السیاسیة، کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة، أکتوبر 2011، ص ص1، 5. [26]نفس المرجع، ص ص1، 5. [27] اعتمدنا فی ذلک على: د. حامد ربیع، سلوک المالک فی تدبیر الممالک لشهاب الدین بن أبی الربیع، (القاهرة: دار الشعب، 1979، جـ1)، ص ص16، 31-33. د. منى عبد المنعم أبو الفضل، نحو منهاجیة علمیة لتدریس النظم السیاسیة العربیة، مرجع سابق، ص ص58-76. سیف الدین عبد الفتاح إسماعیل، التجدید السیاسی والخبرة الإسلامیة نظرة فی الواقع العربی المعاصر، مرجع سابق، ص ص225-235. بشیر أبو القرایا، الدور السیاسی للمسجد، مرجع سابق، ص3. [28] تتضمن المنهاجیة الإسلامیة: الرؤیة للعالم، النسق المعرفی، مصادر المعرفة، المناهج والأدوات، أجندة الأولویات والقضایا، العلاقة بین الداخلی والخارجی، والعلاقة بین المادی غیر المادی. کما أنها تقوم على المقارنة مع المنظور الغربی ومنظورات أخری. د. نادیة محمود مصطفى، "عملیة بناء منظور إسلامی لدراسة العلاقات الدولیة: إشکالیات خبرة البحث والتدریس"، فی: د. نادیة محمود مصطفى ود. سیف الدین عبد الفتاح (إعداد وإشراف)، دورة فی المنهاجیة الإسلامیة فی العلوم الاجتماعیة: حقل العلوم السیاسیة نموذجاً 29/7-2/8/2000، (القاهرة: المعهد العالمی للفکر الإسلامی ومرکز الحضارة للدراسات السیاسیة، 2002)، ص189. [29] حول کیفیة التنظیر السیاسی انطلاقاً من الأنموذج المعرفی للوحی الذی یسعى لتحقیق التوحید فی الناحیة المعرفیة، انظر: حامد قویسی، الوظیفة العقیدیة للدولة الإسلامیة، رسالة ماجستیر قدمت إلى کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة جامعة القاهرة، 1990، ص ص13-38. [30] د. سیف الدین عبد الفتاح، "حول المنهجیة الإسلامیة: مقدمات وتطبیقات"، المسلم المعاصر، ع110، 14/6/2001، http://almuslimalmuaser.org/index.php?option=com_k2&view=item&id=535:7awl-elmanhagia [31] بشیر أبو القرایا، الدور السیاسی للمسجد، مرجع سابق، ص ص3-4. [32] انظر: د. حامد ربیع، الإسلام والقوى الدولیة نحو ثورة القرن الواحد والعشرین، (القاهرة: دار الموقف العربی، 1981)، ص ص29، 34. د. بشیر أبو القرایا، النظام الانتفاضی نظرة فی الواقع العربی والإنسانی، (بیروت: مکتبة حسن العصریة، 2013، ط1)، ص6. [33] حول أهمیة بناء المفاهیم ومستویاتها الثلاثة: مفاهیم کلیة إطاریة تنطوی على المنظومة النسقیة للفعل الحضاری، ومفاهیم محوریة تنتظم دائرة محددة من دوائر الفعل الحضاری، ومفاهیم فرعیة تقتضی التأصیل والتولید کمقدمات لعملیة التنظیر، انظر: سیف الدین عبد الفتاح، التجدید السیاسی والخبرة الإسلامیة نظرة فی الواقع العربی المعاصر، مرجع سابق، ص ص91، 93. [34] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة فی العصر الحدیث من المنظور الإسلامی، مرجع سابق، ص29. [35]د. سیف الدین عبد الفتاح، "حول المنهجیة الإسلامیة مقدمات وتطبیقات"، فی: د. نادیة محمود مصطفى ود. سیف الدین عبد الفتاح (إعداد وإشراف)، دورة فی المنهاجیة الإسلامیة فی العلوم الاجتماعیة: حقل العلوم السیاسیة نموذجاً 29/7-2/8/2000، مرجع سابق، ص ص36-37. [36] بالنسبة للمعاجم القدیمة تم الاعتماد على لسان العرب وتاج العروس ومختار الصحاح والصحاح فی اللغة، وبالنسبة للمعاجم المعاصرة تم الاعتماد على المعجم الوسیط والمعجم الرائد ومعجم اللغة العربیة المعاصر ومعجم المعانی الجامع. [37]اعتمدنا فی ذلک على: مختار الصحاح، مادة حلف، ص63، موسوعة إبداع للکتب، 11/12/2017، https://download-learning-pdf-ebooks.com/8718-free-book ابن منظور، لسان العرب، مادة حلف، الوراق، 11/12/2017، http://www.alwaraq.net/Core/AlwaraqSrv/LisanSrchOneUtf8 [38] د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة والآثار المترتبة علیها: دراسة فقهیة مقارنة، مرجع سابق، ص ص25-26. وانظر: المعجم الوسیط، مادة حلف، المعانی، 11/12/2017، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/ حلف/?c=المعجم الوسیط [39]ابن منظور، لسان العرب، مادة حلف، الوراق، مرجع سابق، http://www.alwaraq.net/Core/AlwaraqSrv/LisanSrchOneUtf8 [40] منیر محمد الغضبان، التحالف السیاسی فی الإسلام، مرجع سابق، ص6. [41]المعانی الجامع، مادة حلف، المعانی، 11/12/2017، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/حلف/ [42]معجم اللغة العربیة المعاصر، مادة حلف، المعانی، 11/12/2017، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/ حلف/?c=اللغة العربیة المعاصر [43] المعجم الرائد، مادة حلف، المعانی، 11/12/2017، https://www.almaany.com/ar/dict/ar- ar/حلف/?c=الرائد [44] الزبیدی، تاج العروس، مادة حلف، المکتبة الشاملة، جـ23، ص ص 158-166، http://shamela.ws/browse.php/book-7030#page-12242 . لسان العرب، مادة حلف، الوراق، مرجع سابق، http://www.alwaraq.net/Core/AlwaraqSrv/LisanSrchOneUtf8 [45] مجمع اللغة العربیة، المعجم الوسیط، مادة حلف، المعانی، مرجع سابق، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/ حلف/?c=المعجم الوسیط [46] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی فی الفقه الإسلامی، مرجع سابق، ص ص21-22. [47]مجمع اللغة العربیة، المعجم الوسیط،مادة حلف، مرجع سابق، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/ حلف/?c=المعجم الوسیط [48] مختار الصحاح، مادة حلف، موسوعة إبداع للکتب، مرجع سابق، https://download-learning-pdf-ebooks.com/8718-free-book.لسان العرب، مادة حلف، الوراق، مرجع سابق، [49]انظر فی ذلک بالتفصیل: د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة والآثار المترتبة علیها، مرجع سابق، ص ص89-101. [50]نفس المرجع، ص ص65-66. [51] قارن: د. رأفت منسی نصار، "الأحلاف فی ضوء السنة النبویة: دراسة موضوعیة"، مجلة جامعة فلسطین للأبحاث والدراسات، ع5، یولیو 2013، ص5. [52] وهذه الآیات هی: "ثم جآؤوک یحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفیقا" (النساء: 62)، "فمن لم یجد فصیام ثلاثة أیام ذلک کفارة أیمانکم إذا حلفتم" (المائدة: 89)، "وسیحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معکم" (التوبة: 42)، "ویحلفون بالله إنهم لمنکم وما هم منکم" (التوبة: 56)، "یحلفون بالله لکم لیرضوکم والله ورسوله أحق أن یرضوه" (التوبة: 62)، "یحلفون بالله ما قالوا" (التوبة: 74)، "سیحلفون بالله لکم إذا انقلبتم إلیهم" (التوبة: 95)، "یحلفون لکم لترضوا عنهم" (التوبة: 96)، "ولیحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله یشهد إنهم لکاذبون" (التوبة: 107)، "ویحلفون على الکذب وهم یعلمون" (المجادلة: 14). "یوم یبعثهم الله جمیعا فیحلفون له کما یحلفون لکم" (المجادلة: 18). [53] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة فی العصر الحدیث من المنظور الإسلامی، مرجع سابق، ص 29. [54]نفس المرجع، ص ص30، 32، 37. [55]الأنفال: 55. [56]التوبة: 4. [57] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة فی العصر الحدیث...، مرجع سابق، ص ص30-32. [58]المائدة: 1. [59]النساء: 33. [60] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص32-34. [61]النساء: 89. [62]الرعد: 20. [63] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص37-38. [64]نفس المرجع، ص39. [65]آل عمران: 103. [66]الأنفال: 63. [67]التوبة: 60. [68]قریش: 1-4. [69]المعانی الجامع، مادة إیلاف، المعانی، 11/12/2017، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/إیلاف/ [70]انظر: تفسیر ابن کثیر، سورة قریش، المصحف الإلکترونی، جامعة الملک سعود، 11/12/2017، http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura106-aya1.html#katheer [71]انظر: تفسیر الطبری، سورة قریش، المصحف الإلکترونی، جامعة الملک سعود، 11/12/2017، http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura106-aya1.html [72]انظر: تفسیر القرطبی، سورة قریش، المصحف الإلکترونی، جامعة الملک سعود، 11/12/2017، http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qortobi/sura106-aya1.html#qortobi [73]انظر: تفسیر ابن عاشور، سورة قریش، المصحف الإلکترونی، جامعة الملک سعود، 11/12/2017، http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tanweer/sura106-aya1.html#tanweer [74]علی کریم امره القریشی، "أحلاف هاشم بن عبد مناف وأثرها الاقتصادی على قریش"، مجلة العلوم الإنسانیة (کلیة التربیة صفی الدین الحلی جامعة بابل، العراق)، ع22، 2014، ص ص120-121. [75] المائدة: 1. [76] التوبة: 7. [77] المائدة: 2. [78] الطارق: 10. [79] الفتح: 22. [80] الأحزاب: 17. [81] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی فی الفقه الإسلامی، مرجع سابق، ص ص54-56. [82] الأنفال: 72. [83] د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة...، مرجع سابق، ص31. [84] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص21. [85]نفس المرجع، ص23. [86] أنظر فی ذلک بالتفصیل: صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص39-50. [87] رواه الإمام أحمد فی مسنده عن جبیر بن مطعم، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 1609، 13/11/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [88]لسان العرب، مادة حلف، الوراق، مرجع سابق، [89] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص40-41. [90]أخرجه البیهقی فی السنن الکبرى، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 12114، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [91] د. رأفت منسی نصار، "الأحلاف فی ضوء السنة النبویة: دراسة موضوعیة"، مجلة جامعة فلسطین للأبحاث والدراسات، مرجع سابق، ص19. [92] رواه مسلم فی صحیحه عن جبیر بن مطعم، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 4602، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [93] رواه الترمذی فی الجامع عن عبد الله بن عمرو، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 1509، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [94] العظیم أبادی، شرف الحق، عون المعبود شرح سنن أبی داوود، (بیروت: دار الکتب العلمیة، 1984، جـ8)، ص100. [95]رواه البخاری ومسلم فی صحیحهما عن أنس بن مالک، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 2141، ورقم 4600، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [96]رواه الإمام أحمد فی مسنده عن أنس بن مالک، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 2141، ورقم 11866، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [97] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص21-23. [98]ابن حجر العسقلانی، فتح الباری شرح صحیح البخاری، (بیروت: دار المعرفة، 1959، جـ4)، ص473. [99] العظیم أبادی، شرف الحق، عون المعبود شرح سنن أبی داوود، مرجع سابق، جـ8، ص100-102. [100] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص45-47. [101] منیر محمد الغضبان، التحالف السیاسی فی الإسلام، مرجع سابق، ص ص6-7. [102] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص21. [103] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص49-50. [104]انظر: د. رأفت منسی نصار، "الأحلاف فی ضوء السنة النبویة..."، مجلة جامعة فلسطین للأبحاث والدراسات، مرجع سابق، ص ص8، 12-15،13-16. [105] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص66، 71، 76، 80-81. [106] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص61-62. [107]محمد حمید الله، مجموعة الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة، مرجع سابق، ص ص59-62. [108] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص89، 98-99. [109] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص62-63. [110]محمد حمید الله، مجموعة الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة، مرجع سابق، ص ص266-267. [111] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص64-65. [112]محمد حمید الله، مجموعة الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة، مرجع سابق، ص ص273-278. [113] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص61-65. [114]محمد حمید الله، مجموعة الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة، مرجع سابق، ص ص174-191. [115] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص ص114، 117. [116] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص61-65. [117] رواه البخاری فی صحیحه عن أنس بن مالک، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 6468، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [118] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص58. [119] ذکره أبو نعیم فی معرفة الصحابة عن عبد الله بن عباس، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 5858، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [120] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص58-59. [121] رواه الإمام أحمد فی مسنده عن جابر بن عبد الله، موسوعة الحدیث، حدیث رقم 14358، 13/12/2017، http://library.islamweb.net/hadith/hadithsearch.php [122] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص60-61. [123]نفس المرجع، ص ص25-26. [124]نفس المرجع، ص ص36. [125] د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة...، مرجع سابق، ص42-43. [126]نفس المرجع، ص67. [127]نفس المرجع، ص86. [128] قارن: نفس المرجع، المجلد الأول، ص ص65-88. [129] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص68، 70، 73-74. [130]نفس المرجع، ص ص75-78. [131]نفس المرجع، ص78. [132]نفس المرجع، ص ص81، 83، 88، 89، 92-93، 96، 98، 101، 104-105. [133]نفس المرجع، ص ص108-109. [134]نفس المرجع، ص 109. [135]النساء: 141. [136] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص129. [137] محمد عزت صالح عنینی، أحکام التحالف السیاسی...، مرجع سابق، ص ص9-10. [138] صهیب مصطفى آمیدی، التحالفات السیاسیة...، مرجع سابق، ص241. [139] محیی الدین قاسم، التقسیم الإسلامی للمعمورة: دراسة فی نشأة وتطور الجماعة الدولیة فی التنظیم الدولی الحدیث، (تقدیم د. عز الدین فودة، سلسلة الرسائل الجامعیة 24، القاهرة: المعهد العالمی للفکر الإسلامی، 1996)، ص ص9-11. [140] نفس المرجع، ص ص9-11. [141] نفس المرجع، ص ص13-14. [142] د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة، مرجع سابق، ص ص1357-1358. [143] د. عماد الدین خلیل، هجمات مضادة فی التاریخ الإسلامی، (القاهرة: مکتبة النور، 1986)، ص ص1-52. [144]محمد حمید الله، مجموعة الوثائق السیاسیة للعهد النبوی والخلافة الراشدة، مرجع سابق، ص ص191-192. [145]نفس المرجع، ص ص440-496، 507-531. [146]نفس المرجع، ص ص502-503. [147]عبد الشافی محمد عبد اللطیف، عصر النبوة والخلافة الراشدة، (القاهرة: شرکة سفیر، موسوعة سفیر للتاریخ الإسلامی، 1996)، ص ص99-110. [148]عبد الشافی محمد عبد اللطیف، العصر الأموی، (القاهرة: شرکة سفیر، 1996، موسوعة سفیر للتاریخ الإسلامی)، ص5. [149]نفس المرجع، ص ص5-9، 19-20، 41، 108. [150]د. حسن علی حسن و د. عبد الرحمن سالم، العصر العباسی فی العراق والمشرق 132-656 هـ، (القاهرة: شرکة سفیر، 1996، موسوعة سفیر للتاریخ الإسلامی)، ص ص5-109. [151] انظر: د. علا عبد العزیز أبو زید، الدولة العباسیة من التخلی عن سیاسات الفتح إلى السقوط، (هرندن: المعهد العالمی للفکر الإسلامی، مشروع العلاقات الدولیة فی الإسلام، 1996)، ص51.کرم شفو، "ماذا تعرف عن التحالفات الاسلامیة المسیحیة فی الماضی؟"، دخلک بتعرف، 19 سبتمبر 2017، https://dkhlak.com/abbasid-carolingian-alliance [152]هیثم الکسوانی، "سفارات وهدایا بین الفاطمیین والصلیبیین"، الراصد، 23 أغسطس 2008، http://www.alrased.net/main/articles.aspx?selected_article_no=4268. [153]د. حسن علی حسن و د. عبد الرحمن سالم، العصر العباسی فی العراق والمشرق 132-656 هـ، مرجع سابق، ص ص86-88. [154] انظر: د. عبد الله جمال الدین، تاریخ المسلمین فی الأندلس 93-897 هـ، (القاهرة: شرکة سفیر، 1996، موسوعة سفیر للتاریخ الإسلامی)، ص ص91-93. د. راغب السرجانی، "عهد ملوک الطوائف"، قصة الإسلام، 11/12/2017، https://islamstory.com/ar/artical/23161/%D8%B9%D9%87%D8%AF_%D9%85%D9%84%D9%88%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%81 [155]ابن الجوزی، المنتظم، الوراق، 11/12/2017، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=43&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=2&WordForm=1&exactpage=926&totalpages=2&AllOffset=1 [156]ابن الأثیر، الکامل فی التاریخ، الوراق، 11/12/2017، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=32&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=2&WordForm=1&exactpage=1485&totalpages=2&AllOffset=1 [157]الذهبی، تاریخ الإسلام، الوراق، 13/12/2017، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=141&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=2&WordForm=1&exactpage=3745&totalpages=3&AllOffset=1 [158]ابن تغرى بردی، النجوم الزاهرة فی ملوک مصر والقاهرة، الوراق، 13 /12/2017، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=159&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=1&WordForm=1&exactpage=582&totalpages=3&AllOffset=1 [159]المقریزی، السلوک لمعرفة دول الملوک، الوراق، 13/12/2017، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=22&searchtext=2KfZhNit2YTZgQ==&option=1&offset=1&WordForm=1&exactpage=27&totalpages=16&AllOffset=1 [160]المقریزی، السلوک لمعرفة دول الملوک، الوراق، نفس المصدر، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=22&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=1&WordForm=1&exactpage=83&totalpages=5&AllOffset=1 [161]المقریزی، السلوک لمعرفة دول الملوک، الوراق، نفس المصدر، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=22&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=2&WordForm=1&exactpage=567&totalpages=5&AllOffset=1 [162]المقریزی، السلوک لمعرفة دول الملوک، الوراق، نفس المصدر، http://www.alwaraq.net/Core/SearchServlet/searchone?docid=22&searchtext=2KrYrdin2YTZgQ==&option=1&offset=3&WordForm=1&exactpage=673&totalpages=5&AllOffset=1 [163] د. محمد حرب، الدولة العثمانیة 696-1343 هـ، (القاهرة: شرکة سفیر، 1996، موسوعة سفیر للتاریخ الإسلامی)، ص ص5-95. [164]حول النماذج النظریة وأهمیتها وصورها، انظر: د. عادل فتحی ثابت عبد الحافظ، النظریة السیاسیة المعاصرة: دراسة فی النماذج والنظریات التی قدمت لفهم وتحلیل عالم السیاسة، (الاسکندریة: الدار الجامعیة، 2006/2007)، ص ص37-46. [165] د. هشام محمد سعید آل برغش، الأحلاف العسکریة والسیاسیة المعاصرة والآثار المترتبة علیها، مرجع سابق، ص56. [166] قارن: فولمراد، “نظریةالأحلاففیالعلاقاتالدولیة”،دراساتاستراتیجیة،مرجع سابق،ص59-72. محمد عزیز شکری، "الأحلاف والتکتلات فی السیاسة العالمیة"، مجلة العلوم الاجتماعیة، الکویت، مج7، ع1، إبریل 1979، ص141-150. فادی خلیل، "الأحلاف فی السیاسة الخارجیة الأمریکیة"، مجلة النهضة، مصر، مج12، ع3، یولیو 2011، ص45. [167] قارن: بطرس بطرس غالی، "الأحلاف العسکریة والأمم المتحدة"، المجلة المصریة للقانون الدولی، مج18، 1962، ص12-32. محمد عزیز شکری، "الأحلاف والتکتلات فی السیاسة العالمیة"، مجلة العلوم الاجتماعیة، مرجع سابق، ص141-150. [168]انظر بالتفصیل: د. سیف الدین عبد الفتاح، فی النظریة السیاسیة من منظور إسلامی: منهجیة التجدید السیاسی وخبرة الواقع العربی المعاصر، مرجع سابق، ص ص220-246. [169] تم الاستفادة هنا من المفاهیم التی وردت فی نموذجی دیفید إیستون وجابرییل ألموند فی دراسة النظام السیاسی: Easton, D. (1967). A system analysis of political life (2nd ed.). New York, London, Sydney: John Wiley & sons, pp.37-153. Almond, G. A. (1960). A functional approach to comparative politics. In: Almond, G. A. & Coleman, J. S. The politics of developing areas. New Jersey: Princeton University press, pp.5-64. [170] د. بشیر أبو القرایا، "الحلف الإسلامی العسکری بین المصلحة الوطنیة والتدخلات الإقلیمیة وهیمنة القوة العظمى"، ورقة بحثیة قدمت إلى المؤتمر الإقلیمی للدراسات الإسلامیة، ملقا: مالیزیا، 2016، ص377. [171]حول عملیة صنع القرار فی السیاسة الخارجیة، أنظر: Leeds, B. A. (2003, July). Do Alliances Deter Aggression? The Influence of Military Alliances on the Initiation of Militarized Interstate Disputes. American Journal of Political Science, 47 (3), 50-70. [172] انظر: ماهان عابدین، "تأثیر الصفقة النوویة فی سیاسة إیران الخارجیة"، مجلة الدراسات الفلسطینیة، ع103، 2015، ص ص 111-117. حسن بصری یالجن، "المفاوضات النوویة بین إیران والغرب: قراءة تحلیلیة لنتائج الاتفاق"، مجلة رؤیة ترکیة، ع2، مج5، 2016، ص ص 47-75. [173] انظر: محجوب الزویری، "إیران والحوثیین صناعة الفوضى فی الیمن"، مجلة دارسات، البحرین، ع1، مج2، 2015، ص ص 69-77. د. بشیر أبو القرایا، "الحلف الإسلامی العسکری بین المصلحة الوطنیة والتدخلات الإقلیمیة وهیمنة القوة العظمى"، ورقة بحثیة قدمت إلى المؤتمر الإقلیمی للدراسات الإسلامیة، مرجع سابق، ص ص367-368. [174] انظر: محمد فوزی علی، "إیران وحزب الله: علاقة خاصة جداً"، حولیات آداب عین شمس، مصر، مج44، 2016، ص ص 447-504. [175] د. بشیر أبو القرایا، "الحلف الإسلامی العسکری بین المصلحة الوطنیة والتدخلات الإقلیمیة وهیمنة القوة العظمى"، مرجع سابق، ص377. [176] نفس المرجع، ص377. [177] نفس المرجع، ص377. [178] نفس المرجع، ص377. [179] نفس المرجع، ص377. [180] د. بشیر أبو القرایا، "الحلف الإسلامی العسکری بین المصلحة الوطنیة والتدخلات الإقلیمیة وهیمنة القوة العظمى"، مرجع سابق، ص378. [181] نفس المرجع، ص378. [182] انظر: نفس المرجع، ص377. د. بشیر أبو القرایا، "تهدیدات تهوید الأقصى وآفاق انتفاضة جدیدة"، قضایا ونظرات، ع2، یونیو 2016، ص ص56-66. [183]حول ظاهرة الأحلاف فی العلاقات الدولیة ودورها فی تحقیق توازن القوى ومن ثم السلام العالمی، انظر: Kegley, C. W. and Raymond, G. (2007). The global future: A brief introduction to world politics (2nd ed.), (USA: Thomson Wadsworth), 217-222. [184] حول دور الأحلاف فی ردع العدوان وتحقیق السلام، انظر: Leeds, B. A. (2003, July). Do alliances deter aggression? the influence of military alliances on the initiation of militarized interstate disputes. American Journal of Political Science, Op., Cit., 427–430. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Statistics Article View: 600 PDF Download: 553 |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||